كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية تقول: لم يكن قرار الحكومة تمديد مفاعيل خطة التعبئة العامة لمواجهة فيروس كورونا أسبوعين إضافيين، إلا الدليل الإضافي على أن الأزمة طويلة ومستمرة، ولن تنتهي طبعًا في الثاني عشر من نيسان المقبل، الأمر الذي يستوجب الانتقال الى الخطوات الشاملة في الطوارئ، بصرف النظر عن التسمية، وأولى تلك الخطوات بدء إقامة مراكز حجر صحي كبيرة في مختلف المناطق لاستيعاب أعداد من المصابين بحال التفشي الواسع النطاق للمرض.
وبالنظر إلى استمرار ارتفاع عدد المصابين بالوباء بوتيرة تتطلب أقصى درجات الوقاية والحجر المنزلي، أتى كلام رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط واضحًا تماماً في تحديد أولويات العمل لتجنيب البلاد الكارثة المحتمة، كما هو حاصل في العديد من الدول التي تعاني من تفشي هذا الوباء كإيطاليا وأسبانيا وفرنسا وإيران والولايات المتحدة. فلبنان الذي يعاني إفلاساً إقتصاديا حقيقيًا منذ ستة أشهر، لن يكون قادراً بإمكانياته الحاضرة على مواجهة هكذا وباء، ولهذا لا بد من طلب مساعدة من الدول التي نجحت تجاربها كالصين وكوريا الجنوبية، ووضع خطة حكومية واضحة لكل الاحتمالات. غير أن الحكومة ذهبت إلى قرار حظر التجول فقط بين السابعة مساء والخامسة صباحاً والسماح للتنقل العام في فترات النهار، الأمر غير المنطقي في مثل هذه الظروف.
وقد حاولت مصادر حكومية تبرير الأسباب التي دفعت الحكومة والمجلس الأعلى للدفاع لإتخاذ هذا الإجراء، فوصفته بـ”ميني” خطة طوارئ عامة “لأنه يتضمن منعًا للتجول وإقفال للمحال التجارية والسوبر ماركت والتعاونيات من السابعة مساء ولغاية الخامسة صباحاً، على ان يستثنى من القرار الصيدليات والأفران والمستشفيات”، معتبرة أن “الحكومة تقوم بما هو مطلوب منها دون اللجوء الى إعلان حالة الطوارئ العامة التي لا توجد نصوص قانونية تسمح باتخاذها في هكذا حالات”. لكن الأمر مستغرب جدًا، لأنه حتى الساعة لم تتمكن الأجهزة الأمنية المولجة ضبط المخالفات من منع الإختلاط وإحتكاك الناس ببعضها، فهل لا يشكل ذلك حافزا لفرض الطوارئ لفترة محددة؟.
وإذا كانت المصادر الحكومية عينها اعتبرت في حديثها لجريدة “الأنباء” أن فترة الأسبوعين الماضيين “كانت ناجحة بنسبة كبيرة في العديد من المناطق”، وأن الخروقات التي سجلت “كانت في مرحلة بداية تفشي الوباء”، فإنه على العكس من ذلك يؤكد تزايد أعداد المصابين أكثر فأكثر حق الناس بالقلق على صحتها وصحة أولادها، ولهم الحق في رؤية إجراءات ميدانية حاسمة من قبل الجيش والأجهزة الأمنية.
وإزاء ذلك أملت المصادر الحكومية أن نصل الى تاريخ 12 نيسان وأن يكون الوضع أفضل مما هو عليه اليوم، وإلا تضطر الحكومة والمجلس الأعلى للدفاع لتمديد التعبئة أسبوعا إضافياً، وفق تعبيرها.
وفيما كان جنبلاط يؤكد ضرورة أن تتصرف الدولة بمنطق الحرص على اللبنانيين المغتربين الذين علقوا في الخارج بسبب أزمة كورونا، وأن تعمل على إعادتهم بشرط الحجر الصحي في المطار، كان وزير الخارجية ناصيف حتي فاقداً لمنطق المسؤولية المفترض أنها مناطة به، فخرج وبشكل فجّ ليرفض إعادة المغتربين الراغبين بالعودة.
وفي سياق الجهود التي يبذلها جنبلاط، طالب بالإستعانة بالمبلغ الذي كان مخصصا لمشروع سد بسري بعد إلغاء تنفيذ هذا المشروع وتحويل مرج بسري الى محمية طبيعية، وتحويل هذه الأموال إلى برنامج دعم الأسر الأكثر فقراً بعد تحديث قاعدة بياناته عن العائلات المحتاجة.
وكانت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد قد أشارت الى تخصيص مبلغ 75 مليار ليرة للهيئة العليا للإغاثة سيوزع على المحتاجين والعاطلين عن العمل بإشراف لجنة الطوارئ والرئيس حسان دياب باعتبار أنه رئيس الهيئة. وهي خطوة تبعث على طرح المزيد من علامات الاستفهام لكون برنامج الأسر الأكثر فقراً لديه 114 مركزا في مختلف المناطق اللبنانية ومحققين اجتماعيين قادرين على تنفيذ مسح حقيقي للواقع المعيشي لتحديد المحتاجين، ما يجعل من غير المبرر إغفال دوره في مثل هذه الظروف.
من جهة ثانية علمت “الأنباء” من مصادر حكومية أن الخلاف ما زال متحكمًا بمسألة تعيين نواب حاكم مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، وليس صحيحًا ما تم التذرع به رسميا بأن الحكومة أجلت قرار التعيين بانتظار أن يزودها وزير المال غازي وزني بالسير الذاتية للأسماء المقترح تعيينها في تلك المراكز، لأن الخلاف يتمحور حول على ثلاثة مواقع: نائب الحاكم السنًي بين الرئيس دياب والنائب جبران باسيل، والأرمني بين باسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ومنصب مفوض الحكومة في المصرف الذي يشغله شخص ينتمي عادة لطائفة الروم الارثوذكس التي ترفض مرجعياتها الروحية والسياسية ان يكون تابعا للوزير باسيل.
مصادر معارضة قالت لجريدة “الأنباء” إنه “اذا ما كانت مقاربة الحكومة لملف حساس في ظل الأزمة النقدية، تجري وفق هذا الأسلوب الاستئثاري، فإنه لا أمل في أن تخرج السلطة بأي عمل حقيقي في مجال الإصلاح المالي أو الاقتصادي، وهذا التمييع في اتخاذ القرارات وعدم القيام بأي خطوة في ملف الكهرباء، خير دليل على فقدان الحكومة للرؤية الإصلاحية وتخبطها في المقابل في مصالح الفريق المهيمن عليها.”.