بدأ العد العكسي لتأليف الحكومة الجديدة في ضوء شحنة الدفع القوية التي اعطاها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لهذه العملية، واضعا امام اللبنانيين خارطة طريق للالتزام بها من اجل الانقاذ والخروج من الازمة والا سيكون هناك منحى اخر.
وكشف مصدر مطلع لـ«الديار» امس ان ماكرون قبل مغادرته بيروت الى بغداد ابلغ المسؤولين وقيادات لبنانية انه سيتابع تطورات تأليف الحكومة عن كثب في اطار المساعدة على ولادتها في اسرع وقت ممكن.
واضاف المصدر ان هناك رغبة بل حاجة لتنطلق الحكومة الجديدة في عملها بعد اخذ الثقة قبل نهاية هذا الشهر على ان تباشر فورا الاصلاحات المطلوبة على الصعيد الاقتصادي والمالي والمصرفي، بحيث تبدأ النتائج بالظهور اعتبارا من النصف الاول من تشرين الاول وتتعزز وتتبلور تدريجيا .
وصار معلوما ان ماكرون اخذ وعودا من القوى التي سمت السفير مصطفى اديب لرئاسة الحكومة بتسهيل تشكيل الحكومة بأقصى سرعة وبالتعامل مع هذه العملية بكل مسؤولية بعيدا عن المناورات والمحاصصات الضيقة.
وسألت «الديار» امس احد هذه الاطراف عما اذا كان يتوقع تأليف الحكومة خلال اسبوعين فاجاب: عادة نحن في لبنان لا نستطيع ان نتوقع مثل هذه التوقعات، لكنني وفق اجواء زيارة الرئيس ماكرون ولقاءات قصر الصنوبر اتوقع ان تكون العملية سريعة ولا تأخذ وقتا، وبالتالي نعم يتوقع ان تكون الولادة خلال اسبوعين.
وكشف المصدر عن ان هناك قناعة لدى الاطراف السياسية بأن مبادرة ماكرون هي الفرصة الاخيرة ولا يمكن التعامل معها الا بمسؤولية عالية.
واعرب الرئيس عون امس عن ارتياحه لنتائج زيارة ألرئيس الفرنسي موضحا انه «لمسنا من الرئيس ماكرون استعدادا لتذليل العقبات التي يمكن ان تواجه العمل من اجل تطبيق الاصلاحات ومتابعة مسيرة مكافحة الفساد والتدقيق الجنائي في مصرف لبنان وغيرها من الاجراءات لوضع لبنان على سكة الحلول الفعلية اقتصاديًا».
ولفت الى ان اندفاعة ماكرون تجاه لبنان يجب ان يقابلها عزم لبنان على مساعدة أنفسنا وتشكيل حكومة قادرة وشفافة في اسرع وقت ممكن.
واعتبر عون ان اعلان ماكرون عن انعقاد مؤتمر دولي خاص بلبنان في منتصف تشرين الاول المقبل يعكس ارادة فرنسية خصوصا وأوروبية عمومًا في توفير الدعم اللازم للبنان للخروج من ازمته.
ولفت إلى ان ألرئيس ماكرون تصرف كصديق حقيقي للبنانيين ، وأن المواقف التي اطلقها لا يمكن ان تعتبر تدخلا في شؤون لبنان الداخلية.
الاستشارات والاجواء
واجرى امس رئيس الحكومة المكلف مصطفى اديب الاستشارات النيابية غير الملزمة، فأجمعت الكتل على تسريع تشكيل الحكومة وتنفيذ الاصلاحات . وتعهد رؤساء الكتل التى سمته بتسهيل مهمته.
ولفت اعلان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عدم التمسك بوزارة الطاقة، وقال: «لا مطلب لدينا ولا شروط الا باتخاذ القرار وتنفيذه»، لكنه اضاف انه يمكن ان نتمنى بان تكون هناك مداورة في الوزارات اذا ايد الجميع ذلك، فلا وزارة محجوزة لفريق او طائفة ومن ضمنها الطاقة.
ومن جهته، ذكر النائب ايوب حميد عضو كتلة التنمية والتحرير ردا على سؤال بمبدأ اسناد وزارة «المال» للشيعة حفاظا على حق التوقيع الثالث على القوانين.
وقال مصدر مطلع في هذا المجال انه لا يتوقع ان يحصل تباين او اشكال في هذا الموضوع وان المال ستبقى بيد الشيعة وتسند الى احد الاختصاصيين وليس الى شخصية حزبية مباشرة .
واضاف انه الطبيعي ان يكون المرشح لهذه الوزارة محسوباً على الرئيس بري.
وذكرت المعلومات ايضا ان الاتجاه هو لابقاء حقيبة الداخلية بيد السنة واسنادها الى ضابط متقاعد .
واعلن الرئيس اديب بعد الاستشارات عزمه تشكيل حكومة اختصاصيين تستعيد ثقة اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي.
واكد على ان المسائل الاساسية هي السلم الاهلي وضرورة معالجة المشملات الداهمة والازمة الاقتصادية والصحية وكارثة المرفأ والاصلاحات البنيوية، مشددا على فريق عمل منسجم.
ووفقا للمعلومات، فإن الرئيس المكلف سيكثف مشاوراته لحسم شكل الحكومة وحجمها والتي يتوقع ان لا تكون فضفاضة على ان يبدأ في نهاية الاسبوع جوجلة الاسماء وتوزيع الحقائب لبلورة التشكيلة الحكومية في الاسبوع المقبل.
واضافت المعلومات انه اذا ما صدقت النيات وسارت الامور وفق الاجواء التي سادت خلال لقاءات ماكرون فإن الحكومة ستبصر النور في النصف الاول من هذا الشهر.
موقف واشنطن
من جهة اخرى عكست تصريحات ماكرون وخارطة الطريق التي اعلنها في مؤتمره الصحافي انه يستند الى دعم اقليمي ودولي بالاضافة الى تسليم معظم القوى السياسية اللبنانية بالتجاوب مع مبادرته وطروحاته.
وفي هذا المجال، قال مصدر مطلع على موقف حزب الله ان الحزب يبدي حرصا ومسؤولية في التلاقي مع الرئيس الفرنسي بشأن الحاجة للاسراع في الاصلاحات، وانه مرتاح نسبيا لاجواء زيارته بما في ذلك تعاطيه مع الواقع السياسي اللبناني وموقع حزب الله على الصعيدين النيابي والشعبي.
اما على الصعيد الدولي وتحديدا الموقف الاميركي فقد لفتت مصادر ديبلوماسية الى ان واشنطن تواكب حركة ومبادرة الرئيس الفرنسي منذ زيارته الاولى لبيروت بعد انفجار المرفا ،وانها على تماس مع هذا التحرك.
وفي هذا السياق، اكد وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو «اننا نعمل مع الفرنسيين ولدينا الاهداف نفسها، والسفير هيل كان في بيروت قبل اسابيع والتقى العديد من الزعماء»، مشيرًا الى «ان الامور ليست على طبيعتها في لبنان ولن تكون كما في السابق».
وشدد على «ضرورة ان تكون هناك حكومة تقوم باصلاحات معتبرة وتحدث تغييرات»، معتبرًا ان « نزع سلاح حزب الله اكبر التحديات».
دعم الفاتيكان
وبعد ساعات على زيارة الرئيس الفرنسي برز موقف آخر داعم بقوة للبنان على لسان قداسة البابا فرنسيس الذي دعا للصلاة والصوم غدا الجمعة من اجل لبنان بمناسبة مرور شهر على تفجير المرفأ، وقال «ان لبنان يواجه خطرا كبيرا ويجب عدم التخلي عنه».
واضاف: لا يمكن ترك لبنان في عزلته .بعد شهر مأساة لبنان انفجار مرفأ بيروت ما زالت افكاري مع لبنان العزيز وشعبه الذي يعاني من ضغوط شديدة. وانه في مواجهة المآسي المتكررة ندرك الخطر الشديد الذي يهدد وجود هذه البلاد.
وحث السياسيين والقادة الدينيين على الالتزام بشفافية في اعمال اعادة الاعمار، وتنحية المصالح الحزبية جانبا. ودعا المجتمع الدولي لمساعدة لبنان على الخروج من ازمته الخطرة دون التورط في التوترات الاقليمية.
وسيوفد البابا امين سر دولة الفاتيكان بارولين غدا لبيروت في اطار متابعة الوضع والعمل لدعم لبنان.وانتشرت صورة لقداسته وهو يقبل العلم اللبناني.