حتى ساعة متقدمة من ليل أمس، كان مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين وجواره في منطقة صيدا يتقلب على جمر المواجهات المسلحة، التي أسفرت عن سقوط 6 قتلى بينهم مسؤول أمني كبير في حركة «فتح» وإصابة 25 آخرين بجروح. ووفق معلومات «نداء الوطن» فإن باب الحل لتهدئة الموقف في أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، بقي مسدوداً أمس على رغم محاولة «هيئة العمل المشترك الفلسطيني»، التي لم تتكلّل بالنجاح. وعلى غرار أحداث مماثلة سابقاً، شهدت منطقة المناوشات نزوحاً كثيفاً للسكان وتضرر الممتلكات داخل المخيم ومحيطه.
وأوضحت المعلومات أنّ سبب تأجيج التوتر في المخيم هو مقتل القيادي في حركة «فتح» العميد أبو أشرف العرموشي و4 من مرافقيه. وجاء مقتل هؤلاء بعد مقتل ناشط إسلامي أول من امس. لكن سقوط العرموشي عقّد الموقف، ما جعل «فتح» تغيب عن الاجتماع الذي دعت اليه حركة «أمل» بتعليمات من رئيسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، في حارة صيدا. واعتبرت «فتح» مقتل هذا القيادي «انتكاسة كبيرة» لا يمكن التهاون فيها.
ووفق المعلومات، فإن ما يدور في المخيم هو مناوشات لن تؤدي الى تغيير الوقائع الميدانية، وهي تدور على محوري الصفصاف والبركسات. واتخذت المناوشات طابعاً سياسياً يتمثل بالمواجهة بين «فتح» والاسلاميين، لكنها أيضاً ارتدت طابعاً عشائرياً يعود الى أعوام خلت.
ونفت المعلومات أي صلة لما يحصل في المخيم بحركة «حماس» أو «عصبة الأنصار»، وقالت إنّ خلفية ما يجري يعود الى فترة كان هناك تنظيم يسمى «الشباب المسلم»، الذي جرى حلّه وتسمّى عناصره باسم «الناشطين المسلمين».
في المقابل، أفيد مساء أمس عن وصول قوّة كبيرة من فوج مغاوير البر الى محيط مُخيّم عين الحلوة. وصدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه بيان أشار الى انه على أثر وقوع اشتباكات داخل مخيم عين الحلوة – صيدا، سقطت قذيفة في أحد المراكز العسكرية، كما تعرضت مراكز ونقاط مراقبة تابعة للجيش لإطلاق نار، ما أدى إلى إصابة عدد من العسكريين بجروح. وحذّرت قيادة الجيش من «مغبة تعريض المراكز العسكرية وعناصرها للخطر مهما كانت الأسباب»، مؤكدة أنّ الجيش «سيردّ على مصادر النيران بالمثل».
وأعلن رئيس الجامعة اللبنانية في بيان عن إقفال فروع الجامعة في صيدا اليوم الاثنين بسبب الأوضاع الأمنية المستجدة.
الى ذلك، استبعدت المعلومات ان يكون ما شهده «عين الحلوة» له صلة باجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية الذي عقد في مدينة «العلمين» المصرية برعاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لكن اشتباكات المخيم جاءت فقط بالتوقيت متزامنة مع الاجتماع في مصر. أما رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي فاعتبر «توقيت الاشتباكات الفلسطينية في مخيم عين الحلوة مشبوهاً، ويندرج في سياق المحاولات المتكررة لاستخدام الساحة اللبنانية لتصفية الحسابات الخارجية على حساب لبنان واللبنانيين».
في انتظار انتهاء محنة المخيم الجديدة، لا يمكن غضّ الطرف عن واقع السلاح الفلسطيني المتفلت، كما هو الحال لبنانياً. ولو كان الأمر غير ذلك، لكانت الدولة دخلت المخيم وفرضت النظام. لكن الحال الذي يعيشه لبنان منذ عقود، هو أنّ هناك «طريقاً لفلسطين ما زال يؤدي الى اغتيالات واشتباكات وترويع» حيث يمرّ، كما يحصل حالياً في عين الحلوة.