بيروت منكوبة كادت ان تتحول الى «هيروشيما» ثانية بعد حريق تلاه تفجير لمواد كيماوية شديدة الانفجار والاشتعال ساهم بتكوين «الشكل الفطري» للغيمة التي غطت المنطقة، والتي تشبه الى حد كبير ما يحدث عند حصول انفجار نووي. ذلك ان لبنان الغارق بازمته المالية والمعيشية والصحية شهد امس انفجاراً ضخماً هز مرفأ بيروت مما اسفر عن سقوط اكثر من 70 شهيدا و 3700 جريح بسبب وجود مواد شديدة الانفجار كانت مصادرة منذ فترة وفقا لما اعلنه مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم. وادى هذا الانفجار الى دمار مساحات كبيرة في مكان وقوعه ورافقه حريق كبير تمكن الدفاع المدني وطوافات الجيش اللبناني من اخماده بعد ساعات طويلة وتسبب ايضا باضرار جسيمة للواجهات الزجاجية للمباني والسراي الحكومي وبيت الوسط حيث لحق الدمار بمطار بيروت ومئات السيارات في الكرنتينا فمحطة شارل حلو وصولا الى وسط البلد. فضلا عن اضرار مادية كبيرة طالت احياء كثيرة في بيروت بشطريها وصلت الى منطقة ضبية شمالا وخلدة جنوبا.
وفي التفاصيل ان ما حصل في مرفأ بيروت كان انفجارين متتالين الاول انفجار صغير نتيجة وجود مادة «تي.ان.تي» واحتراق بعض المواد الاخرى وصولا الى الانفجار الثاني الكبير نتيجة اشتعال مادة نيترات الصوديوم وعليه غطى دخان كثيف سماء العاصمة بيروت. وفي هذا السياق، أوضح مدير عام الجمارك بدري ضاهر أنّ «عنبر كيماويات انفجر في مرفأ بيروت».
وعلم ان المواد المصادرة هي من مادة نيترات الصوديوم سريعة الاحتراق والتي جرى مصادرتها منذ 4 اشهر من احدى البواخر ووضعت في المرفأ وكان يجب تلفها فورا.
مجلس الدفاع الأعلى: بيروت مدينة منكوبة
وأعلن المجلس الاعلى للدفاع بعد اجتماعه في قصر بعبدا أمس «بيروت مدينة منكوبة ورفع توصية الى مجلس الوزراء الذي ينعقد اليوم لاعلان حالة الطوارئ في بيروت وشكل لجنة تحقيق لترفع تقريرها خلال 5 ايام».
من جهته، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مستهل جلسة مجلس الدفاع الاعلى، أن «كارثة كبرى حلت بلبنان، والهدف من هذا الاجتماع، اتخاذ الاجراءات القضائية والامنية الضرورية، ومساعدة المواطنين ومعالجة الجرحى والمحافظة على الممتلكات».
وشدد عون، على «ضرورة التحقيق في ما حدث وتحديد المسؤوليات، سيّما وانّ تقارير أمنية كانت قد اشارت إلى وجود مواد قابلة للاشتعال والانفجار في العنبر المذكور».
وقال: «اتصالات عدة وردت من رؤساء دول عربية واجنبية للتضامن مع لبنان في محنته، وتقديم مساعدات عاجلة في مختلف المجالات».
بدوره، أكد وزير الصحة العامة حمد حسن، أن «ما حصل أكبر من حجم لبنان بوضعه الحالي وهذه الكارثة هي تحدٍ للدولة وفاجعة بامتياز».
تحقيق الاجهزة الامنية بانفجار المرفأ
وفيما تتكتم الاجهزة الامنية التي باشرت تحقيقاتها بعد حصر رقعة الانفجار، متكتمة عن اعطاء اي معلومات في انتظار وضوح الصورة، اكدت مصادر متابعة للديار ان التحقيقات ستأخذ بكل الفرضيات بما فيها احتمال وجود عمل تخريبي وراء الانفجار، رغم اقرار الجميع بان ثمة تقصيرا كبيرا لا بد ان يتحمله لجهة اسباب وجود هذه المواد في تلك المنطقة وطريقة توضيبها، وتختم المصادر بانه حتى الساعة لم تتوفر اي معلومات او معطيات جدية عن احتمال تعرض المرفا لقصف صاروخي من الجو او البحر.
فهل ثمة ذخائر متواجدة في المنطقة قد انفجرت؟ ولمن تعود في حال وجودها؟ هل هي مواد تي ان تي ام سي فور؟ ولصالح من في حال وجودها؟ ومن يتحمل مسؤولية التقصير؟
وفي النطاق ذاته، وفي إنتظار جلاء كامل الملابسات وعدم استباق التحقيقات، تؤكد اوساط واسعة الاطلاع في 8 آذار لـ «الديار»، ان فرضية العمل التخريبي والمفتعل تتقدم مع بقاء احتمال ضعيف للحادثة القدرية اي قضاء وقدر.
وتشير الاوساط الى ان هناك مسؤولية اخلاقية ووظيفية على من هم في سدة المسؤولية في المرفأ ولا سيما تخزين هذه المواد لسنوات كثيرة بعد مصادرتها وعدم اتخاذ المعايير القصوى لحمايتها رغم تساؤلات عن جدوى وجودها حتى اليوم.
في موازاة ذلك، غير ان الانفجار التي تسبب بدمار كبير في المرفا، واضرار لن يكون من السهل اصلاحها بفترة قصيرة قد يتسبب بازمة لم تكن في الحسبان اذ علم ان اهراءات القمح تعرضت لاضرار بالغة مع انهيار اجزاء منها، وسط اقرار المعنيين بان ما حصل سيفقام من الازمة الاقتصادية ويتحول الى كارثة ما لم يبادر العالم الى التحرك ومساعدة لبنان. وقد تكون ردود الفعل الدولية والعربية خير دليل على خطورة الوضع ودقته.
يبقى السؤال الكبيرالذي تداول به المواطنون، من يعوض عليهم ووفقا لاي الية، في ظل الاوضاع الصعبة التي يعيشها اللبنانيون والضائقة الاقتصادية التي يعانون منها؟
الرئيس دياب: وعدنا للشهداء بان ما حصل لن يمر دون حساب
من جهته، اعلن رئيس الحكومة يوم حداد وطني على الضحايا الذين سقطوا في انفجار مرفأ بيروت وتابع ان « لبنان اليوم منكوب وما حصل لن يمر من دون حساب وهذا وعد للشهداء». وشدد ان المسؤولين عن هذه الكارثة سيدفعون الثمن لافتا الى انه لن يستبق التحقيقات بشأن الانفجار ولكنه في الوقت ذاته قال: «سنكشف الحقائق بخصوص هذا المستودع الخطر الموجود هناك في المرفأ منذ عام 2014».
وتوجه دياب بنداء عاجل إلى الدول الصديقة والشقيقة أن تقف إلى جانب لبنان وأن تساعدنا على بلسمة جراحنا.
الرئيس الفرنسي والعراقي اتصلا بالرئيس عون للتعبير عن تضامنهم
وتلقى الرئيس عون اتصالاً من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، والرئيس العراقي برهم صالح، وأمير دولة قطر تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، حيث اكدوا على تضامنهم مع لبنان بعد الكارثة التي تسبب بها الانفجار الكبير في بيروت، ووضعا امكانات بلديهما لمساعدة لبنان.
سقوط الشهداء جراء الانفجار
وذكرت المعلومات أنّ الإنفجار أسفرَ عن سقوط عددٍ من الشهداء من بينهم الأمين العام لحزب الكتائب نزار نجاريان فضلاً عن العديد من الجرحى، وقد أطلقت المستشفيات نداءات التبرع بالدم لهم، كما ناشدت الأجهزة الطبية نقل الجرحى إلى خارج مستشفيات العاصمة.
وتفقد محافظ بيروت مروان عبود مكان وقوع الإنفجار، كاشفاً عن «فقدان الاتصال بـ10 عناصر من فوج أطفاء بيروت كانوا توجهوا الى المكان لاخماد الحريق شبّ في الميناء»، مشيراً إلى أن «بيروت منكوبة وهناك دمار كبير وما حصل غير مسبوق».
30 فرقة للصليب الاحمر لمساعدة الناس المتضررة
على صعيد متصل، امس كان اول يوم يعاود مرفأ بيروت عمله بعد اقفال لمدة خمسة ايام بسبب التعبئة العامة فكان اليوم الاول مأساويا وكارثيا وعليه تقدم اكثر من 30 فرقة من الصليب الاحمر لاسعاف الناس المتضررة من الانفجار حيث اعلن الصليب الاحمر استنفار عام في كل مراكزه للحصول على مساعدة اكبر في تلبية الجرحى والبعض منهم حالتهم حرجة.
النائب فيصل كرامي يعلن عن مبادرة تضامن مع جرحى انفجار المرفأ
من جهته، دعا النائب فيصل كرامي اهالي طرابلس الى بادرة تضامن مع بيروت الحبيبة جراء هذا الانفجار الهائل الذي اوقع الاف الجرحى وقد يكون اسفر عن مقتل المئات وذلك عبر التوجه الى مركز الصليب الاحمر في طرابلس والتبرع بالدم من كل الفئات تلبية لكل النداءات الصادرة عن المستشفيات في العاصمة بيروت. وتابع كرامي انه بعد الاتصال بادارة المستشفى الاسلامي الخيري، نضع هذا المستشفى بمختلف اقسامه وكوادره الطبية والتمريضية بتصرف الجرحى الممكن نقلهم من بيروت الى طرابلس بعد تعثر مستشفيات في بيروت وضواحيها في استقبال كل الجرحى.
مصادر طبية: الزموا منازلكم لحماية انفسكم من مادة النيترات
وجهت مصادر طبية عبر الديار الى المواطنين اللبنانيين ان يلزموا منازلهم لحماية انفسهم من مادة النيترات التي انفجرت ذلك ان تنشق الهواء المليء بالنيترات يعرض الناس لمرض السرطان ولامراض في القلب الى جانب تداعياته السلبية السامة التي تبقى في الهواء الطلق خلال يومين. ونصحت ان يحاول اللبنانيين الابتعاد عن العاصمة لمدة يومين والذهاب الى الجبال الى ان تتقلص الارتدادات السلبية لمادة النيترات على صحة الانسان.