تعد العواصف الرعدية أكثر الظواهر المثيرة والمذهلة في الطبيعة، وحتى الآن ما نراه منها على سطح الأرض هو البداية فقط لكن في الفضاء هناك أشياء أخرى،ففي طبقات الجو العليا تحدث أشياء غريبة وعجيبة، ولرصدها ومعرفة طبيعتها وكيف تحدث هناك مهمة فضائية جديدة تتبع الوكالة الأوروبية للفضاء.
وقد انطلق برنامج رصد التفاعلات الجوية – الفضائية (ASIM) إلى المحطة الفضائية الدولية، وهو يتبع وكالة الفضاء الأوروبية، وسيراقب الظواهر الكهربائية الغريبة التي تنشأ فوق العواصف الرعدية، من خلال وضع كاميرات مراقبة وكاشفات أشعة إكس وغاما في المحطة الدولية.
وتدور المحطة الفضائية الدولية في مدار فوق الأرض على مسافة 400 كيلومتر، وتزودنا بمعلومات كاملة عن أنظمة الطقس المضطربة على الأرض.
ومن المقرر نشر برنامج رصد التفاعلات الجوية على متن المحطة الدولية في وقت لاحق هذا الشهر.
ويمكن باستمرار رصد التأثيرات الكهربائية للعواصف من المحطة الفضائية الدولية.
ولكن عندما يضرب البرق في الاتجاه الهابط، يحدث شيء مختلف للغاية فوق قمم السحب.
ويُعرف هذا باسم الأحداث المضيئة العابرة Transient Luminous Events (TLEs)، وهي عبارة عن أعمدة ضوء غريبة الألوان تحدث بشكل عابر وتزول سريعا، وتم رصدها لأول مرة بالصدفة في عام 1989.
وجاء هذا الاكتشاف على يد البروفيسور من مينسوتا “جون أر وينكلر”، والذي كان يختبر كاميرا تليفزيونية استعدادا لتصوير إطلاق صاروخ فضائي، واكتشف أن الكاميرا التقطت مشهدين لأعمدة ضوء براقة فوق سحابة عاصفة بعيدة.
وتسبب هذا الاكتشاف في صدمة للعالم في هذا الوقت، بحسب دكتور تورستن نوبيرت، أحد قادة برنامج رصد التفاعلات الجوية – الفضائية.
وقال نوبيرت، الفيزيائي الدانمركي في الجامعة التقنية :”هذا الاكتشاف أذهلنا جميعا. وتساءلنا كيف يحدث في الطبيعة وكيف لا نعرفه؟ واعتقدنا أن طياري الخطوط الجوية ربما يعرفون هذه الظاهرة- هناك بعض القصص الوصفية لها”.
وقبل اكتشاف تلك الظاهرة وتصويرها بالكاميرات، كان الناس خلال القرن الماضي يعتقدون أنها “برق صاروخي” أو “برق صاعد إلى أعلى”.
الآن وفي ظل الحاجة إلى أسماء، كانت تلك الظواهر تسمى بأسماء (الجان والعفاريت والنفاثات الزرقاء) بسبب طبيعتها الغامضة.
ومع ذلك، على الرغم من الألقاب التي تطلق عليها فإن هذه الظواهر ضخمة وتمتد إلى عشرات الكيلومترات في الغلاف الجوي.
قال الدكتور نيوبرت لبي بي سي نيوز :”إنها مختلفة بعض الشيء عن البرق”. موضحا أنها تمثل نبضات المجال الكهربائي المتحركة، والتي كانت تسمى بظاهرة العفاريت، وتحدث عندما يصبح الجو رقيقًا، ويمكن أن يحدث تفريغ للشحنات الكهربائية في المجال الكهربائي.”
أما الظاهرة المعروفة باسم الجان، فتحدث بسبب النبض الكهرومغناطيسي الناتج عن ضربة البرق. باختصار هي شفق (ضوء رقيق مائل للإحمرار أو الإخضرار في السماء) يشبه توسع هالة الضوء في الأيونوسفير، وهي تحدث بسرعة كبيرة جدا بحيث يمكن رصدها بواسطة العين البشرية وتستمر أقل من جزء من الثانية.
على الرغم من صعوبة رصدها، فإن “ظاهرة الجان يمكن إدراكها بشكل كبير”، كما يقول الدكتور مارتن فوليكروغ، من جامعة باث.
وهي أكثر أنواع الأحداث المضيئة العابرة شيوعًا، ويُعتقد أنها تحدث مرتين مترادفتين في كثير من الأحيان مثل العفاريت.
أما ظاهرة النفاثات الزرقاء، فهي نوع من أنواع برق الغلاف الجوي العلوي أو “تفريغات الغلاف الجوي العلوي”، وهي الأقل شهرة.
وأضاف الدكتور فوليكروغ :”النفاثات ليست مدروسة بشكل جيد لأنها باهتة جدا. فهي زرقاء بشكل أساسي. كما أنها لا ترتبط بالضرورة بالبرق. وتظهر من حين لآخر وهي غامضة للغاية.”
وبينما يتم رصد الجان بشكل أساسي فوق مياه المحيط الدافئة، تميل العفاريت إلى الظهور فوق الأرض.
ويمكن رؤيتها بشكل جيد فوق أمريكا الشمالية وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب أفريقيا، ويمكن رصدها في أماكن أخرى.
ويبلغ حجم عاصفة الصيف الرعدية في بريطانيا على سبيل المثال حوالي 10 كيلومتر.
يهدف برنامج رصد التفاعلات الجوية – الفضاء بصورة أساسية لدراسة فيزياء الأحداث المضيئة العابرة، وصفات العواصف الرعدية التي تنتجها.
وتشمل المعدات الجديدة التي ستوضع في المحطة الدولية كاميرتين يمكن لكل منها التقاط 12 لقطة في الثانية، بالإضافة إلى وجود مكتشفات الأشعة السينية وأشعة غاما.
وسوف تسمح هذه المعدات لفريق العلماء برصد دقيق لموقع نشوء ظواهر الجان والعفاريت والنفاثات داخل السحابة.
وبمساعدة الوكالة الأوروبية للفضاء فسوف تستمر مدة البرنامج لعامين.
ومن المتوقع أن يقوم بمراقبة ظاهرة واحدة في اليوم على الأقل، على الرغم من قناعة العلماء أن هناك ظاهرة ضوئية تحدث كل دقيقة في مكان ما بالعالم.
وسيكون من السهل رصد الظواهر لأنها تكون أكبر وأطول في طبقات الجو العليا، وبالتالي يمكن التعامل معها أسرع.
المصدر: بي بي سي