كتبت صحيفة “الديار” تقول: أخذ تفشّي فيروس كورونا الجديد المعروف بإسم “COVID-19” أبعادًا جديدة مع إرتفاع ملحوظ لعدد الحالات المصابة. فقد أعلنت وزارة الصحة البارحة عن وصول عدد الحالات إلى 68 حالة مؤكدة مع حجر على عشرات الحالات بإنتظار مرور فترة الأسبوعين المطلوبة للتأكد من الحالة.
تفشّي الفيروس بهذا الشكل من دون أن يكون هناك دواء أو لقاح له، جعله وباءً عالميًا كما صرّحت منظمة الصحة العالمية. وهذا يعني أنه بحسب المعادلات العلمية التي ترعى تفشي الأوبئة، هناك إحتمال أن يرتفع عدد المصابين بالفيروس إلى أكثر من 50% في بيئة مُعرّضة للفيروس (أي يوجد فيها إصابات)!
وبحسب المُعطيات العلمية، في حال تفشّي وباء مُعين وبغياب أي دواء لهذا الوباء، يبقى العزل والتوعية أفضل طريقة لمنع تمدد الوباء خصوصًا أن تداعياته قد تصل إلى حدّ الوفاة مع نسبة 3.9% من إجمالي المصابين!
ما عرضناه أعلاه، لا يهدف إلى نشر الذعر، بل إلى التنبّه إلى ضرورة الوقاية من هذا الوباء عبر وقف التواصل مع الأخرين إلا عند الضرورة القصوى وحصرها بوسائل التواصل التكنولوجية.
عدد الإصابات المؤكّدة بحسب وزارة الصحّة أصبح حتى البارحة 68 حالة. وبحساب بسيط عبر إستخدام نموذج إسّي “Exponential” والذي يعكس أوّل المنحنى، نجد أن المعطيات لا تُبشر بالخير إذا ما لم يتمّ إتخاذ إجراءات فعّالة لعزل المصابين والمناطق التي تحوي إصابات. وتُشير الحسابات إلى أن عدد الإصابات سيصل إلى 127 حالة في أخر هذا الأسبوع و2554 حالة في أخر هذا الشهر!
من هنا ضرورة أن يتمّ أخذ إجراءات على مستويين:
أولا- على صعيد المواطن الذي يتوجّب عليه إتباع توصيات وزارة الصحة حول تفادي الأماكن العامّة وتعديل جذري في تعاطيه اليومي مع الأخرين (السلام باليد أو التقبيل…)، والأهمّ إعلام السلطات بأي شكوك عن حالته الصحية أو حالة المقرّبين أو الجيران.
ثانيًا – على صعيد الحكومة حيث يتوجّب أن يكون هناك إجراءات أكثر صرامة منها وقف الطيران من كل البلدان التي أصابها الفيروس وإقفال الحدود البرّية بشكل كامل لمنع خروج أو دخول مصابين من وإلى سوريا. أيضًا يتوجّب على الحكومة البدء بعزل المناطق التي فيها شكوك بأعداد عالية من الإصابات كما فعلت إيطاليا وغيرها من البلدان. فمثلاً في الصين تمّ عزل منطقة ووهان الصينية عن كل الصين والتي يقطنها عشرات الملايين من السكان.
هذه الإجراءات ما دونها من أضرار على الإقتصاد اللبناني الذي يُعاني أصلاً من الأزمة الحالية التي يتخبّط فيها لبنان. لكن لا يجب أن يكون هناك خيار بين موت المواطنين والخسائر الإقتصادية، حيث أن حياة المواطن أهمّ ولا يجب التهاون بها.
إقتصاديًا هناك سيناريوهين يتعلقان بتطوّر الفيروس:
الأوّل – فرضية أن يتمّ إكتشاف علاج لهذا الوباء في الأسابيع والأشهر القادمة حيث ستصلّ نسبة المصابين بالفيروس في لبنان إلى عدّة ألاف (في غياب الإجراءات التي ذكرناها أعلاه) حيث سيصل هذا العدد إلى القمّة قبل أن يبدأ مساره الإنحداري ليختفي بعدها.
على هذا الصعيد، تنصّ توقّعاتنا هي أن يخسر الإقتصاد اللبناني ما يزيد عن 1 إلى 1.5% من الناتج المحلّي الإجمالي مقارنة بـ 0.5% للإقتصاد العالمي. وهذه الخسارة تُشكّل ما بين الـ 500 مليون دولار أميركي إلى مليار دولار أميركي على كامل السنة.
الثاني – فرضية أن لا يتمّ إكتشاف علاج للفيروس هذا العام حيث سترتفع أعداد المصابين إلى مستويات خطيرة سيُصبح معها الوباء خارج كليًا عن أي سيطرة حتى بأقسى الإجراءات وستتحوّل المناطق اللبنانية إلى مناطق منكوبة.
على هذا الصعيد، توقعاتنا تنص على أن يخسر الإقتصاد ما يفوق الـ 10% من حجمه مع تفاعل الأزمة الحالية مع أزمة تفشي الفيروس، خصوصًا أن الدولة اللبنانية التي تمرّ بظروف قاسية على الصعيد المالي ومحدودية الموارد المالية بالعملة الأجنبية لمصرف لبنان، ستجّعل الوضع على الصعيد الإجتماعي أقسى بكثير.
في كلا السيناريوهين، النشاط الإقتصادي سيتراجع ومعه الإستهلاك ولن يكون من السهل على الحكومة اللبنانية تطبيق مشروعها الإصلاحي بالكامل. ولعل الشقّ الأساسي الذي قدّ يُمكن للحكومة تطبيقه من خطّتها هو محاربة الفساد الذي يُمكن أن يمرّ في ظروف مثل هذه الظروف.