يستمر مسلسل ضرب هيبة القضاء يومياً، إمّا عبر إقحام السياسة في المسار القضائي وتجاهل مبدأ فصل السلطات، أو عبر تجاوز الصلاحيات من قِبل عددٍ من القضاة لتنفيذ أجندات سياسية واضحة. يخدم هذا النهج مَن يريد إخفاء حقيقة انفجار مرفأ بيروت وعدم وصول التحقيقات إلى خواتيمها، هرباً من تحمّل المسؤوليات والمحاسبة.
في السياسة، شهر مرّ على آخر جلسة حكومية عُقدت قبل أحداث الطيونة في ذلك الخميس الأسود. الأزمات تتكدس، بدايةً من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية مروراً بأحداث الطيونة، والملفات القضائية الشائكة، وصولاً إلى الأزمة الدبلوماسية بين لبنان والدول الخليجية، في حين أنّ المعنيّين غائبون عن السمع، فمجلس الوزراء لم يلتئم، والحكومة لم تتخذ أي قرار مجتمعة لحل إحدى الأزمات والحد من تفاقمها.
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، لم يكن بعيداً عن هذه الأجواء، وصوّب باتجاه تصحيح العلاقة بين لبنان والخليج بشكل عام، والسعودية بشكل خاص، معتبراً أنّ هذه العلاقات تاريخية، ولها امتداد سياسي واقتصادي واجتماعي. كما انتقد غياب الجلسات الحكومية التي من المفترض أن تكون حاضرة في هذه المفاصل المهمة، داعياً إلى إقالة، أو استقالة، وزير الإعلام جورج قرداحي، على اعتبار أنّها مدخل أولي لبدء حل الأزمة الدبلوماسية.
وقد أوضح عضو كتلة اللقاء الديمقراطي، النائب بلال عبدالله، أن “جنبلاط يحاول أن يصوّب الخلل بعلاقة لبنان مع عمقه العربي بأسبابٍ مرتبطة تحديداً بدور حزب الله الإقليمي. وهذا الموضوع ينطلق من المصلحة الوطنية، ولا علاقة له بخصومة مع هذا الفريق أو ذاك، فنحن نحاول تصويب مسارنا السياسي الرسمي كي لا نستمر بحالة من العزلة مع كل العالم، والعالم العربي بشكل خاص”.
وفي حديثٍ لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، اعتبر عبدالله أنّ “مواقف جنبلاط جاءت في محاولة لتصويب العلاقة ووضع الامور في نصابها، ومطالبة كل القوى السياسية، بما فيها حزب الله، أن لا يكونوا أداة توتير إضافية بالأجواء مع دول الخليج، بل المطلوب العمل على إعادة إحياء الثقة المتبادلة لما فيه مصلحة لبنان والوضع العربي العام”.
وذكر عبدالله أنّ، “رفع الصوت من قِبل جنبلاط باتّجاه تصويب العلاقة جاء بعد مواقف قيادات حزب الله العالية الصوت، إذ وصل الموضوع إلى حد الطلب من السعودية الاعتذار، فهناك خطأ ما يرتكب، وكأنّ المطلوب عزل لبنان عن هويته وامتداده العربي وعمقه، وذلك بالإضافة إلى كل ما يترتب من نتائج اقتصادية واجتماعية، ولذلك رفع جنبلاط الصوت عالياً بعد ما لاحظ التردّد والتأخّر في معالجة الأمور، وعدم اجتماع الحكومة لمعالجة الشأن، فاضطر جنبلاط أن يكون الصوت الوطني”.
على خطٍ آخر، تتجه الأنظار إلى الانتخابات النيابية المقبلة، والتي يبدو مصيرها معلقاً على كفّ طعن التيار الوطني الحر، حيث يستعد تكتل “لبنان القوي” لتقديم طعن حول قانون الانتخابات في المجلس الدستوري. وقد كشف عضو التكتّل، النائب مصطفى حسين، أنّ “التكتّل لا زال على موقفه، وسيتقدم بالطعن، والموعد سيكون في الأسابيع القليلة المقبلة، قبل الدخول في مهل الانتخابات، وسنحتكم لقرار المجلس الدستوري عند صدوره”.
وفي اتصالٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية، أكّد حسيّن “الحرص على أن يتم إجراء الانتخابات في موعدها لأن هذا الأمر ضروري”.
وعن المسار القانوني للطعن، فقد أشار الخبير الدستوري والأستاذ الجامعي، عادل يمين، إلى أنّه “يُقدّم الطعن خلال 15 يوماً من تاريخ نشر القانون بالجريدة الرسمية لدى المجلس الدستوري، ليلتئم المجلس فور ورود الطعن للنظر به. أولاً، ينظر المجلس المذكور في تعليق مفعول النص المطعون فيه مؤقتاً إلى حين البت بالطعن، أو إبقاء النص نافذاً حتى البت بالطعن”.
وأضاف يمين في حديثٍ لجريدة “الأنباء” الإلكترونية: “يعيّن رئيس المجلس مقرراً من أجل دراسة الطعن ووضع تقرير في خصوصه، ويتولى المقرّر وضع التقرير وإحالته إلى رئيس المجلس خلال مهلة 10 أيام من تاريخ إبلاغه قرار تعيينه. وفَور ورود التقرير، يوزّع رئيس المجلس الدستوري نُسخاً إلى الأعضاء ويدعوهم إلى جلسة خلال 5 أيام من تاريخ ورود التقرير. وتبقى الجلسة مفتوحة إلى أن يصدر القرار في غرفة المذاكرة في مهلة 15 يوماً من تاريخ انعقاد الجلسة”.
وذكر يمين أنّه، “إذا أعلن القرار بطلان النصوص يُعتبر النص كأنّه لم يكن، وإذا لم يصدر القرار ضمن المهلة المذكورة التي تقارب الشهر، يكون النص ساري المفعول، وينظَّم محضر بالوقائع، ويبلغ رئيس المجلس الدستوري المراجع المختصة عدم التوصّل إلى قرار”.
وختم يمين حديثه معتبراً أنّ، “هناك متسعٌ كافٍ من الوقت، إذ أن الدستور يشير إلى وجوب نشر دعوة الهيئات الناخبة قبل 90 يوماً من إجراء الانتخابات.