كتبت صحيفة “الديار” تقول: في خيمة تمّ اقامتها مقابل قيادة القوات الدولية في جنوب لبنان في منطقة الناقورة، انعقدت الجلسة الأولى للمفاوضات غير المباشرة بين الوفد اللبناني برئاسة العميد الركن الطيار بسام ياسين مع الوفد الإسرائيلي برئاسة عملية من المستشار السياسي لرئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو وتحت رعاية الأمم المتحدة بوجود مندوبها في لبنان يان كوبيتش وحضور الوسيط الأميركي وكيل وزير الخارجية الأميركية للشرق الأوسط ديفيد شنكر ومعه السفير الأميركي في الجزائر جون ديروشر. وكانت مدة الاجتماع لفترة قصيرة وهي مخصصة بترسيم الحدود البحرية الجنوبية وتمّ عرض المواقف من الأطراف المشاركين في الاجتماع على أن يتم الاجتماع الثاني في الناقورة يوم الاثنين 26 تشرين الأول الجاري.
وحاول الوفد الإسرائيلي التودّد كثيراً باتجاه الوفد اللبناني لكن الوفد اللبناني بقي ملتزماً بالحديث مع ممثل الأمم المتحدة.
أما شينكر فكان قليل الكلام لكنه قال أن الاتفاق عندما يحصل سيجعل السلام في شمال “إسرائيل” وجنوب لبنان لشعبيّ البلدين. وإثر انتهاء الاجتماع طلب الوفد الإسرائيلي أخذ صورة تذكارية مع الوفد اللبناني بوجود مندوب الأمم المتحدة والوسيط الأميركي الذي شجّع على أخذ الصور التذكارية. الا أن الوفد اللبناني رفض ذلك وطلب من المصورين عدم أخذ أي صورة أثناء خروج الوفد اللبناني والإسرائيلي من الخيمة حيث كان مركز الاجتماع والمفاوضات.
توتّر سياسي في بيروت
أما في بيروت فقد حصل اعتراض حازم لحزب الله وحركة أمل الذين قالوا أن تشكيل الوفد اللبناني مخالف لاتفاق الإطار ودعا حزب الله وحركة أمل في بيان أصدراه فجر الأربعاء الى إعادة تشكيل الوفد اللبناني الموكل مفاوضات الترسيم مع “إسرائيل” واعتبر حزب الله وحركة أمل أن شمول الوفد شخصيات مدنية مخالف لاتفاق الإطار الذي أعلنه الرئيس نبيه بري حول مفاوضات ترسيم الحدود والذي أكد على الانطلاق من تفاهم نيسان 1996 والقرار 1701 وعلى أساسه تحصل اجتماعات دورية بين ضباط عسكريين حصراً وفقط دون وجود أي مدنيّ في اطار الوفد اللبناني.
وأكمل حزب الله وحركة أمل موقفهما برفض الانجرار الى ما يريده العدو الصهيوني من خلال تشكيل الوفد الإسرائيلي وضمه مدنيين هم سياسيون كي يجعل المفاوضات تبدو سياسية اقتصادية. لذلك منعاً للضرر بموقف لبنان ومصلحته العليا يجب أن يكون الوفد اللبناني مؤلفاً من ضباط فقط من الجيش اللبناني لأن الحاق مدنيين بالوفد اللبناني يشكل ضربة قوية لدور لبنان ومقاومته وموقعه العربي إضافة الى التسليم بالمنطق الإسرائيلي الذي يرغب بالحصول على أي شكل من أشكال التطبيع.
وأنهى بيان حركة امل وحزب الله بيانهما بطلب العودة فوراً عن قرار تأليف الوفد اللبناني وحصره بضباط الجيش اللبناني فقط.
كذلك انضم تجمع نواب اللقاء التشاوري الذي انعقد في دارة النائب عبد الرحيم مراد الى موقف حزب الله وحركة امل وابدى استغرابه لإشراك مدنيين في الوفد اللبناني الى جانب عسكريين وطالب بالرجوع عن تأليف الوفد كما تم تأليفه.
اما في “إسرائيل” فقد قال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتس ان “إسرائيل” ستواصل التفاوض مع لبنان بخصوص الحدود البحرية بينهما بعد انعقاد اجتماع أوّل قصير بين البلدين وأضاف ان “إسرائيل” وافقت ان يمضي الوفد الإسرائيلي قدماً في المحادثات لإعطاء فرصة للعملية.
واثناء المفاوضات بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي بصورة غير مباشرة فقد قام المسؤولون الإسرائيليون بتسليم رسالة الى الوفد اللبناني وفق موقع “واللا” الإسرائيلي حيث قالوا في الرسالة انه اذا خاض لبنان المفاوضات بنهج إيجابي وعملي فسيكون من الممكن التقدم بسرعة والتوصل الى اتفاق خلال أسابيع أو أشهر.
ونقل موقع “واللا” عن مسؤول في تل أبيب: “ان كان اللبنانيون يسعون الى التفاوض من اجل هزيمة إسرائيل فلن يكون تقدّماً بل سيبقى لبنان في الوضع الذي هو فيه الان دون التمكن من فتح حقول الغاز التابعة له”.
ويعتبر الكلام الصادر عن مسؤول في تل ابيب استفزازي ووقح.
أما الوفد اللبناني فكان بارعاً في المفاوضات وتحدث عن القانون الدولي وكيفية رسم الحدود البحرية وحقوق لبنان في “المنطقة الاقتصادية الخالصة” ورغم أن الوفد الإسرائيلي عندما كان يتكلم يوجه كلامه للوفد اللبناني فان الوفد اللبناني كان يوجه كلامه ليان كوبيتش للتأكيد أن المفاوضات هي غير مباشرة.
أما في واشنطن فقد رحّب وزير الخارجية بومبيو بالمفاوضات اللبنانية الإسرائيلية وقال أن هذا العمل هو جزء من العمل على الاستقرار في الشرق الأوسط.
وأعرب عن أمله في توصل لبنان و”إسرائيل” الى اتفاق على حدود بحرية مشتركة.
وصدر بيان أميركي مشترك مع الأمم المتحدة جاء فيه أنه تمت المفاوضات بتسهيل من قبل الأميركيين بقيادة ديفيد شينكر والسفير الأميركي السابق في الجزائر جون ديروشر واستضافها منسق الأمم المتحدة الخاص بلبنان يان كوبيتش.
وأضاف بيان الخارجية الأميركية مع الأمم المتحدة الى أن ترأس الوفد الإسرائيلي من قبل مدير عام وزارة الطاقة أودي أديري وترأس الوفد اللبناني من نائب رئيس الأركان للعمليات في الجيش اللبناني العميد بسام ياسين كان ناجحاً وأجرى الوفدان محادثات مثمرة وأعادا تأكيد التزامهما بمواصلة المفاوضات في وقت لاحق من هذا الشهر.
اما في بيروت فقال وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبي أن لبنان لا يعقد اتفاقاً ليعترف باسرائيل بل يقوم بالتفاوض على ترسيم الحدود البحرية. أضاف الوزير وهبي:” لن نقوم بالتطبيع ولن نوافق على اتفاقات سلام انما ترسيم الحدود واجب علينا ولن نترك حدودنا البحرية غير محددة ونترك العدو الاسرائيلي ينقّب عن النفط والغاز بشكل قريب جداً من المياه اللبنانية دون أن نستعمل حقنا بالتنقيب عن النفط والغاز في مياهنا”.
أما السؤال الكبير فهو ماذا سيفعل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون؟
بعد موقف الثنائي الشيعي الحازم واللقاء التشاوري فإنه بات هناك خلاف بين الثنائي الشيعي وموقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. فإذا أكمل الرئيس عون المفاوضات بالوفد الحالي فسيصطدم بمعارضة شديدة من حركة أمل وحليفه بورقة التفاهم حزب الله، ويبدو أن حركة أمل وحزب الله لن يتراجعا عن موقفهما. والرئيس عون الذي استقبل الوفد اللبناني أمام قرار يجب أن يتخذه وقد يكون على الأرجح تعيين ضباط بدل من التقنيين في الوفد اللبناني وإن لم يفعل ذلك فإن حركة أمل وحزب الله سيرفعان الغطاء عن الوفد اللبناني والمفاوضات، والمرحلة حالياً ليس بامكانها تحمل أزمة بهذا الحجم بين الرئيس عون والثنائي الشيعي واللقاء التشاوري.
تأجيل الاستشارات ورد بري
قرر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة الى الخميس المقبل، هذا وصدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية البيان الاتي: “قرر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة التي كانت مقررة يوم الخميس 15 تشرين الاول 2020 اسبوعا أي الى يوم الخميس 22 تشرين الاول 2020 بالتوقيت نفسه، وذلك بناء على طلب بعض الكتل النيابية لبروز صعوبات تستوجب العمل على حلها”.
وفي سياق متصل، أفادت قناة ال NBN عن أن “رئيس مجلس النواب نبيه بري ضد تأجيل الاستشارات النيابية ولو ليوم واحد”.
الحريري والعقدة المسيحية
الرئيس سعد الحريري الذي أعلن ترشيحه لتأليف الحكومة الجديدة مع اجراء مفاوضات مع الكتل والقيادات وعلى أساس أن يقرر المضي أو الانسحاب. فإن أجواء الرئيس الحريري ايجابية حتى الآن لكنه يواجه عقدة مسيحية ذلك أن الوزير فرنجية وحده أيّده.
أما القوات اللبنانية وهي حزب مسيحي قوي فلن يسمّيه. كذلك التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل وأثناء خطابه في ذكرى 13 تشرين قال كلاماً يعرقل مهمة الرئيس الحريري ولا يتجه باسيل الى تأييد الرئيس الحريري من دون وضع شروط عليه قد لا يقبلها الأخير وخاصة بقاء وزارة الطاقة تحت مظلة التيار الوطني الحر، ذلك أن المبادرة الفرنسية التي اطلقها الرئيس الفرنسي ماكرون تركز على اصلاح الكهرباء والحريري يريد اختصاصي في معالجة موضوع الكهرباء ووقف النزيف الكبير فيها والذي تسبب بعجز على مدى سنوات وصل الى 40 مليار دولار.
اما التيار الوطني الحر فيريد تسلم وزارة الطاقة من جديد في الحكومة الجديدة على مثال قبول الحريري اعطاء وزارة المالية للطائفة الشيعية والاتفاق معهم على اسم الوزير ولذلك يريد باسيل أسوة بحركة أمل وحزب الله أن لا تحصل المداورة في وزارة الطاقة ويتم تعيين اختصاصي للكهرباء يختاره التيار الوطني الحر.
اضافة للعقدة المسيحية هناك الوزير السابق ورئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط الذي لم يتضح بعد موقفه من تسمية الرئيس الحريري في الاستشارات النيابية الملزمة مع أن الرئيس نبيه بري قد يلعب دوراً لمحاولة اقناع جنبلاط بالمضي بتسمية الحريري لرئاسة الحكومة العتيدة.
=================