لبنان ليس بخير على كل المستويات، واذا كان فاخر في وقت سابق بقدرته على احتواء وباء كورونا، وحال دون خسائر كبيرة بفضل الاجراءات المتخذة، فان انتهاء الحجر المنزلي، وفتح المطار، وعودة اللبنانيين الى حياة شبه طبيعية، واختلاط كبير دونما وقاية في اماكن الاصطياف والسهر وفي المنتجعات البحرية، كل ذلك جعل عداد إحصاء المصابين يسرّع عجلته، ويضاعف خطر بلوغ الجهات الرسمية العجز عن احتواء الوباء. واعتبر وزير الصحة حمد حسن ان هذا الاسبوع سيكون حاسماً، “وسيتم وضع جميع المصابين بالفيروس في مواقع خاصة بالحجر والعزل في مناطق سكنهم وليس منازلهم”. وتحدث عن اصابات مجهولة المصدر ما ينذر بخطر كبير يؤشر له التصاعد المقلق لعدد الاصابات في الاسبوع الاخير، إذ بلغ أمس الاحد 84 إصابة، منها ثماني حالات حرجة، ليرفع العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 2856. فيما تجاوزت الأرقام في الأيام السابقة المعدل المعتاد بأشواط، وتوزعت كالآتي:
السبت 11 تموز: 86 إصابة.
الأحد 12 تموز: 166 إصابة.
الإثنين 13 تموز: 85 إصابة.
الثلثاء 14 تموز: 32 إصابة.
الأربعاء 15 تموز: 91 إصابة.
الخميس 16 تموز: 57 إصابة.
الجمعة 17 تموز: 101 إصابة.
السبت 18 تموز: 75 اصابة.
وحذّر مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي فراس أبيض مساء أمس إلى أن “الزيادة في عدد الحالات الجديدة والبؤر والتوزيع الجغرافي لكورونا في لبنان سيحد من قدرتنا على اجراءات التتبع والفحص والعزل. مع زيادة الحالات، سيحتاج المزيد من المرضى إلى دخول المستشفى كما لاحظنا خلال الأسبوع الماضي. فهل المستشفيات جاهزة؟”.
وقال في سلسلة تغريدات: “تحملت المستشفيات الحكومية، وفي طليعتها مستشفانا، حتى الآن العبء الأكبر من المعركة… مشكلتان مهمتان تواجهان المستشفيات الحكومية. الأولى هي النقص في التمريض. أدى تجميد التوظيف في القطاع العام + ضعف الاستثمار في تدريب العاملين إلى الحد من عدد الممرضين المدربين على الاهتمام بالحالات الحرجة، كما يمكن اذا اصابت العدوى طاقم الخط الأمامي أن تستنفد طاقة المستشفى. المشكلة الثانية أكثر إلحاحاً. ان ارتفاع التكاليف، وانخفاض قيمة الليرة وطلبات الموردين للحصول على مدفوعات نقدية تعني أن المستشفيات الحكومية تعمل من غير وجود سيولة كافية، وهذا يحد من قدرتها على تلبية الطلبات المتزايدة في حالة حدوث طفرة بالعدوى”.
واذا كان الملف سيدخل من باب الطوارئ مجلس الوزراء غداً، فإن رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي ابدى لـ”النهار” قلقه من الأعداد المتزايدة، “خصوصاً بعد تسجيل إصابات مجهولة المصدر، تدق حقيقة ناقوس الخطر. والمشكلة الكبرى تكمن في عدم إلتزام الناس الإجراءات، بالإضافة إلى كثافة المناسبات الاجتماعية كالأعراس والمآتم والسهرات التي تضرب عرض الحائط كل الدعوات إلى احترام التباعد الاجتماعي والوقاية. صحيح أننا نشعر مع المواطن ونعرف أن الظروف الاقتصادية سيئة، والحاجة ضرورية وماسة للعودة إلى أعمالهم، ولكن هناك تجمعات كبيرة تشهدها بعض المناطق دون أدنى معايير وقائية”.
وقال عراجي أن “هناك عدّة عوامل في لبنان تجعلنا نقلق مما ستؤول إليه الأمور، وعلينا الموازنة بين الاقتصاد والصحة والتزام الإرشادات الوقائية الرئيسية التي تساوي مبدأ الاغلاق من ناحية الحماية والوقاية. ونتيجة المخالفات التي سُجلت في صفوف الوافدين والمقيمين، سنعود إلى فرض الكمامة إلزامياً وإلا سيُعاقب كل من يخالف هذه التدابير بغرامات مالية.
وأضاف: “المسألة خطيرة، وإذا شهدنا تفشياً محلياً للوباء وحاجة إلى دخول مرضى بأعداد كبيرة إلى العناية، عندها سينهار القطاع الصحي لا محالة. ولن نتمكن من استيعاب الصدمة التي سيُحدثها الكورونا. لذلك لا أخفي قلقي من ارتفاع الاصابات في الأيام الأخيرة ومنها الحالات التي استوجبت دخول العناية الفائقة، وإذا استمرت الزيادة في الحالات، سنصل إلى وضع خطير جداً”.
وشدد على أن “الناس يجب أن تعرف أن المستشفيات ليست بالجهوزية التي كانت عليها في بداية الوباء، ولن تكون قادرة على استيعاب العدد الكبير ليس فقط بسبب الأسرة داخل المستشفى وإنما بسبب الأوضاع المالية التي يرزح تحتها القطاع الاستشفائي. نحن اليوم دخلنا المرحلة الرابعة من الفيروس أي التفشي المحلي نتيجة ظهور عدوى مجهولة المصدر في أكثر من مكان. وسنفقد السيطرة وسندخل المجهول”.