كتبت “الأنباء” تقول: فيما تبدو مسألة تشكيل الحكومة في الحجر القسري في القصر الجمهوري، ولا إفراج قريباً عن موعد الاستشارات النيابية الملزمة، فإن خط الاتصال المفتوح، ولو من باب “غداء وداع بروتوكولي”، بيت قصر الصنوبر وحارة حريك ربما يفتح باباً في جدار أزمة تأليف حكومة جديدة، بعد أن حقق اتفاق إطار التفاوض لترسيم الحدود نافذة يمكن الاعتداء بها في ملفات أخرى أساسية لا تقل أهمية كالحكومة والإصلاحات والنقاط الأساسية التي تضمّنتها مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفق ما نبّه الى ذلك الحزب التقدمي الإشتراكي في بيانه أمس.
مصادر سياسية رأت في حديث لجريدة “الأنباء” أن الاجتماعات واللقاءات التي عقدها رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في السراي الحكومي أمس، توحي وكأنه في مكان ما هناك نية لإعادة تفعيل عمل الحكومة المستقيلة، ما يطرح علامات استفهام عن مصير المسار المفترض لتأليف الحكومة.
وفي غضون ذلك، يتفاقم الوضع الصحي بشكل كارثي، ما أجبر وزير الداخلية اتخاذ قرار بإقفال عدد من البلدات بسبب الإنتشار الكبير لفيروس كورونا، وتجديد الإجراءات الردعية والوقائية. وقد لخّص رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي عبر “الأنباء” حقيقة تلك الاجراءات التي لا بد منها، كما قال، للحد من التفشي المجتمعي في القرى التي أشار اليها تقرير وزير الداخلية، “لأن عملية الاقفال ضرورية في مثل هذه الحالات، وبالأخص بعد ان وصلت نسبة الاصابات بكورونا الى ? في المئة من عدد السكان المقيمين”، واصفا ذلك “بالمؤشر الخطير لا سيما وأننا قد أصبحنا في الخريف وتبدل الطقس وبداية موسم الأنفلونزا”.
عراجي أمل ان تسهم الوعود التي قطعتها حكومة تصريف الأعمال ومصرف لبنان بدفع مستحقات المستشفيات الخاصة بعودة هذه المستشفيات عن قرارها واستقبال مرضى كورونا وتخفيف الضغط عن المستشفيات الحكومية التي يبدو أنه لم يعد لديها أسرّة لاستقبال الحالات الصعبة، داعيا اللبنانيين الى عدم الاستخفاف بالعناية الذاتية والوقاية.
على خط آخر، تصدّر موضوع التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية المشهد السياسي، وتعليقاً على مسار هذه العملية أشار الخبير القانوني البروفسور خليل حسين عبر “الأنباء” الى ان “مسألة ترسيم الحدود أو تحديدها هي عملية اجرائية يمكن ان تتم بين دولتين”، مذكّرا “بالمفاوضات التي كانت في السابق وأوصلت الى اتفاقية الهدنة المسجلة في الأمم المتحدة ولم يحصل حينها اعتراف لبناني بإسرائيل”.
وأوضح ان “المفاوضات ستكون غير مباشرة برعاية الأمم المتحدة، والتي يمكن أن تؤدي الى تداعيات لاحقة، بعد ذلك لا أعتقد أن الأمور ستبقى متوترة، وكما أني لا أعتقد ان أي مواجهة أمنية قد تؤدي الى حرب”.
في المقابل، وعلى خط الأزمة الاقتصادية والمعيشية وتعليقاً على الموقف الذي أعلنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بأن “الأزمة الحادة أصبحت وراءنا”، أبدى الخبير المالي والاقتصادي الدكتور نسيب غبريل عبر “الأنباء” استغرابه لهذا التصريح، لافتاً إلى أن “الانكماش الاقتصادي لهذه السنة هو ما بين 20 إلى 24 في المئة، وقد يزداد في السنة المقبلة، وإذا كان قصد الحاكم بحسب السيناريو والاستمرار بالتعطيل الممنهج وعدم إيجاد حكومة تفاوض صندوق النقد الدولي مع تراكم الأزمات التي شهدتها هذه السنة، فبالتأكيد لن تعاد في السنة القادمة، بدءا من انتفاضة 17 تشرين واستقالة حكومة الرئيس سعد الحريري وأزمة كورونا واعلان إفلاس الدولة في آذار وعدم تسديد مستحقات اليوروبوند ثم الحديث عن اقتطاع ودائع الناس وصولا الى انفجار المرفأ واستقالة الحكومة والفشل في تشكيل حكومة جديدة والتراجع في سعر الليرة أمام ارتفاع الدولار، فكل هذه الصدمات من الصعب أن تتكرر في السنة القادمة”.
وعن رأيه بكلام سلامة بموضوع رفع الدعم عن المواد الاساسية، رأى غبريل ان دعم السلع التي يحتاجها المواطن اللبناني من مسؤولية الخزينة وليس مصرف لبنان، قائلا: “اليوم يتحمل مصرف لبنان دعم المشتقات النفطية والأدوية والسلة الغذائية والمواد الأساسية للزراعة والصناعة، ومن جهة ثانية لا يوجد تدفق للأموال ما يعني ان الاحتياط يُستنزف، ومن الطبيعي ان يحصل تراجع طالما الاستنزاف مستمر والسلع المدعومة يجري تهريبها الى خارج الحدود، فالدعم الذي يُقدَّم لم يفد الناس ومن الأساس كان يجب دعم المواطن اللبناني لا المستوردين”.
وقال غبريل: “اذا استمرت الأمور على هذا النحو سنضطر الى رفع الدعم، وإذا أكملنا بالدعم الشامل سنصل الى استنزاف كل الاحتياطي وهذا مضرّ جداً بالناس وبالاقتصاد”، معتبراً ان “البطاقة التموينية هي الحل، وصندوق النقد لا يحبذ فكرة الدعم”.