لقاء الحوار في بعبدا بالكاد سيكون حوار الفريق الواحد مع نفسه، ولولا حرص رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط على عدم رفض أي فرصة للحوار بصرف النظر عن التوقعات، فإن الحضور كان ليقتصر على قسم من الموالاة، وذلك مع توالي الإعتذارات تباعاً عن عدم الحضور آخرها كان من رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
وحتى ليل الثلاثاء الاربعاء، لا مؤشرات لإلغاء اللقاء أو حتى تأجيله، بما معناه إنعقاده بمن حضر، وفق ما رشح عن زوار بعبدا ومصادر القصر الجمهوري.
وكررت الكتل والشخصيات المقاطعة للقاء الأسباب ذاتها تقريباً، عازية ذلك الى رفضها المشاركة في “تعويم” العهد. وقد أعاد عضو كتلة “المستقبل” النائب محمد الحجّار في حديث مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية سبب مقاطعة الكتلة إلى ان “أداء العهد والحكومة لا يشجّع على وصول اللقاءات إلى الخواتيم المطلوبة في ظل الأوضاع التي تمر بها البلاد على مختلف المستويات، خصوصا أن الجدول المتفق عليه في أوساط القصر هو الذي سيفرض نفسه في غياب أي جدول أعمال واضح”.
ورأى الحجّار أن “ما حصل في 6 حزيران كان يحتّم نجاح اللقاء نظرا لدقّة الموقف، إلّا أن الأداء والخطاب الذي يتبنّاه الطرف المقابل لا يأخذ بالاعتبار إلّا مصالحه بغض النظر عن الإعتبارات الأخرى، وقد جاء خطاب الوزير جبران باسيل الأخير ليؤكّد المؤكّد”.
والمطلوب اذا من أجل توفير الظروف الملائمة لهكذا إجتماعات، وفق الحجّار، ”ضرورة تغيير الأداء وأسلوب الحكم والتعاطي مع مختلف الأفرقاء السياسيين، والعدول عن مبدأ الأمر لي ونقطة على السطر البائس”، مشيرا إلى “وجوب إحترام الدستور والقوانين وعدم تجاوزها”.
وتوقّف الحجار عند “أسلوب الحكومة المعتمد في مقاربة مختلف الأمور، كملف سلعاتا الذي عاد إلى الطرح بعد أن رُحّل في إحدى الجلسات، كما التعيينات التي جرت على قواعد المحاصصة، ضاربة بعرض الحائط قانون آلية التعيينات الذي صدر مؤخرا عن المجلس النيابي، وفي الوقت نفسه يتملّصون من المسؤولية كأنهم لم يشاركوا في السلطة على مدار الـ15 سنة الأخيرة، وليسوا في الحكم منذ 4 أعوام”.
وتعليقا على تحميل المتخلّفين عن اللقاء مسؤولية عدم الوصول إلى نتيجة على مختلف الصعد، يرد الحجّار: “نحن من جهتنا أخذنا الموقف الذي يحمي البلد ويقدّم مصلحته، ونتعاطى من الأساس بإيجابية، وليس هناك من أي مقاطعة لبعبدا، وللتذكير نحن أرباب الحوار وأول من طالب به، إلّا أنه في نفس الوقت لن نشارك في لقاءات تصدر عنها توصيات من دون أن تقترن بأفعال جدّية”.
ورأى الحجّار أن “الناس تعلّق آمالا على اللقاءات التي تجمع مختلف القيادات الوطنية، إلّا أن نتائج التجارب السابقة، كاللقاء المالي الإقتصادي الأخير، لم تكن مشجّعة، والدليل التخبّط المستمر في خطط الحكومة لإنقاذ البلاد، وبالتالي إستمرار الأداء نفسه سيحبط أمالهم”.
وفي موضوع الميثاقية السنية، قال الحجّار إن “تيار المستقبل عابر للطوائف على الرغم من تمثيله الشريحة الأكبر في الطائفة السنيّة، إلّا أن التعاطي لم ولن يكون ابدا على أساس مذهبي طائفي، وفي جميع الأحوال هم لا يقيمون وزنا للميثاقية، والحكومة الأخيرة خير برهان”.
في المقابل أسف عضو تكتل “لبنان القوي” النائب آلان عون في إتصال مع “الأنباء” لتوالي الإعتذارات عن حضور اللقاء، مشددا على ان “منطق الحوار يجب ان يعتمد دائما مهما اشتدت الخلافات السياسية”، لافتا إلى “وجوب مواجهة التحديات يدا واحدة لأن تداعيات الأزمة تطال الجميع دون إستثناء”.
وإذ أشار عون إلى أن “الخلافات السياسية اليوم عميقة والوضع المأزوم يمنع نضوج حوار جامع”، أمل في الوقت نفسه “توفّر ظروف أفضل في المستقبل لعقد لقاءات وطنية وتحمّل الجميع مسؤولياته”.
وعن فشل الإجتماع الإقتصادي المالي الأخير، رأى عون أن “لا مفر من الإستمرار في المحاولة والإنفتاح على الآخر للوصول إلى التسويات”، مؤكدا أن “فرص إنعقاد اللقاء لازالت قائمة، إلّا أن القرار النهائي يعود إلى رئيس الجمهورية نفسه”.
إقتصاديا، إنشغل اللبنانيون في الحديث عن وقف دعم على المواد الأساسية خصوصا في ظل أزمة شح الدولار، كالطحين والمازوت والبنزين، وارتفعت أصوات شرائح عديدة من المواطنين تطالب الحكومة بنتع التهريب ومحاربة الفساد بدل اللجوء إلى خطوات تزيد من إستفحال وقع الأزمات التي لا تنتهي.
وردا على هذه الإشكالية، برر وزير الإقتصاد راوول نعمة في إتصال له مع “الأنباء” بالقول أن “الدعم لن يتوقّف، إلّا أنه سيُنظّم بهدف إستفادة المواطنين الذين هم بحاجة إلى هذه المساعدة، كالمزارعين والصناعيين وسائقي النقل العام وذوي الدخل المحدود وغيرهم، فيما سيتوقف عمّن هم ميسورو الحال، وعن البعثات الأجنبية الذين يستفيدون على ضهر المواطن المحتاج، بحكم أنهم ليسوا بحاجة إلى الدعم اساسا”.
وفي تفاصيل اقتراحه، يقول نعمة إن “الوزارة بإستطاعتها معرفة أحوال معظم المواطنين، وعليه سيصار إلى تحديد وجهة الدعم، إلّا أنه ليس من الحق أن يستفيد الجميع من دولارات المصرف المركزي، في وقت الأولوية هي للبناني المحتاج، وإلّا يصبح الموضوع هدرا”، مشيرا إلى أن الخطة من شأنها “ضبط التهريب وإستنزاف الدولارات”.
إلّا أن نعمة لفت إلى أن “الخطة ما زالت مدار بحث بين الوزراء، ولا شيء رسمياً حتى اليوم، فيما العمل جار من أجل إيجاد الآلية الأمثل، وقد نعتمد إعطاء المحتاجين للدعم قسيمة ومستقبلا بطاقة للدفع عبرها”.
وعن مسار السلّة الغذائية والنتائج حتى اليوم، رأى نعمة أن “العمل جيد جدا والمنتجات المدعومة أصبحت متوفرة في السوق، والأسعار قد إنخفضت بشكل ملحوظ، من 20,000 ليرة للأرز إلى أقل من 10,000 ليرة، ومن 3,500 ليرة للسكر إلى أقل من 2,000 ليرة”، معلنا عن عقد مؤتمر صحفي سيفصّل فيه لوائح الأسعار الجديدة التي أنتجتها هذه السلة.