كتبت صحيفة الأنباء تقول: لا انفراجات تلوح في أفق الأزمات المتلبدة في البلاد. واستنزاف الاقتصاد مستمر، عبر شلل الاجراءات المقررة من الحكومة وفشلها بل عجزها عن أي إصلاح حقيقي، وتحديداً في الكهرباء التي يزداد تباعاً تقنينها الى درجة لم تحصل في زمن العدوان الإسرائيلي على لبنان، ليتحول هذا القطاع الى “بالوعة” أنهكت وتنهك الاقتصاد والخزينة العامة، فيما كل الطروحات الموضوعة على طاولة الحكومة ليست الا مزيداً من الهدر للمال العام ولأي فرصة إصلاح فعلي، وتأخذ اللبنانيين الى العتمة أكثر فأكثر، مع استمرار تهريب المحروقات وحجبها عن السوق اللبناني.
واذا كان افق التغيير الحكومي مسدود أيضا، فإن مصادر مطلعة أوضحت عبر “الأنباء” أن “موضوع التغيير الحكومي كان جديا ولم يكن مجرد طرح على الإطلاق، وذلك بسبب فشل حكومة حسان دياب في انقاذ الوضعين الاقتصادي والمعيشي، وبسبب الانتكاسة التي اصابتها من خلال بوادر فشل التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ومن هنا وُلدت الفكرة باستقالة الحكومة وتكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل حكومة جديدة، لكن حساب المطالبين بالتغيير الحكومي لم يتوافق مع حساب الحريري الذي كان متشدداً وأكثر تمسكاً بشروطه للعودة الى السراي، مشيرة الى انه من الواضح تمسك الحريري بحكومة مستقلة من دون ثلث معطل ومن دون التدخل في شؤونها، لا من قريب ولا من بعيد، وأن لا يكون لجبران باسيل اي دور فيها، وبشرط ان تعطى فرصة زمنية محددة لانتشال لبنان من أزماته المالية والمعيشية، وهو ما أبلغه الحريري الى نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي اثناء لقائه به، لكن الفريق المطالب بتغيير الحكومة رفض الخضوع لشروط الحريري ما أدى إلى تجميد هذا المسعى”.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن “حزب الله الذي لم يكن داعما لإسقاط الحكومة التزم الصمت كي لا يُتهم أنه ضد إنقاذ الوضع مكتفياً بمراقبة الأمور، لأنه كان يعلم أن الحريري لن يتراجع عن شروطه ولن يقبل بتشكيل حكومة على غرار حكومته السابقة، لذلك طلب من وزيريه في الحكومة أن ينقلا الى دياب تمسكه به وعدم موافقة الحزب على التخلي عنه، في وقت كانت استقالة الحكومة تسير على قاب قوسين أو أدنى”.
وقد ترددت معلومات من داخل الحكومة عن استقالات محتملة وبالأخص للوزراء المدعومين من باسيل، وهو ما أعطى دياب جرعة أمل جديدة ببقائه في السراي من دون أن يصدر عن دوائر القصر الجمهوري أي تعليق، وبناء عليه يحاول دياب اقتناص الفرص لخرقٍ ما على صعيد المساعدات الخارجية التي قد تأتي من الصين والوفد الوزاري العراقي الذي يزور لبنان ويطرح مبادرة.
وبناء عليه فإن مواقف القوى السياسية تقاطعت حول خلفية الحديث عن التغيير الحكومي، ففي الوقت الذي يؤكد فيه حزب الله تمسكه بالحكومة، تقول مصادره بأن ليس لديه أي مانع من عودة الحريري شرط الابقاء على وزيري الحزب في الحكومة وعدم التراجع عن مكتسباته لا بل يسعى الى المزيد.
مصادر عين التينة اوضحت عبر “الأنباء” أن الحديث عن تغيير الحكومة “كان بمثابة اختبار بسيط”، كاشفة ان الرئيس نبيه بري التقى الحريري قبل يومين أو ثلاثة من زيارة باسيل الى عين التينة، وقد ابلغه الحريري بتمسكه بمطالبه وأن موقفه لم يتغير منذ تقديمه استقالة حكومته السابقة.
عضو تكتل الجمهورية القوية النائب وهبة قاطيشا كشف في حديث مع “الأنباء” ان حديث الفرزلي كان محاولة جس نبض، ولمّا اصطدمت هذه المحاولة بشروط الحريري لم يعد هذا المسعى له اي معنى، لافتا الى ان الحريري في حال تم تكليفه بتشكيل الحكومة لن يقبل بتوزير باسيل كما يرفض مشاركة حزب الله ولهذا السبب حزب الله متمسك بحكومة دياب.
وعن المحادثات التي يجريها دياب مع الوفد العراقي وما اذا كانت ستصل إلى نتيجة، استبعد قاطيشا هذه الفرضية “لأن الحكومة مفلسة وتنتظر الاعلان عن إفلاسها”، مقللاً من أهمية اللقاءات التي تجريها الحكومة مع سفير الصين والعراق.
وحول سعر صرف الدولار، وصف قاطيشا ما يجري بالخديعة، متوقعا ان يتخطى الدولار سعر 10 الاف ليرة، وهو ما يهدد معيشة اللبنانيين.
من جهته، القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش اعتبر في حديث مع “الأنباء” ان ما جرى “كان محاولة لمغازلة الحريري لمعرفة اذا كان قد تراجع عن شروطه”. وأشار الى ان المفاوضات مع صندوق النقد مجمدة على ما يبدو في الوقت الحاضر، قائلا: “لماذا يمكن ان يساعد صندوق النقد ب3 او 5 مليار دولار لبنان في وقت هو بحاجة الى 25 مليار للخروج من أزمته؟ وإذا بقي باسيل مصرا على معمل سلعاتا فهذا يعني أن لا معامل كهرباء في لبنان”.