فؤاد السمان شهيد آخر ينضم إلى شهداء الانتفاضة ضد الجوع والغلاء وتدهور الواقع المعيشي وتخلي الدولة عن دورها، فكان قدره أن يسقط فيما اختارت السلطة أن تمارس القمع بدلًا من معالجة الأسباب عبر تأمين حياة كريمة للمواطنين.
لكن الحكومة، وفق ما عبّر رئيسها حسان دياب أمس، مصممة على الذهاب في خيارات لا تسمن ولا تغني عن جوع، وقد صمّت الدولة آذانها وأثبتت عجزها عن اجتراح الحد الأدنى من الحلول لإنقاذ البلد من أزمته الخانقة. وهي بعد أن تذرعت طوال الشهرين الماضيين بأزمة كورونا من دون أن تقيم أي وزن للأزمة التي يتخبط بها البلد منذ أشهر، لم يبق أمام اللبنانيين الا النزول الى الشارع ليعبّروا عن غضبهم، وقد استمرت الاحتجاجات لليوم الثاني على التوالي في عدد من الأماكن التي انطلقت منها ثورة 17 تشرين، مع تسجيل دفع واضح من بعض المجموعات المحسوبة على جهات في السلطة لتحويل الانتفاضة باتجاه المصارف حصراً في محاولة لفرض الضغط على القطاع المصرفي ومصرف لبنان والقطاع المالي والذي عجزوا عن تحقيقه عبر إجراءات من مجلس الوزراء، هذا في وقت سيكون لحاكم مصرف لبنان اليوم حديث مفصّل يُنتظر أن يرد فيه على كلام دياب الأخير بحقه، وأن يكشف للرأي العام حقائق الوضع النقدي.
وأشارت مصادر مقربة من الحراك عبر “الأنباء” الى ان المرحلة المقبلة ستشهد تصاعدا في الاحتجاجات في ظل اصرار السلطة على أسلوبها القمعي فيما الازمة المعيشية تتفاقم مع استمرار الدولار بالتفلّت من أية ضوابط مواصلًا ارتفاعه الجنوني على حساب الليرة اللبنانية، الأمر الذي سيزيد من نقمة اللبنانيين.
المصادر كشفت عن “مخطط مدروس من قبل السلطة وأجهزتها لضرب الاحتجاجات”، محمّلة إياها “مسؤولية ما يتعرض له المتظاهرون من قمع واضطهاد وتوقيفات، وذلك عن طريق زرع المندسين بينهم الذين يقومون بالاعتداءات على الأملاك العامة وعلى المصارف”.
المصادر توقفت عند محاولة رئيس الحكومة “ركوب موجة الانتفاضة من خلال القول انه من الطبيعي ان يخرج الناس الى الشارع وأن يعبّروا عن غضبهم، وفي الوقت عينه يذهب الى وزارة الدفاع والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ليستجدي من الجيش والقوى الأمنية الوقوف الى جانبه، وهو الذي أظهر انه لا يملك أي خطة انقاذية للبلد”، وأكدت ان “لا تراجع عن مطلب الانتخابات النيابية المبكرة”.
في السياق نفسه، أسفت مصادر حزب “الكتائب اللبنانية” عبر “الأنباء” لسقوط الشهيد السمان، مؤكدة “حق الناس بالتظاهر في ظل القهر والجوع، في حين أن السلطة عاجزة عن تحقيق أدنى مقومات صمودهم وهي ضائعة بين الخطة الاقتصادية الإصلاحية واسترجاع الاموال المنهوبة”.
بدورها، أسفت مصادر “تيار المستقبل” عبر “الأنباء” ان “تتحول طرابلس عروس الثورة الى صندوق بريد دموي”، واصفة ما يحصل في المدينة “بالمؤامرة على عاصمة الشمال، إذ بدلًا من توفير الدعم للأهالي في هذه الظروف الصعبة نجد من يسعى لجرهم الى الفتنة”.
مصادر تيار المردة اشارت عبر “الأنباء” إلى أن لبنان مقبل على مرحلة دقيقة وحرجة تتطلب مزيدا من الوعي، كما تحتاج الى الكثير من الصبر والقوة لأن المرحلة دقيقة ولا بد من تجاوزها في نهاية المطاف.
في المقابل أسفت مصادر حكومية لما وصفته بأنه “خروج الوضع في الشارع عن اطار المطالب المحقة بعد دخول المندسين في صفوف المحتجين والذين يتولون تخريب الممتلكات العامة”.
حكومياً، وعوض الذهاب مباشرة نحو الخطوات الكفيلة بجلب المساعدات المطلوبة لضخ روح الحركة في الاقتصاد اللبناني وفي دورة الحياة المعيشية، وذلك بتنفيذ الإصلاحات الاساسية في الكهرباء والأملاك البحرية والتهريب والضريبة التصاعدية على الثروة ووقف الصفقات العمومية والمشاريع المشبوهة، واصل مجلس الوزراء الدوران حول نفس الحلقة المفرغة في التكفير بإجراءات لا تعطي نتائج حقيقية مؤثرة، ويقصد بها بشكل او بآخر التشفي من بعض القوى والشخصيات، وقد أقر في جلسة الأمس في السراي 4 تدابير آنية قال إنها “لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المهربة الى الخارج”، وهي في الواقع جزء من الورقة التي تقدمت بها وزيرة العدل ماري كلود نجم، على أن تُستكمل دراسة باقي التدابير ليصار إلى إقرارها بشكل نهائي في جلسة الخميس التي ستنعقد في القصر الجمهوري.
وقد نصحت مصادر “المستقبل” الحكومة “بعدم المكابرة، والتوجه إلى إنقاذ الوضع الاقتصادي بدلاً من التلهي بسياسة التشفي والكيدية التي تتبعها لتبرير فشلها بمعالجة الوضعين المالي والنقدي”.
الى ذلك توقفت مصادر كتلة التنمية والتحرير في اتصال مع “الأنباء” عند الاتصال الذي جرى بين وزير المال غازي وزني ووزير المال الفرنسي، مؤكدة ان الأخير أبدى استعداد فرنسا للتحرك من أجل توفير الدعم والمساعدة للبنان بعد القضاء على كورونا.
من جهة ثانية، نفت مصادر عين التينة اي علاقة لحركة أمل بارتفاع سعر الدولار، وأكدت أنه لا يمكن أن يكون أحد منها شريك في لعبة الدولار.
وعن اتخاذ الحكومة اجراءات لمكافحة الفساد، رحبت مصادر عين التينة قائلة “هذا ما ننتظره من الحكومة منذ فترة طويلة، لكن العبرة في التنفيذ