فيما يسود ترقب حذر لنتيجة المواجهة التي يخوضها لبنان الرسمي حيال الصيغة التي سيصدر بموجبها قرار التجديد للقوة الدولية العاملة في الجنوب اليونيفيل الخميس المقبل ، والتي تشكل فرنسا محور الاتصالات والمشاورات الجارية بين الوفد اللبناني والدول الأساسية المعنية ، اعاد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الاعتبار المباشر للدور الذي تمارسه بلاده في الازمة الرئاسية اللبنانية بما عكس إصراره علي معاندة العوامل التي تسببت بتعثر واخفاق الوساطة السابقة التي قامت بها فرنسا وإبراز تصميمه على الدفع بمهمة موفده الشخصي الى لبنان جان ايف لودريان . ولعل الأهم من تخصيص الرئيس الفرنسي لبنان بفقرة خاصة من خطابه امس امام السفراء الفرنسيين المعتمدين في العالم برز عبر “تخصيصه” ايران تحديدا بتوجيه سهام الاتهام الضمني والعلني اليها باعاقة انتخاب رئيس الجمهورية العتيد في لبنان من خلال “تدخلها” فيه بما يشكل تطورا بارزا للغاية ولو ان هذا الاتهام جاء مكملا لتشكيك ماكرون في جدية التسوية بين ايران والمملكة العربية السعودية . وفي أي حال فان ابراز ماكرون التدخل الإيراني في لبنان وسط استعدادات موفده لودريان للعودة في زيارته الثالثة الى بيروت بعد تعيينه موفدا شخصيا لماكرون اكتسب دلالات جديدة من شأنها ان تشق مسارا مختلفا ولو غامضا اذ يتعين رصد رد الفعل الإيراني على موقف ماكرون اقله من خلال ما سيعلنه “حزب الله” او ما قد يتخذه من اتجاهات جديدة قبيل او خلال وجود لودريان مجددا في بيروت . اذ لم يخف في اعتقاد المواكبين عن كثب لتطورات الدور الفرنسي تأثير “انضواء” فرنسا ضمن المسار الذي رسمه اجتماع المجموعة الخماسية في الدوحة والذي شكل تطورا معاكسا الى حدود واسعة للمنحى المتفرد الذي كان يطبع الوساطة الفرنسية حيال الازمة الرئاسية من خلال تبنيها ترشيح سليمان فرنجية . ولعل استباق ماكرون امس لعودة موفده الى بيروت باشارته اللافتة الى التدخل الإيراني كانت العلامة الفارقة التي تعكس تبدلا ولو نسبيا في المقاربة الفرنسية .
وكان الرئيس ماكرون في خطابه صباح امس بمناسبة افتتاح مؤتمر السفيرات والسفراء الفرنسيين المعتمدين في العالم أعرب عن شكره للوزير السابق جان ايف لودريان للمهمة التي يقودها بطلب منه ورئيسة الوزراء منذ اشهر املا “ان يتوصل الى مسار سياسي على المدى القصير”. واضاف انه “يعتقد ان احد العناصر الاساسية لهذا الحل السياسي في لبنان سيمر من خلال توضيح موضوع التدخل الايراني في لبنان بالتاكيد.”
وفي هذا السياق كشف مصدر فرنسي رفيع ل”النهار” ان لودريان سيصل الى بيروت في 11 أيلول المقبل . وقال المصدر ان الاسئلة التي وجهها لودريان في رسالته الى النواب هي تثبيت رسمي لمواقف النواب حول معلومات سبق ان حصل عليها لودريان . واعرب مسؤول فرنسي رفيع آخر عن قناعته بان “فرنسا ستنجح في مسارها في لبنان وانه سيتم انتخاب رئيس” . الى ذلك سألت “النهار” المسؤول عن تمني الرئيس الفرنسي ماكرون في خطابه امام السفراء الفرنسيين في العالم توقف ايران عن زعزعة استقرار الامن في المنطقة واذا كان يعتقد ان ايران قد تتوقف عن ذلك في لبنان فقال المسؤول بصراحة انه “لا يعتقد انها ستتوقف عن ذلك في لبنان” .
الى ذلك أفادت معلومات ان المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين يصل الى بيروت غدا الأربعاء في زيارة يلتقي خلالها رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب وقائد الجيش العماد جوزف عون. وأشارت المعلومات الى ان زيارته محصورة بموضوع الحدود البرية وهو قد يزور الجنوب حيث يطلع على عمل منصة الحفر في البلوك رقم 9″.
نصرالله
وفي غضون ذلك تحدث الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله في الذكرى السادسة لتعزيز الجرود الشرقية فاعتبر ان : “التحرير الأول وانتصار تموز والتحرير الثاني والتحرير الثالث الذي بدأ قبل أيام في موضوع التنقيب في البلوك رقم (9) كل ذلك نتيجة معادلة جيش شعب مقاومة”، مشدداً على أن “المعادلة الاستراتيجية الوطنية القائمة على الجيش والشعب والمقاومة حققت انتصارات عظيمة”. وحول التهديدات الإسرائيلية الأخيرة حذر من أن “اي إغتيال على الأراضي اللبنانية سيكون له رد فعل قوي ولن نسمح ان تفتح هذه الساحة من جديد”،
وفي الملف اللبناني، لفت نصرالله، الى أنهم “يريدون من قوات “اليونيفيل” أن تعمل عند الاسرائيلي وجواسيس عندهم، وحيث لا تستطيع كاميرا التجسس ان تصل المطلوب ان تقوم بذلك كاميرات اليونيفيل، ومشكورة الحكومة اللبنانية لسعيها لتصحيح خطأ العام الماضي الذي أعطى الحرية الكاملة لليونيفيل للتحرك بدون تنسيق واذن”. وأضاف “الناس في الجنوب لن يسمحوا بأن يُطبق قرار بالرغم من رفض الحكومة اللبنانية” . وفي الملف الرئاسي، قال نصرالله: “جاهزون للحوار في الملف الرئاسي بعكس بعض الأطراف الأخرى التي ترفضُ ذلك” مشيرًا إلى أن “هناك أطرافا لبنانية تستقوي على الفرنسيين بموضوع الحوار ولكن لو كان المبعوث أميركياً هل كانوا سيتجرأون على ذلك؟” .وتابع: “لسنا ضعفاء بل نحن أصحاب قرارنا ولا نخاف من الحوار وجاهزون له طبعاً لا نتسوّل الحوار من أحد . يقولون إنهم يريدون رئيساً لبناء دولة تواجه حزب الله لا دولة لحل مشاكل الناس وأقول لهم “إذا كان فيكم ما تقصروا” وأضاف: “الحوار الوحيد المفتوح في البلد ويمكن ان يعوّل عليه هو حوار حزب الله والتيار الوطني الحر ونحن في حوار مع التيار بالنيابة عن حزب الله وليس عن بقية حلفائنا والأصدقاء”. وأردف:”لا أمارس حرباً نفسية على اللبنانيين ولا أهول عليهم وإنما أقول لهم الحقائق التي يعمل عليها البعض ونعم هناك جهات تدفع البلد إلى حرب أهلية والشواهد على ذلك كثيرة “.
سلامة مجددا
في جانب آخر بارز من المشهد الداخلي تتجه الأنظار اليوم الى قصر العدل في بيروت حيث يفترض ان يمثل الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة امام التحقيق مجددا . ولوحظ عشية موعد مثوله تعليق ورقة على مدخل دائرة الهيئة الاتهامية في بيروت ممهورة بخاتم رسمي لوزارة العدل هي اشعار بتبليغ سلامة لصقا قررته هذه الهيئة يوم الجمعة الماضي بعد تعذر تبليغ سلامة شخصيا
لقرارها . وهو الانذار الاخير بوجوب حضور المدعى عليه امام الهيئة الاتهامية المقرر اليوم الثلثاء الساعة 11 قبل الظهر إيذانا بإتخاذ اجراءات بحق الحاكم السابق في حال حضوره اوعدم حضوره . وساد اعتقاد بان سلامة لن يحضر الى الموعد المضروب إنطلاقا من اعتبار انه لو اراد الحضور لكانت اوراق تبليغه عادت ممهورة بتوقيعه بعد اعلامه شخصيا بوجوب مثوله ، الامر الذي لم يحصل وهو ما يستتبع حكما صدور مذكرة غيابية بتوقيفه . ولكن معلومات إعلامية رجحت مساء ان سلامة سيحضر اليوم الى جلسة التحقيق معه .
توصيات المال
وفي سياق متصل عقدت لجنة المال والموازنة امس جلسة برئاسة النائب ابراهيم كنعان خصصت لمناقشة التقرير الأولي للتدقيق الجنائي لشركة الفاريز ومارسال وانتهت الى اصدار مجموعة توصيات ابرزها :
– استكمال التدقيق الجنائي على الجوانب التي ذكرها التقرير ولكن لم يصل فيها الى خلاصات واضحة، الفجوة المالية والحوكمة لتمكين المجلس النيابي من السير بموضوع القوانين المطروحة المتصلة بالودائع.
– مواكبة عمل القضاء وتوفير الامكانات التقنية والمادية له وان لا تشكل مبرّرا لعدم الوصول الى تحديد المسؤوليات والمحاسبة مما حصل حتى الآن بالتدقيق البرلماني الذي أجرته اللجنة منذ 2010 واحيل بنتيجته تقرير بـ27 مليار دولار الى ديوان المحاسبة.
– التدقيق في حسابات المصارف والدولة بكل قطاعاتها وذلك لاستكمال مسار اقرار قانون اعادة التوازن المالي واعادة هيكلة المصارف.
– الدعوة لاجتماع الاسبوع المقبل بحضور الحاكم بالإنابة بموضوع القانونين المذكورين علماً أنّ إعادة الهيكلة سحبته الحكومة لتناقشه مع صندوق النقد ولها ملاحظات عليه.