عقد الرئيس سعد الحريري امس في “بيت الوسط” مؤتمرا صحافيا خصصه للحديث عن تداعيات انفجار مرفأ بيروت، حضرته النائب بهية الحريري وأعضاء كتلة “المستقبل” ونقيب الصحافة عوني الكعكي وحشد من الصحافيين ومندوبو الصحف ووسائل الاعلام.
استهل الرئيس الحريري المؤتمر بالقول:
مساء الخير واهلا وسهلا بكم. المؤتمر الصحافي اليوم، وهو مخصص لموضوع واحد لا يتقدم عليه أي شيء وهو الحقيقة في جريمة 4 آب. كيف نصل الى الحقيقة. وكيف بيروت واهالي الضحايا سيصلون الى حقهم ليعرفوا من الذي اتى بالنيترات، ولماذا حجزت النيترات، ومن المسؤول عن تفجيرها. اليوم اود ان اتمنى عليكم تأجيل الكلام بالوضع الحكومي. انا كلفت نفسي مع كتلة المستقبل بتأمين شروط النجاح للرئيس المكلف نجيب ميقاتي، والتأليف أصبح عنده ونحن معه في ما يراه مناسبا.
بالعودة الى موضوعنا اليوم، بداية اود أن أقول على الصعيد الشخصي انا ابن شهيد قتلوه بعملية تفجير، وانا اعرف ما معنى اولياء الدم، واعرف ماذا يعني ان يخسر الانسان أباه او أمه او أخاه او اخته او ابنه او ابنته او صديقه بسبب جريمة اعادتنا كلنا لمشهد 14 شباط.
ولهذا السبب لا يزايدن علينا أحد بموضوع 4 آب. بهية الحريري شقيقة الشهيد رفيق الحريري وأنا ابن الشهيد. وكتلة المستقبل كتلة الرئيس الشهيد. كتلة المستقبل دفعت دما على طريق العدالة والحقيقة وهي كتلة كل شهداء 14 اذار وكذلك كتلة فريق الحماية الذي استشهد مع الرئيس رفيق الحريري، كتلة باسل فليحان ووليد عيدو وابنه خالد، وكتلة وسام الحسن ووسام عيد ومحمد شطح.
اين قضية كل هؤلاء الشهداء من العدالة في لبنان ومن القضاء اللبناني. هناك جهات متخصصة بتزوير التاريخ وهي تعمل ليل نهار لتقول ان نواب المستقبل تخلوا عن الحقيقة والعدالة، ووقعوا عريضة نيابية ضدّ رفع الحصانة. هذا الكلام قمة التضليل، وقمة التزوير، وقمة الكذب. سأقرأ لكم سطرا واحدا من هذه العريضة: “لأجلِ ذلكَ نتقدم بطلب اتهام، وبالتالي الإذن بالملاحقة” أي أن الحصانة طارت، “أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”.
في لبنان دستور وقوانين، ليس سعد الحريري من وضعها ولا كتلة نواب المستقبل. كل القوى السياسية من الانتداب إلى الاستقلال حتى اليوم شاركت بوضع الدستور وتعديلاته وشاركت بوضع القوانين. عندما يكون هناك دستور يقول: ان رئيس الجمهورية لديه حصانة ولا يحاكم إذا أهمل، فليس سعد الحريري من وضع النص الدستوري.
وعندما يقول الدستور: أن رئيس الحكومة والوزراء يحاكمون إذا أخلّوا بواجباتهم أمام المجلس الأعلى، فليس سعد الحريري أيضا من وضع هذا النص.
وعندما يقول الدستور انه لا يمكنك ان تحاكم النائب بأي جرم جزائي من دون ان ترفع عنه الحصانة، فأيضا ليس سعد الحريري من وضع هذا النص ولا كتلة المستقبل.
وعندما يقول القانون: أن القضاة لا يمكن محاكمتهم أمام المحقق العدلي ولا أمام المجلس العدلي ويجب تحويلهم الى محكمة خاصة، فهذا النص أيضا لم يضعه سعد الحريري.
وعندما يقول القانون: ممنوع ان تدعي على موظف إلا بعدما تأخذ الإذن من رؤسائه، وانه ممنوع ان تدعي على محام إلا بعد ان تأخذ إذنا من مجلس نقابته. وهنا أيضا ليس سعد الحريري من وضع هذه النصوص.
لذلك، ما اود قوله اليوم، أننا في هذا الموضوع أمام نصوص دستورية، وأمام نصوص قانونية، ومجبرون على تطبيقها إذا بقيت موجودة، فلا تصبح النتيجة في النهاية ان من يريد تطبيق الدستور والقوانين لا يريد الحقيقة.
وفي المقابل هناك من يريد ان يزايد في الإعلام، ويتكلم في الاجتماعات الداخلية شيء، وفي الخارج يقول شيئا اخر، فيبدو للرأي العام انه هو من يريد الحقيقة؟؟ !!
لا يمكن لاحد ان يزايد على سعد الحريري في هذه القضية. أنا نائب عن بيروت ومدينتي هي التي تدمرت، ومن استشهد هم أهلي. فبرضى الله عليكم لا يزايدن احد علينا في هذا الموضوع.
عندما طالب سعد الحريري، ورؤساء الحكومات السابقون وكتلة المستقبل بتحقيق دولي بهدف إسقاط كل الحصانات، وقفوا ضدنا وَخَوّنونا. على أي حال، هذا الموضوع أصبح وراءنا، وأنا اليوم لم ات لأتكلم بموضوع العريضة. لقد جئت لأقدم لكم الحل الوحيد الذي يوصلنا الى الحقيقة، طالما انهم لا يريدون السير بالتحقيق الدولي مع العلم اننا لا زلنا مصرّين عليه وسنكمل العمل عليه.
ما يجب ان تعرفوه، هو ان السير بهذه القضية إذا استمر على ما هو عليه اليوم وفقاً للقوانين وللدستور، ستصبح القضية امام ثلاث محاكم: المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، المجلس العدلي ومحكمة التمييز الخاصة بالقضاة. فتخيلوا أننا غدا سنرى أحدهم يقول هذا إرهاب وآخر إهمال وثالث لا أعرف بماذا سيخرج. فهل يجوز هذا الأمر؟ انا أتكلم امام الرأي العام، هل يجوز ان تحكم في قضية واحدة ثلاث محاكم ويصدر فيها 3 أحكام. أقول كلا والف كلا. لذلك قررت اليوم أنا وكتلة المستقبل، ان نضع العالم كلها أمام مسؤولياتها وضميرها وأخلاقها. ومن يريد الحقيقة بدون مزايدات فليتفضّل ويسير معنا باقتراحنا.
عندما تمر الدول بأزمات كبرى، او تشهد جريمة بحجم جريمة مرفأ بيروت، التي تمّ تصنيفها ثالث أكبر انفجار بتاريخ العالم، على الدول، وعلى القوى السياسية فيها، أن تأخد قرارات استثنائية بحجم الجريمة. والقرار الاستثنائي الذي يجب ان نتخذه وقد اتخذناه اليوم هو اقتراح، واسْمعوني جيدا: تعليق كل المواد الدستورية والقانونية التي تمنح حصانة أو أصول خاصة بالمحاكمات، لرئيس الجمهورية، ولرئيس الحكومة، وللوزراء، وللنواب، وللقضاة، وللموظفين وحتى للمحامين.
وهكذا يتساوى الجميع أمام حجم هذه الجريمة، ويذهب الجميع عند المحقق العدلي، ولا يعود هناك من مظلة فوق رأس احد. وهكذا لا يعود فعلاً هناك شيء اسمه حصانات ولا محميات ولا امتيازات. وامام حجم هكذا جريمة يستحق منا أهالي الشهداء والضحايا والجرحى، وبيروت التي تدمرت، ان نقدّم كلنا تضحيات ونرفع الحصانات عن الجميع للوصول الى الحقيقة.
هذا اقتراحنا اليوم ككتلة مستقبل وسيوقعه كل أعضائها وقد شكلنا لجنة من الكتلة لزيارة كل الكتل النيابية لنطلب توقيعهم على الاقتراح، لأنه من حق أهل الشهداء ان يعرفوا حقيقة كل من يريد ان يحتمي بحصانته وكل من يريد التنازل عنها.
نحن أم الصبي في هذا الموضوع. ومن طالب منذ اليوم الأول بتحقيق دولي لتسقط الحصانات عن كل المتهمين لا يصبح في نهاية المطاف متهما بحماية المرتكبين.
يجب ان يعلم الجميع انه ما من كبير امام الحقيقة.
حوار
وردا على سؤال قال: هناك اليوم محاولة لتظهير تيار المستقبل على أنه مع عدم رفع الحصانات. أنا أقول لكم: سعد الحريري، رئيس تيار المستقبل، كتلتنا وقعت اليوم على هذا الاقتراح لرفع الحصانات عن الجميع، تفضلوا ارفعوا الحصانات عن الجميع وإذا كان هناك إهمال حتى لو مني شخصيا فليتم استدعائي وحتى سجني، ولكن لنقم بالأمور على الأصول.
سئل: هل نسقت هذا الاقتراح مع رئيس مجلس النواب خصوصا وأن رفع الحصانة عن الموقع الرئاسي الأول يتطلب تفويضا من الصرح البطريركي وغطاء سياسيا، فهل حزب الله سيسمح بذلك؟
أجاب: نحن نبحث عن الحقيقة. كل الموضوع السياسي لا يهمني، الموقع السياسي لكل طرف وبمن يريد أن يتغطى و”بأية بطانية أو في أي جورة”، هذا ليس عملي، عملي أن نقول للناس الحقيقة. الإعلام يصور تيار المستقبل وكأنه لا يريد رفع الحصانات. كفى كذبا. هناك دستور وهناك قوانين. الكذب هو أن الإعلام، أو من يقول للإعلام، يدعي أن تيار المستقبل لا يريد رفع الحصانات، وأن هناك دستورا علينا رميه في سلة المهملات، وألا نتبع القوانين، وليفعل كل شخص ما يريد. كلا، هناك دستور يحدد موقع المحاكمات، أما أنا فأقول أني أريد أن تتم المحاكمة في المجلس العدلي، فهل هناك مشكلة لأحد في ذلك؟
سئل: هل صحيح أنك تلقيت مراسلة بموضوع النيترات؟
أجاب: هناك محقق عدلي، وأنا لم أر يوما شيئا كهذا. وخرج أمين عام المجلس الأعلى للدفاع وقال أنه في أيامي لم تصل أية معلومة بهذا الخصوص. إن كان لدى المحقق العدلي أي أمر فليخبرنا، وأنا على استعداد.
سئل: لماذا أدرجت اسم رئيس الجمهورية في هذا الطرح؟
أجاب: لأنه إذا كان هناك من إهمال فالمسؤولية تقع على الجميع.
سئل: هل لديكم شكوك حول دور رئاسة الجمهورية؟
أجاب: ما أقوله اليوم أن الجميع يختبئ وراء الحصانة، فلنرفع كل الحصانات من أعلى الهرم إلى أسفله و”كان الله يحب المحسنين”. هناك القاضي بيطار الذي نحترمه ونريد له أن ينجح في عمله، وهذه هي الطريقة التي ينجح بها، وإلا سنبقى حتى بعد مائة عام دون الخروج من مشكلة الحصانات.
سئل: يقال أن كل ما يجري على الساحة اللبنانية هو في جهة والحقيقة في جهة أخرى، حتى أنه يقال أن كل الأجهزة الأمنية تعرف حقيقة هذا العنبر بالتحديد وأنه صورة مصغرة عما يجري على كل المنافذ من المرفأ إلى المطار إلى المصنع؟
أجاب: وأنا أعرف أن كل اللبنانيين يعرفون أيضا، ولا شك لدي أن اللبنانيين يعرفون من كان يدخل إلى المرفأ ومن يخرج وأي جهاز يمسك بالمرفأ. لكن لدي سؤال واحد: إذا تم اتهام كل هؤلاء الوزراء، هل وصل الحق لأهالي الضحايا؟ أما من أتى بالنيترات ومن فجره ومن دفع الأموال ومن سمح للباخرة بالمكوث كل هذا الوقت بأمر قضائي فهؤلاء أليسوا مهمين على الإطلاق؟ أضخم رئيس وزراء أو رئيس جمهورية أو أي وزير لا يمكنه أن يفعل شيئا أمام الأمر القضائي. إنها حقيقة. فإذا صدر أمر قضائي في أي موضوع، لا علاقة له بالمرفأ، فأي وزير يصبح مكبلا إلى حين الاستئناف واتخاذ العديد من الإجراءات، وكل هذا حصل بالفعل، وتم الاستئناف مرة واثنتين وثلاث وخمس في القضاء، والقضاء لم يتخذ أي إجراء لأن المطلوب أن تبقى هذه الباخرة