ما يتسرب من أجواء ديبلوماسية إقليمية ودولية، يشير إلى أن الصورة اللبنانية قاتمة في المرحلة المقبلة، واذا كان المعنيون محلياً لم يتفقوا على تشكيلة حكومية، فكيف إذا سيتمكنون من الإتفاق على خطة إصلاحية واضحة أو على برنامج واضح للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، خصوصاً وأن مجموعة الدعم الدولية، كما الجهات المعنية والمتابعة للملف اللبناني، لا تملك أي أمل بأن القوى الحاكمة قابلة لاتخاذ قرارات جذرية وإصلاحية.
وبحال إستمر الوضع على ما هو عليه، فإن لبنان سيكون في حالة حصار عام وعزلة عن العالم، أو قد يتحول إلى سجن تفتقد فيه كل مقومات الحياة، لا سيما مع استمرار الإنهيار وفقدان الدولار، وانعدام المواد والسلع الأساسية، وغياب كل الاحتمالات بوصول مساعدات خارجية لوقف الانحدار.
الشهر المقبل سيكون بالغ الخطورة إقتصادياً ومالياً، بالتزامن مع ارتفاع منسوب التشاور حول وجوب وقف الدعم والتداعيات التي ستنجم عن ذلك، وهو أمر تكشف “الأنباء” أن الحزب التقدمي الإشتراكي يُعِدُّ له اقتراحاً جريئاً يُبصر النور في غضون أيام ويهدف الى حماية العائلات الفقيرة وذوي الدخل المحدود عبر توفير إمكانية صمودهم المعيشي، مقابل ترشيد الدعم عبر وقف الآلية الحالية التي تستنزف الاحتياطي لمصلحة التجار والمحتكرين والمهربين، ولا تساعد الفقراء بشيء يذكر.
حكومياً فإن الملف في مرحلة جمود جديدة، وتؤكد معلومات “الأنباء” أن فرنسا أصبحت على قناعة في تحميل مسؤولية التعطيل للفريق الذي يرفض تقديم أي تنازل لتسهيل تشكيل الحكومة، لعدم تجاوبه مع المسعى الفرنسي في الفصل بين العقوبات على جبران باسيل وبين المبادرة الفرنسية في تشكيل الحكومة.
وبمجرّد أن تشير باريس إلى وجوب الفصل بين تشكيل الحكومة والعقوبات، فإن ذلك إقرار فرنسي بالفريق الذي يعرقل عملية التشكيل بعد العقوبات على باسيل بحثاً عن تحصيل المزيد من المكاسب السياسية في إطار الصراع على الحصص. وهنا تكشف المعلومات أن هناك نصائح يتلقاها الرئيس سعد الحريري من قبل جهات محلية وخارجية، حول وجوب الإقدام على خطوة نحو الامام، والذهاب إلى قصر بعبدا وتقديم تشكيلة حكومية معقولة ومقبولة وبالمواصفات المطلوبة مؤلفة من 18 وزيراً وتسليمها إلى رئيس الجمهورية لوضعه أمام مسؤوليته في التوقيع عليها وإحالتها على المجلس النيابي، أما بحال رفضها فتكون الكرة أصبحت بملعبه وليتحمل مسؤوليات تداعيات هذه الخطوة. إلا أن الحريري لم يحسم قراره بعد.
وفي السياق الحكومي نفسه، أشار عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجّار إلى أن “لا إتفاق نهائي بين الرئيسين عون والحريري، رغم قطع مسافة طويلة في مسار التشكيل على صعيد صيغة الحكومة وعدد الوزارء وتوزيع الحقائب على الطوائف، إلا أن الأمور لا زالت عالقة عند مرحلة إسقاط الأسماء، ويبدو أن الإختلاف في وجهات النظر لا يزال قائما، في ظل إصرار الحريري على حكومة إختصاصيين لا تضم حزبيين، تنفّذ الإصلاحات المطلوبة، وهو ملتزم بالمبادرة الفرنسية، وبالإتفاق الذي تم مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهو الأمر الذي تم تأكيده لمستشاره لشؤون الشرق الأدنى، باتريك دوريل”.
وحول إحتمال تأخير ولادة الحكومة إلى العام المقبل، الى بعد تسلّم الرئيس الأميركي المُنتخب جو بايدن صلاحياته، رأى الحجّار في حديثه لجريدة “الأنباء” الإلكترونية أن “رهن لبنان بالمتغيرات الخارجية سيوصل البلد إلى الإنهيار الذي حذّر منه عدد من الدبلوماسيين سابقا”. وشدّد الحجار على “ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة، لأن البلد أمام مفترق طرق، ولا يحتمل أي تأخير في هذا الخصوص”.
من جهته، لفت عضو تكتّل لبنان القوي إدغار طرابلسي في إتصال مع جريدة “ألأنباء” الالكترونية إلى أن “إتفاقا مبدئيا جرى بين الرئيسين في ما خص توزيع الحقائب، لكن فعليا، الأمور لا زالت راكدة دون أي تطور جديد”.
أما في ما خص التواصل الذي جرى مؤخرا بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والحريري، فقد أكد طرابلسي أنه “ورغم الإتصال الذي حصل في حضور الموفد الفرنسي، لكن لا تواصل ولا مباحثات بين الرجلين”، معتبرا أن ”موعد تشكيل الحكومة قد يطول، إلى ما بعد تسلم بايدن رئاسة الولايات المتحدة الأميركية”.
في السياق نفسه، رأى عضو كتلة التنمية والتحرير قاسم هاشم في إتصال مع جريدة “الأنباء” الالكترونية أن “لا إتفاق ولا تفاهم نهائي حول مختلف المواضيع الخلافية بين الحريري وعون، والنقاش لا يزال يدور حول كافة النقاط، رغم ما أشيع عن إتفاقات في البداية”.
وحول إمكانية عودة الحريري عن وعده لجهة إيلاء الثنائي حركة أمل وحزب الله وزارة المالية من أجل تطبيق وحدة المعايير إلتزاما بمبدأ المداورة، نفى هاشم هذا الإحتمال، مشيرا إلى أن “الموضوع منتهي، وأي كلام آخر حول هذا الأمر سيعيد عملية التشكيل إلى نقطة الصفر”. ولفت هاشم إلى أن “مسؤولية تشكيل الحكومة هي لبنانية، رغم تأثر لبنان بالأمور الإقليمية والدولية، لكن نرفض السماح للخارج بإطلاق يده، لأن مصلحة الوطن تقتضي تأليف حكومة في أسرع وقت”.
في غضون ذلك تسجّل المناطق اللبنانية إلتزاما نسبيا بقرار الإقفال العام، في ظل تشدّد القوى الأمنية في تطبيق الإجراءات، وإقامة الحواجز وتسيير الدوريات كما وضبط المخالفين. إلّا أن عدّاد كورونا لا يزال مرتفعا، فقد أعلنت وزارة الصحة عن 1507 إصابات جديدة، و12 حالة وفاة.
في هذا السياق، رأى رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية أن “المناطق اللبنانية تُظهر إلتزاما بقرارات الإقفال والتعبئة العامة، والمواطنون يتقيدون بإرتداء الكمامة أثناء التنقل، كما أن القوى الأمنية تقوم بواجباتها، وتلاحق المخالفين، وهو أمر إيجابي”، لافتا إلى أن “الهدف اليوم يقضي بوقف إرتفاع عدّاد كورونا، ونتيجة الإجراءات تحتاج إلى أسبوع لكي تظهر”.
أما في ما خص تجهيز المستشفيات، فقد أعلن عراجي “رفع المستشفيات الحكومية أعداد الأسرّة المخصصة لكورونا أكثر من مئة سرير في الأسبوعين المقبلين، إلّا أننا في إنتظار إلتزام كل المستشفيات الخاصة رفع عدد الأسرّة، ما يمكّن القطاع الإستشفائي من مجاراة الإنتشار الخطير للفيروس” محذرا من أن “الإصابات التي تستوجب دخول المستشفى ترتفع”.
في هذا الإطار، أشار عراجي إلى أن “إعطاء المستشفيات جزءا من حقوقهم سيشكل إنفراجة، وهي بالتالي مطالبة في إفتتاح أقسام جديدة بمرضى كورونا، ورفع أعداد أسرّة العناية الفائقة”.
الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء : تعطيل التأليف يُطيّر المساعدات الخارجية. . و”التقدمي” يحضّر لطرح “ترشيد” الدعم