مع ان مستوى المحاذير التي أحاطت بالوضع الميداني على #الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل، طوال الأيام السابقة المواكبة للمواجهات الشرسة الجارية بين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولا سيما منها غزة، وإسرائيل، بلغت حدودا خطيرة في حالات عدة، فان المعطيات والإجراءات الميدانية والعسكرية، كما دلالاتها السياسية، تعكس نتيجة ثابتة مفادها انها لبنان يبدو كأنه يعبر قطوع الانزلاق نحو مواجهة غير محسوبة كان يمكن ان يجري توريطه فيها. ذلك ان مجموعة عوامل ومعطيات برزت من خلال وقائع الأيام الأربعة السابقة تصب في مجملها في خانة استبعاد تورط او انزلاق نحو تفجير الوضع على الجبهة الجنوبية بما يختلف عن الوضع الذي ساد عشية انفجار حرب تموز 2006 سواء على المستوى الإقليمي والدولي او على الصعيد الداخلي. فالإجراءات الحازمة التي نفذها #الجيش اللبناني ووحدات #اليونيفيل لمنع تحول تظاهرات #التضامن مع الفلسطينيين عند الخط الأزرق، الى فتيل اشعال لاضطرابات خطيرة غير مأمونة الجانب مع القوات الإسرائيلية في المقلب الاخر بدت بمثابة رسم خط احمر كان على الجميع الادراك انه لن يمكن التساهل حياله لئلا تحصل واقعة واحدة بعد من مثل استشهاد الشاب محمد الطحان المنتمي الى “#حزب الله” عند #بوابة فاطمة او إعادة إفلات صواريخ كاتيوشا او غراد قديمة نحو شمال إسرائيل، لان أي ضمان لا يكفي عندها بالا تتطور الأمور نحو اشعال مواجهة غير محسوبة. والامر الاخر الذي لا يقل أهمية في دلالاته يبرز من خلال قرار واضح لقوى الامر الواقع والنفوذ الأقوى في الجنوب أي “حزب الله” و”امل” بمنع أي انجراف نحو العبث بواقع الحدود مع ترك الأمور الى اقصى ما يمكن في التعبير عن التضامن الشامل مع الفلسطينيين. ترجم “حزب الله” خصوصا هذا القرار باشراك عناصر امن الحزب ظاهرا وعلنا في التنسيق مع الجيش واليونيفيل في تنظيم حركة الوفود والمتظاهرين وضبطها ومنع تفلتها خارج الخطوط الحمر المرسومة بتوافقات ضمنية واضحة بين سائر المعنيين الكبار. وبدا واضحا ان الدور الحيوي الذي تضطلع به “اليونيفيل” عكس وجود قرارات سياسية لجميع المعنيين بمنع الانزلاق الى مواجهة كما عكس ثبات قواعد الاشتباك القائمة منذ سريان القرار 1701، ولو لم ينفذ كاملا بعد. وفي المقلب الإسرائيلي أيضا بدا واضحا ان إسرائيل تجنبت التورط في ما قد يفتح عليها جبهة لبنان بدليل تعاملها بتجاهل تقريبا مع الصواريخ التي اطلقت على شمال إسرائيل ليل الخميس كما عدم رصد حركة عسكرية او حشود استثنائية على الحدود مع لبنان.
وامس اتخذت الإجراءات العسكرية اللبنانية والأممية ذروة الحزم اذ لم يتمكّن أحد معظم النهار من الاقتراب من جدار الإسمنت الفاصل والشريط الشائك، بعدما انتشر الجيش على طول الجدار بين كفركلا و#العديسة، بالتعاون مع قوات “اليونيفيل”، لضرب طوق أمنيّ ومنع أيّ كان من تجاوز الخط الأزرق.
وكانت حصلت قبل الظهر إشكالات بين الجيش وأنصار من “الجماعة الإسلامية” في بلدة العباسية الحدودية بعد محاولة مجموعة من الشبّان الغاضبين التوجه نحو الشريط الشائك. أما الوفود التي حضرت على طول الجدار، فكانت تحت أنظار الجيش.
اما في العديسة وكفركلا فتوقف عدد من المواطنين قبالة مراكز الجيش الاسرائيلي وبعضهم رشق الابراج بالحجارة مع العلم ان الجيش اللبناني ومديرية المخابرات والامن العام وامن الدولة انتشروا على طول الحدود ومنعوا سلوك المواطنين الطرق المؤدية الى الحدود والمراكز الاسرائيلية فيما انتشر فوج التدخل قرب مارون الراس وسط تعليمات واضحة بعدم السماح لأي كان من الاقتراب الى السياج الشائك وكذلك سيرت قوات ”اليونيفل” دوريات على طول الحدود.
”اليونيفيل” والشركاء
وأعلنت قيادة “اليونيفيل” أنّ “جنود حفظ السلام التابعين لـ”اليونيفيل” موجودون على الأرض ويعملون بتنسيق وثيق مع شركائنا الاستراتيجيين، القوات المسلحة اللبنانية، الذين يعملون على مدار الساعة لتوفير الأمن في المنطقة منذ بداية التظاهرات، ونحن معا على الأرض لتخفيف حدة التوتر والحيلولة دون تصعيد الوضع أكثر”. وأكدت “إنّ آليات الارتباط والتنسيق التي نضطلع بها في “اليونيفيل” يتم استخدامها بشكل كامل. وضباط الارتباط لدينا ينسقون مع كلا الجانبين لتجنب أي سوء فهم وضمان بقاء الوضع مستقرّاً كما ان رئيس بعثة “اليونيفيل” وقائدها العام اللواء ستيفانو ديل كول على اتصال مباشر مع كل من الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي” . وأشارت الى فتح تحقيق في هذه الحوادث الأخيرة على طول الخط الأزرق “ونواصل حضّ الجميع على ضبط النفس”.
عون واعتذار الحريري
اما على صعيد المشهد السياسي الداخلي وفيما تترقب الأوساط السياسية ما يمكن ان يطرأ من تحركات بعد عطلة الفطر توقفت امس مصادر قريبة من رئاسة الجمهورية أمام ما وصفته بضخ الاخبار والتحليلات حول مسار الملف الحكومي، والتركيز الواضح على تحميل رئيس الجمهورية ميشال عون مسؤولية تعطيل #تشكيل الحكومة وصولا الى حد الادعاء بوجود مخطط لدفع الرئيس المكلف سعد الحريري الى الاعتذار. ونفت المصادر مثل هذه الادعاءات ورأت ان “هدف تعميمها هو التغطية على تعثر الحريري في تقديم صيغة حكومية متكاملة وقابلة للحياة برلمانيا وسياسيا لاسباب لم تعد مجهولة”. وقالت “ان العكس هو الصحيح ، فالرئيس عون لم يتحدث يوما عن رغبته باعتذار الحريري ولا هو عمِل في هذا الاتجاه بدليل ابلاغه اكثر من شخصية سياسية من الداخل او من الخارج انه يرغب في التعاون مع الرئيس الحريري وكل ما يطلب منه هو ان يقدم صيغة حكومية متكاملة مرتكزة على الميثاقية والتوازن الوطني الذي يحقق الشراكة الكاملة ، علما ان الصيغة المقدمة لعون من الحريري لا تنطبق عليها هذه المواصفات”.
وذكرت المصادر القريبة من بعبدا ان “عون طلب اكثر من مرة من الحريري اعادة النظر في الصيغة المقدمة والحضور الى بعبدا للبحث معه في صيغة تتناغم مع الاسس التي طرحها رئيس الجمهورية وإن الحريري لم يتجاوب مع الدعوات المتكررة لعون ولا يزال على موقفه .ورغم ذلك تنتظر بعبدا مبادرة من الحريري لتسريع تشكيل الحكومة ولم تخطط مطلقا لدفعه الى الاعتذار علما ان مثل هذا القرار يعود للحريري شخصيا “.
وأضافت “ان موقف رئيس الجمهورية واضح والتسريبات التي تتناقلها وسائل الاعلام من حين الى آخر عن رغبة الرئيس عون باعتذار الحريري هدفها التصويب على بعبدا، في حين ان اول من تحدث عن خيار اعتذار الحريري كان نواب ومسؤولون في تيار المستقبل”. وشددت على “ان موقف الرئيس واضح منذ البداية ولم يتبدل وهو ابلغه الى الفرنسيين كون الرئيس ماكرون قدم مبادرة لاقت تأييد الاطراف السياسيين”.
الوسومالجنوب الحريري النهار بعبدا