نجحت الحكومة من خلال اجراءاتها الاستباقية في احتواء وتجنيب لبنان كارثة انتشار فيروس “كورونا” بالتوازي مع تجهيز القطاعات الصحية لمواجهة الاسوأ الذي قد يطرأ في أي لحظة، ولكن برزت في الايام القليلة الماضية مؤشرات أثارت الخشية من موجة ثانية من الانتشار الوبائي خصوصاً بعد ظهور 37 اصابة في يوم واحد.
ومن شأن هذه التطورات الدراماتيكية أن تؤثر على الخطة الحكومية للتخفيف من الاجراءات الاحترازية واستئناف دورة الحياة الطبيعية، وبالتالي فان قرار العودة الى التشدد في الاجراءات المتبعة يبدو حتمياً وفق ما كشف
رئيس قسم أمراض الدم والسرطان في الجامعة الأميركية في بيروت البروفسور ناجي الصغير في حديث لموقع وزارة الاعلام – مديرية الدراسات والمنشورات اللبنانية، اعتبر أنه على صعيد تخفيف القيود الذي سجل في الاسبوعين الماضيين، فان الانفتاح الآمن يتطلب توفير فحص “بي سي ار” وكذلك مسح وبائي بواسطة استعمال ما نسميه “الفحص السريع لمضادات الكورونا”،لأن هذا الفحص السريع يعلمنا من أصيب بالكورونا وتعافى منها.
واشار الى أنه تم اجراء هذا الفحص السريع على الاف القاطنين في نيويورك وتبين ان 19.9% عندهم مضادات مما يعني ان واحدا من أصل كل خمسة نيويوركيين اصيب بفيروس الكورونا، مشدداً على أن هذه الإحصاءات ضرورية قبل العودة الى الحياة الطبيعية بشكل آمن، اذ اننا قد نعرف من هم الأكثر امانا ويستطيعون الخروج من المنازل والعمل، خاصة للطواقم الطبية والصيدلانية والعاملين في محلات الأسواق الغذائية ووسائل النقل والبنوك وغيرها التي تشهد الازدحامات بشكل دائم..
وفي هذا السياق لفت الصغير الى تنافس عالمي كبير للحصول على نوعية جيدة من هذا الفحص السريع ونتمنى ان تكون وزارة الصحة والحكومة تعمل على تأمينه لانه ثابت علميا.
كذلك أشاد البروفسور الصغير بالدور الإعلامي المتقدّم في الإضاءة على حجم الخطر المحدق بالمجتمع اللبناني، وذلك بالتوازي مع استكمال حال الاستنفار الصحي العام والخاص، موضحاً أن من أهم ما تم فعله في لبنان في المراحل الأولى هي حملات التوعية من قِبل وزارة الصحة والمستشفيات والأطباء المختصين، وحملات «خليك بالبيت» و”الزموا منازلكم” التي ابتدأتها وسائل الإعلام اللبناني وفرضتها وزارة الصحة والحكومة والتي أدت الى منع انتقال فيروس الكورونا وحالت دون حصول كارثة صحية في لبنان، بالإضافة الى تجهيز مستشفى رفيق الحريري الجامعي ومستشفيات حكومية أخرى وكذلك مبادرات المستشفيات الجامعية الخاصة التي امنت اقسام وعناية مركزة خاصة بالكورونا.
وقد أثنى على قرارات وزارتي الصحة والداخلية بتشديد الاجراءات، ورفض ما يتم تداوله عن أن الذين يموتون هم أصحاب الأمراض المزمنة أو الكبار في السن، مؤكداً أن هذا “التبرير” قد يؤدي إلى الإستخفاف لدى المواطنين، ويدفعهم إلى قلة الإلتزام بإجراءات الوقاية، وبالتالي سوف ترتفع درجة الخطر من عودة انتشار الوباء في سياق موجة ثانية في المرحلة المقبلة.
كذلك أعرب عن الخشية من انتشار كبير أيضا بين عائلات وأصدقاء العائدين والمتخالطين معهم اذا ان إجراءات العزل المنزلي نادرا ما تكون كاملة حيث ان معظم اللبنانيين لا يملكون بيوتا كبيرة وغرفاً منفردة مع حمام ولوازم العيش للمعزول، ولذا يجب اخذ العبرة من بلدان مثل الأردن الذي يفرض على العائدين اما الحجر في بيوت مؤقتة مجهزة أو في فنادق تتم فيها كل إجراءات العزل ويتم تأمين كل احتياحاتهم.
وبالنسبة إلى واقع الإصابة لدى مرضى السرطان، فيوضح البروفسور الصغير ، أن مرضى السرطان الذين يتلقون العلاج في المستشفى، قد يكونون معرّضين أكثر من غيرهم نتيجة خروجهم من المنزل من جهة، وإلى احتمال أن تكون مناعتهم المنخفضة سبباً في اشتراكات ومشاكل صحية من جهة أخرى، لكنه أكد القيام بكل إجراءات الوقاية لهم وللممرضات والممرضين وللاطباء وكل العاملين في المستشفى والعيادات لكي يستمروا بالعلاج وتخفيف احتمال التقاطهم الوباء محذراً من ضرورة عدم التقاعس والخوف وترك الامراض تتقدم وتتفشى في الجسم اذ يجب استشارة الأطباء ان في العيادات العادية او العيادات الرقمية (virtual internet video clinics) التي تم تأمينها في الجامعة الأميركية كما في مراكز أخرى.
كما شدد على وجوب مواصلة ودعم عمليات استيراد كافة المستلزمات الطبية لحماية الجسم الطبي الذي يعرّض نفسه وعائلاته لخطر الإصابة من أجل صحة الآخرين وتشجيع وتحفيز المعامل والمصانع المحلية لإنتاج ما يمكن، لأن أي اهمال او لا مبالاة، قد يؤدي إلى ارتفاع متجدّد لعدد الإصابات في فترات لاحقة.
حاورته: هيام شحود – وزارة الاعلام – مديرية الدراسات والمنشورات اللبنانية