كتبت صحيفة “الأنباء ” الالكترونية تقول : وتستمر معركة العالم بأسره لمحاصرة فيروس كورونا الذي تفشّى في أوروبا بشكل ملفت أمس مع ارتفاع عدد الاصابات والوفيات في كل من إيطاليا والمانيا وفرنسا وإسبانيا، حتى أن برلين أعلنت أن المرض بات “وباءً عالمياً”؛ فيما كان وزير الصحة حمد حسن يعلن في مؤتمر صحافي بحضور مسؤولة منظمة الصحة العالمية أن الكورونا لم يصل بعد الى مرحلة الانتشار في لبنان، وتأكيد مسؤول الترصد الوبائي أن الوزارة بحاجة لمزيد من المراقبين الصحيين للقيام بمهمة مراقبة الوافدين تحديداً عبر المعابر البرية.
في هذا الوقت أعلن مستشفى رفيق الحريري الجامعي أن عدد الحالات المصابة بالفيروس ارتفع إلى 15 بعد انتقال مصاب الى مستشفى سيدة المعونات في جبيل وهو أحد الوافدين من مصر، وتسجيل حالة ثانية من بلدة شقرا الجنوبية وصلت الى لبنان قادمة من إيران الأسبوع الماضي.
وفيما تدرس الحكومة اللبنانية إمكانية ترحيل المصاب الإيراني بالكورونا إلى بلاده إنْ هي وافقت على ذلك لعدم تماثله الى الشفاء، أكدت مصادر طبية مطلعة عبر “الأنباء” أن ارتفاع عدد المصابين بالفيروس من 13 الى 15 لا يعني فقدان السيطرة عليه بعد، ولكي لا تتفاقم الأمور حثّت المواطنين على التقيّد بالإرشادات الصحية التي تصدر عن وزارة الصحة والمستشفيات والبلديات وكل الطواقم الطبية في المناطق، وعلى المعابر البرية وفي المطار.
وعلى صعيد آخر، وفي جديد استحقاق سندات “يوروبوند” والانقسام بين من يريد التسديد في الموعد المحدد والرافض لفكرة الدفع جملة وتفصيلاً، يبدو أن نهاية هذا الأسبوع ستكون مفصلية على المستويين الاقتصادي والمالي، وأن حكومة حسان دياب أصبحت في وضع لا تُحسد عليه بعدما أوصدت في وجهها كل الحلول، وبعد دخول الثنائي الشيعي بقوة على خط رفض دفع هذه المستحقات حتى ولو أدى هذا الأمر إلى إعلان إفلاس لبنان.
وفي السياق أعلن النائب علي بزي بعد لقاء الأربعاء النيابي موقف الرئيس نبيه بري الرافض لدفع المستحقات في التاسع من اذار الجاري، وأن بري مع أي تدبير تتخذه الحكومة إلا موضوع تسديد الديون والمس بودائع اللبنانيين، التي وصفها بالمقدسة، متهمًا المصارف بالتسبب بخسارة لبنان بنسبة 75 في المئة من سندات الدين، وبالتالي عليها تحمّل المسؤولية مع المستثمرين الأجانب، وهو – بري- لا يمانع إعادة الهيكلة للديون.
مصدر حكومي اعتبر عبر “الأنباء” أن ما تقوم به الحكومة اليوم يشبه البحث عن إبرة في كومة قش لأن الخيارات صعبة، وسعي الحكومة هو للوصول الى “أهون الشرور”، لأن ما قد تتخذه سيكون له ارتدادات سلبية على المواطنين.
وقال المصدر الحكومي لـ”الأنباء”: “حتى ولو اكتفينا بدفع فوائد هذا الدين البالغة 280 مليون دولاراً؛ فهناك استحالة لتسديده، وإذا تأمن المبلغ فقد يكون على حساب المواد المدعومة من الحكومة كالقمح والبنزين وحليب الأطفال وغيرها من السلع الضرورية”.
الخبير الاقتصادي الدكتور مروان اسكندر أوضح الواقع القائم بالقول في حديث مع ”الأنباء” إن الحكومة ليست قادرة على تسديد مستحقات “اليوروبوند”، لكن في حال تمنّعها عن تسديد القسط الأول من الدين فهذا الأمر سيؤدي حتمًا إلى إفلاس “بنك بيروت” الذي يرأسه رئيس جمعية المصارف سليم صفير، لأنه يوظّف في سندات الخزينة بأضعاف رأسماله. وقد كان صفير التقى الرئيس ميشال عون لهذه الغاية برفقة مسؤول العلاقات العامة في المصرف.
وعن تداعيات الـcapital control، اشار اسكندر إلى أنها ستظهر في عدم القدرة على التحويل الى الخارج لشراء الحاجات اليومية، لأن المسموح به هو فقط 500 دولار في الأسبوع، وهذا المبلغ لا يكفي لتسديد أكلاف المؤسسات، واصفاً الحالة ”بالصعبة جداً لأن أحدًا لم يطرح أي حل”.
ورأى اسكندر انه “لم يعد هناك ثقة بلبنان كمركز للاستثمار، والشركات الخاصة لم تعد مستعدة لتوظيف أموالها في هذا البلد، حتى أن المغتربين اللبنانيين لم يعد لديهم الرغبة بتحويل أموالهم الى بلدهم بسبب السياسات المالية المتبعة”، معتبراً بالتالي أن ”لا حل إلا بدمج مجموعة من المصارف بمصرف واحد كبير معروف دوليا، عندها يمكن التوصل الى حل على غرار ما حصل مع بنك باركليس في لندن عندما وظّف 11 مليار استرليني من قطر فاصطلحت اموره”. ثم سأل اسكندر: “هل لبنان يستطيع ان يفعل ذلك؟”، مشككًا بالأمر لأنه “لم يعد يوحي بالثقة”.
وعمّا يتوقعه من الرئيس دياب في نهاية الأسبوع، قال اسكندر: “لا شيء سوى أنه سيعلن عدم الدفع مع الوعد بتخفيض بعض النفقات وإلغاء بعض المجالس كالمجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع الذي تشكل بطلب سوري، ولا أحد من اللبنانيين سمع به حتى الآن وراتب كل عضو من اعضائه يبلغ 5000 دولار”.
الصورة القاتمة هذه في ظل السلبيات المتوقعة عن كل الخيارات المطروحة ماليًا، تعيد النقاش إلى موقعه الأساس: الكهرباء. فهذا القطاع هو حاليًا داء الوضع الاقتصادي باستهلاكه عجزاً يبلغ ما يقارب نصف الدين العام؛ والحل الوحيد الطبيعي يبدأ بمعالجة جذرية “بعيداً عن أيدي المغتصبين” لهذا القطاع.
حكومة دياب أمام الامتحان لا شك، لكن لبنان كله أمام امتحان البقاء، فهل من يعي من قوى الحكم أي طريق يجب سلوكه؟