كتبت صحيفة “الديار” تقول: يواصل الاميركيون تصعيد الموقف لبنانيا، يواكبهم السعوديون على وقع “كباش” اقليمي مرشح للتصاعد في الفترة المقبلة وسط اصطفاف جديد في محور تقوده “اسرائيل” لمواجهة ايران، وفي ظل تحذيرات اوروبية من “تسخين” للجبهة اللبنانية، تستعجل باريس تحييد لبنان موقتا عن “نيران” المنطقة، لكن ما تزال محاولاتها تتعثر دون اجوبة حاسمة، فالاجواء التفاؤلية الحذرة التي تم تعميمها في الساعات القليلة الماضية من قبل عدة اطراف سياسية تحاول “التنصل” من تهمة “التعطيل”، لم تصل الى خلاصات حاسمة بعد، وبحسب معلومات “الديار”،لا يزال تشكيل الحكومة في “منتصف الطريق”، ولم تصل زيارة “الخليلين” الى رئيس الحكومة مصطفى اديب الى النتيجة المرجوة، ومحاولات الاستمرار “بالتذاكي” تؤخر التأليف.
فاذا كانت عقدة اسناد وزارة المال الى شخصية شيعية قد تم تذليلها، الا ان العقبة الرئيسية لا تزال في عملية التسمية، حيث لا يزال الرئيس المكلف، بدعم من نادي رؤساء الحكومة السابقين، عند موقفه لجهة اختيار الوزير العتيد، فيما يصر “الثنائي الشيعي” على تسمية الوزير ومعه الوزراء الشيعة في الحكومة، من خلال تقديم عدة اسماء يختار منها الرئيس المكلف، ولذلك تم تجاوز هذه النقطة العالقة خلال اللقاء لمزيد من “التشاور”، وانتقل النقاش الى المبادىء الاساسية للتشكيل لجهة العدد، وغيرها من الامور الشكلية، ولذلك يمكن القول ان عملية “عض الاصابع” لا تزال مستمرة، “والاستدارة” الكاملة بعد “تراجع” الرئيس سعد الحريري لم تحصل بشكل كامل، وثمة محاولة لتقليل حجم الخسارة السياسية التي تسبب بها، وهو ما تعتبره مصادر “الثنائي” استمراراً “بالتذاكي” الذي لن يؤدي الا الى تأخير التشكيل، مع العلم ان “عقدة الحقائب المسيحية لم تطل “برأسها” بعد، والرئيس ميشال عون ينتظر كيفية حل الازمة مع “الثنائي” “ليبني على الشيء مقتضاه”، ولهذا استدعى الرئيس المكلف لزيارته اليوم.
اهداف التصعيد السعودي؟
في هذا الوقت، لا يبدو التعثر الداخلي بعيدا عما يجري في المنطقة. وفي هذا السياق، ورد الى بيروت تحذير ديبلوماسي اوروبي من شخصية معنية بالملف اللبناني اكدت انها تنظر بكثير من القلق الى رفع السعودية خطابها ضد ايران، تزامنا مع التصويب “العنيف” على سلاح حزب الله، من خلال الكلمة المكتوبة للعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز امام الامم المتحدة، ودعت الى الاسراع في “ضبضبة” الملف اللبناني سريعا، وبواعث القلق سببها التحولات الاستراتيجية المتسارعة في المنطقة في ظل عملية التطبيع الممنهجة بين دول عربية و”اسرائيل”.
ومكمن الخطورة، برأي اوساط سياسية بارزة مطلعة على “البرقية” الاوروبية، ان ما يجري الان هو اعادة ترتيب للعمل السياسي الإقليمي داخل “بيت” المحور “المعادي لإيران”، وفي هذا السياق، فإن التطبيع الإماراتي ـ البحراني مع “إسرائيل”، هو في جوهره اقامة جبهة ضد إيران وحلفائها في المنطقة، وليس لتحقيق السلام والازدهار والاستقرار، وهذا يعني أن المنطقة تتجه نحو المزيد من التصعيد “للحرب البادرة” مع فارق جوهري يقوم على تسخين الجبهة السورية المعرضة لمزيد من التدخلات الاسرائيلية المباشرة، وتصعيد لدائرة العمليات العسكرية في اليمن لتبلغ الامارات بعد وصول “شظاياها” الى الداخل السعودي.
“تسخين” الجبهة اللبنانية
اما القلق المستجد، بالنسبة للاوروبيين، فيتعلق بالجبهة اللبنانية التي تعتبرها “اسرائيل” ومعها التحالف العربي “الشوكة” في “خاصرة” اي تفاهمات جدية في الاقليم، وتصاعد الضغوط الاميركية على حزب الله تزامنا مع الحملة السعودية مؤشر مقلق خصوصا ان “الغليان” في الداخل اللبناني قد بلغ ذروته، وسط سلسلة من التفجيرات، وآخرها ما حصل في بلدة عين قانا الجنوبية، والحرائق الغامضة، يشبه بعضها الحرائق التي انتشرت في الغابات اللبنانية عشية ثورة”الواتس آب”. كل هذه الاحداث تنذر بالكثير من مخاطر التصعيد العسكري والامني التي لن يخفف منها تشكيل الحكومة الجديدة التي يجري من خلالها ايضا محاولة الانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، وحشر حزب الله في “الزاوية”.
وبرأي تلك الاوساط، فإن المهة الحكومية بالنسبة الى باريس مجرد تمرير للوقت، ريثما تتضح معالم المرحلة المقبلة في المنطقة والعالم، فيما تصر واشنطن على الاستمرار في رفع سقوف ضغوطها الى حدها الاقصى، دون ان تكون معنية بالنتائج الكارثية المحتملة.
وفي هذا السياق، يأتي تصريح وكيل وزارة الخارجية الأميركية، ديفيد هيل بالامس الذي قال انه عندما يلتزم قادة لبنان بالتغيير فإن أميركا ستقدم المساعدات اللازمة، كما اتهم ايران بتقديم المليارات من واردتها من النفط لحزب الله الذي يهدد أمن لبنان.
لماذا التصعيد في لبنان؟
اما ارتفاع منسوب المخاطر فيقوم على فكرة تسليم “اسرائيل” قيادة الاقتصاد في المنطقة، فبعد نجاحها في الدخول ضمن منظومة خط الغاز الى اوروبا، متحدية روسيا وتركيا، حققت “اسرائيل” الان ما تعتبره تفوقا نوعيا للسيطرة على المنطقة، ووفقا للنظرية السائدة في “اسرائيل” ستحتل التكنولوجيا الإسرائيلية موقع القيادة وسيكون المال الخليجي ممولا لها، بينما تكون الأيدي العاملة العربية والسوق الواسعة هي مجرد الجهاز العضلي للإنتاج والاستهلاك، وهذا الامر يحتاج الى امن مستدام في المنطقة، واذا كانت “اسرائيل” تعتبر ان ايران مردوعة بحكم توازنات القوى، فان قلقها الاستراتيجي الاكبر يبقى في الجبهة اللبنانية التي تريد ان تتخلص منها الى الابد وهي تجد الان الوقت اكثر من مناسب في ظل ضوء اخضر اميركي غير مسبوق، ودعم خليجي كامل، فيما الدولة اللبنانية تشهد انهيارا اقتصاديا فقدت من خلاله دورها الوظيفي في المنطقة، وتبقى عقدة العقد سلاح حزب الله الموضوع على الطاولة الان في دوائر الحلف الجديد، وما يجري راهنا محاولة جدية للتخلص منه، بالضغط غير المباشر او بالتدخل في مرحلة لاحقة.
ماذا تريد باريس؟
وفي هذا الاطار، يمكن فهم الدخول الفرنسي على الساحة اللبنانية ومحاولة الرئيس ايمانويل ماكرون ايجاد موطىء قدم في شرق البحر المتوسط، فهو يدرك جيدا ان المعركة القاسية قادمة، خصوصا اذا ما عاد الرئيس دونالد ترامب الى البيت الابيض، فكلامه عن الاتفاق مع ايران “وهم” لا يتطابق مع ما يجري على الارض، فثمة محوران يخوضان معركة “كسر عضم” في المنطقة،أحدهما عربي ـ إسرائيلي ضد إيران مدعوم أميركيا، والآخر محور إيراني ـ صيني ـ روسي تتقاطع معه مصالح تركيا، بينما يجد الاتحاد الأوروبي نفسه في “الزاوية” وهو مقدم على اختبار قاس في حديقته الخلفية، وما الصعوبات التي تواجهها باريس في لبنان لتشكيل حكومة، الا نموذج عما ينتظرها في المستقبل، ومن هنا يمكن فهم طبيعة الصراع الذي يتجاوز مسألة وزارة المال او توزيع الحقائب، فحزب الله يقرأ جيدا ما يدور في الاقليم، ويدرك جدية التحديات، ولهذا يحسب خطواته بدقة لأن أي “دعسة ناقصة” ستكون مكلفة هذه المرة.
لا نتائج حاسمة حكوميا
حكوميا، وفيما يزور رئيس الحكومة المكلف مصطفى اديب قصر بعبدا اليوم ، اثمرت “الضغوط الفرنسية” عقد لقاء بين المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي لأمين عام حزب الله حسين الخليل مع اديب، لكن النتائج لم تكن حاسمة. ووفقا لمصادر مطلعة على اجواء اللقاء، ما حصل مجرد “تشاور” من دون تقديم “الخليلين” لأديب اي لائحة بأسماء شيعية لحقيبة المال، مع العلم انهما حملا مجموعة اسماء كانا سيقترحانها لتولي وزارة المال والوزارات العائدة للطائفة الشيعية، لكن الاجتماع انتهى بعد نحو نصف ساعة الى نتيجة مفادها ان “للبحث صلة”، ولم يتم الاتفاق على من يسمّي الوزراء، لان الرئيس المكلف لا يزال عند موقفه السابق بالقيام بتسمية الوزراء، وقد ابلغه “الخليلان” ان هذا الأمر غير قابل للتنازل، لا بالنسبة لوزير المال ولا بالنسبة الى الوزراء الشيعة، ولذلك تم تأجيل النقاش، “ويمكن القول اننا في مرحلة تفاؤل حذر، لكن اللقاء كان صريحا، وتم البحث في شكل الحكومة، وغيرها من القضايا، وتم الاتفاق على حصول لقاءات جديدة…”.
اديب الى بعبدا دون “تشكيلة”
وبعد انتهاء اللقاء مع “الخليلين” اتصل الرئيس ميشال عون بالرئيس المكلف واتفق معه على زيارته قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا “للتشاور”، وهذا الاتصال هو الثاني خلال الـ48 ساعة الماضية، ووفقا لاوساط مطلعة لم يعط اديب اي اجابة واضحة حول امكان تواصله مع مختلف الكتل النيابية، بعد تواصله مع “الثنائي الشيعي”، ولم يتحدث عن اي تشكيلة جاهزة بعد، ولذلك فاللقاء هو “للتشاور”.
زيارة لافتة؟
وكان النائب علي حسن خليل، قد اكد عقب زيارة لافتة قام بها على راس وفد من كتلة التنمية والتحرير الى دار الفتوى، التزام الكتلة “بما أكد عليه الرئيس بري، إذ شدد على الالتزام بدعم انجاح المبادرة الفرنسية بكامل مندرجاتها، بدءا بتشكيل حكومة سريعاً وصولا الى عقد مؤتمر للبنان لإطلاق الإصلاحات”، منوهاً بأنه “خلال الأيام الماضية حصل حراك ايجابي وهناك اجواء ايجابية على مستوى تشكيل الحكومة، وسنتعاطى مع الامر بأعلى درجات المسؤولية”. ولفت خليل، إلى أن “الحراك الايجابي فتح اكثر من ثغرة يتم العمل عليها بشكل حثيث خلال هذه الأيام، ومصلحة الجميع ان يكونوا متفائلين، وهو تفاؤل مبني على بعض المعطيات.
“استياء” بعبدا من الحريري
في هذا الوقت، تؤكد اوساط مطلعة على اجواء بعبدا ان “استياء” رئيس الجمهورية ميشال عون من مبادرة رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري لا يتعلق بالمضمون فقط وانما بالشكل، ففيما انتظرالرئيس عون ان يتلقف الحريري مبادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ويعطيها دفعا بعدما انكر حق “الثنائي الشيعي” ميثاقيا بوزارة المال، ذهب الحريري في اتجاه آخر، وكأنه يعمل “نكاية” بالرئيس، وهو حتى لم يثمن مبادرة عون، ولم يأت على ذكرها، وبدل دعم موقف الرئيس، قدم تنازلا في توقيت ملتبس شكل احراجا للرئاسة الاولى التي تسير على “حبل مشدود” في العلاقة مع حزب الله في هذه المرحلة الحساسة، وعلى الرغم من ذلك كان لدى عون الجرأة في القول انه لا يؤيد مطلب “الثنائي الشيعي”، فجاءالحريري مقدما “التنازل”، ضاربا بعرض الحائط كلام الرئيس الذي عاد مكتبه الاعلامي لتذكير الجميع بانه ليس “باش كاتب” ولا يمكن تشكيل حكومة دون توقيعه، اي بمعنى آخر لا يمكن لاحد ان يفرض عليه اتفاقات جانبية خارج الاطار الدستوري، وهذا يعني انه لن يقبل توقيع مرسوم تأليف حكومة، لا يكون موافقا على أسماء أعضائها المسيحيين. ووفقا لتلك الاوساط، فإن “شراكة” رئيس الجمهورية في التأليف منصوص عليها في الدستور، لكنه لا يريد الدخول في محاصصة، وهو حاضر لتسهيل اي عمل يؤدي الى تشكيل الحكومة.
“المستقبل”: مشكلة العهد في مكان آخر
في المقابل، تشير اوساط “المستقبل” الى ان الحريري غير ملزم بشيء تجاه رئيس الجمهورية بعدما “دفنت” التسوية الرئاسية”، واذا كان لدى الرئاسة الاولى مشكلة فهي ليست مع الرئيس الحريري، وانما مع السياسات الفاشلة التي اوصلت العهد الى هذا الدرك من “التهميش والفشل”، واذا كان ثمة من يبحث عن هيبة الرئاسة فعليه الاعتراض على التدخل المباشر للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي حدد نوع الحكومة ومهمتها، وبيانها الوزاري، وكذلك اسماء الوزراء، فيما لم يعترض الرئيس على كل ذلك، ومن هنا فان كيل الاتهامات للرئيس الحريري ليس في مكانه، ومشكلة العهد في مكان آخر.
فرنجية: هذا ما اتفقنا عليه مع ماكرون
وفيما تؤكد مصادر سياسية مطلعة عدم وجود ضغوط فرنسية على “الثنائي الشيعي”، وتشير الى ان حزب الله تبلغ وجود ادراك فرنسي لطبيعة العرقلة الحاصلة من قبل الاخرين، اكد النائب السابق سليمان فرنجية انه لم يتم الاتفاق مع الرئيس الفرنسي على حكومة مستقلة بل على حكومة فعالة وكان شرطه ان تكون الكفاءة في اختيار الوزراء على حساب الولاء السياسي، وهو لم يمانع ان تقوم القوى السياسية باختيارهم، ولفت الى ان مطلب الرئيس نبيه بري بالحصول على وزارة المال ليس جديدًا وسبق أن طلبه منه حين كان مرشحًا للرئاسة عام 2016. وحول العقوبات الاميركية على الوزير السابق يوسف فنيانوس اكد فرنجية ان العقوبات “لا تغير وضعنا السياسي وهي عقوبات سياسية والرئيس المكلف لم يحضر الاتفاق مع الرئيس الفرنسي وفي ملف الحكومة نتخذ موقف المتفرج… وأضاف: رؤساء الحكومات السابقين اختاروا رئيس الحكومة ووافقنا على خيارهم ولكنهم يقومون ايضا باختيار الوزراء، وهذا امر مرفوض. واعتبر ان ما قاله الرئيس عون عن “جهنم” زلة لسان، مؤكدا ان الظروف لم تساعد عون ولا الحظ ولا عرف كيف يحيط نفسه بالشخصيات المناسبة.
تأجيل المدارس “حضوريا”
وامام ارتفاع عداد الاصابات “بكورونا” التي سجلت امس 1027 اصابة وحالة وفاة واحدة، تبنى وزير التربية قرار لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية للفيروس التي اعلنت عقب اجتماتها في السراي الحكومي انه في ظل ارتفاع نسبة الحالات الإيجابية من الفحوصات الى ما فوق الـ 8%، ممّا يشكل خطراً داهماً على الصحة العامة، ويتسبب بانتشار الوباء في القطاع التربوي وفقا للنظم العالمية، لذلك توصي اللجنة بتأجيل تاريخ التعليم الحضوري للطلاب في المؤسسات التعليمية للعام الدراسي مدة 14 يوماً، مع استثناء الامتحانات الرسمية بجميع مراحلها…