خلال ساعات امس، عاش اللبنانيون مسرحيتين: الاولى بطلها الرئيس نبيه بري، وعنوانها “نجاة لبنان من ازمة كبرى”. والثانية بطلها نائب رئيس المجلس الياس بو صعب، وعنوانها “الانتخابات النيابية المبكرة”.
في المسرحية الاولى، أخرج بري من قبعته “أرنباً” قاصداً بقوله إنّ احتمال وصول مرشح تقاطع المعارضة جهاد ازعور الى فوز ساحق بـ65 صوتاً، كاد ان يكون “أزمة كبرى” راسماً سيناريو بقاء النواب في قاعة البرلمان والمناداة به رئيساً أو الاعتصام والتسبب بتوتر وانقسام على المستوى الوطني.
أما في المسرحية الثانية، فتلقف بو صعب من قبعة بري الانتخابات المبكرة، بذريعة العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وتراوحت التفسيرات لهذه الخطوة بين النكاية ضد جبران باسيل وتحديه خصوصا أن هكذا انتخابات ستظهر حجمه المتضائل مسيحياً وتعريه من “هدايا” الناخب الشيعي، وبين تمضية الوقت المضاع بطروحات تحرف الأنظار عن مسؤولية فريق الممانعة في منع انتخاب رئيس.
وهكذا ذهب بري وخلفه بو صعب الى الاوهام تفادياً للاعتراف بهزيمة 14 حزيران. بينما تؤكد الوقائع أنّ “الازمة الكبرى” هي إمعان بري في تعطيل الدستور، إذ كان من الواجب ان تبقى الجلسة الـ12 مفتوحة حتى انتخاب الرئيس. كما تؤكد الوقائع، أنّ بو صعب الذي يطرح الانتخابات المبكرة، كان من أبرز طابخي تأجيل الانتخابات البلدية، والمروجين لترشيح سليمان فرنجية منذ أكثر من عام.
وفي مقابل الاستهتار المحلي بالأصول الدستورية الذي فرض فريق الممانعة وقعه على مدى ثمانية أشهر من الفراغ و12 جلسة عقيمة، كان الملف اللبناني أحد عناصر الاجتماع السعودي الفرنسي الذي أبدى حرصاً على لبنان أكثر من اللبنانيين المعطلين للاستحقاق الرئاسي.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان إلى “وضع حد سريع للشغور السياسي في لبنان، والذي يشكل العقبة الرئيسية أمام حل الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الشديدة”، حسبما جاء في بيان الرئاسة الفرنسية.
وشارك في المحادثات الثنائية عن الجانب الفرنسي، إيمانويل بون المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي، ومستشار شمال أفريقيا والشرق الأوسط في رئاسة الجمهورية باتريك دوريل، وكلاهما من متابعي الملف اللبناني.
ولم تكن واشنطن غائبة عن التطورات اللبنانية الأخيرة بعدما زادت في الفترة الأخيرة جرعات اهتمامها على مستويي الإدارة والكونغرس. وعلّق المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر في مؤتمره الصحافي اليومي على سؤال لقناة “الحرة ” حول فشل بري في عقد جلسة نيابية مفتوحة، كما طالبته وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، فأجاب: “شعرنا بخيبة أمل من هذه النتيجة”، لكنه رحب “بالتصويت الذي تم “، مبدياً “القلق من أنّ النواب غادروا المجلس لمنع جولات أخرى من التصويت بعد أكثر من سبعة أشهر من دون رئيس”.
بدورها، أكدت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، أنها أخذت علماً بالتصويت الذي حصل يوم 14 حزيران في البرلمان، معربةً عن أسفها “لعدم انتخاب رئيس للبنان بعد اثنتي عشرة جلسة انتخابية غير حاسمة”. وحضت على “انتخاب رئيس جديد من دون مزيد من التأخير”.