كتبت صحيفة “الديار” تقول: دخل لبنان حالة “طوارئ” غير معلنة لمواجهة خطر “فيروس” كورونا، ومع تريث الحكومة في الانتقال لمرحلة جديدة من الاجراءات الاحترازية، وسط انقسام واضح في تقييم استجابة الاجهزة الرسمية وتعاملها مع مخاطر “الوباء”، ومع ارتفاع عدد المصابين الى 73 والوفيات الى3، كانت الطرقات بالامس شبه خالية، الا ممن اضطر الى التوجه الى مركزعمله او تأمين احتياجاته الطبية او الغذائية، وسط مخاوف وتحذيرات طبية من فقدان السيطرة على انتشار “الفيروس” بالوتيرة الراهنة، ما يعني ان الاصابات في لبنان ستصل الى حدود 12 الف اصابة في نيسان المقبل، الا اذا نجحت الاجراءات الاحترازية الرسمية والشعبية في الحد من انتشار الفيروس واحتوائه، لان العدد المفترض لن تستطيع المستشفيات التعامل معه لانه يتجاوز قدرتها الاستيعابية في ظل وجود 12 الف سرير فقط في كل القطاعات الطبية اللبنانية…
“مضبطة” اتهام اميركية
وفي غمرة الانشغال بـ”فيروس” كورونا الذي تعامل معه الرئيس الاميركي دونالد ترامب كعدو “اجنبي” يجب محاربته، استهلت السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا اولى مهامها العملية في بيروت، بعد ساعات على جولتها التعارفيةعلى المسؤولين، بتحصيل المعلومات حول امكانية “تورط” حزب الله بالاعداد لهجوم معسكر التاجي في العراق الذي ادى الى مقتل أميركيين اثنين وبريطاني واصابة أكثر من 12 آخرين بعد سقوط صواريخ كاتيوشا على المعسكر، ونقلت مصادر سياسية عن عدد من زوار “عوكر” تأكيدهم ان السفيرة الاميركية اجرت مروحة اتصالات خلال الساعات القليلة الماضية تمحورت حول نقطة محددة ترتبط بوجود معلومات استخباراتية اميركية تتحدث عن علاقة حزب الله المباشرة بمجموعات عراقية تتهمها واشنطن بالمسؤولية عن الهجوم… وعلم في هذا الاطار، ان مسؤولين امنيين في السفارة الاميركية في بيروت تولوا ايضا الاستفسار عن شخصيات معينة في حزب الله تعمل على الساحة العراقية، فيما يبدو محاولة من الادارة الاميركية لاعداد “مضبطة” اتهام للحزب بمفعول رجعي يعود لتعهد السيد حسن نصرالله بعودة الجنود الاميركيين الى بلادهم “افقيا” بعدما دخلوا المنطقة “عاموديا”…
اسئلة اميركية حول حزب الله
ووفقا للمعلومات، تمحورت الاسئلة السياسية حول وضعية الحزب داخليا، سواء وضعه المالي او علاقته “بالبيئة الحاضنة”، وكذلك تأثيره على قرارات الحكومة الحالية، وما اذا كانت ظروفه الحالية تسمح له بالانخراط في عمليات مباشرة ضد المصالح الاميركية في لبنان والمنطقة… وكان من الواضح ان عملية التقييم الحالية تبدو اكثر تفصيلا من اي وقت مضى بعدما بدأ الاميركيون يشعرون ان تأثير السيد نصرالله قد تزايد في جبهات كانت مسؤوليتها المباشرة تتبع قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني قبل اغتياله، وهي ملاحظة وردت في اكثر من مراسلة اميركية مع قيادات عراقية، وتكررت خلال الساعات القليلة الماضية عبر السفارة الاميركية في بيروت…
مخاطر “الاتهامات” الاميركية
وفي هذا السياق، تأخذ مصادر معنية بهذا الملف الانشغال الاميركي بمحاولة البحث عن ادلة تورط حزب الله في عملية التاجي، وغيرها من الهجمات التي سبق وحصلت في سوريا والعراق بعد اغتيال سليماني، على محمل الجد، خصوصا ان ثمة تعاوناً بين السفارتين البريطانية والاميركية في بيروت على “تقاطع” المعلومات خصوصا في الهجوم الاخير، باعتباره الاكثر دموية، وحرفية، وعلى الرغم من وجود مستشارين ايرانيين لدى الحشد الشعبي العراقي، وتميز بعض وحدات “الحشد”، تبقى الاسئلة مفتوحة ومقلقة حول اسباب الاصرار على محاولة “توريط” الحزب باعتباره الاكثر قدرة على تنفيذ عمليات مماثلة بحسب تقييمات “التحالف الغربي” في العراق، ولذلك ثمة عملية تقييم في المقابل لاسباب الاندفاعة الاميركية التي تزامنت مع غارات جوية على الحدود السورية والاعلان عن الاصرار على محاسبة مرتكبي الهجوم وقول وزير الدفاع الاميركي مارك اسبر ان كل الخيارات مطروحة على الطاولة في سبيل مثول الجناة امام العدالة ومواصلة الردع، متهما جماعات شيعية مسلحة تدعمها ايران بالوقوف وراء الهجوم دون الانخراط في “التسمية” مباشرة. وهذا ما يترك باب التكهنات مفتوحا على مصراعيه حيال “الخطوة” الاميركية المقبلة، خصوصا ان ما حصل في “التاجي” ليس الا بداية “دفع ثمن” اغتيال سليماني، وهذا يعني حكما ان مسرح العمليات سيكون مفتوحا على كل الاحتمالات، لكن يبقى السؤال الجوهري في كيفية تعامل واشنطن مع “مضبطة” اتهاماتها ضد حزب الله بعد تحوله الى عدو “رقم واحد” في المنطقة “بتوصية” اسرائيلية، في المقابل لن يحصل الاميركيون على “اقرار” من الحزب بهجمات مماثلة على الرغم انهم يدركون بان ما حصل “شرف” بالنسبة اليه، ولكن لن “يدعيه”…
خطر “كورونا” يشل البلاد
وفيما عاشت البلاد حالة طوارئ غير معلنة، وسط حالة شلل في الشوارع وعلى النقاط الحدودية البرية التي ستقفل بعد 3 ايام لمدة اسبوع، اكد وزير الصحة حمد حسن في جلسة مجلس الوزراء ان اكثرية الاصابات غالبيتها من المخالطة لمسافرين اتوا من ايران وبريطانيا ومصر وفرنسا، مؤكدا ان اعلان حال الطوارئ يخضع لمعايير وهناك أشخاص يؤمنون عيشهم بما ينتجوه يوميا ولا يمكن أن نحرمهم من هذا الأمر، مؤكدا ان ما أعلنته اللجنة الوطنية لمكافحة وباء “كورونا” أشبه بطوارئ صحية مدنية، وفي هذا السياق شهدت بيروت والمناطق اجراءات مشددة فتم اقفال معظم المجمعات التجارية حتى إشعار آخر في اطار التدابير الوقائية، فيما التزمت معظم المطاعم والمقاهي بالاقفال، وفي جونية نظمت شرطة البلدية دوريات طلبت خلالها من المحال التجارية اقفال ابوابها… وفي السياق، دعت رابطة موظفي الإدارة العامة الموظفين الى الاستمرار بالبقاء في بيوتهم لحين تأمين الاجراءات الوقائية، كما استمر اتخاذ الاجراءات الاحترازية في المؤسسات الخاصة والعامة كافة لمنع تفشي الفيروس. اما مصرف لبنان فأصدر، بياناً أوضح فيه انه “وفقاً للتقرير الاخير لمنظمة الصحة العالمية، ان الاوراق النقدية لا تشكل في حد ذاتها خطر انتقال العدوى بل هي تعتبر كأي شيء يمكن لمسه خلال النهار، وبالتالي يفضل اتخاذ التدابير الوقائية وفقاً لإرشادات المنظمة”. واضاف “وفقاً لتقرير البنك المركزي الالماني، تعتبر الاوراق النقدية أقل خطورة بنقل العدوى مقارنةً مع باقي الأشياء التي يمكن لمسها خلال اليوم مثل مسكة الباب أو مفتاح الكهرباء.
ارتفاع عدد المصابين
وفيما أعلنت وزارة الصحة العامة ان مجموع الحالات المثبتة 73 حالة بما فيها الحالات التي تم تشخيصها في مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي وفي المستشفيات الجامعية الأخرى. كما سجلت صباح امس حالة وفاة جديدة لمريض في مستشفى سيدة المعونات عمره 79 عاما كان مصابا بمرض عضال، مما يجعل العدد الاجمالي للوفيات 3″. والمريض المتوفي هو الياس برجي في مستشفى سيدة المعونات الذي انتقلت اليه عدوى كورونا من الحالة جان خوري الذي توفي بعدما كان في مصر. وبرجي هو ابن بلدة اميون-الكورة كان يُعاني من مرض السرطان ويبلغ من العمر 79 عاماً.
“عنزة ولو طارت”..
وفي مستهل جلسة مجلس الوزراء تطرق رئيس الجمهورية ميشال عون الى الاجراءات المتخذة لمكافحة فيروس كورونا، وشدد على “وجوب المضي في اتخاذ التدابير الواقية للحد من انتشاره”، ورحب بـ”المساعدات التي يمكن أن تقدم للبنان في هذا الإطار”. وفي السياق، قرر مجلس الوزراء مضاعفة سرعة الانترنت وحجم الاستهلاك لمشتركي الشبكة النهائيين التابعين لأوجيرو في الأماكن السكنية مجانا لمدة تنتهي في نهاية شهر نيسان المقبل، ضمن الامكانات المتاحة، مؤكدا أن تحضير المستشفيات الحكومية في المحافظات جار على قدم وساق، في موازاة العمل على تحرير القرض المقدم من البنك الدولي بقيمة 39 مليون دولار، المخصص لتجهيز المستشفيات الحكومية لمواجهة الوباء.
وردا على المنتقدين اعتبر رئيس الحكومة حسان دياب أن هناك “استثمارا سياسيا ضد” الحكومة، التي اتخذت كل الاجراءات الممكنة من البداية، وقال ليس صحيحا ما يحكى عن تأخر لبنان في هذه الاجراءات، بل بالعكس، صارت الاجراءات التي اتخذها لبنان نموذجا لبعض الدول الاوروبية والعالم. وقال “للاسف، البعض يتعامل مع الامور على قاعدة “عنزة ولو طارت” بسبب النكايات والحسابات حتى لو تسببوا بضرر كبير للبلد”.
اجراءات اقتصادية… وملاحقات امنية
اقتصاديا، عقد اجتماع مالي حضره رئيس الحكومة ووزير المال وضم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير تم خلاله التداول في مشروع قانون “الكابيتال كونترول” الذي يحتاج الى مزيد من الدرس، وسط توجه لتحديد قيمة التحويلات بالدولار سنويا بخمسين الف دولار، وتحديد السحوبات بالليرة ب25 مليون ليرة، مع وضع شروط على استخدام بطاقات الاعتماد المصرفية. وقد عقد رئيس الحكومة اجتماعا امنيا خلص الى اتخاذ تدابير مشددة ابتداء من اليوم لملاحقة الصرافين المخالفين لقررات مصرف لبنان…
لا تغيير لسعر الصرف
خفضت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني تصنيف الديون السيادية اللبنانية بالعملة الأجنبية إلى “تعثر انتقائي عن السداد” من (CC/C)، محذرة من أن المحادثات بشأن إعادة هيكلة الدين قد تتعقد وتطول، اعلن وزير المالية غازي وزني ان الحكومة ستبقي على سعر الصرف الرسمي لليرة اللبنانية مقابل الدولار “للمدى المنظور”، واشار الى ان الخطة المالية والاقتصادية للبنان ستلبي توصيات صندوق النقد الدولي وتكون جاهزة خلال اسابيع”، واوضح “انه في حال لجأ لبنان إلى برنامج من صندوق النقد فينبغي ان يكون هناك تفاهم سياسي وشروط لا تضر بالوضع الاجتماعي”.
من جهته دعا المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس الحكومة اللبنانية لتنفيذ مجموعة كاملة من الاصلاحات للتصدي للتحديات الاقتصادية، واشار إلى أن “السلطات اللبنانية لم تطلب حتى الآن مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي”، مذكراً بأن وفداً من صندوق النقد زار قبل بضعة أسابيع لبنان، وأوضح أن صندوق النقد “مستعدّ لمساعدة السلطات اللبنانية في جهودها لكن مرة جديدة ليس هناك أي طلب لدعم مالي” من جانبها…
وفيما تنتهي يوم الاثنين المقبل مهلة السماح لتسديد سندات اليوروبوند بعد 9 اذار من دون ان تحدد حتى الساعة طبيعة الخطوة التي ستعتمدها الجهات الدائنة الخارجية بين التفاوض حول كيفية السداد وهيكلة الديون وبين اللجوء الى القضاء الدولي، كشف وزير المال “ان الاتصالات الأولية بين لبنان والدائنين لسندات اليوروبوند بدأت قبل أيام عن طريق الاستشاري “لازارد” وستزيد في الأيام المقبلة”.
تثبيت سعر النفط؟
وفيما تتهاوى اسعار النفط عالميا، مع وصول سعر برميل النفط الى حدود 34 دولاراً، اكد وزير الطاقة ريمون غجر ان مجلس الوزراء اتخذ قرارا بتثبيت سعر صفيحة البنزين وفق الاسعار المعتمدة حاليا، لكي تستفيد الدولة من الفارق فيالاسعار في تأمين المزيد من الموارد لخزينة الدولة ما يمكنها من استخدامها في اي امر طارىء يواجه البلاد..
رد التشكيلات “واستياء” بري
في غضون ذلك، وغداة رد وزيرة العدل ماري كلود نجم التشكيلات القضائية الى مجلس القضاء الاعلى مرفقة بعدد من الملاحظات، عقد مجلس القضاء الأعلى اجتماعا حول هذه الملاحظات امس، على ان يعقد اجتماعا ثانيا اليوم “ليبنى على الشيء مقتضاه”، لا يبدو ان هذا الملف سيمر مرور الكرام سياسيا في ظل مخاوف من انعكاسات سلبية على الجسم القضائي بعدما اعترضت وزيرة العدل على عدم اعتماد مجلس القضاء الاعلى معايير واحدة، وعدم التزامه بالمعيارالطائفي وعدم اعطاء وزيرة الدفاع زينة عكر رأيها في اختيار قضاة المحكمة العسكرية اضافة الى وجوب اعادة النظر في معايير التوزيع المناطقي للقضاة.
وفي هذا السياق، نقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري “استياءه” من خطوة الوزيرة نجم معتبرا ان هذه الخطوة مضرة لـ”صورة” الحكومة، وتفتح “الباب” امام التدخلات السياسية التي كانت تتبع في التشكيلات سابقا، وفي سياق “غمزه” من “قناة” بعض الجهات التي تتدخل اشار الى انه رفض التدخل على الرغم من تلقيه اتصالات من عدد من القضاة المعترضين… ووفقا لاوساط نيابية فان بري سيكون له موقف واضح في هذا الملف لاحقا، وهو ينتظر ما ستنتهي اليه الامور، وهو يرغب في ان يترك القضاء ليدير شؤونه بعيدا عن اي تدخلات سياسية.