أقر البرلمان اللبناني، أمس (الاثنين)، اقتراح القانون الرامي إلى رفع السرية المصرفية في حسابات المصرف المركزي والوزارات والإدارات لمدة سنة، في خطوة وصفتها معظم الكتل النيابية بالإيجابية.
وأقر مجلس النواب اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى تعليق العمل بالسرية المصرفية لمدة سنة، وفقاً للقرار الذي صدر عن مجلس النواب الذي كان أقر توصية بإخضاع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة، بالتوازي، للتدقيق الجنائي، وذلك خلال جلسة عامة عقدت بناء على رسالة وجهها رئيس الجمهورية ميشال عون إلى البرلمان للتعاون مع السلطة الإجرائية لتمكين الدولة من إجراء التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان. وجاءت الرسالة على أثر انسحاب شركة “ألفاريز ومارسال” الاستشارية من اتفاقية موقعة مع الحكومة اللبنانية لمراجعة وتدقيق حسابات البنك المركزي.
وأعرب عون عن تقديره لإقرار مجلس النواب اقتراح قانون رفع السرية المصرفية عن كل من تعاطى في الشأن العام في مصرف لبنان والوزارات والإدارات العامة، وربطه بالتدقيق الجنائي، معتبراً أن تجاوب المجلس مع الرسالة التي كان وجهها إليه في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 ترجم رغبته في أن يوضع ملف مكافحة الفساد موضع التنفيذ “لأنه الطريق إلى تحقيق الإصلاحات المرجوة التي ينادي بها الشعب اللبناني، وتشجعنا عليها الدول والمنظمات الدولية”. وتمنى عون أن “يأخذ التدقيق الجنائي، بعد رفع السرية المصرفية، طريقه إلى التنفيذ لإدانة المرتكبين وفق الأدلة التي ستتوافر نتيجة هذا التدقيق”.
ورأى عضو تكتل “الجمهورية القوية” (تضم نواب القوات اللبنانية) النائب جورج عدوان أن إقرار هذا القانون “إنجاز”، لا سيما أن “الكتل جميعها تضامنت لبدء صفحة جديدة في سبيل المحاسبة”، موضحاً أن “رفع السرية المصرفية أصبح قانوناً، ولا يمكن لأحد التذرع بأي شيء لرفض التدقيق الجنائي” الذي سيتيح العلم بـ”كل المخالفات والفساد التي حصلت في الماضي”.
وبدوره، رأى عضو كتلة “التنمية والتحرير” (تضم نواب حركة أمل) النائب علي حسن خليل أن أهم ما في الجلسة التشريعية أمس كان “الحسم بصيغة مطورة وتوضيح غير قابل للاجتهاد لموضوع رفع السرية المصرفية عن كل الحسابات المرتبطة بملف التدقيق الجنائي”، معتبراً أن إقرار هذا القانون “صفحة مهمة في تاريخ وعمل المجلس النيابي”. ورأى خليل أنه بعد إقرار قانون السرية المصرفية “لا يوجد أمر يمنع التدقيق الجنائي، دون المس بطبيعة نظام لبنان وتركيبته، وتركه آثار سلبية على المدى البعيد”.
أما أمين سر تكتل “لبنان القوي” (يضم نواب التيار) النائب إبراهيم كنعان، فعد أن “المجلس النيابي أثبت جديته بالتدقيق الجنائي، وترجم طلب رئيس الجمهورية قانوناً، وأخذت حماية أموال المودعين مسارها العملي الصحيح”، مضيفاً أن “ما حصل أمس بداية يجب متابعتها”.
وفي هذا الإطار، عد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” (تضم نواب حزب الله) أنه بعد المصادقة على قانون السرية المصرفية المتعلق بالتدقيق الجنائي “يمكن أن نبدأ من مصرف لبنان”، مضيفاً أن مهمة الحكومة المستقيلة اليوم “التعاقد مع شركة للبدء بالعمل من أجل معرفة الحقائق”.
ومن جهة أخرى، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد افتتاحه الجلسة التشريعية أمس، أن المجلس -وحسب الدستور “يكون في حال انعقاد دائم مع وجود حكومة مستقيلة”، قائلاً في رد على طلب نائب “القوات” بيار بو عاصي الالتزام بتشريع الضرورة: “هذا المجلس اسمه المجلس التشريعي، ولن نتفرج بعضنا على بعض”.
وكان بو عاصي أشار في افتتاح الجلسة إلى أنه “لتشريع الضرورة تعريف، فهو تشريع إن لم يتم يتسبب بضرر مباشر آني، ومن غير الممكن تعويضه، على مصالح الشعب والدولة”.
وتخلل الجلسة مداخلة للنائب بلال عبد الله باسم كتلة “اللقاء الديمقراطي” (تضم نواب الحزب الاشتراكي)، عد فيها أن النظام السياسي اللبناني “كالمريض الذي يحتضر، ويرفض الدخول إلى العناية الفائقة… يعاند، يكابر، يتحدى، يتوعد، يهدد، بينما كل مؤشراته الحياتية في الحضيض”.
وناشد عبد الله الجميع “الخروج من غرفة العناية الفائقة، لكي يستطيع إدخال المريض -أي الوطن- وحقنه بأدوية السيادة، الشقيقة والعدوة، ومضادات الرهان على الخارج، كل الخارج شرقاً أو غرباً”.
وكان مجلس النواب أقر في جلسته أمس عدة قوانين، منها قانون معاقبة جريمة التحرش الجنسي، لا سيما في أماكن العمل، وقانون معجل مكرر يرمي إلى تمديد سريان أحكام تعليق الإجراءات القانونية الناشئة عن التعثر في سداد القروض بصيغة معدلة، واقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى حماية أموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتقديمات المضمونين، كما تم التصديق على قانون إعفاء الآليات من الرسوم، مع تعديلات ضمن جدول، بحسب عمر السيارة وحجم محركها.
وتمت إحالة كل اقتراحات القوانين المتعلقة بالعفو وتخفيف الاكتظاظ في السجون إلى اللجنة الفرعية المنبثقة عن مجلس النواب، وكذلك أحيل اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى استرداد الأموال النقدية والمحافظ المالية المحولة إلى الخارج إلى اللجان المشتركة، على أن ينجز بمهلة 15 يوماً في اللجان، من دون البت به نهائياً أمس.