وشهد شاهدٌ من أهل الخط السياسي نفسه… “وصولكم إلى السلطة كشفكم، كذبتم على الناس في العام 1989 وكذبتم على الناس في العام 2005 والآن ما زلتم تكذبون على الناس” بهذه العبارة اختصر رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية رحلة “العونية السياسية” منذ نشأتها على أنقاض قصر بعبدا والمجتمع المسيحي حين كان العماد ميشال عون يوم اجتياح القصر ينتظر غازي كنعان “تا يعمل تسوية ويعمل رئيس”، وصولاً إلى اليوم حيث اتهم التيار العوني بشكل غير مباشر بتزوير التقارير النفطية المقدمة حول “طبيعة الأرض” بغية استدراج الشركات الدولية المعنية بالتنقيب عن الغاز، بينما تبيّن اليوم لشركة “توتال” الفرنسية عدم وجود أثر للغاز وباتت على وشك دفع البند الجزائي ومغادرة لبنان، فضلاً عن إشارته إلى أنّ كل ما يحصل اليوم في قضية الاستعانة بصندوق النقد الدولي لا يعدو كونه “كذبة جديدة” لتمرير الوقت.
أبعد من الغطاء السياسي الذي منحه للمطلوبين المقربين منه إلى التحقيق أمام “عدالة جبران باسيل” التي تتغاضى في الوقت عينه عن مسؤولية 6 وزراء طاقة من “التيار الوطني” عن قضية “الفيول المغشوش”، فجّر فرنجية في المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس قنابل سياسية مدوية من العيار الثقيل في سياق مواجهته المفتوحة مع العهد العوني و”التيار الوطني” ليصل إلى حد دق آخر إسفين رئاسي في نعش هذا العهد باعتباره يعيش سكرات موت سريري لن تدوم “أكثر من سنتين” في سدة السلطة، معلناً بذلك صفارة انطلاق السباق الرئاسي المقبل “بطلقة روسية” في رأس “التيار الوطني” ربطاً بكون كلام فرنجية أتى انطلاقاً من معطيات تفيد بأنه أضحى “مرشح الروس” لرئاسة الجمهورية.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر ديبلوماسية في موسكو لـ”نداء الوطن” أنّ زيارة فرنجية الأخيرة إلى روسيا حسمت الاتجاه الروسي بدعم ترشيحه إلى سدة الرئاسة الأولى خلفاً لعون، مشيرةً إلى أنّ الإدارة الروسية باتت على قناعة بأنّ باسيل لم يعد يحظى سوى بدعم إيراني مبدئي لخوض المعركة الرئاسية، بخلاف فرنجية الذي ورغم خطه الاستراتيجي القريب من “حزب الله” لكنه نجح خلال السنوات الأخيرة في نسج خيوط تواصل في الداخل مع كل من سعد الحريري ووليد جنبلاط وكذلك مع “القوات اللبنانية” فضلاً عن كونه الحليف المسيحي الأقرب إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، كما أنه خارجياً لم يدخل في أي عداء مع الدول العربية ولا الغربية وهذه كلها صفات لا تنطبق على جبران باسيل الذي يبدو متكئاً فقط على تحالفه مع “حزب الله” ومن خلفه إيران لفرض وصوله إلى كرسي رئاسة الجمهورية.
وإذ شددت على أنّ موسكو بطبيعة الحال لن تراهن على “حصان يبدو خاسراً سلفاً” في السباق الرئاسي، لفتت المصادر الديبلوماسية إلى أنّ كل محاولات باسيل خلال توليه حقيبة الخارجية لم تفلح في تسويق خياره الرئاسي عبر السفراء والسفارات اللبنانية في عواصم العالم، كاشفةً أنه يحاول منذ فترة “خطب ودّ” الروس للغاية نفسها حتى أنه خلال زيارته الأخيرة إلى إيطاليا (في الفترة الأولى لاندلاع ثورة 17 تشرين) للمشاركة في أحد المؤتمرات، تقصد أن يمكث في الفندق نفسه الذي يقيم فيه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وطلب موعداً لمقابلته لكنّ لافروف تجنب عقد اللقاء معه الأمر الذي أثار حفيظة باسيل تجاه حقيقة الموقف الروسي سيما في ظل الاهتمام الملحوظ بفرنجية الذي حل ضيفاً على لافروف ونائبه مخائيل بوغدانوف في موسكو، وهذا ما رفع منسوب القلق لدى رئيس “التيار الوطني الحر” الذي يعلم يقيناً أنّ الروس سيشكلون ثقلاً أساسياً في المعركة الرئاسية المقبلة عبر بوابة دمشق. وكشفت المصادر نفسها أنّ الاتصالات واللقاءات تسير بوتيرة متصاعدة بين فرنجية والروس وآخرها اللقاء الذي عقده نجله طوني خلال الساعات الأخيرة مع السفير ألكسندر زاسبيكين وبقي بعيداً من الأضواء.
في الغضون، يعود ملف التعبئة العامة ليفرض نفسه بقوة على طاولة مجلس الوزراء اليوم بعدما أدى الرفع الجزئي للحظر مفاعيل عكسية سجلت ارتفاعاً ملحوظاً بأعداد الإصابات بفيروس كورونا، من جهة لأنّ الالتزام بات ضعيفاً بين صفوف المقيمين ومن جهة أخرى لأن الوافدين من الخارج لم يلتزموا كلياً بتعليمات الحجر الصحي التي تعهدوا بها. وإزاء ذلك، أكدت مصادر وزارية لـ”نداء الوطن” أنّ وزير الصحة حمد حسن سيطلب من مجلس الوزراء إقفال البلد لمدة 48 ساعة، على أن تتولى وزارة الصحة خلال هذه المدة إجراء فحوصات مكثفة في المناطق التي ضربها الوباء لتحديد حجم الإصابات فيها، مرجحةً أن تقر الحكومة هذه التوصية وإعلان الإقفال التام يومي الأربعاء والخميس المقبلين