الرئيسية / صحف ومقالات / الأخبار : رياض سلامة يتآمر على الاستقرار : هل انطلق الانفجار الاجتماعي من طرابلس؟
الاخبار

الأخبار : رياض سلامة يتآمر على الاستقرار : هل انطلق الانفجار الاجتماعي من طرابلس؟

هل بدأ الانفجار الشعبي من طرابلس؟ ما كان متوقعاً ظهرت بوادره الاولى امس، في عاصمة الشمال خاصة، وبصورة ‏أقل حدّة في صيدا وبعض شوارع بيروت والبقاع. وصل سعر صرف الليرة إلى رقم قياسي. الكثير من المحال ‏التجارية، في طرابلس وغيرها، توقف عن شراء المواد الاستهلاكية بسبب أسعارها التي لا تكف عن الارتفاع بصورة ‏جنونية. لم يكن ينقص ليكتمل المشهد إلا عنف الجيش في وجه متظاهرين غاضبين في المدينة الأفقر في لبنان. ليلة ‏امس، تظاهر شبان بعد “صلاة التراويح”، في ساحة عبد الحميد كرامي، بدعوة من مجموعة تعرفها الاجهزة الأمنية ‏جيداً وتعرف ارتباطاتها. الداعون اختفوا، وبقي في الشارع الغاضبون الذين يعانون الأمرّين جراء البطالة وارتفاع ‏الأسعار. هاجم المتظاهرون واجهات مصارف. واتجه بعضهم نحو منزل النائب فيصل كرامي. في الساحة، جرت ‏مواجهات بينهم وبين قوة من الجيش متمركزة هناك. استخدم المتظاهرون الحجارة والزجاجات الحارقة. رد الجيش كان ‏اعنف من السابق. لم يكتف بالرصاص المطاطي، إذ استخدم بعض الجنود الرصاص “الحي” أيضاً. سقط عدد من ‏الجرحى، احدهم كان لا يزال في حال الخطر حتى ساعات الفجر الاولى‎.‎

انفجار عاصمة الشمال توّج يوماً “حامياً” في الكثير من المناطق. الطريق الساحلي بين بيروت والشمال، وبوابة ‏الجنوب صيدا، شهدا الكثير من التحركات. في ساحل كسروان والمتن، لم يكن صعباً تمييز الخطاب السياسي ‏المؤيد لحاكم مصرف لبنان “يندسّ” بين المتظاهرين. خطاب يلاقي الهجمة السياسية التي يقوم بها “حزب ‏المصرف”، المترامي الأطراف سياسياً وطائفياً، دفاعاً عن سلامة، وعن طبقة الـ2 في المئة من المودعين، ‏ورفضاً لأي عملية مساءلة عن ارتكابات الفترات الماضية، ولو كانت هذه المساءلة غير مضمونة النتائج لجهة ‏استعادة ما يُسمّى “مالاً منهوباً”، او لناحية وضع بعض السارقين في السجون‎.

الحكومة كانت بطيئة في الاستجابة للتداعيات الاقتصادية والاجتماعية لحجر “كورونا”. لا شك في ذلك. لكن ‏دور رياض سلامة لا يترك أي مجال سوى لنظرية المؤامرة. صحيح ان الانهيار الاقتصادي وقع، وباتت البلاد ‏تعيش على إيقاعه. وصحيح أيضاً أن أي حكومة، ولو كان رئيسها ووزراؤها من طينة “سوبرمان”، لا يمكنها ‏انتشال البلاد من الكارثة في غضون أقل من خمس سنوات. لكن اداء سلامة لا يمكن وصفه بأقل من المشبوه. إذ ‏أنه مصرّ على عدم التدخل في سوق القطع، لتخفيف وتيرة انهيار سعر الليرة، ومعها الارتفاع الناري للأسعار. ‏كما أنه مصرّ على خلق كتلة نقدية إضافية من الليرات، بما يضاعف من ارتفاع أسعار السلع، كل السلع. وبدلاً من ‏القيام بواجبه المنصوص عليه في القانون، وهو (حرفياً) “المحافظة على سلامة النقد اللبناني”، و”المحافظة على ‏الاستقرار الاقتصادي” (المادة 70 من قانون النقد والتسليف)، قرر خوض معركة سياسية، لحماية نفسه، وما ‏يمثّله، مرتكزاً إلى حماية اميركية، وإلى احتضان من قبل طغمة مالية – سياسية – دينية – طائفية شريكة له في ‏فساده، ليبدأ بهجوم عبر وسائل إعلامية فاسدة لطالما استفادت من رشاويه من المال العام، ومن تغطيته على ‏ارتكابات أصحابها. هجومه السياسي يتركّز حول نقطة وحيدة، مفادها ان المسؤول عن ازمة الدولار هو حزب ‏الله. يتصرف سلامة بطريقة العميل الوضيع الذي يريد إرضاء مشغّله. وهدفه المزيد من تجويع السكان، لكي ‏يصبح استغلال الغضب الشعبي أكثر سهولة ممن يريدون استغلاله، والذين بدأت السعودية تجميعهم على قناتها ‏التلفزيونية (“العربية”)، لخوض معركة إسقاط البلد في المزيد من اهتزاز الاستقرار‎.

يرفض سلامة القيام بالواجبات التي يفرضها عليه القانون، لأهداف سياسية. ينفّذ عملية انتحارية، سياسياً ‏ووظيفياً. هي مهمته الأخيرة. وهو يدرك انها ولايته الأخيرة، وأن إكماله لها صعب جداً. وبناءً على ذلك، وعلى ‏ارتباطاته الإقليمية والدولية، يحرص على انهيار الهيكل تماماً. لم يعد رياض سلامة خطراً على سلامة النقد ‏والاقتصاد وحسب. وجوده في مصرف لبنان بات خطراً على الامن والاستقرار العام. إزاحته من موقعه يجب ان ‏يكون الاولوية. ليست إقالته عملية سحرية ستنقذ البلاد من الانهيار فوراً. لكن التخفيف من حدة الانهيار مستحيل ‏بوجوده. البلاد تحتاج اليوم لمن يسعى حقاً إلى تنقيذ القانون: “المحافظة على سلامة النقد اللبناني”، و”المحافظة ‏على الاستقرار الاقتصادي”. هاتان المهمتان ينفذهما من يشارك الحكومة في أي عمل إنقاذي، لا من يتآمر على ‏البلاد وأمنها واستقرارها‎.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *