لبنان يغرق هي قصة ابريق الزيت بين الشتاء وطرقات العاصمة. لا بل قصة امعان الدولة في الاستهتار. الاستهتار نفسه الذي فجر العاصمة ومن فيها منذ اربعة اشهر والوزارة نفسها، اغرقا اللبنانيين اول امس السبت في مشهد كارثي مألوف يتكرر كلما دقّ منخفض جويّ باب البلد الغارق في وحول الاداء السياسي المقيت العاجز عن الخروج منه، بعلاجات لا تشفي الداء ومراهم موضعية لا يمكن ان تنهي الاعتمال الخطير الذي اصابه.
واذا كان انجاز التدقيق الجنائي الذي تغنت به الرئاستان الاولى والثانية، بما تضمن التصويت عليه من رسائل بينهما امس لمصلحة شموله حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح والمجالس والمؤسسات المالية والبلديات والصناديق كافة بالتوازي للتدقيق الجنائي دون اي عائق او تذرع بالسرية المصرفية ، اعطى بارقة امل بإمكان فتح مسرب في اتجاه بدء ورشة البحث عن اموال وودائع اللبنانيين المهدورة والمنهوبة، فإن الامل يبقى ضئيلا بتحقيق حلم الوصول الى خط النهاية ما دام المسؤولون عن مسلسل الهدر المزمن هم انفسهم القيّمون على التحقيق والمحاسبة، علما ان تصويت المجلس النيابي ليس قرارا ولا قانونا فيما ورشة من هذا النوع لاسيما انها تتطلب رفع السرية المصرفية لا يمكن ان تصبح سارية المفعول الا بقوة القانون الكفيل وحده بالغاء قانون آخر.
كوبيش والتجربة
في هذا الاتجاه صوب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش تغريدته عبر “تويتر” اليوم كاتبا: “إشارة سياسية قوية من مجلس النواب، تؤيد إجراء تدقيق جنائي واسع النطاق. إن القيمة الحقيقية لشيءٍ تظهر بعد تجربته”.
المسرحية الثقيلة
ومثله فعل ايضا رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مغرّدا عبر :”بعد القرار الذي اتخذه مجلس النواب في جلسته المنعقدة أمس الجمعة في 27-11-2020، والذي أكّد فيه على ضرورة السير بالتدقيق الجنائي في مصرف لبنان وفي مختلف وزارات الدولة وإداراتها والمؤسسات العامة والصناديق المستقلة، وبعدما أفتى المجلس النيابي بعدم سريان مفاعيل السريّة المصرفيّة على عمليات التدقيق الجنائي هذه، فقد أصبحت الكرة في ملعب رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون وحكومة تصريف الأعمال، إن السلطة الإجرائيّة، أي رئيس الجمهوريّة وحكومة تصريف الأعمال، مدعوة إلى إعادة تكليف اي شركة مختصة بالتدقيق الجنائي في أسرع وقت ممكن، لكي تباشر بالتدقيق بدءاً من مصرف لبنان وتباعاً على إدارات الدولة كلها، نظراً لما لهذه الخطوة من أهميّة قصوى على صعيد أي خطوة إصلاحيّة منتظرة في المدى القريب، وإلا يكون كل ما شهدناه مسرحيّة “ثقيلة” – “غليظة” في الوقت الذي يعاني المواطن اللبناني مأساة عميقة وموجعة ومتمادية”.
حزب الله ينضم
وفيما التدقيق يملأ الساحة المحلية بأصدائه وتفاعلاته، بقي الملف التشكيلي الحكومي غائبا عنها بالكامل في انتظار زيارة يعوّل على ان يقوم بها الرئيس سعد الحريري الى قصر بعبدا متأبطا تشكيلة يطالبه بها الجميع وقد اكتملت فصول محاصرته من القوى السياسية المعنية بالملف بانضمام حزب الله اليها من خلال مواقف نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عبر قناة “المنار”، اذ اعتبر أن “موافقة الكتل شرط أساسي لتشكيل الحكومة”، معتبراً أن ”هذا ما يجب أن يفهمه الأميركي”، موضحاً أننا “لم نصل إلى موضوع التسمية في ما يتعلق بالوزراء الشيعة، لكن الأمور ستكون سهلة عند الوصول إلى هذه المرحلة”.
فلتكن الدعوى
على خط السجال الوزاري القضائي الذي اقام الدنيا ولم يقعدها بين وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي والجسم القضائي على اثر اتهام القضاة بأنهم فاسدون بنسبة 95 في المئة، ردّ وزير الداخلية في تصريح، على الدعوى التي ستقام ضدّه بفعل تصريحه، وقال: “فليكن الانتقاد، ولتكن الدعوى… إذا كانت صراحتي قد أيقظت البعض في القضاء، فهذا هو المطلوب من أجل البدء بقضايا الناس المنسية وبقضايا المظلومين في السجون”.
مستنقع الطرقات
حياتيا، وفي اقل من ساعة على هطول امطار غزيرة، علق اللبنانيون داخل سياراتهم في طرقات العاصمة التي تحولت الى انهار ومستنقعات يصعب الخروج منها. من نهر الموت مروراً بضبيه وصولاً الى جونيه ومن نفق سليم سلام الى طريق المطار وغيرها من المناطق، غرقت الطرق بالامطار ومعها سيارات المواطنين لساعات في انتظار فرج من مكان ما يخرجهم من فيضان الدولة و”قرفها”.
فتح البلاد
في المقلب الصحي،قررت لجنة كورونا بعد اجتماع في السراي امس اعادة فتح البلاد اعتبارا من اليوم الاثنين.
أشار وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن، أن “نسبة الالتزام بالاقفال العام لم تتجاوز الـ50%. ونحن مقبلون على فترة الاعياد ويجب أن نفسح المجال للناس للتنفس اقتصاديا وعلى الجميع التحلي بالمسؤولية”.
وتقرر الغاء نظام المفرد والمزدوج في حركة السيارات وحددت نسبة إشغال المطاعم 50 في المئة ،كما يمنع إقامة الاعراس وستبقى الملاهي الليلية والحانات مقفلة.
كما تقرر بدء حظر التجول من 11 ليلاً حتى الخامسة صباحاً على ان يكون الاقفال العام بدءاً من العاشرة ليلاً.
جريمة بشري
من جهة اخرى وفي اول تعليق سوري مستغرب، أوضحت وزارة الخارجية السورية، أنّ دمشق “تابعت باهتمام الحادث المؤسف في بلدة بشرّي والذي أودى بحياة مواطن لبناني”، داعية “القضاء المختص الى القيام بدوره بكل شفافية لإماطة اللثام عن كافة جوانب هذه القضية ووضع حدّ للتحريض واللغة العنصرية واستغلال هذا الحادث الفردي”. ونقلت “سانا” عن مصدر في الوزارة “أن سوريا تابعت باهتمام الحادث المؤسف في بلدة بشرّي اللبنانية والذي أودى بحياة مواطن لبناني وتتقدم بمواساتها لعائلة الفقيد”.
36 ألف محضر ضبط!
غرّد النائب زياد الحواط عبر حسابه في “تويتر”: “لبنان الشرعي مقفل ووزير الداخلية يتباهى بتسطير 36 ألف محضر ضبط، أما وزير الصحة فيكسر قيود التعبئة ويشارك في احتفالات بمناطق خارج سيطرة الشرعية ويجول بأسواقها غير المعنية بقرار الإقفال ولحين أن تبسط الدولة هيبتها وأمنها وسيادتها على كل أراضيها تصبحون على وطن”.