كتبت صحيفة الديار تقول: لا يزال مسار تشكيل الحكومة “الانقاذية” عالقاً في شباك المحاصصة من جهة، وتريّث الرئيس المكلف سعد الحريري في تقديم تشكيلة حكومية كاملة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون من جهة اخرى. وفي حين يرزح المواطن اللبناني تحت أثقال الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية العاصفة بالبلاد، تختلط عليه الأسباب الحقيقية الكامنة وراء تأخر تأليف الحكومة في ظل صمت اعلامي مطبق يمارسه فريق الحريري، وتضارب في المعلومات بين الجهات الفاعلة في عملية التشكيل من مرجعيات وأحزاب مؤثرة. ففي حين، يتهم التيار الوطني الحر الرئيس المكلف بالرهان على تبدل الظروف وتراجع الضغوط، في اشارة الى ما سرب اعلامياً عن ضغوط أميركية تمارس على الحريري لمنع توزير مقربين من النائب جبران باسيل أو من حزب الله، يرد المقربون من الحريري أن الأخير ينطلق من روحية المبادرة الفرنسية والتي تنص على توزير اختصاصيين كفوئين غير حزبيين، واعتبار ان باسيل يستعمل عبارة “وحدة المعايير” للإستئثار بالحصة المسيحية في الحكومة.
الملف الحكومي
وفي هذا الاطار، تنفي مصادر قريبة من حزب الله للديار، أن يكون الحزب قد تبلغ من الحريري أو من أي جهة معنية بتشكيل الحكومة، مباشرةً أو مداورةً، أن الأميركيين هددوا الحريري بفرض عقوبات عليه في حال تمت تسمية وزراء مقربين من الحزب، معتبرة أن العقدة الحقيقية لا تزال في تسمية الوزراء المسيحيين والعالقة بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية. كما اعتبرت المصادر انه قد تكون لدى الحريري رغبة بعدم التشكيل حالياً في انتظار تسلم الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن مقاليد السلطة في الولايات المتحدة، خصوصاً بعد معلومات عن توجه لدى بايدن بتسهيل عمل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في لبنان، على عكس ادارة ترامب التي كانت تفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين كلما اقترب مسار التشكيل من بلوغ نهاية سعيدة. وتضيف المصادر “قد يكون الحريري ينتظر تفعيل الدور الفرنسي في لبنان مع توقعه بممارسة الفرنسيين ضغوطاً أكبر على الساحة اللبنانية بالاتفاق مع ادارة بايدن”.
بالمقابل، كشفت مصادر مطلعة على مسار تشكيل الحكومة للديار، عن معلومات تشير الى امكانية زيارة الحريري لبعبدا اوائل الاسبوع المقبل حاملاً تشكيلة حكومية أفضل من “التشكيلة المبتورة” التي قدمها للرئيس عون في زيارته السابقة، حسب تعبيرها. وفي المعلومات، ان الحريري سوف يحمل معه الى بعبدا هذا الاسبوع تشكيلة حكومية شبه مكتملة، وقد يُراعي فيها الملاحظات التي ابداها رئيس الجمهورية في الاجتماع الاخير. واضافت المصادر بتفاؤلٍ حذر “قد يتفق الحريري مع عون على اسماء الوزراء المسيحيين”.
وتعلل المصادر تفاؤلها بوجود اتصالات داخلية وخارجية عملت على تذليل العقبات وتقريب وجهات النظر، اضافةً الى الكلام الواضح من الرئيس الفرنسي ماكرون على ضرورة تشكيل حكومة جديدة خلال مؤتمر دعم لبنان. وفي سياق متصل، تشكك أوساط 8 آذار في هذا التفاؤل، اذ تشير الى ان الحريري لا يزال على رأيه وسيُقدم تشكيلة استفزازية لعون، مشيرة الى ان رئيس الجمهورية لن يوافق في هذه الحالة.
من جهة أخرى، ترفض أوساط سياسية قريبة من تيار المستقبل، الكلام عن أن الرئيس الحريري عرض تشكيلة مبتورة على الرئيس عون، مؤكدة أن الحريري لم يحصر التشاور مع عون في الاسماء المسيحية، بل تعدى الأمر الى حصص الطوائف الأخرى، وتشير الأوساط الى ان المشكلة الحقيقية عند النائب جبران باسيل، فقد سبق وابدى الرئيس عون موافقته على اسماء مسيحية مرشحة للوزارة ثم “غير رأيه” بعد رفض باسيل للأمر.
وعمّا اشيع عن زيارة وشيكة للحريري الى بعبدا، اكدت الأوساط ان ما حكي في الاعلام لا يتعدى التكهنات والتحليل السياسي، مشيرة الى ان الرئيس المكلف يحدد موعد زيارة بعبدا عادةً في اليوم ذاته ودون اتفاق مسبق.
مصير سياسة الدعم … بين السيىء والأسوأ
في ملف دعم المواد الغذائية والأدوية والمحروقات، يُتوقع أن تعقد جلسة وزارية غداً الأثنين يترأسها رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب بحضور الوزراء المعنيين بالدعم، اضافة الى حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامة، على ان يعقد اجتماع وزاري ثانٍ في منتصف الأسبوع، حيث سيكون البحث بين خيارين:
الخيار الأول: ترشيد الدعم عبر حصره بالمواد الأساسية والضرورية فقط، اضافة الى اعتماد “هندسة ذكية” للدعم تحصره بالطبقات الاجتماعية ذات الدخل المحدود، خصوصاً بعد صدور دراسات تظهر ان المستفيد الأول من الدعم هم التجار وأصحاب الاحتكارات اضافة الى الطبقة الغنية.
الخيار الثاني : تخفيض مستوى الاحتياط الالزامي لمصرف لبنان الى ما دون ال 17 مليار دولار واستعمال الفرق للاستمرار في سياسة الدعم، وهو ما رفضه حاكم المركزي رياض سلامة حسب المعلومات. هذا وكان صرح وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني أن الوضع اليوم بالنسبة للدعم هو “الاختيار بين السيىء والأسوأ”.