يرتبطُ موسِمُ العودةِ إلى المدارسِ في مخيِّلتنا بفصلِ الخريف وتبدُّلِ ألوانِ أوراقِ الشّجرِ وتساقُطها على الطّريق. ولكنَّ بدايتَهُ هذه المرّة في لبنانَ تختلفُ عن كلِّ ما عداها من بدايات لأيّ عام دراسيّ طبيعي .
قصّةُ التّعليم في لبنان لهذا العام صار لها مدلولها الخاصّ في ظلّ تردّي الأوضاع الإقتصاديّة والإجتماعيّة ، ولأنّ المصائبَ لا تأتي فرادى، فبالإضافةِ لتفشّي وباءِ كورونا وإقفالِ المدارس لعام كاملٍكان التدريس يتم فيها عن بعد ، يُعاني القطاعُ التّربوي في لبنان حالياً وخاصّة الرّسميّ منه من أزماتٍ حادّة منها نقصِ التّمويل ومشكلة المدرسين المتعاقدين المزمنة وزد عليها عدم توفر التجهيزات اللوجستية من وسائل التعليم والقرطاسية والكتب وتجهيز المدارس بالشكل اللائق لإستقبال الطلاب وبخاصة في المدارس الرسمية التي شهدت إقبالاً كبيراً للطلاب الذين انتقلوا اليها من المدارس الخاصة بسبب ارتفاع الأقساط بشكل كبير يفوق طاقة معظم اللبنانيين ، كما أن ارتفاع ثمن المحروقات خلق مشكلة كبيرة في التّدفئة في المناطق الجبلية وسبب ارتفاعاً هائلآً في تكاليف التنّقل من والى المدرسة .
ولم تستثنِ هذه الأزمةُ أيّةَ منطقةٍ أو بلدةٍ لبنانيّة بل شملت المدارسَ الرّسميّة على كافّة الأراضي اللّبنانية.
إنٍ ايجادَ التّوازن بين التّعليم الجيد الذي يتطلب تدريس المناهج المقررة بكاملها وتخطّي الأزمات أمرٌ صعب يواجه تحدياتٍ غير مسبوقةٍ تهدّد القطاعَ التّعليمي بالتراجع وربّما بالتّوقف ، وخاصة بعد التدهور المالي الخطير ، وتراجع قيمة الرواتب الهزيلة أصلاً ، وارتفاع أسعار المحروقات التي انعكست بشكل سلبي على المدارس بشكل عام وعلى المدرسة الرسمية بشكل خاص لأن ما يعطى للمدرس عامة والمتعاقد خاصة كبدل للساعة لا يكاد يكفي بدل تنقل خاصة بعد تخطي سعر صفيحة البنزين مبلغ 300 الف ليرة ويزيد السعر صعوداً كلما ارتفع سعر الدولار . كما ان احتساب أجر الساعة لا زال يقاس على السنوات الماضية ، ولم تحل لحينه معضلة تعاقد المدرسين في المدارس الرسمية الذين يقبضون رواتبهم مرة واحدة في السنة وتكون حينها فاقدة للقيمة وغير مجزية .
فهل بإستطاعة المدارس اللّبنانية وخاصّة الرّسمية منها إكمال العام الدراسي بشكل طبيعي ؟ أم أننا أمام مرحلةٍ جديدة من التّحديات؟