كما كان متوقعا مددت الحكومة «التعبئة العامة» الى 26 نيسان، فيما لا تزال الخروقات كبيرة في بعض المناطق، والامال بالوصول الى «لقاح» قريبا لمواجهة «فيروس كورونا» بعيدة المنال حيث تشير الترجيحات الاولية الى انه لن يكون متاحا قبل عام، ما يطرح المزيد من التحديات في لبنان والعالم حول كيفية مواجهة المرحلة المقبلة مع تعذر الابقاء على الاغلاق التام للمرافق الاقتصادية في ظل ارتفاع منسوب البطالة وازدياد منسوب الفقر الذي تجاوز الخمسين بالمئة لبنانيا..وعلى الرغم من استقرار ارقام المصابين مع تسجيل 7 اصابات جديدة، ووجود مريضين بحالة حرجة، فان ثمة مخاوف جدية من حدوث انتشار مفاجىء خصوصا مع الارقام المقلقة شمالا وخصوصا في بشري التي دخلت ضمن منظومة «الاغلاق» غير المعلن، حيث سجلت خمس حالات جديدة بالامس بعد اجراء 25 فحصا جديدا، وبات عدد المصابين 52 واصبح ملحا زيادة فحوصات ال«بي. سي.آر» للوصول الى الارقام الحقيقة للاصابات، قبل الانتقال الى مرحلة جديدة من الاجراءات التي ستزداد تشددا لان كل المعطيات تشير الى ان الاسبوع المقبل سيكون حاسما وشديد الخطورة، مع اطلاق مرحلة اجراء الفحصوات العشوائية التي ستفضي الى الكشف الحقيقي عن حجم انتشار «الفيروس» في البلاد.. وهذه المرحلة الدقيقة لم تمنع استمرار «الاهتزازات» الحكومية على وقع ملفات كثيرة ليس آخرها التعيينات بالامس، وكذلك البيان المفاجىء للخارجية اللبنانية الذي استنكرت فيه «الاعتداءات» على الاراضي السعودية بعد الضربات الصاروخية من اليمن، فيما تبقى التعيينات المالية معلقة، وكذلك التشكيلات القضائية، فيما تزايدت النقاشات حول اتخاذ قرار ضمن الخطة الاقتصادية «باقتطاع» الاموال من الحسابات الكبرى وحماية 90بالمئة من ودائع المودعين، فيما استرجاع هؤلاء لاموالهم في «خبر كان» ولم يتردد رئيس الحكومة حسان دياب «برمي الكرة» في ملعب حاكم المصرف المركزي قائلا « لا اعرف متى يحصلون عليها اسألوا رياض سلامة»..
واذا كان نجاح الحكومة في ادارة «المعركة» مع «فيروس كورونا»، لا «غبار عليه»، ثمة عجز واضح حكوميا في تجاوز «الغام» المحاصصة التي عطلت كل اوجه الاصلاحات المطلوبة حتى الان، وفيما «يصرخ» الفرنسيون ساعدونا لنساعدكم في تجاوز الضغوط الاميركية المتصاعدة، ترتكب الحكومة المزيد من «الدعسات» الناقصة، غير المجدية «لاستجداء» العطف الخليجي الذي يزداد برودة مع مرور الوقت…
تمديد «التعبئة»..وعودة المغتربين؟
فبناء على توصية المجلس الاعلى للدفاع، اتخذت الحكومة قرارا بتمديد حالة التعبئة العامة حتى 26 نيسان الجاري، وطالبت الأجهزة العسكرية والأمنية كافة بمزيد من التشدد في الإجراءات وقمع المخالفات بما يؤدي الى عدم تفشي فيروس «كورونا»، وحتى الان لا توجد اي استراتيجية واضحة للمرحلة المقبلة التي يبدو انها ستطول، في ظل ضائقة اقتصادية، وغلاء في الاسعار، وعدم التزام المصارف..
في هذا الوقت، بلغ عدد الحالات المثبتة المصابة بفيروس كورونا 582 مع تسجيل 7 اصابات جديدة، واحدة للمغتربين، فيما سجلت خمس حالات جديدة في بشري، وبالنسبة لعدد الفحوصات المخبرية وصل عددها الى 11507. ولم تسجل اي حالة وفاة جديدة واستقر الرقم عند19 فيما تبقى حالتان في وضع حرج. وهذه المحصلة غير نهائية بانتظار نتائج الفحوصات على المغتربين اللبنانيين الذين وصلوا بالامس، من الدوحة، وفرانكفورت، واكرا، ولندن، بينما تصل الاثنين رحلة قادمة من باريس على متنها 121 راكبا، وكان لافتا اعلان رئيس الحكومة حسان دياب، انه سيتم تقييم المرحلة الاولى الاثنين، وسيتخذ القرار بعدها حول امكانية الاستمرار باستقدام المغتربين من عدمه، وذلك وسط تساؤلات عن القدرة في الاستمرار في استقدام مصابين في ظل الاوضاع التي يعانيها لبنان..
بشري والعزل؟
في هذا الوقت، يبقى قرار عزل قضاء بشري من عدمه في يد وزير الصحة حمد حسن الذي سيقرر ما يراه مناسباً بالاستناد الى تقارير مستشفى بشري الحكومي، خصوصا ان خمس حالات جددة سجلت بالامس بعد اجراء 25 فحصا مخبريا، واي قرار سيتخذ بعد إجراء المسح الشامل لمحيط الحالات المصابة بالكورونا من اجل إخضاع كل من خالط تلك الحالات لفحوصات سريعة تمهيداً لعزلها، وقد تم اعتماد استراتيجة تكثيف فحوصات كورونا مجانا لمحاصرة الوباء في القضاء حيث بدا اختيار العينات بدءا من عائلات المصابين وصولا الى محيطهم او الاشخاص الذين التقوا بهم مؤخرا..وبعد صدور النتائج «سيبنى على الشيء مقتضاه»..
المساعدات المالية الثلثاء
وفي سياق متصل، من المقرر ان يبدأ الجيش بتوزيع المساعدات المادية على العائلات المشمولة في المرحلة الاولى بعد عيد الفصح الثلثاء المقبل، وستتلقى كل عائلة مبلغ 400 الف ليرة ضمن لائحة تضم 180000عائلة تحتاج الى الاعانة..
نقاشات مالية…وخلافات سياسية
وفيما وزيرة الاعلام منال عبد الصمد صرحت ان مجلس الوزراء استمع الى عرض قدمه حاكم مصرف لبنان تناول فيه الاوضاع المالية والنقدية في البلاد»، مشيرة الى ان «الحكومة مسؤولة عن السياسة المالية، اكدت اوساط وزارية، ان جزءا من النقاشات التي حصلت في الجلسة بعد الاستماع الى رأي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، كان اقتراحات بشطب دين مستحق على الدولة لصالح مصرف لبنان بقيمة 15 مليار دولار..وهو امر استبعدت مصادر مطلعة حصوله، وفيما تستمر النقاشات حول اعادة هيكلة مصرف لبنان والمصارف، لا تزال توصية شركة «لازار» للاستشارات المالية، تحظى بمناقشات مستفيضة، بعدما طالبت بحماية 90 في المئة من اموال المودعين، الذين يملكون ما مجموعه 13 مليار دولار، مقابل اقتطاع 61 في المئة من الودائع التي تفوق قيمتها 100 الف دولار، والتي يبلغ مجموعها 102 مليار دولار. وفي المقابل تقدمت المصارف باقتراحات عديدة يتم درسها الان ومنها، تجميد الودائع لمدة محددة بفائدة صفر في المئة، والاستعاضة عن الاقتطاع بفرض ضرائب على الودائع او تحويل جزء من الودائع الى اسهم في المصارف..
«اسألوا الحاكم»؟
وفي دردشة مع الصحافيين قال دياب، «أننا حكومة عابرة للطوائف وعندما يحصل تبديل بمراكز الفئة الاولى فيكون وفق المداورة المعمول بها»، أما بالنسبة للتعيينات المالية، فقال: «يجب أن ننظر أولاً بالهيكلية الادارية ومن ثم نُعين،وأشار إلى أن «أزمة سعر الصرف مشكلة كبيرة تحتاج الى حل، اما بالنسبة للودائع المصرفية فقال دياب «كما سبق وقلت 90 بالمئة وما فوق من المودعين لن نمس بودائعهم في أي اجراءات مالية أما عن موعد حصول المودعين على أموالهم فاسألوا حاكم مصرف لبنان..
ووفقا للمعلومات، جرت نقاشات سياسية على هامش الجلسة الحكومية بالامس حول مبادرة وزارة الخارجية بخطوة اعتبرها بعض الوزراء «شيك بلا رصيد» اتجاه السعوديين من خلال اصدار الوزير حتي بعد التشاور مع رئيس الحكومة حسان دياب، بيانا استنكاريا للهجمات «الصاروخية التي تعرضت لها المنشآت المدنية في مدينتي الرياض وجيزان في المملكة العربية السعودية، واعتبرتها تعديا صارخا على السيادة الوطنية لدولة شقيقة وانتهاكا للقانون الدولي وعرضت سلامة المدنيين الآمنين للخطر…
المملكة لن تراجع سياستها
وفيما لم يقدم رئيس الحكومة اي اجابة تبرر البيان، تتساءل اوساط سياسية بارزة عن خلفيات هذه الخطوة في وقت لا تزال الاتصالات مقطوعة بين السعودية وبعض دول الخليج مع دياب الذي سبق وطلب مواعيد في اكثر من عاصمة عربية قبل «جائحة» «كورونا»، ولم «يرن» هاتف السراي الحكومي لا من «رقم خارجي او داخلي»، وبقيت الاتصالات مقطوعة مع تلك العواصم ومع السفارات الخليجية في بيروت، ولا شيء تغير حتى الان، بل زاد المشهد قتامة بعد التشدد المتجدد من قبل مجموعة الدعم الدولي في اجتماع بعبدا يوم الاثنين الماضي…وسط تجديد السعودية التاكيد عبر اوساطها في بيروت ان المملكة ليست في صدد مراجعة سياساتها اتجاه لبنان في هذه المرحلة..
«مغامرة حكومية»؟
ووفقا لتلك الاوساط، ثمة «مغامرة» حكومية كبيرة في الخروج من حالة «الناي عن النفس» في الحرب اليمنية لان الانحياز في هذا الملف سيخلق «توترات» مستقبلية داخل مكونات حكومة «مواجهة التحديات»، واذا كان حزب الله غير راغب الان في اثارة «الغبار» حول هذه المسألة الشديدة الحساسية، انسجاما مع الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وفي ظل انحيازه الكامل للدفاع عن «الظلم» الذي يتعرض له الشعب اليمني، فان هذه المسألة التي حاول رئيس الحكومة «التخفيف» من وقعها عبر «وسطاء» طالبوا تفهم موقفه في هذه المرحلة، قد لا تمر مرور الكرام في مرحلة لاحقة، لانها ستكون مثار انقسام جدي، خصوصا ان الخارجية باتت مطالبة الان بادانة ما يتعرض له اليمن من اعتداءات في ظل التصعيد غير المسبوق في غارات «التحالف العربي» على اكثر من محافظة يمنية.. لكن لا تبدو الخارجية في وارد زيادة التوتر مع السعوديين الذين لا يزالون غير مكترثين بالاوضاع اللبنانية، ولم يرسلوا اي اشارة تفيد عكس ذلك، ما يطرح اكثر من علامة استفهام حول جدوى هذه «الدعسة الناقصة» حكوميا؟ فيما تحتاج اكثر من اي يوم مضى الى التضامن الذي اهتز قبل ايام على وقع الخلاف على التعيينات، وتجدد الامر بالامس، ولم يجد رئيس الحكومة يومها دعما الا من حزب الله الذي لعب دور «الاطفائي»…
استمرار التشدد الاميركي
وتلفت تلك الاوساط، الى ان «مغازلة» السعودية لن تجدي نفعا لان القرار يبقى في واشنطن، فالاميركيون لا يزالون عند موقفهم المتشدد من تقديم العون ولا يسمحون لاي جهة بالقيام بالامر، والتجربة مع باريس خير دليل على ذلك، حيث احبط البيت الابيض كل مساعي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في التخفيف من الشروط السياسية والاقتصادية على لبنان، ولا تزال الادارة الاميركية مصرة على ربط اي مساعدة بالاصلاحات والحد من نفوذ حزب الله.. واذا كانت الحكومة الحالية عاجزة عن ارضاء واشنطن في ملف الحزب، الا ان المفارقة حتى الان تبقى في عدم مساعدة الفرنسيين في ايجاد «ثغرة» تساعدهم على تجاوز الضغوط الاميركية، وكان واضحا «السخط» الفرنسي الذي يتحدث عنه السفير في بيروت برونو فوشيه امام زواره لجهة تأخر الحكومة في تقديم اي شيء ملموس في هذا السياق، فلا التعيينات المالية حصلت، والتشكيلات القضائية لا تزال عالقة، فيما تأخرت الخطة الاصلاحية، وثمة اسئلة عن الخطة الكهربائية؟ وعن اسباب التأخر بتعيين هيئات ناظمة لقطاعي الاتصالات والكهرباء، مع العلم ان الفرنسيين طالبوا اللبنانيين بتمرير هذه الاصلاحات كي يحاولوا «الافراج» عن اموال «سيدر»، وبات «شعار» الفرنسيين الصريح والواضح «ساعدونا لنحاول مساعدتكم» ارجوكم «قدموا الحد الادنى من الالتزام بالإصلاح»، وهو امر طرحه بوضوح السفير الفرنسي على المسؤولين وتمنى عليهم البدء بالاصلاحات…
اذا لم ينفع لن يضر..؟
في المقابل ترى اوساط سياسية مطلعة، انه لا يجب لوم رئيس الحكومة على اي خطوة تساعد لبنان على النهوض من ازماته، خصوصا ان لا قدرة له وحده علىالنهوض من «الكوارث» المالية والصحية والاجتماعية، وهو بحاجة الى المساعدة العاجلة قبل فوات الاوان، فالحكومة تحاول اصلاح سياسات خاطئة تراكمت على مدى ثلاثين عاما بفعل السياسات الخاطئة التي مارسها اهل السلطة الذين لا يزالون يعملون من «وراء الستار» للحفاظ على مكتسباتهم، وعرقلة مساعي الحكومة الانقاذية، وبرأيها لن يتضرر لبنان من موقف سياسي مبدئي رافض للتعرض للمدنيين اينما وجدوا، واذا لم ينفع الموقف في ارضاء السعوديين الذين اعترضوا دائما على غياب الموقف اللبناني من تعرض اراضيهم للقصف، فهو لن يضر، وفي نهاية الامر ليس الا موقف سياسي لا مفاعيل تنفيذية له، وتبقى اهميته انه صادر عن حكومة متهمة خليجيا انها تابعة لحزب الله، وهذا الموقف قد يترك انطباعا جيدا في مكان ما، ومن المستبعد ان يترك انعكاسات سلبية على «التماسك» الحكومي، لان دياب يراهن على «تفهم» حزب الله وتقديره لصعوبة المرحلة..؟
خلاف على التعيينات ؟
وفي خطوة تعكس استمرار الانقسام حول التعيينات اعترض وزراء «المردة» ووزراء «الثنائي الشيعي» على تعيين مجلس الوزراء جاكلين بطرس رئيسة لإدارة الموظفين في مجلس الخدمة المدنية، وأحمد الحجار مفتشاً عاماً هندسياً، ومخايل فياض مفتشاً عاماً إدارياً في التفتيش المركزي.
وقد اعترض الوزراء عماد حب الله، وعباس مرتضى، وغازي وزني، وميشال نجار، ولميا يمين، على التعيينات الثلاثة، لعدم وجود عدة أسماء للاختيار بينها، وقبل اقرارآلية للتعيينات، لكن رئيس الحكومة اصر على توضيح آلية التعيين التي تتمتع بالخصوصية في ما خص الهيئات الرقابية والتي تحكمها قوانينها الخاصة، لكن هذا لم يؤد الى تراجع الوزراء عن اعتراضاتهم..