تشهد الساحة السياسية توترا شديدا تجاوز سقف الاوضاع التي فرضها وباء كورونا خصوصا من قبل اطراف المعارضة التي رفعت وتيرة خطابها ضد الحكومة خصوصا بعد عودة الرئيس سعد الحريري من باريس وما رافق ذلك من مواقف وسجالات ساخنة.
وتقول المعلومات ان الاتصالات والمشاورات التي جرت بين بعض اطراف المعارضة تمحورت حول فكرة تعزيز التنسيق بينها وبلورة اطار او برنامج في وجه الحكومة للضغط عليها واسقاطها، وتضيف المعلومات أن المعارضة وبدعم أميركي واضح تتحضر لاعلان ساعة الصفر لمواجهة الحكومة في الشارع واسقاطها تحت عناوين معيشية واقتصادية.
وقالت مصادر قريبة من هذه الاطراف ان اجواء الاتصالات جيدة مشددة على ان هناك نقاطا عديدة تجمع بينها ابرزها ما يتعلق بخطة الحكومة الاقتصادية والمالية وتخبطها في انجاز مشروع واضح منذ تأليفها وحتى الان.
وفي المقابل اكد مصدر سياسي ينتمي لأحد المكونات السياسية الداعمة للحكومة ان تصعيد بعض الاطراف في هذا الظرف الصعب والدقيق هو تصعيد سياسي ولأهداف سياسية وليس من اجل الدفاع عن الفئات الفقيرة والمتوسطة مشيرا الى ان الازمة التي نشهدها هي وليدة سياسة الحكومات السابقة ولا يجوز ان نحمل الحكومة وزرها.
لكنه اضاف بأن المطلوب ان تسرع الحكومة في انجاز الخطة الاقتصادية والمالية لقطع الطريق امام مثل هذا التصعيد ولوضع البلاد على سكة مواجهة الانهيار الحاصل.
ورأى المصدر ان التصعيد الذي نشهده من بعض الاطراف لإسقاط الحكومة هو امام طريق مسدود في الوقت الحاضر مشيرا الى نجاح الحكومة رغم كل التراكمات في مواجهة وباء كورونا وتداعياته.
وتتجه الانظار غدا الى الاونسكو حيث يعقد مجلس النواب جلسة نادرة في تاريخ المجالس النيابية اللبنانية خارج البرلمان بسبب كورونا ووجوب اعتماد الاجراءات اللازمة ومنها التباعد بين مقاعد النواب.
وتتوقع مصادر نيابية مطلعة ان تشهد الجلسة حماوة في ظل الظروف القائمة لكن الرئيس نبيه بري سيسعى كالعادة لاحتواء هذه الاجواء وادارة الجلسة التشريعية في اطار منظم لمناقشة واقرار جدول اعمال موسع يتضمن مشاريع واقتراحات قوانين تتعلق بالشأن المالي والاقتصادي والاصلاحي وبتداعيات ازمة كورونا ونتائجها.
ولم يتضح امس ما اذا كان هناك نواب او كتل ستقاطع الجلسة مع العلم ان الاجواء التي سجلت تؤشر الى انعقادها في موعدها اي غدا وتمتد الى الاربعاء وربما الخميس.
وعشية هذه المواجهة المتوقعة بين الحكومة والمعارضة على هامش الجلسة التشريعية لوحظ عودة الاعتصامات والتحركات في الشارع في طرابلس وتعلبايا وسعدنايل وصيدا رغم المخاطر الناجمة عن مثل هذه المظاهر في ظل فيروس كورونا، ولوحظ استهداف متظاهرين منزل رئيس الحكومة حسان دياب في تلة الخياط والاعتصام امامه ليومين متتاليين.
وردد متظاهرون في طرابلس شعارات وهتافات ضد الرئىس حسان دياب الامر الذي جعل اوساط حكومية تقول ان تسجيل مثل هذه المظاهر مع عودة الحريري ليس بريئا وان هناك تحريضاً واضحاً يجري عبر المواقف او بعض الانصار لاستهداف الحكومة.
واضافت هذه الاوساط ان هناك تحركات عفوية سجلت نتيجة تفاقم الوضع المعيشي والاقتصادي وهذا موضع اهتمام واحترام لكن بعض التحركات غير عفوية وتعكس توجهات سياسية واضحة.
القوات تعلن الاستنفار السياسي
هذا وقالت مصادر قيادية في «القوات اللبنانية» لـ «الديار» ان الازمة المالية بلغت مستويات متقدمة وخطيرة فيما لا خطة مالية حتى اللحظة لمواجهة هذه الازمة والتأخير في اعلان الخطة وترجمتها غير مبرّر على الاطلاق ويدل بوضوح على رفض الاكثرية الحاكمة اللجوء الى اجراءات اصلاحية تحدّ من مصالحها ومنافعها ومكاسبها على حساب الدولة والشعب اللبناني.
ورأت المصادر نفسها ان لا خروج من الازمة سوى من خلال اجراءات سريعة وفورية تبدأ من اقفال المعابر غير الشرعية وضبط المعابر الشرعية وانهاء ملفي الكهرباء والاتصالات وفسخ عقود التوظيفات غير القانونية والتوظيفات الانتخابية والتنفيعية وضبط الوضع الجمركي وتغيير الادارة فيه ومجرّد لجوء الحكومة الى هذه الخطوات تنتزع ثقة صندوق النقد الدولي الذي يبدأ بمساعدة لبنان وكل ما تتطلبه هذه الخطوات وجود قرار سياسي فيما هذا القرار غير موجود بسبب تمسك الاكثرية الحاكمة بمنافعها السلطوية.
ووضعت المصادر القيادية في «القوات اللبنانية» اللقاء مع الاشتراكي في سياق التواصل المستمر خاصة ان المشترك بينهما يتمحور حول العناوين الاستراتيجية ومصالحة الجبل كما ضرورة رفع منسوب التنسيق في المرحلة المقبلة ربطا بالازمة المالية التي تستدعي الاستنفار السياسي بعدما وصل اكثر من نصف الشعب اللبناني الى ما دون خط الفقر.
غلاء الاسعار وارتفاع الدولار
على وقع غليان الاسعار وفلتان سعر الدولار في السوق السوداء الذي بلغ امس الاحد الـ3400 و3350 ليرة لبنانية للبيع والشراء، تؤكد اوساط مالية لـ «الديار» ان اتصالات جرت بين رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لايجاد حل سريع لمشكلة نقص الدولار وان يعمد مصرف لبنان الى ضخ سيولة نقدية بالدولار للبنوك والصرافين على ايام عدة للتحكم بسعر الصرف والذي يتوقع ان يبدأ صباح اليوم بسقف الـ3400 ليرة على ان ينخفض تدريجياً الى 3300 و3000 ليرة بعد يومين.
الرغيف ووقف اضراب الافران
وفي وسط هذه الفورة المالية والمعيشية وتفلت سعر الدولار، تؤكد مصادر في 8 آذار ان «الثنائي الشيعي» رفض رفضاً قاطعاً المس بلقمة الفقير وخصوصاً رغيف الخبز.
اذ منذ يومين، اعلن اتحاد نقابات المخابز والافران في لبنان وعلى لسان نقيبه الجديد علي ابراهيم ان الافران توقفت عن تسليم الخبز وتوزيعها في المناطق وتكتفي بالبيع داخل الصالات».
وبعد سعيها الى اذلال اللبنانيين بالرغيف ولا سيما في الارياف والمحجورين في منازلهم بسبب الكورونا والتعبئة العامة، صدر بيانان عن بلديتي الغبيري، والعباسية انهما ستعاقبان الافران ضمن نطاقهما التي لا تبيع الخبز حسب القوانين».
ووفق المصادر فإن «الثنائي» مارس ضغطاً على الاتحاد والنقيب ابراهيم لمصلحة الناس ونصحا بالحوار مع الجهات المعنية في الدولة لضمان حقوق الافران والمواطنين أما اذلال الناس بالرغيف في ظل «كورونا» واي ظرف آخر خط احمر.
وامس أعلن اتحاد نقابات المخابز والافران في لبنان، تعليق قراره بوقف توزيع الخبز على المناطق اللبنانية حتى إشعار آخر.
وجاء في بيان الاتحاد: منذ اعلان اتحاد نقابات المخابز والافران في لبنان التوقف عن توزيع الخبز على المناطق اللبنانية كافة، كثرت الاتصالات والتدخلات من جهات وهيئات سياسية ونقابية واجتماعية لمعالجة أزمة الخبز. ونزولا عند رغبة هذه الجهات والهيئات وتمنياتها على الاتحاد بضرورة تأجيل تنفيذ قراره هذا ريثما تنتهي الاجتماعات مع وزارة الاقتصاد والتجارة، قرر الاتحاد تعليق قراره بوقف توزيع الخبز على المناطق اللبنانية حتى إشعار آخر.
ولاحقاً اعلن النقيب الجديد ابراهيم استقالته من الاتحاد احتجاجاً على التراجع عن القرار وعدم رفع سعر ربطة الخبز.
وقال في حديث متلفز : «بسبب الإجحاف الحاصل، مشيراً إلى أنه غدا (اليوم) سيتقدم بها رسمياً، معتبراً أن رفع سعر ربطة الخبز حق شرعي».
الحراك الى الشارع مجدداً!
وبعد 100 يوم مرت على اعلان حكومة الرئيس حسان دياب، وفي ظل التدهور المالي والاقتصادي الحاصل، دعت كل ساحات «ثورة 17 تشرين الاول»، الى مسيرات سيارة يومي الثلاثاء والاربعاء المقبل في نقاط حددتها ومن ضمن الالتزام بقرار المجوز والمفرد حتى لا تكون ذريعة لوزير الداخلية لقمع التظاهرات.
ويشرح بيان صادر عن «الثوار» ان مشروع المسيرات السيارة هو لكل المناطق ويجمع كل ساحات الثورة اينما كانت. ويلفت الى ان الثوار اوقفوا كل تحركاتهم بسبب فيروس «كورونا» ولحماية انفسهم واهلهم من الوباء، ولكن ما يجري اليوم وفي ظل التطورات الاخيرة المتسارعة، ووصول الدولار الى ارقام مرتفعة، والجوع بدأ يدق معظم الطبقات وبظل عدم تحرك الحكومة للتخفيف عن المواطن او التحرك بقمع الغلاء المتفشي. ويضيف: وبعد نجاح نزول الثوار الى العدلية ووزارة الاقتصاد، اقترح معظم الثوار على صعيد لبنان القيام بعمل تحرك سيار يؤكد من خلاله على ان الثورة مستمرة وان الموت بالشارع وبكرامة افضل بكثير من الموت من «الكورونا».
جديد وباء الكورونا
أما في موضوع المواجهة لأزمة كورونا، فإن المعطيات التي حملتها تقارير وزارة الصحة العامة ومستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي، أمس، بدت مشجعة لجهة الأثر الملموس الذي حملته حملات تكثيف إجراء الفحوصات في المناطق بما يساعد كثيراً على بلورة شاملة للوضع الوبائي في وقت قريب، كما أن الإصابات التي زادت امس 6 لتبلغ 678 وتراجع الحالات الحرجة وعدم تسجيل حالات وفاة جديدة لمقيمين تجعل الوضع مستمراً تحت السيطرة من دون أن يعني ذلك التهاون حيال الاستمرار في التقيد بموجبات الحجز المنزلي.
وقال وزير الصحة حمد حسن ان نتيجة الامس هي ايجابية ومشجعة لكن لا يمكن البناء عليها بشكل نهائي ونحتاج الى الاسبوعين المقبلين لتقييم نهائي بشأن فيروس كورونا.
واضاف ان الثمن الذي ندفعه هو قليل جدا قياسا بالدول التي استخفت بالوباء داعيا الى الاستمرار بالاجراءات الاحترازية والوقائية والتعبئة العامة.
واجرى وزير الداخلية تعديلا طفيفا في منع التجول قضى بأن يمتد من الثامنة بدلا من السابعة مساء الى الخامسة صباحاً.