وزعت “الدولية للمعلومات” تقريرا عن “العاملين في القطاع العام”، جاء فيه: “أعلن العاملون في القطاع العام إضرابا عاما تحذيريا الثلثاء والأربعاء في 18 و19 الحالي للمطالبة بزيادة رواتبهم وأجورهم وتحسين قدرتهم الشرائية التي تآكلت بفعل التضخم وارتفاع الأسعار وانهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار، فلا يوجد إحصاء رسمي دقيق حول عدد العاملين في مؤسسات الدولة لأسباب عدة منها تعدد التسميات الوظيفية: موظف، متعاقد، أجير ومتعامل، وتعدد الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات، ولكن الرقم الصحيح إلى حد ما هو نحو 320 ألفا يتوزعون: 120 ألفا في القوى الأمنية والعسكرية من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام وأمن دولة وشرطة مجلس النواب، 40 ألفا في التعليم الرسمي، 30 ألفا في الوزارات والإدارات العامة، 130 ألفا في المؤسسات العامة والبلديات، ويضاف إلى هؤلاء نحو 120 ألفا من المتقاعدين أكثريتهم من العسكريين والمدرسين.
وقبل إقرار سلسلة الرواتب في عام 2017، كانت كلفة العاملين في القطاع العام نحو 8,300 مليار ليرة. وبعد إقرار السلسلة وإجراء توظيفات جديدة لنحو 9 آلاف موظف وزيادة الرواتب بفعل زيادة سنوات الخدمة، أصبحت كلفة رواتب وأجور العاملين والمتقاعدين حاليا نحو 12 ألف مليار ليرة سنويا أي ما كان يوازي 8 مليارات دولار، أي نحو 1,000 مليار ليرة شهريا، وهذه الكلفة المرتفعة تشكل نسبة 86 في المئة من أجمالي واردات الدولة اللبنانية البالغة نحو 14 ألف مليار ليرة.
ونتيجة الانهيار المالي والاقتصادي الذي يعيشه اللبنانيون تراجعت قدرتهم الشرائية بنسبة 85 في المئة، خصوصا الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم وأجورهم بالليرة اللبنانية وتصحيح الرواتب والأجور وتحسين القدرة الشرائية مطلب محق وضروي، فلا يمكن لأحد العمل بأجر زهيد لا يساوي كلفة المعيشة سوى لبضعة أيام، ولكن زيادة الرواتب في القطاع العام دونها صعوبات كثيرة منها:
– ضخامة عدد العاملين، فقبل أي زيادة يجب خفض عدد العاملين ربما إلى النصف، وهذا الأمر مستحيل في ظل الأوضاع الحالية وعدم توافر فرص عمل وارتفاع في نسبة البطالة.
– أي زيادة لا توازي قيمة التضخم الحاصل تكون دون جدوى، وبالتالي لو تم اعتماد نصف نسبة التضخم أي 43 في المئة فإن كلفة الزيادة قد تصل إلى 5,000 مليار ليرة لتصبح الكلفة الإجمالية للعاملين في القطاع العام نحو 17 ألف مليار ليرة أي ما يشكل نسبة 120 في المئة من واردات الدولة.
وهذه الزيادة يفترض أن تتم تغطيتها، إما من خلال فرض الضرائب والرسوم وهذا غير ممكن في اقتصاد منهك ومدمر، وإما من خلال الاستدانة وزيادة الدين العام الذي ناهز 97 مليار دولار، وحتى هذه الاستدانة غير ممكنة لأن المصارف لم تعد تملك السيولة الكافية فتصبح الاستدانة من مصرف لبنان هي الحل، وهذا يعني المزيد من التضخم وتآكل القدرة الشرائية.
وبالتالي، مطلب الزيادة محق وضروري، ولكن هناك استحالة في تحقيقها، لأنها قد تؤدي إلى المزيد من التضخم وتآكل القدرة الشرائية وتحقق عكس ما هو مأمول منها”.