كتبت صحيفة “النهار ” تقول : لعل المشهد الاروع والارقى مساء امس، كان في الثامنة مساء، حيث توحد اللبنانيون بعيدا من لوثة السياسة وبعض السياسيين، والحسابات الضيقة، فصفقوا من على الشرفات ومن النوافذ، تقديرا للجسم الطبي والتمريضي الذي يحارب في مكافحة فيروس كورونا المستجد، للاطباء والممرضين الذين يهتمون بالمصابين لانقاذ ارواحهم، ويُحرمون عائلاتهم وابنائهم تجنبا لنقا العدوى اليهم. في الثامنة مساء، كان تصفيق عم المناطق من الشمال الى الجنوب، ولم تحل دونه اجراءات تعبئة او منع تجول او ما شابه.
اما سياسيا، فان الحكومة على موعد مع “التطويع” المعلن غدا، بعدما هددها الرئيس نبيه بري بتعليق مشاركة وزيريه في الحكومة، وبعد انذار مماثل قبل ايام من رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجيه، وقبيل ساعات من اطلالة الامين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله، التي سبقتها اتصالات لتهدئة الاجواء شرط ضمان اتخاذ القرارات الحكومية اللازمة في شأن اعادة المغتربين اللبنانيين الراغبين في العودة الى بلادهم هربا من جحيم الكورونا خصوصا في الدول الاوروبية. وقد امل النائب حسن فضل الله من الحكومة “أن تتخذ الإجراءات اللازمة على ضوء الاتصالات التي قام بها حزب الله بين الرئاسات المعنية، في ما يتعلق بالمغتربين اللبنانيين، وتقوم بوضع خطة عاجلة تسمح لمن يرغب منهم في العودة إلى لبنان”.
واذا كان بري توعد بان “لكل حادث حديث” اذا لم تتخذ الحكومة الاجراءات التي كان فاتح الرئيس حسان دياب بها، فان مصادر قريبة منه تقول انه “بعد تلقّي دياب هذه الرسالة العاجلة سارع الى تحديد “جلسة اغترابية” غدا الثلثاء”.
وتلويح بري يتعليق مشاركة وزيريه في الحكومة، يأتي بعد سلسلة خلافات وتباعد في وجهات النظر بين الثنائي الشيعي ورئيس الحكومة، واصراره على فرض “دفتر شروط” لعمل مجلس الوزراء، فلا تصدق انها حكومة مستقلة وفق وزير سابق لـ”النهار”. فالتباعد لا يتعلق فقط بملف المغتربين، وليس وليد الساعة، بل يتوسع الى مجمل الملفات بدءا بالتعامل المالي اذ دفع الثنائي الحكومة الى عكس قناعتها في شأن سندات الاوروبوند، ووضع “فيتو” على التعاون مع صندوق النقد الدولي، وتحتدم هذه العلاقة على ابواب التعيينات في المراكز المالية، وباقي المواقع المطروحة لاحقا. ويتجه الثنائي الى حسم الاسمين الشيعيين اللذين سيحلان في المصرف المركزي ولجنة الرقابة على المصارف. ويرجح هنا ان بري أراد توجيه رسالة “تأديب سياسية” الى كل من يهمه الأمر حيال التعيينات التي تخص الشيعة وصولاً الى “تيار المردة” الذي يلمس وغيره من قوى ان طيف “التيار الوطني الحر” هو الذي يسيطرعلى مفاتيح السرايا الحكومية.
وقد انفجر الخلاف في قانون تنظيم العمليات المصرفية، الذي رفعه وزير المال غازي وزني الى رئاسة الحكومة. وبدلا من ان يدرج على جدول الاعمال، خضع لتفنيد من فريق المستشارين في السرايا، قبل ان تعدل صيغته ويرفع معدلا، وليس بالصيغة المتفق عليها مع بري. لم يقبل الاخير الامر فابلغ وزيره بسحب المشروع مطلقاً عليه رصاصة الرحمة.
بالعودة الى ملف عودة المغتربين، افادت معلومات “النهار” ان الاتصالات بين وزيري الخارجية والمال ناصيف حتي وغازي وزني والتنسيق مع جمعية المصارف افضت الى اعلان المصارف استعدادها لتحويل الاموال الضرورية للطلاب المغتربين الى حين عودتهم. وسيسبق جلسة مجلس الوزراء غدا الثلثاء اجتماع لوضع الخطوات من اجل بت موضوع افساح المجال امام عودة من يشاء من المغتربين علما ان العائق الاساسي لا يكمن في تأمين اماكن للحجر على الاتين الى لبنان بل يتمثل في كيفية تأمين صعود المغتربين الى الطائرة من دون اجراء اختبار الكورونا. فلبنان كما سائر الدول الاوروبية لا يملك ما يكفي من فحوصات ” بي سي آر” ويحتاج ما بات يعرف بالاختبار السريع قبل صعود الركاب الى الطائرة. ومع ان مطار رفيق الحريري الدولي مقفل رسميا حتى تاريخ 12 نيسان ضمنا وفقا لحال التعبئة العامة المعلنة والممددة، فان وزراء يجزمون بان لا مشكلة على هذا الصعيد بل المشكلة في غياب الاختبار الذي يضمن صعود ركاب غير مرضى الى الطائرة لئلا تتتسبب اصابة احدهم في عدوى شاملة في الطائرة. واذ صح ما جاء عبر رسالة وجهت الى عدد من الوزراء من رئيس المجلس القاري الافريقي عن طلب الجاليات اللبنانية في الخارج اختبارات لفحص الكورونا من كوريا الجنوبية وسواها وامكان الحصول عليها خلال ايام قليلة فان المسألة تكون سهلت على لبنان اتخاذ القرار باعادة من يود من المغتربين وربما حتى بتسهيل عودة مغتربين من دول اوروبية تفتقر بدورها الى الفحوصات اللازمة مما يجعل متعذرا اعادتهم في الوقت الراهن من دون اجرائها مسبقا.
كورونياً، أصدرت وزارة الصحة العامة تقريرها اليومي أمس عن آخر الاصابات بفيروس كوفيد -19، و بلغ عدد الحالات المثبتة مخبريا في مستشفى الحريري الجامعي ومختبرات المستشفيات الجامعية المعتمدة إضافة إلى المختبرات الخاصة 438 حالة بزيادة 26 حالة عن السبت. وسجلت حالتا وفاة لدى مريضين يعانيان أمراض مزمنة، كلاهما في العقد الثامن من العمر، أحدهما في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي، والثاني في مستشفى اوتيل ديو الجامعي، ما يرفع عدد الوفيات جراء الوباء الى عشرة.
وشددت الوزارة مجدداً على تطبيق كل الإجراءات الوقائية، خصوصاً التزام الحجر المنزلي التام الذي أضحى مسؤولية أخلاقية فردية ومجتمعية واجبة على كل مواطن وان أي تهاون بتطبيقها سيعرض صاحبها للملاحقة القانونية والجزائية.
أما مستشفى رفيق الحريري الجامعي، فأعلن في تقريره أمس أن مجموع الحالات التي ثبت مخبريا إصابتها بفيروس الكورونا والتي عزلت في منطقة العزل الصحي في المستشفى وصل إلى 65 إصابة، وان 7 حالات مشتبه بإصابتها بالفيروس، تم نقلها إلى المستشفى من مستشفيات أخرى. وأعلن المستشفى أيضاً عن تماثل إصابتين بالفيروس للشفاء بعد ما جاءت نتيحة فحص الـ PCR سلبية في المرتين، وتخلصهما من عوارض المرض كافة، ليرتفع بذلك مجموع الحالات التي شفيت تماما منذ البداية إلى 32 حالة شفاء.
وسير الجيش اللبناني دوريات في مختلف المناطق اللبنانية لمراقبة تطبيق قرار التعبئة العامة، حيث قام بإقفال 104 محال تجارية وتفريق 27 تجمعا شعبيا ومؤازرة 4 بلديات في تطبيق القرارات. فيما سطّرت قوى الأمن الداخلي 376 محضر ضبط مكتوبا في مختلف المحافظات. وانطلقت حركات احتجاج في الضاحية وطرابلس وصيدا تطالب باعادة فتح الاسواق لضمان توفير الناس لقمة عيشهم.