يبقى «الغموض» سيد الموقف في البلاد وسط تخبط غير مسبوق في ادارة المرحلة بعد سقوط «الهدنة» غير المعلنة بين القوى السياسية المتورطة بغالبيتها في افقار اللبنانيين الغارقين في أزماتهم الاقتصادية المتلاحقة حيث لم يحدث في التاريخ ان يكون هناك في دولة «طبيعية»5 اسعار لصرف الدولار في السوق، فيما اسعار السلع تاكل من قيمة الرواتب التي باتت بلا قيمة. وامام استمرار تقاذف المسؤوليات بين السلطة «والمعارضة» عاد الحراك الى «الشارع» بعنوان «الجوع» الذي يستغل ايضا في معركة «تصفية الحسابات» السياسية بين قوى تخشى على امتيازاتها، ولا تملك اي استراتيجية واضحة للخروج من الازمة الراهنة في ظل «التفليسة» القائمة، خصوصا ان من خرج من «جنة» السلطة لا يريد ان تتم محاسبته من قبل من يعتبرهم شركاء في «الجريمة»، وما يريده هؤلاء «طي الصفحة»، وغير ذلك يرون فيه انقلابا، اما جزء من فريق السلطة اليوم فلا يريد ان يذكره احد انه كان شريكا في «تسوية» رئاسية زادت من خراب البلاد، ويريد «غسل يديه» من كل موبقات السنوات الثلاث الاخيرة، فيما فريق ثالث اختار ان يكون «شريكا» مضاربا، اي «اجر بالبور واخرى في الفلاحة»، تحت عنوان الحفاظ على البلاد، فيما يراعي فريق رابع مؤثر التوازنات على قاعدة عدم «وقوع «الهيكل» فوق رأس الجميع، واذا كان الفريق المعارض يعترض على تحويل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى «كبش محرقة»، ويتهم التيار الوطني الحر بالسرقة من «بوابة» وزارة الطاقة، فيما لا يقصر الفريق الحاكم في اتهاماته لشركاء التسوية بنهب البلد، يبقى القضاء الغائب الحقيقي عن المشهد لان ما يقال يشكل «اخبارات» بالجملة لكن لا «حياة لمن تنادي»..
في هذا الوقت، اختلطت السياسة «بالجوع» في مشهد قطع الطرقات بالامس، ففيما تتهم السلطة المعارضة بتحريك «الشارع»، تحرك عدد من المتظاهرين في اليوم الاول لبدء تخفيف «التعبئة» احتجاجا على الارتفاع الجنوني بالاسعار، وحصلت عمليات «كر وفر» طوال يوم امس على أوتوستراد الزوق، وفي جبيل، والناعمة، وطريق البيرة في عكار، وبرالياس وطريق تعلبايا، وشمالا، في دير عمار عند البلدية وطريق البداوي والمحمرة، وعلى الرينغ وفي ساحة الشهداء، وتدخل الجيش لفتح هذه الطرقات ودعا في بيان المتظاهرين إلى عدم قطع الطرقات والتعدي على الأملاك العامة والخاصة، مؤكدا احترام حق التظاهر.
الحريري «والانقلاب» على الطائف؟
وتستعد القوى السياسية المعارضة للجولة جديدة من «الكباش»، وبدأ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري اعداد العدة عبر لقاء جمعه مع رؤساء الحكومات السابقين، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، وتمام سلام وتم الاتفاق على عقد اجتماع آخر في اليومين المقبلين لاتخاذ الموقف المناسب من المواضيع الملحة،كما استقبل السفير الفرنسي برونو فوشيه وبحث معه التطورات الراهنة، ووفقا للمعلومات طالب الحريري السفير الفرنسي بضرورة التدخل «لعقلنة» الحكومة اللبنانية التي تدفع الامور نحو مواجهة «قاسية» في «الشارع» بفعل ما اعتبره الحريري سياسة «كيدية» للاقتصاص من فريقه السياسي، وقد لفت الحريري الى ان ما يحصل هو انقلاب على «الطائف» بالممارسة، وهو امر لن يقبل به تيار المستقبل على الاطلاق، متهما رئيس الجمهورية ميشال عون بمحاولة الاستقواء على رئيس الحكومة «الضعيف» بعدما انقلب على معادلة «الاقوى» يحكم في طائفته حيث وصل الى الرئاسة عبرها، والان يريد استضعاف موقع رئاسة الحكومة، وهو ما سيؤدي الى انفجار في الشارع.
وقد وعده فوشي باجراء الاتصالات اللازمة للتهدئة، علما انه نقل كلاما غير تصعيدي عن الوزيرالسابق جبران باسيل الذي التقاه قبل ايام….
من ربح «الجولة»؟
وفيما بدأت المعارضة تروج عن ربح «جولة» من خلال عجز مجلس الوزراء عن اتخاذ قرار بإقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري المحذّر من تداعيات أي إقالة عشوائية في هذا التوقيت، وبعد موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الرافض للقرار، لفتت اوساط وزارية الى ان القرار لم يكن متخذ اصلا لكي يجري الحديث عن تراجع، او عن رابح وخاسر.
من المسؤول؟
وفي هذا السياق، تشير اوساط سياسية مطلعة الى ان الحكومة امام تحد كبير لعدم الوقوع في الاستنسابية في معالجة مكامن الفساد، والسؤال كيف ستتم المحاسبة اذا كان «شركاء السلطة» غطوا الاستدانة من مصرف لبنان، وافلسوا الخزينة، واقروا «قنبلة» سلسلة الرتب والرواتب، واهدروا الاموال على الكهرباء والبواخر؟
«فلتان» الدولار وتدخل «المركزي»؟
في غضون ذلك، يقوم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتقديم جردة حساب عبر بيان سيتلوه الاربعاء عبر الفيديو ليصارح اللبنانيين بالوقائع والارقام عن الاسباب التي اوصلت الوضع المالي الى ما وصل اليه.وسيتضمن البيان ارقاما عن تطور الدين العام، وعن النفقات التي سجلت دون واردات، وابرزها سلسلة الرتب والرواتب.
من جهتها، أوقفت قوى الأمن الداخلي أكثر من 10 صرّافين لم يلتزموا بتنفيذ مضمون تعميم المصرف المركزي الذي أصدره في محاولة لضبط الوضع، طالباً من مؤسسات الصرافة كافة التقيّد استثنائياً بحد أقصى لسعر بيع الدولار مقابل الليرة اللبنانية هو 3200 ليرة لبنانية تحت طائلة تطبيق العقوبات القانونية والإدارية. إلا أن هذا التعميم لم يُترجَم على الأرض، وتكرّر السيناريو الذي حصل منذ نحو شهرين، فتمّ التداول بالدولار بسعر 4 آلاف وأكثر، فعمدت القوى الأمنية إلى توقيف الصرافين غير المرخصين، والصرافين المرخصين الذين يخالفون هذا التعميم وختم محلاتهم «بالشمع الأحمر»، لكن المفارقة الاساسية تكمن في وجود 5 اسعار للدولار في السوق، السعر الرسمي 1515، والسعر لدى الصرافيين الرسميين لامس الـ 4الاف ليرة، وتجاوز السعلر الـ4 الاف لدى الصرافين غير الرسميين، اما السعر الرابع فهو اعتمد من قبل المصارف لصغار المودعين وهو 2600 ليرة، ويبقى السعر الخامس فهو المخصص لصرف التحويلات من الخارج عبر مؤسسات التحويل المالي الذي كان بالامس 3600ليرة.
5 مليون دولار يوميا
وعلم في هذا السياق، ان مصرف لبنان سيتدخل يوميا بمبلغ يوازي 5 مليون دولار لمحاولة ضبط السوق، وسيتم تأمين هذه المبالغ من اموال التحويلات الخارجية وليس من احتياطات المصرف المركزي، لكن مصادر مالية شككت في نجاح هذه الخطوة في ظل غياب الثقة واشتعال المواجهة السياسية في البلاد، وعودة «الشارع» الى التحرك، وهي امور تزيد من مخاوف اللبنانيين ما سيزيد من الضغوط على الليرة.
جلسة حكومية «نارية»
في هذا الوقت، تتجه الانظار الى جلسة الحكومة اليوم وستطرح وزيرة العدل ماري كلود نجم مسودة قوانين لمواجهة الفساد امام مجلس الوزراء، وقد ادخلت عليها تعديلات بالامس خلال مناقشتها امام لجنة مكافحة الفساد، حيث اتخذت قرارات بتدابير ادارية تواكب القوانين التي ستقر، وابرزها استعادة الاموال المنهوبة، وقد جرى نقاش معمق في دور وتفعيل الاجهزة الرقابية، واتخذ القرار باطلاق يد التفتيش المركزي. وفي هذا السياق، غردت وزيرة العدل ماري كلود نجم عبر حسابها على تويتر قائلة: 8 تدابير آنية وفورية من صلب التشريعات القائمة تقدمت بها لمكافحة الفساد واستعادة الاموال ستكون امام مجلس الوزراء اليوم…
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اكد أن «أي تصد لآفة الفساد لا يمكن أن يكون ظرفيا أو جزئيا أو انتقائيا أو استنسابيا، كي لا نقع في المحظور الأخطر المتمثل بعدم المساواة في المساءلة بين المفسدين والفاسدين من جهة، وتسلح هؤلاء بالمرجعية الروحية أو السياسية للتفلت من تلك المساءلة». وشدد عون على «ضرورة استهداف الفساد السياسي بصورة خاصة وعدم التركيز فقط على الفساد الإداري على خطورته. من جهته اعتبر دياب «أن الفساد في لبنان يتمتع بحماية السياسة والسياسيين، والطوائف ومرجعياتها»، وقال: «على الرغم من الفساد الذي تسلل إلى كل شريان في الدولة، ليس هناك فاسد تمت محاسبته، إلا من كان مرفوعا عنه الغطاء، أو تمرد وفتح على حسابه». وأكد على أن «هذه الحكومة، أخذت على عاتقها مكافحة الفساد».
التحويلات المالية
ومن الملفات «الملتهبة»، سيكون ملف التحويلات المالية على «الطاولة» من جديد، بعد ان رد مصرف لبنان طلب الحكومة قبل اسابيع من خلال تاكيده ان لا شبهات على التحويلات المالية بعد 17 تشرين الاول، ولذلك سيلجأ مجلس الوزراء اليوم الى اقرار مشروع قانون لاسترداد التحويلات المقدرة بنحو 5مليارات دولار، لانها كانت استنثابية، ولا علاقة لها بالسرية المصرفية، وجرت خلال اقفال المصارف لابوابها، وسيكون الهدف من مشروع القانون هو اعادة هذه الاموال من الخارج، بعد ثبوت ان معظمها يعود الى سياسيين ومساهمين في المصارف.
لا صلاحيات للحكومة؟
من جهتها تؤكد اوساط مصرفية ان هذه التحقيقات من صلاحيات النيابات العامة، وتطرح تساؤلات جدية حول مدى قانونيتها، خصوصا في ما يتعلق بصون السرية المصرفية واحترام مبدأ الفصل بين السلطات، وقد سبق لهيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان ان تحركت واقفلت الملف.
اين اصبح «كورونا»؟
وفي وقت دخلت اجراءات التخفيف من حال التعبئة حيز التنفيذ تدريجيا امس، أعلنت وزارة الصحة العامة، تسجيل 3 إصابات جديدة بفيروس كورونا (من اصل 1540 فحصا) ما يرفع العدد الإجمالي إلى 710 واعلن وزير الصحة العامة حمد حسن «إرجاء حملات إجراء الفحوص من عينات في مختلف المناطق، التي كانت مقررة امس، إلى اليوم بسبب اقفال الطرق. وأمل أن «يتم تحييد عمل هذه الفرق عن أي تحركات مستقبلية محتملة نظرا لضرورة عملها في تقييم واقع الوباء في لبنان.
استكشاف النفط؟
أعلن وزير الطاقة والمياه ريمون غجر أن النتائج الأولية للحفر في المياه البحرية اللبنانية في الرقعتين 4 و9 بداية العام 2018 أثبتت وجود الغاز على أعماق مختلفة داخل الطبقات الجيولوجية التي اخترقتها البئر في المنطقة الجيولوجية المحاذية للساحل اللبناني مما يجعل من هذه المنطقة منطقة جيولوجية واعدة، لكنه لم يتم التحقق من وجود مكمن غازي. واعتبر غجر أن البئر الاستكشافية الاولى حققت أحد الأهداف الأساسية المرسوم لها وهو التأكد من طبيعة الطبقات الجيولوجية واوجه التشابه والاختلاف بينها وبين ما هو موجود في الحوض المشرقي مما يعزز فهمنا للواقع الجيولوجي لجزء من البحر اللبناني.