الرئيسية / صحف ومقالات / النهار:الإنتفاضة ثورة جياع… تحرق المصارف أولاً
flag-big

النهار:الإنتفاضة ثورة جياع… تحرق المصارف أولاً

الجوع كافر. عبارة صحيحة قد تجد تجلياتها الكاملة قريبا في الشارع اللبناني المنتفض بقوة قد تجنح الى العنف والفوضى، فما كان بالأمس محسوباً، وربما مبرمجاً، وما اعتبرت القيادات السياسية ان في امكانها الامساك به تارة، او ترهيبه تارة اخرى لضبطه، لن يكون كذلك غداً مع ازدياد الغلاء المعيشي، واستمرار الدولار في الصعود في مقابل سقوط الليرة اللبنانية من دون القدرة على ضبط انهيارها، وتعثر المؤسسات وقطاعات الاعمال المختلفة، في ظاهرة عالمية، وقعها الأشد على الدول الاكثر فقراً، او التي في ازمات خانقة، ومنها لبنان.

امس كان يوماً حارقاً، اشتعلت فيه نيران الغضب الشعبي فأحرقت المصارف اولا، واليات للجيش والقوى الامنية ثانيا، في مشهد جديد سقطت معه المحرمات والخطوط الحمر، ما ينذر بتصعيد يذكر ببدايات الحرب الاهلية العام 1975 وما قبلها باعوام، عندما بدأ الفلتان الامني يتسلل الى كل المواقع والاماكن.

طرابلس كانت امس قبلة الانظار، لكنها ليست الوحيدة، ولن تكون كذلك، مع تمدد حالات الفقر تباعا الى كل المناطق. لكن الانفجار بدأ في الاحياء الاكثر فقرا، والتي لن يكون ضبطها ممكنا في الايام المقبلة. وبرز خوف من الانزلاق الى الشارع المحترق، ما لم توفر السلطة السياسية الحلول الانسب للمرحلة المقبلة. ويتحدث وزير سابق لـ”النهار”، وقد التقى اخيرا، وقبيل اقفال المطارات، مسؤولين اميركيين، فيحذر من موجة عنف مقبلة على لبنان، ويتخوف من ان يؤدي الامر الى مواجهات حقيقية مع الجيش تهدف الى اغراقه في المستنقعات، وبالتالي اضعافه، كما يحصل حاليا مع مصرف لبنان وحاكميته، بعد الانقضاض على القطاع المصرفي، لضرب كل اسس التركيبة والصيغة والنظام الاقتصادي للبنان، لدفعه الى المحور الاخر الايراني – السوري. ويعتبر ان هذه المعطيات والتي بلغت البطريرك الماروني، هي ما دفعته الى موقفه التصعيدي الاخير، محذرا من ممارسات هدفها ضرب النظام لتغييره في ظل عدم تكافؤ في القوى مرحليا، ما يدفع البلد الى احضان “حزب الله” وشركائه الاقليميين. ويرى ان تصريحات رئيس الحكومة عن موت النظام الاقتصادي الذي قام عليه لبنان يحمل في طياته هذا المعنى، سواء كان مقصودا منه بالمعنى السياسي ام غير مقصود.

ويمكن تسمية امس بـ”يوم الغضب على المصارف” التي تشكل مرآة السياسات التي دفعت الى الواقع الراهن وعلى تماس مباشر مع المواطن، خصوصا بعد سريان “اخبار” او “شائعات” عن تهريب المصارف في الاشهر الاخيرة نحو خمسة مليارات دولار بعضها بالتحويل المصرفي، وبعضها الاخر نقدا عبر مرفأ سياحي في العاصمة، وامتناعها عن اعطاء المودع القليل من دولاراته المؤتمنة عليها. وتتطلب هذه الشائعات التي يتناقلها المواطنون توضيحات صريحة وواضحة من جمعية المصارف، تماما كما سيفعل مبدئيا حاكم مصرف لبنان رياض سلامه اليوم، اذ لم تثمر الضغوط عليه لتأجيل مؤتمره الصحافي، في ظل اتصالات ووساطات عمل عليها اكثر من طرف، ابرزها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم.

واكدت المصادر المطلعة لـ”النهار” قيام ابرهيم بمسعى بين رئيس الحكومة والحاكم، وان استئناف المسعى  للقاء بينهما ترك الى ما بعد إطلالة سلامة اليوم عبر الفيديو وما سيقوله.

وفق المصادر ان ابراهيم زار رئيس الحكومة مرتين والاتصالات جارية على مدار الساعة لمعالجة ذيول الازمة التي نشأت بعد كلام دياب من بعبدا، وهو يطلع رئيس الجمهورية على تفاصيل الاتصالات.

وعلم من المصادر ان الحاكم لن يصعد في رده التوضيحي بل سيعرض بالارقام كل ما تم إنفاقه بناء على طلبات الحكومات المتعاقبة التي كانت تنفق من دون موازنة قبل العودة الى اقرار الموازنات، ومن خلال سلف الخزينة التي كانت تطلبها ويصادق عليها مجلس النواب. وانه كان يطلع المسؤولين على كل السياسات المالية التي اتبعها للحفاظ على استقرار سعر الليرة حتى في ظل ازمات سياسية انعكست سلباً على الاستقرار المالي.

وفي موضوع خروج ودائع من المصارف الى خارج لبنان، تقول المصادر المطلعة ان هذه مسألة لا يمكن لحاكم المركزي ان يوقفها لأن القانون يسمح للمصارف بنقل ودائع من فروعها في بيروت الى فروع لها خارج لبنان.

وبالعودة الى الانتفاضة برز امس موقفان بارزان الاول لممثل الامين العام للامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش الذي غرد بعد لقائه الرئيس ميشال عون أن “الحوادث المأسوية في طرابلس والتي تواجه فيها المتظاهرون غير السلميون مع الجيش اللبناني وأدت إلى استشهاد متظاهر ووقوع إصابات من الطرفين، ترسل إشارة تحذير الى القادة السياسيين في لبنان”.

بدورها، غردت السفيرة الأميركية درورثي شيا قائلة ” ان احباط الشعب اللبناني من الازمة الاقتصادية امر مفهوم كما ان مطالب المحتجين مبررة. لكن حوادث العنف والتهديدات وتدمير الممتلكات تبعث على القلق العميق ويجب ان تتوقف. نحن نشجع على السلوك السلمي وضبط النفس من الجميع وكذلك على اليقظة المستمرة في التباعد الاجتماعي في مواجهة جائحة كورونا.”

وسياسيا، كان لافتا تلقي رئيس مجلس الوزراء حسان دياب اتصالا من وزير الخارجية الفرنسي جان – إيف لودريان، أعرب فيه الاخير عن “تأييد فرنسا لبرنامج الحكومة الإصلاحي، واستعدادها لمساعدة لبنان مع صندوق النقد الدولي”. كما شدد لودريان على “نية فرنسا عقد اجتماع لمجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان فور انتهاء إجراءات الحظر المتعلقة بوباء كورونا”.

وفي السياق، أصدرت السفارة اللبنانية في فرنسا البيان الآتي: “بجهد مشترك بين السفارة اللبنانية في فرنسا ومكتب طيران الشرق الأوسط في باريس وجمعيات مدنية لبنانية وعدد من الخيّرين، تحمل كل من الطائرتين القادمتين من باريس اليوم (امس) مفاجأة.

تنقل الأولى 240 فحص  “PCR”مقدَّمة من بروفسور لبناني لصالح وزارة الصحة، وتعمل البعثة على إخضاع جميع المسافرين على الرحلات القادمة قبل إقلاعها، لفحص “PCR”، بعدما باتت الفحوصات متوفرة في فرنسا.

وتحمل الطائرة الثانية زهاء نصف طن من الأدوية والمستلزمات الطبية التي قامت بجمعها أكثر من 25 جمعية لبنانية بإشراف الجمعية الطبية الفرنسية – اللبنانية، أكبر الجمعيات اللبنانية في فرنسا، والتي تمثل جميع الأطباء والعاملين في المجال الطبي في فرنسا، لصالح مستشفى بيروت الحكومي لمؤازرة جهود القيّمين عليه في حربهم ضد وباء كورونا”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *