كتبت صحيفة “الديار” تقول: بينما يتنافس العالم لايجاد “لقاح” “للفيروس القاتل”، مع تجارب صينية واعدة على دواء “كلوروكين” المستخدم ضد الملاريا، وأعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مصادقة الولايات المتحدة على استخدامه بعد نتائجه الأولية المشجعة للغاية، دخل “الكورونا” “البازار” الطائفي والمناطقي في لبنان على خلفية اقتراح من وزارة الصحة لعزل منطقتي كسروان وجبيل بعد مؤشرات خطيرة تشير الى احتمال انتشار سريع “للفيروس”، لتنطلق بعدها كل “الموبقات” المذهبية “التافهة” التي اثبتت مرة جديدة ان البعض في لبنان يعيش في “كوكب آخر”..
في هذا الوقت، ووسط “صمت” مطبق من الحكومة اللبنانية التي تعمدت “دفن رأسها” في الارض “كالنعامة”، شكرها الرئيس الاميركي دونالد ترامب على تعاونها في اطلاق العميل عامر الفاخوري، مسدلا “الستار” على “مسرحية” “رديئة” السيناريو والاخراج لبنانيا، فيما يطل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم لوضع النقاط على حروف هذا الملف الذي لم يمر مرور الكرام عند الحزب..
“البلطجة” الاميركية
ففي سابقة في الحياة السياسية اللبنانية، تحول “ابطال” قصة “الهروب” الى “اشباح” لا يريدون الظهور العلني “للتبجح” بانجاز، لعلمهم ان الجمهور لن “يصفق” لهم، بل سوف “يبصق” في وجوههم، ولذلك “تمنوا” او توسلوا” الاميركيين عدم ذكر اسمائهم.. وفي “بلطجة” موصوفة، قامت طائرة اميركية قدمت من قبرص، باخراج العميل عامر الفاخوري من السفارة في عوكر حيث وصل لاحقا الى الولايات المتحدة الاميركية، بعدما نجحت واشنطن في فرض املاءاتها على الدولة اللبنانية التي اختار عدد من مسؤوليها السياسيين والقضائيين تجنب “مواجهة” “غضب” واشنطن وعدم المغامرة بمستقبلهم الشخصي في ملف لا يرون انه “محرز”..
ولذلك حصلت “التسوية”، وغادر “جزار الخيام” ساخرا “وضاحكا”على كل المعذبين في سجونه، بعدما سمحت له حفنة من “التافهين” “بالدوس” على “الكرامة الوطنية” دون اي ثمن، في خضم ازمة اقتصادية وصحية يعتقدون انها ستساعد في “طي” الملف، والمضحك المبكي ان بعض من ساهم في “التخريجة” “المعيبة” لم “يشترط” شيئا في المقابل “للصالح العام”، لكنهم، وبحسب اوساط دبلوماسية غربية “تمنوا” عدم شكرهم علنا بالاسم، كي لا يتسبب لهم ذلك بالاحراج داخليا، فيما يسوق البعض منهم في “الكواليس” لنظرية انقاذ لبنان في العقوبات الاقتصادية، ويتوهمون ان واشنطن ستعمل على الافراج عن المساعدات الاقتصادية المحجوبة عن لبنان، وهو امر تنفيه السفارة الاميركية في بيروت التي اكدت لعدد من “الاصدقاء” ان واشنطن لم تتعهد بشيء في المقابل، لا على مستوى المساعدات الاقتصادية ولا غيرها من الملفات المتصلة..
المصالح الشخصية
وبحسب اوساط مقربة من حزب الله، لا يمكن لاي شخصية لبنانية الادعاء بان هذا القرار قد اتخذ لاعتبارات المصلحة الوطنية العليا، فالخشية من فرض عقوبات اميركية على لبنان غير مقنعة لانه اصلا “محاصر” اقتصاديا من الولايات المتحدة وحلفائها، وواشنطن لم تهدد ايضا بوقف المساعدات والدعم العسكري للجيش اللبناني، بل هددت بوضع اسماء مسؤولين سياسيين وقضائيين بارزين على لائحة العقوبات، اذا لم يتم الافراج عن الفاخوري،وهذا ما فتح “الابواب” امام تهريبه، فيما يدرك الجميع ان تغيير موقف الادارة الاميركية من مساعدة لبنان اقتصاديا، ليس مرتبطا بملف الفاخوري، بل بالموقف من الحكومة التي لا تزال واشنطن تعتبرها حكومة حزب الله، والتعامل مع الملف اللبناني يرتبط بقضايا اقليمية متصلة…
وقد اكد وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، في بيان، ان “المواطن الاميركي عامر الفاخوري الذي كان موقوفاً في لبنان منذ شهر ايلول 2019 عاد الى اميركا، وقال بيان عن الخارجية ان عودته تشكل مصدر ارتياح لمن تابعوا القضية بقلق بالغ ونشعر بارتياح لتمكننا من استقباله في بلده مجددا، وكانت السيناتور الديمقراطية جين شاهين التي عملت على إطلاق سراح الفاخوري ، اول مسؤول اميركي يعلن انه في طريق العودة الى الولايات المتحدة، وقالت انها تحدثت معه هاتفيا بعد وقت قصير من الإفراج عنه، وقالت أنها عملت “بشكل وثيق مع محامي عامر فاخوري ومسؤولي الإدارة والدبلوماسيين لتحريره”. وأكدت أنها “دعمت منذ فترة طويلة العلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة ولبنان”، آملة أن تكون هذه خطوة أولى لإصلاح العلاقات. وقالت: “لقد كان تأمين الإفراج عن عامر جهدًا جماعيًا”، وقد التزمت بعدم تسمية اي مسؤول لبناني وشكرت في المقابل محامية فاخوري، والسفير أوبراين وموظفيه في مجلس الأمن القومي، ولا سيما فيرجينيا بوني وغيرهم ممن لا يمكن تسميتهم، السفير ريتشارد، السفيرة شيا وفريقها، السكرتير إسبر، الجنرال ميلي، السناتور كروز وموظفيه، بومبيو والرئيس ترامب.
حزب الله يدعو للمحاسبة
في المقابل، دانت كتلة الوفاء للمقاومة الحكم الصادر عن هيئة المحكمة العسكرية رئيسا وأعضاء والقاضي بالإفراج فورا عن العميل الموصوف للعدو الإسرائيلي، جزّار الخيام المدعو عامر الفاخوري رغم جرائمه المثبتة المتواترة ضدّ شعبنا، ورغم ممارسته التعذيب الوحشي والقتل المتعمّد لبعض الأسرى والمعتقلين في زنازين العدو الصهيوني الغاشم..وقالت الكتلة إنّه لمن الخزي أولاً وآخراً أن يرضخ قضاة محكمة في بلدٍ واجه الغزو الاسرائيلي وهزمه، فيستجيبوا لضغوط دولة أجنبيّة راعية لعدوهم وداعمة لارهابه ضد وطنهم ويطعنون بشرفهم العسكري ويسقطون التزامهم الوطني، وأضافت: “لقد كان الأَوْلىَ بهم والأشرف لهم أن يستقيلوا بدل أن يفعلوا ما فعلوه. وعلى السلطة المعنية احالتهم اليوم الى المحاسبة ومكافأة القضاة الآخرين الذين تصدوا لبعض مجرياتٍ في هذه القضية وفق القانون وحسهم الوطني الشريف..”
“كورونا” طائفي في لبنان..
في هذا الوقت كاد “الكورونا” “يفجر” ازمة طائفية في البلاد بعدما طلب وزير الصحة حمد حسن في مجلس الوزراء فرض حجر صحي على كسروان وجبيل، وبعبدا والمتن، اذا اقتضى الامر، بعد مؤشرات سلبية تفيد بوجود انتشار غير مضبوط هناك، لكن ضغوطا مورست داخل الحكومة، ومن خارجها ادت الى “مراعاة” الوضع الطائفي “الهش” في البلاد، فتراجعت وزارة الصحة، وكادت تقدم اعتذارها رسميا من نواب المنطقة الذين هالهم “وسم” منطقتهم “بالموبؤة”، وربما كان يجب على وزير الصحة طرح “حجر صحي” على قاعدة 6 و6 مكرر..ويبقى السؤال،اذا كانت هذه المناطق على “مفترق” “طرق” صحي، فهل يمكن التراجع عن قرار “عزلها” فقط تجنبا لتصفية حسابات سياسية وطائفية في ظروف صحية خطيرة كهذه؟ ومن سيتحمل المسؤولية لاحقا؟ وبانتظار التداعيات، وسط تحذيرات من بلوغ ذروة انتشار “الوباء” بعد عشرة ايام، اعلنت وزارة الصحة العامة عن 16 اصابة جديدة ما رفع مجموع الحالات المثبتة مخبريا الى 149 حالة بينها 4 حالات حرجة، وناشدت الوزارة من جديد “جميع المواطنين التقيد بالتدابير الصارمة الصادرة عن المراجع الرسمية ولا سيما الحجر المنزلي الإلزامي وضبط الحركة إلا عند الضرورة القصوى”.
“خريطة” الاصابات
واظهرت خريطة توزع الحالات ان النسبة الاكبر في بيروت وبعبدا وكسروان وجبيل، مشيرة الى ان 14 اصابة لا معلومات عن اماكن توزعها.. واشار تقرير مستشفى رفيق الحريري الى ان نتائج الفحص الذي تم إجراؤه للسيدة التي فارقت الحياة أمس الاول أمام الطوارئ، أظهرت خلوها من فيروس كورونا..
وبعد جلسة الحكومة اعلنت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد انه تم الاتفاق على توزيع مساعدات للمواطنين الذين تعطلت أعمالهم وتمنى دياب على كل لبناني لديه قدرات أن يساهم في المساعدة. كما اعلنت ان الوزراء قرروا تخصيص 100 مليون ليرة لبنانية من تعويضاتهم الخاصة لصالح حساب كورونا وتقرر توزيع مساعدات للبنانيين الذين فقدوا أعمالهم في مختلف المناطق. كما قبلت الحكومة هبة طبية من الصين.
تراجع منسوب “التفاؤل”..
واعلن وزير الصحة حمد حسن بعد الجلسة ان منسوب “التفاؤل” تراجع، وهناك حالات جديدة غير معروفة المصدر، حيث تم رصد 6 حالات من الكورونا مجهولة المصدر وسببها عدوى مجتمعية معتبرا أن هذا الأمر يزيد الخطر، ووفقا لمعطيات وزارة الصحة فان التحذير سببه الخوف من تدهور سريع سيضطر عندها 18 الف الى الدخول المستشفيات، بينهم نحو 2500 سيحتاجون الى “العناية الفائقة”، ولذلك اقترح وزير الصحة عزل جبيل وكسروان كليا، وربما بعبدا والمتن لاحقا، ورفع منسوب التشدد في كل المناطق اللبنانية، نتيجة معطيات طبية ودون اي خلفيات سياسية، الا ان طلبه رفض وفضل المجلس تشديد التدابير لإلزام المواطنين بالبقاء في منازلهم.
وكشف حسن أنه طلب عزل منطقتين سجلت فيهما اعلى مستوى من الحالات. وقال: لاول مرة اضع كمامة لان منسوب الخطر ازداد، ولفت الى أنه طلب من قوى الامن التشدد لدرجة منع الناس من مغادرة منازلهم. وقال: التفاؤل الذي طلبنا ان يكون محفوفا بالمسؤولية للأسف استخدم بطريقة عشوائية والناس “فلتت” مجددا على الطرقات.
التراجع بعد “الضغوط”
وبعد ضغوط اعلامية ونيابية، نفى المكتب الاعلامي لوزير الصحة “الأخبار المتداولة عن وجود قرار بعزل بعض المناطق اللبنانية”، مؤكدا على “ما تقرر في جلسة مجلس الوزراء لناحية التشدد في تنفيذ الإجراءات ذات الصلة، لا سيما في الشق المتعلق بمنع التجمعات والحد من التجول على امتداد الأراضي اللبنانية، خاصة بعد ارتفاع حالات الإصابات خلال 48 ساعة المنصرمة”.
ووفقا لمصادر وزارة الصحة، فان العزل على الطريقة الصينية او الايطالية غير ممكن تنفيذه في لبنان بفعل التداخل بين المناطق وصعوبة تطبيقه، وكلام وزير الصحة جرى تحويره لاهداف سياسية، وهو كان يريد تشديد الاجراءات في تلك المناطق لان المؤشرات غير مطمئنة..
“هيهات منّا الذلة”..
وكان نواب كسروان وجبيل قد اصدروا بيانا استنكروا فيه طلب الوزير، واشاروا الى انه قبل طرح العزل، يجب تجهيز مستشفى البوار الحكومي ليكون قادراً على استقبال المصابين، وقالوا ان الاهمال الذي لن نسكت عنه بعد اليوم ما زال مستمراً والتباطؤ متواصلاً في تأمين الفتات الذي رصد لهذا المستشفى الذي يحتاج حصةً اكبر ترصد لتجهيزه، واشاروا الى انه بدل التسريب الاعلامي، كنا نتمنى على الحكومة مجتمعة وعلى وزارة الصحة تحديداً ان نشهد اجراءات عملية بدل التهويل الكلامي، وللاسف طال مختلف لبنان، وليس امراً متعلقاً بكسروان وجبيل..
من جهته، قال النائب زياد حواط، هناك مزايدة كبيرة في موضوع التعاطي مع جبيل وكسروان بشأن “كورونا” والكلام عن تفشي المرض في هاتين المنطقتين تجنٍّ كبير، وقال: توصيف جبيل وكسروان كمنطقتين موبوءتين مردود مع الشكر..بدوره، غرد النائب شوقي الدكاش عبر حسابه على تويتر قائلا اقول للوزير “الحريص : قبل ان تحاول عزلنا، اين صارت الاموال المرصودة لمستشفى البوار الحكومي؟ ولماذا اخترت كسروان وجبيل، في حين ان الفيروس صار في مرحلة الانتشار على معظم الاراضي اللبنانية؟ معاليك، نحن نتغاضى عن الكثير من الامور لاننا في زمن أزمة والمطلوب ان نتساعد من اجل مصلحة الناس.اما ان تحجرنا من دون اي مقومات للمتابعة والعلاج، فاقولها لك بلغة تفهمها “هيهات منا الذلة”..
مجلس الوزراء “بالكمامات”..
ووسط اجراءات وقائية، التأم مجلس الوزراء في جلسته العادية في القصر الجمهوري في بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وحضور رئيس الحكومة حسان دياب والوزراء، وقد تم توزيع كمامات وقفازات على الوزراء وأُبعدت كراسيهم عن بعضهم البعض كخطوة وقائية. ولم يتم الاتفاق على مشروع القانون الرامي إلى تنظيم ووضع ضوابط استثنائية موقتة على بعض العمليات والخدمات المصرفية (كابيتال كونترول)، وتم تاجيل البحث بالملف الى الاسبوع المقبل في ظل خلافات واضحة حول التعديلات على مشروع وزير المال، وأفيد ان جدالا حصل في الجلسة وملاحظات عدة حول المادة السابعة من المشروع المتعلق بتحديد سقوف السحوبات بالعملات الأجنبية.
لا اتفاق على “الكابيتال كونترول”
ووفقا لمصادر مطلعة فان مشروع “الكابيتال كونترول” المقترح سيمتد الى 3 سنوات، وامامه طريق طويلة وشاقة قبل ان “يبصر النور” في مجلس النواب ليصبح قانونا نافذا، والكثير من الكتل النيابية لن تسير به خصوصا ان التعديلات تسحب تحديد سقوف السحوبات المالية بالدولار، والليرة من يد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ووزير المال ووضعها في يد مجلس الوزراء، وعندها لن تتمكن المصارف من التحكم باموال المودعين، وهذا يتعارض مع مصالح عدد كبير من السياسيين الذين يشكلون خط دفاع اول عن مصالح المصارف..