.. ودخل اللبنانيون في شهر جديد من المعاناة، وليس في الأفق المجهول وميض ضوء يلوح في عتمته، وما عليهم سوى البقاء معلّقين بحبل الأمل، لعلّ العناية الالهية تلطف بالبلاد والعباد، وتزيح الكابوس الجرثومي الجاثم على صدورهم، والذي جعلهم جميعاً مشاريع ضحايا لهذا الوباء الخبيث الذي يغزو العالم بأسره.
على الضفّة الداخليّة المقابلة، يبقى الوباء السياسي ماضياً في عبثه، دون اي اكتراث لما آل إليه حال البلد في ظلّ «كورونا»، وطاقم السلطة منصرف الى مناكفاته على حلبة المصالح والمكتسبات الذاتية، بما حوّل التعيينات المفترض ان تتمّ اليوم، مسرحاً للإبتزاز حول هذا المركز او ذاك، معرِّضا الحكومة، التي يُفترض انّها إصلاحية وإنقاذية، الى مزيد من التصدّع الداخلي، ويضعها تلقائياً في مرمى التصويب عليها من قِبل المعارضة لانحرافها عن مبدأ الحيادية والكفاءة والنزاهة.
في جديد الوباء، اعلنت وزارة وزارة الصحة أنّه حتى تاريخ 1/4/2020 بلغ عدد الحالات المثبتة مخبرياً في مستشفى الحريري الجامعي ومختبرات المستشفيات الجامعية المعتمدة بالإضافة إلى المختبرات الخاصة 479 حالة بزيادة 16 حالة عن يوم امس الاول الثلاثاء، مشيرة، انّه لم تُسجل أي وفاة جديدة بفيروس «كورونا»، حيث استقرّ عدد الوفيات حتى تاريخه على 12. فيما اعلنت مستشفى الحريري، انّ مجموع الحالات التي شُفيت تماماً من فيروس «الكورونا» منذ البداية 43 حالة شفاء.
حسن
إلى ذلك، قال وزير الصحة حمد حسن: «ما زلنا في عين العاصفة وفي دائرة الخطر والإنزلاق سيكون سريعاً جداً إن لم نُدر المعركة جيّداً في مواجهة فيروس «كورونا». والإعتبارات كافّةً تسقط عندما نكون أمام نتيجة كارثيّة».
ولفت الى انّ الخطر يكمن في تحوّل الوضع إلى عدوى مجتمعيّة، وذاهبون إلى مرحلة ستبدأ يوم الأحد بالنسبة للبنانيين المغتربين، وهو تحدٍّ جديد. واقول للبنانيين، إنّ علينا أن نربح المعركة بإصرارنا اللامحدود».
يأتي ذلك بالتوازي مع الدعوات المتتالية للمواطنين بالالتزام بإجراءات الحماية المطلوبة، وهو ما عاد وشدّد عليه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي أسف خلال صلاة مسبحة الوردية امس، «لما نشهده من عودة الحركة في الطرقات والمؤسسات، الأمر الذي قد يتسبّب بانتشار الوباء»، مناشداً اللبنانيين التزام منازلهم. ومؤكّداً أنّ «الوضع حرج، وبالتكاتف والتضامن، يمكن تخطّي الأزمة».
الإشتباك
سياسياً، يبدو انّ الحكومة ما تكاد تخرج من قطوع، حتى تدخل في آخر، فبالامس ملف المغتربين، الذي كان قطوعاً صعباً تمّ تداركه في آخر لحظة بعد تلويح رئيس مجلس النواب نبيه بري بتعليق مشاركة وزيريه فيها، واليوم عودة متوترة الى قطوع التعيينات المصرفيّة المحتدم من جهة على خطي تيار المردة والتيار الوطني الحر، والمشتعل اكثر على ضفة الإعتراضات على التوجّه الذي تعتمده الحكومة، والذي بدا فيه انّ منطق المحاصصة السياسية، هو الغالب على كل الشعارات الإصلاحية التي رفعتها الحكومة.
المعارضة: فضيحة
على انّ الفضل في تنقّل الحكومة بين قطوع وآخر، يعود الى مكوناتها، التي يبدو انّها جعلت من الحكومة مكسر عصا، ومصيرها اسير لعبة التوازنات في داخلها. وعلى ما اكّدت مصادر سياسية معنية بالشأن الحكومي، فالحكومة نالت ثقة متواضعة من مجلس النواب، وبناءً على هذه الثقة، فإنّ كل مكوّن فيها يعتقد انّه بيضة القبّان في الحكومة يملك حق الفيتو، لا بل انّه يمثل شريان الحياة لها، تبعاً لحجم الثقة الهزيلة التي نالتها، والذي يجعله قادراً على الإبتزاز لرفع سعره وتحقيق اكبر قدر من المكاسب، تحت طائلة الخروج من الحكومة، وهذا معناه إنخفاض حجم الثقة، أي نسف الحكومة.
ويبرز في هذا السياق الاعتراضي، الإنتقاد المباشر الذي وجهّه البطريرك الراعي، بدعوته السياسيين الى «طي صفحة زمن المحاصصة والدخول في اطار التفكير بما فيه خير لبنان وشعبه».
وكذلك الإعتراض المتتالي على سلة التعيينات من قِبل تيار المستقبل، الذي اكّدت اوساط رئيسه سعد الحريري لـ«الجمهورية»، انّه «سينتظر ما سيصدر عن الحكومة ليبني على الشيء مقتضاه، بخطوات تناسب حجم الخطيئة التي تُرتكب». وايضاً من «القوات اللبنانية» والإعلان المتجدّد من قِبل رئيسها سمير جعجع، بأنّ هذه التعيينات تفتقر الى الروح الإصلاحية. وكذلك من رؤساء الحكومات السابقين، حيث اكّد احدهم لـ«الجمهورية»: «ان خطوة التعيينات بالطريقة التي يجري تحضيرها لن يتمّ السكوت عليها، ولن تمرّ كما يشتهون».
إصلاح فارغ
وقالت مصادر معارضة لـ«الجمهورية»: «كل يوم يقدّمون مثالاً صارخاً على انّ كل العناوين الاصلاحية التي اطلقوها مع تشكيل هذه الحكومة، ما هي الّا كلاماً فارغاً، والمعيب أنّ الطاقم الحاكم، وبدل ان يستنفر بأعلى طاقة ممكنة في مواجهة ما يتعرّض له اللبنانيون من ضائقة مالية، وما يتعرّض له المُودعون والموظفون من إذلال في المصارف، تُضاف الى الخطر الكبير المُحدق بهم جراء فيروس «كورونا»، فهذا الطاقم يُمعن في انتهاج ذات السلوك الذي اوصل البلد الى ما هو عليه، والذي تندرج في سياقه فضيحة التعيينات التي يقوم بها، على قاعدة المحاصصة السياسية المفضوحة، وبطريقة فوقية، تضرب عرض الحائط كل معايير الإصلاح والكفاءة، وتتعالى على كل المطالب التي رفعها شباب الثورة في انتفاضتهم على الطاقم السياسي الحاكم».
السراي
اوساط السراي الحكومي لا تعكس ارتياحاً لدى رئيس الحكومة حسان دياب حيال التصويب على الحكومة من جهات متعددة، الّا انّها عندما تُسأل عن ملف التعيينات تؤكّد لـ«الجمهورية»، انّ «من حق المعترضين ان يعترضوا، وايضاً من حق الحكومة ان تقوم بواجباتها».
التعيينات قائمة
وفيما أثار الاشتباك المتجدّد على التعيينات المصرفية علامات استفهام حول مصيرها في جلسة مجلس الوزراء اليوم، وما اذا كان التجاذب حولها سيدفع الى تأجيلها، كشفت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية»، انّ فكرة طُرحت امس، لسحب بند التعيينات من جلسة مجلس الوزراء اليوم، على اعتبار انّ طرحه في ظلّ الجو الخلافي القائم حوله، قد يؤزّم الامور اكثر، الامر الذي قد ينعكس بتداعياته السلبية الفورية على الحكومة التي لم تشفَ بعد من الاهتزازات التي تعرّضت لها الاسبوع الماضي بدءاً من تلويح فرنجيّة بالاستقالة، وبعده موقف الرئيس بري، الذي لوّح بتعليق المشاركة في الحكومة، ربطاً بملف المغتربين.
وعلى ما يبدو، فإنّ هذا الطرح لم يلق استجابة، حيث قالت مصادر وزارية معنية بهذا الملف لـ«الجمهورية»: «انّ اتمام التعيينات المصرفية ما زال مقرراً في موعده المحدّد في جلسة مجلس الوزراء. وحتى الآن لا يوجد اي تعديل او تغيير في جدول الاعمال».
وإذ اكّدت المصادر انّ هذه التعيينات في معظمها محلولة ولا اشكال عليها، ما خلا بعض المواقع التي ما زالت خاضعة للنقاش، بعد الاعتراضات التي ابداها الوزير سليمان فرنجية، اضافة الى انّ النقاش لم ينتهِ بعد حول اسم النائب الثاني (الدرزي) لحاكم مصرف لبنان، وانّ ما تردّد عن اسم فؤاد أبو الحسن ليس نهائياً حتى الآن، فيما حُسمت المواقع الأخرى، بحيث انّ الأرجحية هي لتعيين الدكتور وسيم منصوري كنائب اول لحاكم مصرف لبنان، وسليم شاهين كنائب ثالث والكسندر موراديان كنائب رابع. والامر نفسه بالنسبة الى مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان: كريستال واكيم، وايضاً بالنسبة الى لجنة الرقابة على المصارف: موفق اليافي، كامل وزنة، مروان مخايل، عادل دريك، فؤاد حداد. وكذلك اسم واجب علي قانصو، ربيع كرباج ووليد قادري في اسواق المال. واشارت المصادر، انّ وزير المال غازي وزنة سيتولّى طرح الاسماء المرشحة للتعيين استناداً الى المادة 18 من قانون النقد والتسليف، التي تُجيز له هذا الحق، وانّه في طرحه سيزكّي اسماً معيّناً ويضيف الى جانبه اسمين او ثلاثة اسماء، وذلك من اجل ان يكون الخيار اوسع.
ولفتت المصادر، الى انّ الاسماء «المحظوظة» ليست نهائية حتى الآن، اذ انّ التوجّه في مجلس الوزراء هو لاعتماد التصويت، والاختيار يتطلّب حصول الشخص المعني على ثلث الاصوات، لذلك من غير المضمون مسبقاً ان تحصل هذه الاسماء على الثلثين، وربما يتمّ اختيار غيرها تبعاً للتصويت الذي سيحصل.
ضمان الودائع
وفي سياق متصل، اشارت مصادر مطلعة، انّ وزير المال كان قد طلب في 11 آذار الماضي من المؤسسة الوطنية لضمان الودائع، تسمية ثلاثة اسماء بالنسبة الى ممثلي المؤسسة الوطنية لضمان الودائع في لجنة الرقابة على المصارف ، فتمّ اختيار كل من طوني نضرة شريري، وجوزف سركيس ومنير اليان، وجرى النص على ذلك في كتاب وُجّه الى الوزير في 18 آذار. الّا انّ وزير المال لم يوزع السيَر الذاتية على الوزراء لكل من سركيس واليان، في مخالفة واضحة للقانون رقم 28/ 67، فيما افادت معلومات بأنّه قد طلب من المؤسسة اصدار كتاب جديد يتضمن اسم مروان مخايل بدلاً من جوزف سركيس، وجوزف حداد بدلاً من منير اليان، وانّ رئيس مجلس الادارة المدير العام الدكتور خاطر ابي حبيب قد رفض ذلك.
تفهّم.. ولا تفهّم
في وقائع الاشتباك، علمت «الجمهورية»، انّ مطالبة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بحصة اضافية في التعيينات بما يرفعها الى اثنين، لقيت تفهّما لدى حلفائه، الّا انّ تلويحه بالاستقالة لم يكن مؤيّداً بالكامل من قبلهم.
وبحسب المعلومات، فإن اتصالات مكثفة جرت في الساعات الماضية ضمن المثلث المشكّل للحكومة، وتحديداً بين عين التينة و«حزب الله» والمردة، وبين الحزب والتيّار الوطني الحرّ، وكذلك على خط السراي الحكومي وبنشعي. الّا انّ هذه الاتصالات لم تصل الى ايجابيات ملموسة، بالنظر الى تمسّك طرفي الخلاف على التعيينات على موقفيهما.
المردة يتهم باسيل
الى ذلك، يؤكّد المطلعون على خلفيات موقف رئيس تيار المردة، انّ خيار الاستقالة من الحكومة جدّي جداً لدى الوزير فرنجية، والسبب الدافع الى رفع سقف الموقف الى هذا الحدّ هو التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل، عبر الإصرار على الاستئثار بالحصة المسيحية الكاملة تقريبًا في التعيينات المصرفية، يعني من اصل 7 مقاعد مسيحية، يريد الاستئثار بـ6. يعني انّه يريد ان يأكل البيضة وقشرها.
وبحسب هؤلاء، فإنّ اصرار فرنجية، على مقعدين من هذه التعيينات، لا ينطلق من خلفية تحقيق مكسب، بل تأكيد حق له وللجمهور الذي يمثله، وبالتالي لا يقبل ان يتمّ تذويبه بذات العقلية الاستئثارية التي ارخت بأضرارها على البلد بشكل عام وعلى العهد بشكل خاص، ومع ذلك ما زالت مستمرة بذات المنحى، وتريد حصر كل شيء بجماعتها، وترفض التنازل عمّا هو حق لغيرها.
ويؤكّد المطلعون على موقف المردة «انّ الكرة ليست في ملعب فرنجية، بل في ملعب من يصرّ على ان يلبس ثوب التعيينات وحده، والمقصود هنا النائب باسيل. الوزير فرنجية لا يطالب بأمور تعجيزية، بل بالحد الادنى من الحقوق، ومن موقعه كشريك اساسي في هذه الحكومة وليس كمالة عدد، وهذا الموقف ثابت، وليس مقبولاً أبدًا أن يتمّ تجاوز حقوق المردة، وان يستمر باسيل في حكم البلد على كيفه، كما لا نقبل بأن يأخذ البلد الى المكان الذي يريده».
وحول ما يتردّد عن إمكان سحب موضوع التعيينات من جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء المقرّرة اليوم، يلفت المطلعون الى «ان لا مشكلة في هذا المجال بالنسبة الى تيار المردة، فالعقدة الاساس موجودة لدى جبران باسيل، وعليه أن يحلّها».
فرنجية: لسنا كبش محرقة
وقال النائب طوني فرنجية لـ«الجمهورية»: نحن نضع آلية واضحة للتعيينات، ولكن ان لم يكن هناك وجود لمثل هذه الآلية فنحن نمثّل شريحة واسعة من المواطنين لا نقبل على الاطلاق ان يتم تجاهلها او تجاوزها. موقفنا هو انّ هذه الشريحة لا نقبل الّا ان تُنصَف، علماً اننا في الحكومات السابقة، كنّا مهمّشين وكانوا يسعون دائماً ليجعلونا كبش محرقة.
اضاف: الآن، اذا كانت هناك آلية واضحة فأهلاً وسهلاً، ولا نقبل ان نكون كبش محرقة على الاطلاق، كما لا نقبل للتعيينات ان يحتكرها فريق واحد».
وذكّر فرنجية بموقف رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، الذي اكد فيه انه «ما لم يتم الاتفاق على التعيينات المصرفية قبل جلسة مجلس الوزراء المحددة اليوم الخميس، والموافقة على حصتنا فيها، لن نشارك في جلسة يجري فيها تصويت شكلي نخسر بنتيجته».
وعما اذا كان خيار الاستقالة جديّاً، لفت النائب فرنجية الى «انّ موقف رئيس تيار المردة كان واضحاً لهذه الناحية، حيث اكد اننا من دون الاتفاق على حصتنا لن نشارك في الجلسة، ونستقيل من الحكومة في حال التصويت».
التيار
في المقابل، استغربت أوساط التيار الوطني الحر اتهامه بالاستئثار بالتعيينات، وسألت: «أين يكون ذلك حين يكون النواب الاربعة لحاكم مصرف لبنان ينتمون للسنّة والشيعة والدروز والارمن؟
ولفتت الاوساط الى «أنّ التعيينات المطلوبة في المراكز الشاغرة هي من صلاحية مجلس الوزراء»، وقالت: انّ التيار الوطني الحر معني بوصول اشخاص يمثلون تغييراً في النهج الذي اوصل البلاد للحائط المسدود.
وسألت ألاوساط: «الا يرون انّ هناك أطرافاً طالبت بالمحاصصة علناً، لا بل طالبت بتجاوز صلاحيات مجلس الوزراء من خلال طلب الاتفاق المسبق على الحصص؟». وقالت: نحن نتمسّك بمبدأ التمثيل النيابي، وإدارياً بمبدأ الاكثركفاءة وخبرة وجدارة، وهذه المعايير اعتمدناها اساساً من جهتنا عند تشكيل الحكومة الحالية، فأيّدنا وصول مستقلين على قاعدة الجدارة والخبرة.
وخلصت الاوساط الى القول: المهم بالنسبة الى التيار الوطني الحر هو تَولّي المناصب الشاغرة في مصرف لبنان ولجنة الرقابة، من اصحاب اختصاص يتمتعون بما يكفي من رؤية وقدرة للخروج من الازمة المالية والنقدية التي تسببت بها تراكمات سنوات طويلة من سياسات ثبت فشلها وتسبّبت بشِبه انهيار مالي ونقدي يدفع المواطنون ثمنه من ودائعهم التي يعجزون حتى عن التصرّف بها.
الى ذلك، قال مقرّبون من التيار الوطني الحر لـ«الجمهورية»: إنّ فرنجية يطالب بأكثر ممّا يمكن ان يحصل عليه، تبعاً لحجمه، في موازاة تكتل لبنان القوي، سواء في المجلس النيابي او في الحكومة. فهذا الحجم يجب ان يُراعى، فتكتل لبنان القوي يضم 27 نائباً بينما كتلة المردة 5 نواب، يعني 27 قسمة 5 يساوي 15 %، وقسمة 15 % على 6 تساوي 1، يعني حصة المردة 1 لا أكثر.
عون
وفي موازاة اتهامات المعارضة للحكومة باعتماد المحاصصة في التعيينات، قال عضو تكتل لبنان القوي النائب الان عون لـ«الجمهورية»: أمر طبيعي جداً في التعيينات، ايّ تعيينات، ان يكون هناك من يختار من بين الشخصيات المطروحة للتعيين، ويسمّي بعضها ويزكّيها في مجلس الوزراء. الّا انّ المهم هو ان تحترم في هذه التزكية معايير الكفاءة والخبرة، ولا تكون قائمة على مبدأ الزبائنية او ما شَاكل ذلك.
اضاف: كما انّ المهم هو ان يكون مَن تتم تسميتهم للمراكز الوظيفية على قدر من الكفاءة والخبرة، وان يعتمدوا في مواقعهم، وعلى وجه الخصوص المواقع المهمة، المهنيّة عنواناً لأدائهم وممارستهم وظيفتهم، ولا ان يعملوا بخلفية ان يكونوا دائماً أسرى لمَن سمّاهم.
ورداً على سؤال حول الخلاف القائم حالياً على التعيينات، قال عون: هذا الامر لا بد ان يُعالج، لأنّ الاولويات كثيرة ومُلحّة على كل المستويات، وينبغي على الحكومة ان تتفرّغ لمواجهتها.
حمادة
وفي سياق متصل، قال عضو اللقاء الديموقراطي النائب مروان حمادة لـ«الجمهورية»: لا علاقة لنا لا من قريب ولا من بعيد، لا بهذه التعيينات، ولا بالحكومة ولا بالمحاصصة التي تحصل. نحن نراقب، ولمّا بيصير ضروري المواقف والتحرك كل شي بيجي وقتو. الان الناس مهتمة بكورونا ولن نزيد عليها همّها.
خواجة
بدوره، حذّر عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجة «من انفجار الحكومة من الداخل لأننا لا نستطيع في هذه الظروف التي نعيشها تشكيل حكومة جديدة».
وقال خواجة لـ«الجمهورية» انّ قرار الحكومة المرتبط بمساعدات العائلات الاكثر فقراً جيد، ويمكن ان يشكّل جزءاً، لافتاً الى انّ اكثر من خمسمئة الف عائلة بحاجة اليوم الى مساعدات دورية.
ولخّص خواجة الازمة بثلاث نقاط: «امّا تحويل جزء من الاحتياطات الاساسية للمساعدة وتمرير قطوع هذه المرحلة، وامّا عودة المواطنين الى العمل او نذهب الى انفجار اجتماعي»، وفي الحالتين الاخيرتين نذهب الى مأساة كبيرة.
وعن الخطة التي أقرّها مجلس الوزراء لعودة المغتربين، اشار خواجة اننا نتابع هذه الخطة، وفي النهاية العبرة تبقى في التنفيذ، مع وضع اولويات تأخذ بعين الاعتبار وضع البعض كالمُسنّين وغيرهم.
مصير المصارف
في ملف القطاع المصرفي، برز ما كشفه لـ«الجمهورية» خبير مصرفي سبق وتبوّأ مركزاً رفيعاً في مصرف لبنان، إذ أكّد «انّ 6 مصارف على الأقل لا تتمتّع حالياً بوضع مالي سليم من حيث الملاءة والسيولة، لكنها محميّة سياسياً ولا يمكن ان تُوجَّه اليها اي اتهامات او انذارات. وبالتالي، في حال تمّ الاتفاق على إعادة هيكلة القطاع المصرفي، فيجب أولاً تصفية تلك البنوك، على أن يستحوذ عليها مصرف لبنان مقابل صفر دولار.»
وأوضح المصدر نفسه انّ «عملية الإنقاذ وإعادة هيكلة القطاع المصرفي تبدأان عبر شطب البنوك غير السليمة، والتي يعرفها مصرف لبنان. بالإضافة الى ذلك هناك 9 مجموعات مصرفية تملك 23 رخصة لمزاولة العمل المصرفي، يجب تقليصها الى 9 رخص، من أجل خفض اجمالي عدد المصارف الى حوالى 24 مصرفاً فقط، على أن يُصار لاحقاً الى تعيين مؤسسات دولية لتقييم وضع كلّ منها، وتحديد المصارف التي يمكن إنقاذها».
تعاميم
الى ذلك، علمت «الجمهورية» من مصادر وزارية انّ مصرف لبنان بصدد إصدار تعاميم جديدة للمصارف، وذلك بهدف تسهيل السحوبات للمواطنين.
واشارت المصادر انّ الاولوية هي لاستكمال البرنامج الاقتصادي للحكومة الذي يفترض ان يتبلور بصورته النهائية خلال فترة ليست طويلة، مع التركيز على مسألة هيكلة الدين، علماً انّ التقييم الذي تلقّاه لبنان من الدائنين بعد العرض الذي قدمه وزير المال غازي وزنة قبل ايام، هو الوضع اللبناني وما يتّصل بمسألة تعليق سداد سندات اليوروبوندز، كان تقييماً إيجابياً، وتلقّى لبنان رسائل مباشرة بهذا المعنى. وبالتأكيد، سيتم البناء على هذه الايجابية وصولاً الى مزيد من الايجابيات على هذا الصعيد.