تشتد «المعركة الرئاسية» في لبنان قبل ساعات من جلسة البرلمان الـ12 لانتخاب رئيس، بعد غد (الأربعاء)، التي يتنافس فيها رئيس «تيار المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية، المدعوم من «الثنائي الشيعي»، والوزير السباق جهاد أزعور المدعوم من المعارضة.
وفيما يسود انطباع بأن الجلسة لن تؤدي إلى نتيجة حاسمة، فإنها تشكل امتحاناً لجميع الأفرقاء السياسيين الذين يرفعون سقف خطاباتهم، متبادلين الاتهامات.
وبعدما شهدت الساعات الأخيرة مواقف من قبل المرشحين فرنجية وأزعور، حيث شنّ الأول هجوماً على كل معارضيه معلناً في الوقت عينه أنه لا مشكلة لديه من الاتفاق على مرشح وطني وجامع، وأكد الثاني أنه ليس مرشح تحدٍ، ويده ممدودة للجميع، تستمر المواقف العالية السقف من قبل الكتل الداعمة لهما، والتي صوّب بعضها على فرنجية، رداً على كلامه الأخير.
مرشح المعارضة للرئاسة اللبنانية: لست تحدياً لأحد ويدي ممدودة للجميع
ويسود الترقب لما ستشهده الساعات الأخيرة، لا سيما حيال بورصة الأرقام، بحيث يسعى كل فريق إلى حصد أكبر عدد من الأصوات، بينما تؤكد مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير» (التي يترأسها رئيس البرلمان نبيه بري) لـ«الشرق الأوسط»، أن جلسة الانتخاب قائمة ولن يتم تأجيلها، والعمل جارٍ لتكون مكتملة المواصفات. وعما إذا كان عقدها سيقتصر على الدورة الأولى، كما الجلسات السابقة، حيث عمد «حزب الله» وحركة «أمل» إلى إفقاد نصاب الدورة الثانية بخروج نوابهما، تقول المصادر: «الدورة الأولى قائمة ووفق نتائجها يحدد مسار الدورة الثانية»، مؤكدة في الوقت عينه أن «لا أحد من الفريقين قادر على الحسم»، ومجددة الدعوة «إلى الحوار الذي لا يعني بالضرورة الاتفاق على مرشح ثالث، إنما قد يتمكن أحد الفريقين من إقناع الآخر»، وفق تعبيرها.
رد «القوات»
وفي هذا الإطار، تعد مصادر حزب «القوات اللبنانية»، التي لم يوفرها فرنجية من هجومه، أن «الأخير حاول أن يصور الخلاف وكأنه من طبيعة سلطوية وتنافس على المواقع والمراكز، فيما المشكلة ليست سلطوية ولا شخصية إنما مشكلة خيارات وطنية وتحديداً مع الفريق السياسي لـ(حزب الله)». وتقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «المقاربة التي قدمها هي استكمال لما كان قد بدأه الرئيس بري باعتباره أن المشكلة الرئاسية هي مارونية، وهذا ليس صحيحاً، بدليل أن أكثرية المسيحيين توافقوا على مرشح»، مضيفة: «مشكلتهم أنهم وضعوا مجموعة رهانات وكلها سقطت، وما قدمه فرنجية لا يرتقي إلى طبيعة المشكلة القائمة، لأن الصراع الحقيقي ليس حول شخص، إنما بين نهجين ومشروعين، وهذا لم يتم التطرق إليه في كلامه».
وتتحدث المصادر عن «ميزان قوى نيابي وشعبي وميزان قوى خارجي لو سلم به فرنجية لكان يفترض أن يتقدم خطوة إلى الأمام على غرار المعارضة التي أقدمت على اختيار اسم توافقي لإنهاء الأزمة».
وفي السياق نفسه، وصف النائب في «القوات»، غياث يزبك، فرنجية، بـ«رجل الدويلة»، في إشارة إلى «حزب الله». وكتب على حسابه على «تويتر»: «خطابُ رَجل الدويلة أمس، خطابُ رجل الدولة اليوم (في إشارة إلى كلام رئيس حزب (القوات) في حديث صحافي)… لمن يريد الاختيار، التناقض صارخٌ بين الأسود والأبيض. إلى النواب الرماديين، أوراقكم البيض طعنة، مرشحكم الثالث سقوط، ترددكم خيانةٌ لناخبيكم وارتدادٌ على الدولة… الأربعاء الرئاسي نصف الطريق بين موتِ وطن وقيامتِه».
من جهتها، عدّت مصادر «الكتائب» أن كلام فرنجية لا يستحق الرد، ذكّرت بأن أزعور الذي قال عنه فرنجية إنه ينتمي إلى المنظومة، تولى وزارة المالية في حكومة محاصرة من قبل «الثنائي الشيعي» و«التيار الوطني الحر» و«تيار المردة» الذي يرأسه فرنجية. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «كان أزعور يدير المالية بأقل خسائر ممكنة حين كان البلد يشهد أكبر موجة اغتيالات وتفجير وسياسته مبنية على القتل والاغتيال».
وكذلك رد النائب وضاح الصادق على فرنجية، وكتب على حسابه على «تويتر» قائلاً: «لا يا معالي الوزير فرنجية نحن لم نتفق على السلبية، اتفقنا على مرشحنا ميشال معوض بكل إيجابية ووفق حقنا الديمقراطي ودستورنا الذي تحدثت عنه»، مذكراً بأن «كتلة فرنجية وحلفاءه أفقدوا الجلسات النصاب 11 مرة»، ومضيفاً: «هذا كان ردكم على الإيجابية».
في المقابل، استمر «حزب الله» في هجومه على المعارضة ومرشحها، وشكّك أمس رئيس كتلته النائب محمد رعد، بنية المعارضة إيصال مرشحها إلى الرئاسة. وقال في احتفال في الجنوب: «الفريق الآخر يريد أن يصل إلى رئاسة الجمهورية، هذا الشخص الذي يرونه مناسباً للقيام بهذا الدور. من هو المنافس؟ ينافس أهل المقاومة جماعة من اللبنانيين ممن يرشحون ويدعمون شخصاً لا يريدون أن يصل إلى رئاسة الجمهورية، وإنما يستخدمونه فقط لمنع أن يصل مرشح المقاومة». وقال: «نحن نفكر إيجاباً، على أن الشراكة الوطنية هي تحقيق لمصالح اللبنانيين جميعاً دون تمييز واستنساب أو استضعاف لأحد، لكن الآخرين يفهمون الشراكة الوطنية استخداماً لفريق آخر من اللبنانيين من أجل أن يحققوا مصالحهم الخاصة على حساب جميع اللبنانيين».