لم تشهد عطلة نهاية الأسبوع أي تطور ملموس على جبهة التحضير لاستشارات التكليف، التي يفترض أن يدعو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إليها لاختيار الشخصية التي ستكلّف تأليف الحكومة الجديدة، فيما غَزت إشاعات كثيرة الاوساط السياسية حول اتفاقات مزعومة على اسم او أسماء لتولّي هذه المهمة، تبيّن انها مجرد إشاعات رَماها البعض لهدف تسويق نفسه ليس إلّا.
وفي ظل التوقعات في أن يبقى الاستحقاق الحكومي في دائرة الجمود في انتظار عبور الاستحقاق الرئاسي الاميركي المقرر في 3 تشرين الثاني المقبل، تتجه الانظار الى «الخلوة الجوية» المُنتظر انعقادها اليوم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري في طريقهما ذهاباً وإياباً الى الكويت للتعزية بأميرها الراحل الشيخ صباح الاحمد الصباح وتَهنئة خلفه الشيخ نواف الاحمد الصباح، حيث يتوقع ان يبحث الرجلان في ما آل اليه الاستحقاق الحكومي والخطوات الدستورية الواجب اتخاذها لإنجازه في قابل الايام، وإمكان إجراء استشارات التكليف قريباً لاختيار خلف للدكتور مصطفى أديب الذي اعتذر عن هذه المهمة بعد شهر من تكليفه.
يغادر عون وبري ورئيس حكومة تصريف الاعمال الدكتور حسان دياب قبل ظهر اليوم الى الكويت لتقديم التعازي بأميرها الراحل لأميرها الجديد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وإليهم يضمّ الوفد الرسمي وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبة والقائم بأعمال السفارة اللبنانية في الكويت باسل عويدات،على أن يعود الجميع مساء الى بيروت.
خلوة بيروت – الكويت
وفي هذه الأجواء عقد الرهان على هذه «الخلوة الجوية» بين عون وبري، والتي ستستغرق نحو ست ساعات ونصف تقريباً في الذهاب والاياب، وذلك من اجل البحث في ملف الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية لتكليف بديل من أديب لتأليف الحكومة.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ عون وبري يدركان خطورة مرور الوقت من دون إجراء الاستشارات بعدما عَبّر كلّ منهما على طريقته عن الحاجة إليها، فرئيس الجمهورية باشَر اتصالاته في الكواليس لاستمزاج الآراء من هوية الشخصية البديلة في انتظار اللحظة الذي ستسمح ببدء الحديث عنها وتظهيرها الى العلن فور تَوافر الاجماع المطلوب لمثل هذه الخطوة، لأنّ تحديد مواعيد الإستشارات من دون هذا التفاهم قد يؤدي الى نَسف أي فرصة وحصول بلبلة لا يتحملها الوضع الراهن، خصوصاً في ظل تفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية والنقدية التي تناسَلت وانسحبت نتائجها الكارثية على مختلف الصعد.
وفي الوقت الذي نقل عن عون تشديده على ضرورة الاسراع بهذه الخطوة والتفاهم على إطلاق عملية التأليف مجدداً، نقل عن بري قوله «انّ المفاوضات التي ستنطلق في الرابع عشر من الشهر الجاري في الناقورة من اجل ترسيم الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، يجب ان تواكبها حكومة كاملة المواصفات لتشكّل في قرارها دعماً يحتاجه الوفد اللبناني الى المفاوضات الصعبة والمعقدة التي نتوقعها مع الإسرائيليين».
ونقل عن بري ايضاً قوله «انّ البحث لا يزال جارياً عن رئيس حكومة عاقل يستطيع مع الوزراء مواجهة التحديات».
لا تسمية لبعاصيري
وفي الوقت الذي تسرّبت معلومات عن «تفاهم» بين الثنائي الشيعي والرئيس سعد الحريري على تسمية نائب حاكم مصرف لبنان السابق محمد بعاصيري لتشكيل الحكومة الجديدة، نَفت مراجع معنية علمها بمثل هذا التفاهم، مؤكدة أنّ حركة «أمل» و«حزب الله»، اللذين رفضا في مرحلة من المراحل بقاء بعاصيري في نيابة حاكمية مصرف لبنان، لا يمكن ان يبحثا في تسميته لتأليف الحكومة.
وقالت مصادر معنية بالاستحقاق الحكومي انّ البعض يرشّح نفسه لرئاسة الحكومة، والبعض الآخر يرشّح أسماء على سبيل جَس نبض المعنيين ومعرفة ردّات أفعالهم على هذه الاسماء، قبل الخوض جدياً في هذه الترشيحات من عدمها، ولكن تبيّن لهؤلاء انّهم في واد وواقع الاستحقاق الحكومي في واد آخر، خصوصاً انّ الاسماء المتداولة يستحيل ان يقبل بها المعنيون او الحراك الشعبي الذي انتفض ضد السلطة والطبقة السياسية منذ 17 تشرين الاول الماضي ولا يزال، ويرفض ان تتولى رئاسة الحكومة أسماء تحوم حولها شبهات فساد او غيره من الارتكابات التي باتت معلومة لدى عامة اللبنانيين.
الاتفاق الإطار
من جهة ثانية، أكد قريبون من بري لـ«الجمهورية» انه مرتاح جداً الى اتفاق الإطار الذي تم إقراره لترسيم الحدود البرية والحرية.
َووفق هؤلاء فإنّ بري «لا يعير اي اهتمام للاتهامات والتفسيرات الهزيلة التي وضعت الاتفاق في إطار التمهيد للتطبيع مع العدو الاسرائيلي، وهو يعتبر انّ الذين يشوّهون حقيقة اتفاق الإطار إنما يُثبتون انهم لم يقرأوه بل ينطلقون قي مقاربتهم السطحية له من مواقف وأحكام سياسية مُسبَقة».
ويروي هؤلاء انّ بري «يضحك في عِبّه» عندما يُنقل اليه أنّ هناك من يتهم حركة «أمل» بالسعي الى التطبيع ومهادنة اسرائيل، متسائلاً: «هل يعلم هؤلاء انّ الحركة نفّذت 1980 عملية ضد الاحتلال الاسرائيلي؟».
التلطّي خلف بكركي
في مجال سياسي آخر، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» انّ هناك مَن طرح على البطريرك بشارة الراعي فكرة عقد لقاء ثنائي قبل ان تتطور لاجتماع يضمّ النواب الموارنة، ولدى استمزاج رأي «القوات» بلقاءات من هذا النوع سجّلت اعتراضها لسببين أساسيين:
ـ السبب الأول، لأنّ الأزمة المالية التي تعصف بالبلد ليست من طبيعة مذهبية او طائفية، إنما أزمة وطنية مالية اقتصادية معيشية بامتياز تُطاوِل ابن عكار وطرابلس والضنية وزحلة مثلما تُطاوِل ابن كسروان والمتن وبيروت والشوف والنبطية وبنت جبيل. وبالتالي، هذه المسألة تتطلب معالجة وطنية لا طائفية، وما يحصل أساساً هو أكبر من قدرة طائفة أو حزب، ويستدعي تَآلف جميع اللبنانيين للخروج من هذه الأزمة غير المسبوقة.
– السبب الثاني، انّ دعوة البطريرك إلى إعلان حياد لبنان لاقت تجاوباً لدى معظم الفئات اللبنانية التي أمَّت الديمان وبكركي تأييداً لهذا الإعلان الذي يشكّل إنقاذاً للبنان من سياسة المحاور التي أغرقته في حروب وأزمات وحَوّلته ساحة مُستباحة لنزاعات الآخرين، والحياد يشكّل حلاً وطنياً لا مذهبياً وطائفياً، والبطريرك حَمله لإنقاذ لبنان وجميع اللبنانيين».
ورأت المصادر انه «انطلاقاً من الأزمة المالية العابرة للطوائف والمناطق، وانطلاقاً من دعوة الحياد الى حل لبناني وطني، لا يجوز عقد اجتماعات من طبيعة طائفية او مذهبية لا تقدّم ولا تؤخّر في الأزمة القائمة، بل قد تؤخّر، فيما المطلوب تَضافر كل الجهود للخروج من هذه الأزمة التي شكّلت المبادرة الفرنسية فرصة استثنائية للخروج منها، ولكن تمّ إجهاضها عن طريق التمسّك بالأولوية المصلحية نفسها التي أدت أساساً إلى هذه الأزمة».
وختمت المصادر: «في كل الحالات، لا يجوز لبعض الأفرقاء المسيحيين، الذين تَمادوا بعيداً جداً في انفرادهم بالقرارات وإدارة الدولة وبعد سقوطهم المريع، أن يأتوا الآن الى بكركي للتلطّي خلفها».
مواقف
وفي عظة الأحد من الديمان، رحّبَ البطريرك الراعي بـ«إعلان الدولة اللبنانيّة تَوصّلَها إلى «اتفاق إطاريّ» لترسيم الحدود البريّة والبحريّة مع إسرائيل بما يَسمحُ للبنان بأن يستعيد خط حدوده الدوليّة جنوباً، ويُسهِّل له استخراج ثرواته البحريّة من النفط والغاز، ويُنهي مسلسل الاعتداءات والحروب بين لبنان وإسرائيل، بموجب القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، ويَضعه على مسار التفاوض السلميّ عوضَ القتال، من دون أن يعني ذلك عمليّة تطبيع». ودعا الى «إيجاد اتفاق يَحلّ مسألة وجود نحو نصف مليون لاجئ فلسطينيّ على أرض لبنان، والعمل على ترسيم الحدود مع سوريا لجهة مزارع شبعا، وإنهاء الحالة الشاذّة والمُلتبسة هناك».
ورأى الراعي: «إنّ ما يؤلمنا بالأكثر هو إهمال السلطة السياسيّة لشعبها، وتَحكّم الجماعة السياسيّة بمصير بلادنا، وإمعان النافذين في إفشال تأليف حكومة تتولّى إدارة شؤون البلاد، بعد أن نجحوا في إرغام رئيس الحكومة المكلّف على الإعتذار، على الرغم من المبادرة الصديقة التي بادرَ بها مشكوراً الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون. فنقول لهم جميعاً: لستم أسياد الشعب بل خدّامه! وليست الدولة ملككم، بل ملك شعب لبنان! لا يحقّ لأحدٍ منكم أو لفئة أو لمكوّن أن يجعل من لبنان حليفاً لهذه أو تلك من الدول في صراعها ونزاعها وحروبها وسياساتها، بل لنجعله صديقاً ووسيطَ سلامٍ واستقرار! لا تجعلوا من لبنان صوتاً لهذه أو تلك من الدول بل حافظوا عليه صوتاً حرّاً للحقّ والعدالة وحقوق الإنسان والشعوب! حافظوا عليه في هويّته السياسية وهي حياده الناشط الذي يحرّره من حالة التبعيّة إلى الخارج، ودوّامة الحروب؛ ويحقّق سيادته الكاملة داخليّاً وإقليميّاً ودوليّاً، مُرتكزة على دولة القانون، وعلى جيشها وسائر قواها المسلّحة؛ ويُمكّنه من القيام بدوره ورسالته في الأسرتين العربيّة والدوليّة».
ورأى انّ «فداحة الأوضاع واحتمالات حصول تطوّرات من طبيعةٍ متنوّعة، تُحتِّم الإسراع بتأليف حكومة تُجسّد آمال المواطنين، ليَنتظِم العمل الدستوريّ والميثاقيّ، فلا يُبيح أحدٌ لنفسه استغلال حالة الغيبوبة الدستوريّة أو تصريف الأعمال، أو وباء كورونا، وما هو أدهى من ذلك، ليخلق أمراً واقعاً».
عودة
من جهته، رأى متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده، في قداس الاحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في وسط بيروت، انّ «ما نعيشه في لبنان حالياً يُنذر بالأسوأ، والكل أذنبوا بحق هذا البلد الحبيب النازف، ولا يزالون جميعاً يحومون حول الجثة ليتقاسموها. سَلّموا لبنان الجريح إلى من يستطيع تضميد جروحه، ولا تنتحلوا صفة الجرّاح لأنكم تزيدون الجروح التهاباً. إرحموا لبنان وشعبه الصامد، يرحمكم الله». وقال انّ «مَن في يدهم السلطة يضيعون الوقت في خلافاتهم العقيمة، ومطالبهم التعجيزية، والتمسّك بمكتسباتهم ومصالحهم على حساب الوطن وأبنائه. ما يدفعنا إلى السؤال: هل هناك نية حقيقية للعمل والإنقاذ والإصلاح الحقيقي؟ وهل يعملون عند رَب عملٍ واحد اسمه لبنان أم هناك من هو أغلى وأكبر وأهم؟».
«لبنان القوي»
وأكد أمين سر تكتل «لبنان القوي» النائب ابراهيم كنعان انّ «الملف الحكومي تحرّك، وهناك حركة فرنسية وضعت الماكياج للمبادرة السابقة، ما خلقَ جواً جديداً يفترض ان يكون عملياً وواقعياً هذه المرة. فالتجربة السابقة عَلّمت الكل، والأخطار المالية والاقتصادية والأمنية تدفع الجميع نحو مَسار يطرح إمكانية الوصول الى نتيجة». وإذ اكد انّ «تكتل لبنان القوي يريد من الحكومة أمرين: ان تتشكّل في أقرب فرصة وأن تنفّذ الاصلاحات»، شدد على انّ «التفاهم مطلوب لحماية التأليف بعد التكليف، والمضمون يجب ان يكون قبل الشكل، وما حصل في فترات سابقة من تَبدية الشكل على المضمون كان خطأ».
كورونا
على الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 1002 إصابة جديدة بكورونا، ما رفع العدد التراكمي للاصابات منذ 21 شباط الماضي الى 44482 حالة.
ووجّه وزير الصحة حمد حسن رسالة الى المستشفيات الخاصة، لأن تُبادر إلى تجهيز الأقسام وتفتح أبوابها لاستقبال حالات كورونا. وقال من مستشفى دار الأمل الجامعي – بعلبك: «التكتيك الذي اتُّبع بالتدخّل وتنفيذ الخطة حال دون التفشي المجتمعي للوباء». وشدّد على أن «لا صفقات على حساب المصابين أو ضحايا كورونا، وكل ما يُقال في هذا الاطار هو لِذرّ الرماد في العيون».
وانطلقت أمس من وزارة الصحة العامة فِرق طبية لإنجاز المسوحات اللازمة (فحوص PCR وRapid Tests) في المدن والبلدات الـ 111 التي بدأ إقفالها وعزلها، بهدف الكشف على الواقع الوبائي فيها والسعي للحدّ من تفشي الوباء.
ويعمل الفريق على إجراء 650 فحص pcr للذين لديهم عوارض، 2000 rapid test مُنتقاة للاشخاص الذين يتعاطون مباشرة مع الناس، كأصحاب السوبرماركات والصيدليات وعمال النظافة في البلديات والمصالح التي هي على تَماس مباشر مع المواطنين، وستكون العيّنات مُنتقاة من أهالي القرى الخاضعة للاقفال.