كما ينتفض السجين لتحسين سجنه لا لحريته، هكذا كانت “ميني الانتفاضة” ليل أمس التي تمثلت بقطع عدد من الطرقات إثر تعليق مصرف لبنان العمل بالتعميم رقم 151 الذي يجيز للمودعين سحب ودائعهم بالدولار بسعر 3900 ليرة، على خلفية الحكم الصادر عن مجلس شورى الدولة بهذا الخصوص. الأمر الذي استدعى من المصرف بيانا ليلياً يعلن فيه انه بصدد التحرك اليوم نظراً لأهمية التعميم 151 الاجتماعية.
وإذا كان كل ما يحصل شعبياً ومعيشياً ليس إلا رأس جبل الجليد مما هو قادم في الأيام المقبلة بحال استمرت حال الانفصام الرسمي عن الواقع المأساوي المعيوش، فإن الأخطر أن نيران البيانات السياسية التي استعرت مجددا بين بعبدا وبيت الوسط تؤشر الى الاطاحة بكل جهود الفرصة الأخيرة التي أعلن عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري الرامية الى تشكيل حكومة.
مصادر سياسية مواكبة لحراك الساعات الماضية قالت لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إن عدم موافقة رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل على مضمون المبادرة يعود إلى كونه لا يزال يصرّ على تسمية الوزراء المسيحيين بمعزل عن رأي الرئيس المكلف سعد الحريري بهم، الأمر الذي دفع بالرئيس بري للقول ان مبادرته لم تحظ برضى الفريقين المعنيين بتشكيل الحكومة، إذ أيدها فريق وعارضها فريق آخر.
ولم يستطع أيضا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي التقى رئيس الجمهورية ميشال عون أمس لجم هذه الحرب المستعرة، وقد دعا بعد اللقاء الى ضرورة تشكيل حكومة بأقصى سرعة، مقترحاً حكومة أقطاب مصغرة كما حصل في عهد الرئيس فؤاد شهاب في أعقاب ثورة 1958. لكن مصادر مطلعة ذكرت ان زيارة الراعي التي أتت للمساعدة على تقريب وجهات النظر بعد وصول التصريحات الى ذروتها بين الأزرق والبرتقالي، “لم تصل الى النتيجة المطلوبة”.
عضو تكتل لبنان القوي النائب ادغار طرابلسي اتهم الحريري “بتفجير الوضع من جديد بين التيارين الأزرق والبرتقالي مستخدمًا أسلوب الحركة التصاعدية منذ التكليف حتى وصلنا الى ما وصلنا اليه بعد سبعة أشهر”، وقال إن “الحريري لا يملك شيئا سوى الهروب الى الامام”.
طرابلسي سأل عبر “الانباء” الالكترونية: “ماذا يريد الحريري أكثر من هكذا ايجابية من جبران باسيل؟ وهل بهذه الطريقة يتم التعامل مع أكبر كتلة نيابية؟ هل بهذه الطريقة أيضا يريد تشكيل الحكومة؟”، مضيفاً: “وصلنا الى وضع الاخلاق مقابل قلة الاخلاق” وفق تعبيره، مبدياً أسفه لما جاء في بيان تيار المستقبل، وهو إذ قال إن “الحريري قد لا يكون هو كاتب البيان الهجومي ضد التيار الوطني الحر”، لكن رأى ان “مجرد صدور البيان عن كتلته فهذا يشكل ادانة له”، مستطردا: “فماذا ينتظر من جبران بعد أن يسهّل له موضوع تشكيل الحكومة اكثر من ذلك؟”، رافضا اتهام باسيل بتعقيد الأمور، وشدد على أنه “قبل صدور بيان المستقبل كنا بمنتهى الايجابية، وكنا قررنا في اجتماع التكتل بأننا سنتابع بإيجابية مطلقة عملية تشكيل الحكومة”، لكن بعد البيان “المستنكر وغير المقبول”، استبعد طرابلسي عودة الأمور الى ما كانت عليه “فالبلاد لا تبنى بهذه السياسة ولا بالكلام الجارح”.
في المقابل المسؤول في الجماعة الإسلامية النائب السابق عماد الحوت اعتبر ان “ليس مقبولا وليس دستوريا ان يكون هناك رئيس حكومة للوزراء المسلمين ورئيس جمهورية للوزراء المسيحيين”، مطالبا عبر “الأنباء” الالكترونية ان “يكون هناك رئيسا لكل مجلس الوزراء، كما رئيس الجمهورية هو رئيس لجميع اللبنانيين، وفخامته أقسم على اليمين بأن يكون رئيساً لجميع اللبنانيين وليس رئيسا لفريق من المسيحيين، فاقتضى التذكير”.
عضو كتلة المستقبل النائب نزيه نجم وفي معرض تعليقه على مجريات الأمور، أكد عبر “الأنباء” الالكترونية ان “هذا البلد لا يحكم الا بالتوافق، ومن غير المقبول أن تأخذ طائفة أو رئيس جمهورية أو أي مسؤول آخر حق فريق آخر”.
وعن الأسباب التي أدت الى حرب البيانات، رأى نجم ان “فريق الحكم يريد ان يسمي هو الوزراء المسيحيين وممنوع على رئيس الحكومة ان يسميهم”، قائلا: “من غير المقبول ان يأكل أي فريق حقوق الفريق الآخر، فالرئيس سعد الحريري هو رئيس حكومة كل لبنان وليس بمارق طريق”.
وعن تهديد باسيل بالاستقالة من مجلس النواب، قال نجم: “فليستقل ونحن ككتلة سنستقيل، ولقد وقعنا على استقالتنا منذ اندلاع ثورة 17 تشرين بـ2019، فليستقل نواب التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ونحن نستقيل وراءهم”.
من ناحيته اعتبر عضو تكتل الجمهورية القوية النائب وهبة قاطيشا ان “تجدد حرب البيانات بين التيارين الأزرق والبرتقالي مرده الى وصول الطرفين لنقطة اللاعودة واستحالة الاتفاق فيما بينهم”.
وأشار قاطيشا عبر “الانباء” الالكترونية الى أن “بري طرح مبادرته ويبدو ان الحريري موافق عليها، ولكنها لم تعجب فريق العهد ولم يوافق عليها”، داعيا الرئيس بري الى “الكشف عن الفريق المعرقل والذي أفشل المبادرة”.
الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء: ميني انتفاضة الـ”151″ تحفّز تحركاً رسميًا “للأهمية الاجتماعية”.. وفشل التشكيل يقترب من نقطة اللاعودة