كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: كأنّ يداً خفيّة تحرّك الداخل في الإتجاه الصدامي، ولا تترك نافذة انفراج مفتوحة إلّا وتعيد إغلاقها؛ فطريق الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة الجديدة، انفجر فيها لغم سياسيّ تجلّى في المواقف الهجوميّة التي القى بها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، في طريق الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة. سرعان ما أصابت شظاياه موعد الاستشارات الملزمة التي كانت مقرّراً اليوم، فأجّلها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى الخميس من الاسبوع المقبل.
بلا أي مقدّمات موضوعية، وبلا اي سبب مقنع او موجب له من اي نوع كان، صدر “فرمان رئاسي”، حسب تعبير مصادر سياسية، قرابة التاسعة ليل امس، بنصّ صادم يعلن فيه “انّ رئيس الجمهورية قرّر تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة التي كانت مقرّرة يوم الخميس 15 تشرين الاول 2020 اسبوعاً، أي الى يوم الخميس 22 تشرين الاول 2020 بالتوقيت نفسه”، وقال انّ هذا التأجيل جاء “بناء على طلب بعض الكتل النيابية، لبروز صعوبات تستوجب العمل على حلها”.
أقلّ ما يُقال حيال هذا التأجيل، حسب المصادر، انّه “غير مبرّر على الإطلاق، بل هو يعبّر عن عجز في التعاطي مع استحقاق حكومي، ينتظر اللبنانيون ان يُدخلهم الى الانقاذ الموعود عبر المبادرة الفرنسية، التي كان رئيس الجمهورية، حتى الأمس القريب في صدارة المؤكّدين على الالتزام بها والعمل على انجاحها وعدم وضع العراقيل في طريقها.
خطورة قرار التأجيل، أنّه اتُخذ عن سابق تصوّر وتصميم، بقرار منفرد، وتحت عنوان احادي “أنا فقط .. ومن بعدي الطوفان”، مستجيباً لرغبة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ورفضه عودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، وهو ما اكّد عليه امام نواب “تكتل لبنان القوي” في الساعات الماضية. كما عاد واكّد ليلاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالقول: “لكل من يتفلسف ويتكهّن ويراهن: مع احترامنا لقرار تأجيل الاستشارات النيابية فإنّ هذا لن يغيّر في موقفنا”.
وتضيف المصادر، انّ “خطورة هذا القرار، ليس في مضمونه فقط، بل في كونه يؤكّد المقولة السائدة عن لبنان، بأنّه يفتقد الى القادة الحكماء الذين تقودهم مصلحة البلد، وفي كونه يجهز على البقية الباقية من هيبة الدولة ومؤسساتها، ويطوّع الدستور في خدمة مصلحة القريب، وتصفية الحسابات، ليس مع الحريري فقط، بل مع كل البلد!”.
فأي رسالة يوجهّها هذا القرار الى المجتمع الدولي، لا بل كيف سينظر الخارج الينا بعد هذا القرار المعروفة اسبابه للقاصي والداني؟ واي مبرّر سنتذرّع به؟
واي رسالة يوجهها هذا القرار الى اللبنانيين، هل يدعوهم الى النزول الى الشارع؟ هل فات من يقف خلف القرار، انّ اللبنانيين اهتروا، وصاروا يصارعون الوقت، وكانوا يعلّقون الأمل على تشكيل حكومة يمكن ان يُفتح معها باب الخلاص، ويهربون من خوفهم المرعب من أنّ كل تأخير ومضيعة الوقت، يقرّبهم من قعر الهاوية، إن لم يكن أسوأ بإدخال البلد الى فوضى لن يكون في مستطاع احد ان يلحق بها او تقدير تداعياتها والمدى الذي ستبلغه؟
وأيّ مشهد لبناني هو الذي سيسود في الآتي من الايام؟ واي صورة ستكون عليها المكونات السياسية والنيابية، بعدما قفز فوقها التأجيل الرئاسي للاستشارات، فيما هي كانت قد اعدّت نفسها ليوم استشارات التكليف؟
الرئيس نبيه بري سارع في موقف لافت، يعبّر عن مدى استيائه، الى التأكيد انّه ضدّ تأجيل الاستشارات ولو ليوم واحد. و”حزب الله”، ووفق ما اكّدت مصادره لـ”الجمهورية”، انّه فوجئ بالتأجيل، وانّه في الاساس ضدّ هذا التأجيل، لما له من انعكاسات سلبية. واجواء بيت الوسط مذهولة مما حصل، و”اللقاء الديموقراطي” لا يقرأ في القرار سوى “حقد على الدولة ومؤسساتها والشعب اللبناني، وإيغال في اسقاط منطق الدولة”.
ولعلّ السؤال الذي يطرحه مرجع مسؤول في موازاة قرار التأجيل: الغالبية الساحقة من الكتل النيابية كانت مع الاستشارات، وقررت الذهاب اليها اليوم، فأي كتل هي التي طلبت الى رئيس الجمهورية ان يؤجّل، فهل كتلة باسيل صار يُنظر اليها على أنّها “كتل”؟ وطالما يُقال انّ هناك حرصاً على الدستور، فلماذا لا يطبّق هذا الدستور، وترك الامور تأخذ مداها الطبيعي؟
ما قبل القرار
نذر التأجيل، بدأت تظهر نهار امس، وفق ما اكّدت مصادر موثوقة لـ”الجمهورية” بـ”محاولات جدّية” لتأجيل موعد الاستشارات ربطاً بموقف باسيل، الاعتراض على تسمية الحريري لرئاسة الحكومة”. الّا انّ القوى السياسية ظلت تراهن على موقف رئيس الجمهورية بأن يقارب الامور بموضوعية وحيادية، ويستجيب للمناخ الداخلي العام المتأثر بغالبيته الساحقة بالمبادرة الفرنسية واستعجالها تشكيل حكومة جديدة بلا اي ابطاء، محذّرة من أن تأجيل الاستشارات اليوم، معناه اعادة خلط الاوراق من جديد، ما قد يؤدي الى ما هو أسوأ، ايّ تعقيد التكليف وكذلك التأليف لاحقاً.
والاكيد، ربطاً بأجواء الكتل النيابية، انّ ابقاء الاستشارات في موعدها اليوم، كان يعني أنّ الرئيس سعد الحريري سيُسمّى رئيساً مكلّفاً لتشكيل حكومة المبادرة الفرنسية. وهو قد أعدّ عدّته لما بعد التكليف وحدّد مسبقاً خريطة تحرّكه.
اتصالات
الصورة العامة تأرجحت نهاراً، بين احتمالي الابقاء على موعد الاستشارات، وتأجيلها، وهو ما فرض حركة اتصالات علنية وغير علنية على اكثر من خط سياسي، سعياً لإتمام الإستشارات وانجاز التكليف اليوم، والاتجاه الغالب، “كان لمصلحة ابقاء الاستشارات في موعدها. فأي تأجيل سيربك البلد الذي لا يحتمل أي خضة سياسيّة، وغير سياسية، خصوصاً وانّ الوقت يضيع من عمر البلد، وبالتالي لا بدّ من التقاط الفرصة السانحة حاليا والاستفادة من فرصة المبادرة الفرنسية لوضع البلد على سكة الانفراج”.
باريس على الخط
وعلمت “الجمهورية” من مصادر موثوقة، انّ باريس كان حاضرة بزخم في الساعات الماضية، عبر اتصالات وردت من العاصمة الفرنسية الى اكثر من جهة سياسية، ولا سيما في اتجاه المختارة وبيت الوسط، تلاها اتصال هاتفي وصف بالايجابي والهادئ والصريح من الرئيس سعد الحريري برئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط، في وقت كانت عين التينة قد “اشتغلت” بفعالية في الساعات الماضية على خط المختارة، سعيًا الى ان يكون النائب جنبلاط شريكاً في الفرصة الانقاذية المتاحة للبلد، وكان رئيس الحزب التقدمي متجاوباً، حيث قرّر ان يشارك في الاستشارات ويسمّي الحريري لتشكيل الحكومة”.
وبحسب المعلومات، فإنّ الجانب الفرنسي كان اكّد في اتصالاته، على الحاجة الى اتمام الاستشارات النيابية الملزمة اليوم، على طريق تشكيل حكومة في اقرب وقت ممكن. وهو ما اكّده مرجع مسؤول لـ”الجمهورية” بقوله: “لو تمّ تكليف الرئيس الحريري اليوم الخميس، لا أعتقد أنّ تشكيل الحكومة كان سيأخذ وقتاً طويلاً، واعتقد أنّ المسألة لم تكن ستتعدى اكثر من أيام معدودة، خصوصاً وانّ مواقف الاطراف معروفة، والصورة الحكمومية شبه واضحة، تحتاج الى بعض “الرَوْتَشَة”، فضلاً عن انّ البيان الوزاري للحكومة الجديدة شبه منجز، خصوصاً وانّ الاساس فيه ورد في المبادرة الفرنسية ومندرجاتها”.
اكثر من 70 صوتاً
وفيما كانت “القوات” سارعت الى حسم موقفها بأنّها لن تسمّي الحريري، كانت غالبية الكتل النيابية الأخرى قد حسمت خياراتها لجهة تسمية الحريري، بحيث كان الحريري لو بقيت الاستشارات في موعدها اليوم سيُسمّى رئيساً للحكومة بأكثرية تتجاوز الـ”70 صوتا” موزعة كالآتي: كتلة تيار المستقبل (20 نائبا)، كتلة الرئيس نبيه بري (17 نائبا)، كتلة الوفاء للمقاومة (14 نائبا)، كتلة المردة (5 نواب)، اللقاء الديموقراطي (7 نواب)، كتلة الرئيس نجيب ميقاتي (4 نواب)، اللقاء التشاوري (3 نواب) الكتلة القومية (3 نواب)، كتلة الطاشناق (3 نواب)، اضافة الى نواب مستقلين.
التكتل
اما بالنسبة الى موقف تكتل “لبنان القوي”، فقد علمت “الجمهورية” انّ مناقشات داخلية جرت، خصوصاً بين نواب “التيار الوطني الحر”، لتحديد الموقف من تسمية الحريري، حيث برز رأي يقول بأن يصار الى ترك الحرية لاعضائه في التسمية، كما برز رأي آخر برفض تسمية الحريري، فيما اكّد رئيسه انّه مع التأجيل، وفي الموازاة تحدثت معلومات عن اتصالات مع التيار في محاولة لإقناعه بالمشاركة في الاستشارات وبأحد أمرين: الأول تسمية الحريري، اذ انّ لا توجد اي خيارات بديلة، والثاني، إن قرر عدم تسميته في الاستشارات، فلا يسمّي أحداً غيره.
مفاوضات الترسيم
أمّا طريق مفاوضات ترسيم الحدود البحريّة والبريّة بين لبنان واسرائيل، ففجّرت حركة “أمل” و”حزب الله” ، فيها لغماً ليليًّا، اعتراضاً على اللون السياسي الذي أُضيف على تشكيلة الوفد اللبناني المفاوض، الذي يشدّدان على أن يكون عسكريًّا لا غير، دون أيّ إضافات سياسية.
واذا كانت المفاوضات، قد شهدت بالأمس، أول اجتماعاتها في خيمة نُصبت في محاذاة مقرّ الأمم المتحدة في الناقورة، إلاّ أنّ ذلك لم يحجب الدخان السياسي الاسود الذي عبق في الأجواء الداخلية، ربطاً بهذا الملف، ووضع العلاقة بين عين التينة و”حزب الله” والقصر الجمهوري من جهة ثانية، على خط التوتر.
“الثنائي”
وفيما تردّد انّ اتصالات اميركية جرت في الايام الاخيرة مع شخصيات لبنانية سياسية، شدّدت على ابداء مرونة في التواصل مع الوفد الاسرائيلي للمساعدة في انهاء الترسيم سريعاً، علمت “الجمهورية” انّ الساعات السابقة لصدور بيان أمل و”حزب الله” الاعتراضي على تشكيلة الوفد المفاوض الذي شكّله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، شهدت حركة اتصالات مكثفة بين عين التينة و”حزب الله”، وكذلك بين الحزب والقصر الجمهوري.
وفي المعلومات، فإنّ الثنائي توجّسا من لحظة الاعلان الرسمي عن اسماء اعضاء الوفد المفاوض، وبحسب مصادر قريبة منهما فإنّهما رسما علامات استفهام حول مغزى اشراك “مدنيين” ضمن اعضاء الوفد، في الوقت الذي توجب مفاوضات من هذا النوع حصره بالجانب العسكري، اي بضباط من الجيش اللبناني.
وبحسب المصادر نفسها، فإنّ “الثنائي” يعتبران أنّ امراً دقيقاً وحساساً كمفاوضات الترسيم، يتطلب ان يقارَب بروحية تدعِّم موقف لبنان وتحصّن المفاوض اللبناني، وليس بأي خطوة متسرّعة او غير مدروسة، قد تؤسس الى شطب جهد عشر سنوات من المفاوضات الشاقة حول هذا الملف بشحطة قلم.
ومن هنا، تقول المصادر، يأتي اصرار الثنائي على حصر الوفد المفاوض بالجيش اللبناني فقط، وعدم تطعيمه بمدنيين، سواء أكان لهم صلة بالموضوع او لم تكن (على غرار ما حصل في تشكيل الوفد الذي ضُمّ اليه مدنيّان ليسا على صلة بهذا الامر)، وذلك انطلاقا من الخشية لديهما من استغلال العدو الاسرائيلي هذه المسألة، ليحاول أن يحرف مسار المفاوضات في الاتجاه الذي يريده، بما ينسف كلّ الجهد الذي بُذل طيلة تلك السنوات للوصول الى الاتفاق على اطار المفاوضات.
وبحسب المعلومات، فإنّ اعتراض امل و”حزب الله” أُبلغ الى رئاسة الجمهورية، إلاّ انّهما أبلغا قبيل منتصف ليل الثلاثاء بإصرار رئيس الجمهورية على تشكيلة الوفد كما وضعها ورفضه تعديلها. الامر الذي حدا بهما الى اصدار بيان مشترك عن قيادتي “امل” و”حزب الله”، اعتبرتا فيه “تشكيل الوفد اللبناني بالصيغة التي وردت وضمنه شخصيات مدنية، مخالفاً لاتفاق الاطار ولمضمون تفاهم نيسان.”، واذ طالبت القيادتان بإعادة تشكيل الوفد بما ينسجم مع اتفاق الاطار، اعلنتا “رفضهما الانجرار الى ما يريده العدو الاسرائيلي من خلال تشكيلته لوفده المفاوض، والذي يضمّ بأغلبه شخصيات ذات طابع سياسي واقتصادي، ويعلنان رفضهما الصريح لما حصل، واعتباره يخرج عن اطار قاعدة التفاهم الذي قام عليه الاتفاق، وهو ما يضرّ بموقف لبنان ومصلحته العليا، ويشكّل تجاوزاً لكل عناصر القوة لبلدنا وضربة قويه لدوره ولمقاومته وموقعه العربي، ويمثل تسليماً بالمنطق الاسرائيلي الذي يريد اي شكل اي شكل من اشكال التطبيع”.
بعبدا
الى ذلك، قالت مصادر مطلعة على الموقف الرئاسي “إنّ اي كلام عن تعديل الوفد اللبناني المفاوض هو في غير محلّه، وايّ تعديل قد يطرأ على تركيبة الوفد يفرضه مسار المفاوضات”.
الجولة الاولى
وكانت الجولة الاولى من مفاوضات الترسيم قد انعقدت قبل ظهر أمس، في خيمة نصبت قرب مقر الامم المتحدة في الناقورة، حيث وصل الوفد اللبناني على متن 3 مروحيات حطّت في الناقورة، كانت قد انطلقت من بيروت، وتوجّه بعدها الى رأس الناقورة.
ويأتي ذلك بالتوازي مع تدابير أمنية مشددة اتخذها الجيش اللبناني واليونيفيل ودوريات على مدار الساعة لمواكبة الجلسة الأولى من المفاوضات.
واللافت في هذه الجولة غياب الصورة التذكارية للاجتماع، فيما أفيد بأنّ اللغة المعتمدة في الاجتماع هي اللغة الانكليزية، وامّا الوفد اللبناني فسيتحدث بالعربية مع ترجمة فورية الى اللغة الانكليزية.
وافيد بأنّ 4 كلمات ألقيت خلال هذه الجولة، للوسيط الاميركي وكوبيتش والوفد الاسرائيلي والوفد اللبناني الذي تحدث باسمه رئيسه العميد بسام ياسين، الذي قال: “لقاؤنا اليوم سوف يطلق صفّارة قطار التفاوض التقني غير المباشر، ويشكل خطوة أولى في مسيرة الألف ميل حول ترسيم الحدود الجنوبية. وانطلاقاً من مصلحة وطننا العليا نتطلّع لأن تسير عجلة التفاوض بوتيرة تمكننا من إنجاز هذا الملف ضمن مهلة زمنية معقولة”.
اضاف: “نحن هنا اليوم لنناقش ونفاوض حول ترسيم حدودنا البحرية على أساس القانون الدولي، واتفاقية الهدنة عام 1949 الموثّقة لدى دوائر الأمم المتحدة، واتفاقية بوليه/ نيوكومب عام 1923، وتحديداً بشأن ما نصّت عليه هذه الاتفاقية حول الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة براً. في المقابل، فإننا نتطلع لقيام الأطراف الأخرى بما يتوجب عليها من التزامات مبنية على تحقيق متطلبات القانون الدولي والحفاظ على سرية المداولات، وإنّ تثبيت محاضر ومناقشات اجتماعات التفاوض التقني غير المباشر، كذلك الصيغة النهائية للترسيم يتمّ بعد تصديق السلطات السياسية اللبنانية المختصة عليها”.
البيان
وفي نهاية جولة المفاوضات، صدر بيان مشترك عن “حكومة الولايات المتحدة ومكتب منسق الامم المتحدة الخاص للبنان يان كوبيتش” جاء فيه:
“إجتمع ممثلون من حكومات كلّ من إسرائيل ولبنان والولايات المتحدة في 14 تشرين الأول لبدء مناقشات تهدف إلى التوّصل إلى إجماع على حدود بحرية مشتركة بين إسرائيل ولبنان، وتمّت المفاوضات بوساطة وتسهيل من قبل الفريق الأميركي، بقيادة مساعد وزير الخارجية ديفيد شينكر والسفير جون ديروشر، واستضافها منسق الأمم المتحدة الخاص للبنان يان كوبيتش. وترأس الوفد الإسرائيلي مدير عام وزارة الطاقة أودي أديري، وترأس الوفد اللبناني نائب رئيس الأركان للعمليات في الجيش اللبناني العميد بسام ياسين”.
أضاف البيان: “وفي خلال هذا الاجتماع الأولي، أجرى الممثلون محادثات مثمرة، وأعادوا تأكيد التزامهم بمواصلة المفاوضات في وقت لاحق من هذا الشهر”.
يُشار هنا الى انّ معلومات تحدثت عن اتفاق على عقد اجتماعات متتالية بمعدل اجتماع كل اسبوعين، فيما موعد الاجتماع المقبل تحدد يوم الاثنين 26 تشرين الاول الجاري.
عون وياسين
وكان رئيس الجمهورية قد استقبل رئيس الوفد اللبناني المفاوض في القصر الجمهوري، وبحسب معلومات القصر فإنّ “العميد ياسين أطلع رئيس الجمهورية على وقائع الاجتماع الاول من المفاوضات غير المباشرة، وتم عرض المواقف التي صدرت من الاطراف المشاركين في الاجتماع”.
وقالت مصادر اطلعت على اجواء اللقاء لـ”الجمهورية” انّ العميد ياسين وضع عون في أدقّ تفاصيل الجلسة، مشيراً الى انّ الاجواء توحي بالإيجابية التي عَبّر عنها اطراف اللقاء، توصّلاً الى تأكيد شينكر انّ بلاده مستعدة لتنفيذ ما تعهدت به، وسيكون دوره مسهّلاً للمفاوضات ومستعد للتدخل في اي موضوع وتذليل اي عقبة يمكن ان تنتج في اي لحظة، اذا وافق الطرفان على هذا الدور.
واشار ياسين الى عدم حصول اي اشكال في الجلسة الافتتاحية، وان الوفد رفض التقاط اي صورة تجمعه بالوفد الاسرائيلي، وهو ما ادى الى اتخاذ صورتين منفصلتين في نهاية الاجتاماع ضَمّت كلّ منهما الوفد اللبناني مع الوفد الأميركي الذي جمع شينكر والسفيرة دوروتي شيا والسفير جون ديروشر ومنسق الأمم المتحدة الخاص للبنان يان كوبيتش، وأخرى بين الوفد الاسرائيلي والوفدين الاممي والاميركي، كما التقطت صورة شاملة للقاء وتقرر ألّا تنشر.
شينكر
وفي معلومات “الجمهورية” فإنّ شينكر سيزور بعبدا غداً، بعدما تقرر ان يبقى في بيروت 4 ايام.
وبعد الظهر، زار شينكر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي. وفي معلومات “الـجمهورية” انّ اللقاء شكل مناسبة لإجراء جردة بالملفات المطروحة على الساحة اللبنانية والعلاقات اللبنانية – الأميركية، وما يحتاجه لبنان من دعم على اكثر من مستوى، ولا سيما القضايا الاقتصادية والحكومية والمساعدات الاميركية للاجهزة العسكرية، وفي إطار إعادة إعمار ما دمّره انفجار مرفأ بيروت، والمشاريع الانمائية وما تركته جائحة كورونا.
وبعدما قدّم البطريرك الراعي مداخلة حول مطلبه بحياد لبنان الإيجابي، اعاد التذكير بالمذكرة التي سَلّمها سابقاً الى دايفيد هيل في زيارته الاخيرة الشهر الماضي الى بيروت، ولفتَ الى أهمية توفير الدعم الدولي لهذا التوجّه الذي سيقود لبنان الى الخلاص من الكثير من مشكلاته المتصلة بالقضايا الخارجية.
وردّ شينكر مؤكداً اهتمام بلاده بمطلبه بالحياد الإيجابي في المنطقة، وقال انّ ادارته تتابع هذا الملف من جوانبه المختلفة، وهي تتابع ردات الفعل المختلفة لتقرر ما يمكن تقديمه من مساعدة على كل المستويات، مُجدِّداً التأكيد على مساعدات بلاده العسكرية والأمنية والدعم لمؤسساته الشرعية والمجتمع المدني.
واكد شينكر انّ مواقف بلاده معلنة من الحكومة المطلوبة للبنان، ولا يعنيها من سيكون رئيسها الذي يجمع عليه اللبنانيون وينال مهمة التكليف، وانّ ما يهمها في النتيجة ان تكون حكومة شفافة وحيادية وفاعلة للقيام بالاصلاحات التي طال انتظارها من المجتمع الدولي والمؤسسات المانحة، لافتاً الى اهمية استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وانّ بلاده مستعدة للمزيد من الدعم بإشارة من الصندوق، وبعد تعَهد لبنان بخريطة طريق اقتصادية ومالية وادارية إصلاحية.
بومبيو
الى ذلك، رحّب وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو بمفاوضات الترسيم، وقال في مؤتمر صحافي: “نرحّب بالمحادثات بين لبنان واسرائيل بهدف ترسيم الحدود البحرية بينهما، ونحن ملتزمون بإنجاحها”.
وقالت عضو لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي السيناتور عن ولاية نيو هامبشاير، جاين شاهين، انها ستتابع مسألة ترسيم الحدود في لجنة الشؤون الخارجية عبر طرحها الأسئلة والحصول على الإيضاحات من الإدارة الأميركية في شأن المفاوضات بين لبنان وإسرائيل”.
وأعربَت عن “ثقتها بمساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر الذي سيعمل جاهداً لإنجاح المفاوضات”، معتبرة أنّ “رؤية المنطقة الحدودية الجنوبية للبنان منزوعة السلاح سينعكس إيجاباً على لبنان وإسرائيل والمنطقة كلها”.
واكدت في الوقت نفسه أنّ الولايات المتحدة ملتزمة العمل مع فرنسا والمجتمع الدولي من أجل لبنان.
إسرائيل
في هذا الوقت، أعلنت اسرائيل (رويترز) انها “ستواصل المحادثات الحدودية مع لبنان لإعطاء فرصة للعملية”، فيما قال مصدر كبير في وزارة الطاقة الاسارائيلية انه “يأمل الّا يحاول “حزب الله” إحباط هذه المفاوضات”، مشيراً الى “أنّ نجاحها سيُسفر عن فوائد اقتصادية كبيرة للشعب اللبناني”.
ورأى المصدر، الذي نقل كلامه موقع “مكان” الاسرائيلي”، انّ لبنان بحاجة ماسة لتوفير الغاز الطبيعي للاستهلاك الداخلي، وذلك بخلاف إسرائيل التي تتوفّر لديها حقول عديدة من الغاز.” وأوضح المصدر، بشكل لا يقبل التأويل، “انّ المفاوضات لن تتطرق اطلاقاً الى ترسيم الحدود البرية بين البلدين”.
جحيم مكتمل الأوصاف
من جهة ثانية، بَدت التحركات العمالية في الشارع امس استباقية، تهدف في المقام الاول الى قطع الطريق على أي محاولة لرفع الدعم عن كل السلع. واذا كان العمال قد هددوا بأنّ أي محاولة لرفع الدعم لن تمر، فإنهم لفتوا الى خطورة أي دعسة ناقصة، لأنها لا تَمسّ بلقمة العيش فحسب، بل قد تؤدي الى فلتان أمني.
هذا التحرّك يفتح النقاش واسعا امام معضلة توزيع المسؤوليات. وبالتالي، من غير الجائز ان يكون قرار الدعم أو رفعه بين يدي حاكم مصرف لبنان لوحده، وعلى الحكومة، ولو كانت في مرحلة تصريف أعمال، أن تتحمّل مسؤوليتها. ولا يستطيع رئيسها أن يتخذ مواقف غامضة، وكأنه لا يريد ان يتحمّل مسؤولية وقف الدعم، ولا يريد في المقابل ان يتحمل مسؤولية استمرار الدعم، والانفاق من الاحتياطي الالزامي.
وبالتالي، أظهرت تحركات الاتحاد العمالي أمس انّ رفع الدعم شبه مستحيل، في حين انّ استمراره على النحو القائم حالياً سيؤدي الى أخطار أكبر في المستقبل. وبالتالي، لا بد من إعادة النظر بطريقة الدعم، بحيث يصبح أقل كلفة وذا فعالية أكبر وأكثر عدالة. كما ينبغي ربط الدعم بخطة متكاملة، بحيث يتم وضع روزنامة زمنية لبداية الدعم ونهايته، بالتزامن مع التقديرات التي ينبغي ان تضعها الدولة، لبدء تنفيذ الخطة الانقاذية، وبدء مسيرة التعافي، التي تسمح بالاستغناء عن الدعم بكل أنواعه. ومن دون هذا المخطط يتجه البلد الى جحيم حقيقي مكتمل الأوصاف.