كتبت صحيفة النهار تقول: مع أنّ كل الأنظار المحلية الى أي تحرك يقوم به الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة مصطفى أديب والذي تكاد حركته الظاهرة والعلنية تكون منعدمة منذ زيارته اليتيمة لقصر بعبدا غداة إجرائه الاستشارات النيابية في عين التينة يوم الأربعاء الماضي فان الغموض وانعدام اليقين يبدو مسيطرا على الأجواء السياسية والعامة ولا يمكن الجزم باي اتجاهات واضحة حتى الساعة. بطبيعة الحال صارت العناوين الكبيرة المسلم بها لتكوين الحكومة العتيدة معروفة بمعنى ترداد معايير حكومة اختصاصيين في الدرجة الأولى والالتزام بأسرع ما يمكن بانطلاق ترجمة البرنامج الإصلاحي الذي ستستوحيه الحكومة في بيانها الوزاري من الورقة الفرنسية المتضمنة برنامج عمل لكل الأولويات الطارئة التي سيتعين على الحكومة مواجهتها ومعالجتها خصوصا في مرحلة الثلاثة اشهر الأولى المقبلة التي حددها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أولا لعودته في زيارة ثالثة للبنان في كانون الأول المقبل وثانيا لانعقاد مؤتمر دولي جديد من اجل لبنان التزم ماكرون تنظيمه في تشرين ودعا اليه مسبقا رؤساء الجمهورية والمجلس والحكومة اللبنانيين.
تبعا لذلك تسود لدى أوساط مواكبة للاستحقاق الحكومي انطباعات معززة بمعطيات تجمعت في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة ان الرئيس المكلف سيجهد بقوة لجعل ولادة حكومته لا تتأخر ابدا والسعي الى استيلادها في الأسبوع الطالع بما يعني انه في حال تحقق ذلك فستكون الحكومة العتيدة اسرع الحكومات ولادة . ولكن لا يبدو ان الضمانات لهذه الولادة السريعة كافية وحاسمة الى حدود الجزم بان الأسبوع الطالع سيشهد هذا الحدث حتماً. ومع ذلك فان مناخ الضغوط الفرنسية على سائر المسؤولين والقوى السياسية سيشكل كاسحة الألغام التي يفترض ان تعين الرئيس المكلف على تسريع خطواته والنفاد بتشكيلة اختصاصيين قبل ان تدهمه عقبات وعثرات داخل او خارج من شانها ان تؤخر الولادة الحكومية .
واذا صحت المعلومات التي نقلت عن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر خلال لقاءاته البعيدة عن الأضواء مع نواب مستقلين فان الأسبوع المقبل أيضا قد يكون موعدا مفترضا لتطور دقيق وربما يتسم بمستوى بارز من الأهمية اذا صدرت عقوبات أميركية على أشخاص لبنانيين سياسيين واقتصاديين حلفاء لـ”حزب الله”. ومع ان التكهنات المسبقة في هذا المجال لا تستقيم والظروف المتلونة التي تحاصر لبنان فان العقوبات اذا صدرت ستترك انعكاسات حتمية على مجريات الأوضاع الداخلية تبعا لهويات الأشخاص التي قد تطاولهم ومواقعهم ودلالات استهدافهم بالعقوبات في هذا التوقيت الحرج.
في أي حال وفي انتظار ما سيحمله الأسبوع الطالع الذي يبدو مثقلا بالتوقعات لا تبدو صورة الموقف اللبناني محفزة على التفاؤل اطلاقا بمعزل عما يمكن ان يحصل في الاستحقاق الحكومي وتركيبة الحكومة التي يمكن ان تفضي اليها الاتصالات والمشاورات الناشطة بعيدا من الأضواء وبكتمان واضح . وفي هذا السياق لا تكتم أوساط ديبلوماسية واسعة الاطلاع عدم ارتياحها ان لم نقل تشاؤمها حيال المؤشرات المقلقة التي أعقبت الزيارة الثانية للرئيس الفرنسي لبيروت اذ تصاعدت معالم التوظيف السياسي الفاقع لدى حلفاء ايران في لبنان للمرونة الزائدة التي اعتمدها ماكرون مع “حزب الله” خصوصا لجهة اسقاط كل التحفظات التي تتبعها أطراف دولية وحتى أوروبية حياله كما ان التوظيف الذي تلقفته الجهات التي ترتبط بايران ومحور ما يسمى الممانعة لم يقف عند حدود اللعبة اللبنانية الداخلية بل تمدد نحو استثمار الساحة الفلسطينية نفسها مرة جديدة . وتدرج الأوساط الديبلوماسية المطلعة الزيارة المثيرة للشكوك والجدل التي يقوم بها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية لبيروت والتي بدأت فور مغادرة الرئيس الفرنسي بيروت ومن ثم المواقف والاجتماعات والتحركات التي تخللت هذه الزيارة كانها الاستثمار الأكثر إفصاحا لإيران وحلفائها نتيجة المرونة والتمايز الذي أبرزهما الجانب الفرنسي ومسارعة المحور الممانع لتوظيف ذلك ضد الولايات المتحدة والخليج وإسرائيل من الساحة اللبنانية. حتى انه يمكن تفسير جانب من هذا التوظيف في مواجهة ماكرون نفسه لإفهامه بانه ليس سيد الساحة اللبنانية وان أي نجاح لمبادرته يجب ان يمر بموافقة الحزب وداعمته الإقليمية أولا . لذا تبدي الأوساط ظلالا كثيفة من الشكوك والقلق حيال مسار التطورات المقبلة ولو تعاظمت الرهانات الظرفية الان لدى البعض على الحكومة العتيدة والدفع الفرنسي نحو توفير دعم دولي له.