انشغل العالم بالكارثة الإنسانية التي أصابت المغرب عبر زلزال خلف آلاف الضحايا، بين قتلى وجرحى ومشردين، بينما انتهت قمة مجموعة العشرين في نيودلهي بفشل أميركي ذريع في استصدار موقف مؤيد لأوكرانيا بوجه روسيا، رغم سيطرة ملف الحرب الأوكرانية على أغلب المناقشات، ونجحت روسيا بتضامن نصف الحضور المتمثل بالإضافة الى روسيا، بمواقف الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا والسعودية والأرجنتين والمكسيك وإندونيسيا وتركيا، بالحؤول دون ذكر أي فقرة عن الحرب الأوكرانية، ما استدعى تعليق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بوصف القمة بقمة العار، رغم كل محاولات التخفيف من وطأة الفشل الغربي في تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وكان واضحاً للمتابعين لأعمال القمة عن قرب، أن إطلاق مشروع الممرّ التجاري بين الهند وأوروبا عبر مبادرة أميركية مع السعودية والهند، رغم عدم وضوح مسارات الممرّ ومن هم الشركاء فيه، محاولة أميركية لصرف النظر عن الفشل في القضية الرئيسية التي تمثلها الحرب الأوكرانية، لكن المشروع الذي أراد منه الرئيس الأميركي جو بايدن وفريقه الإيحاء للصين ببديل هنديّ في مواجهة خطة الحزام والطريق التي تربط الصين بالعالم، من جهة، ومن جهة موازية الإيحاء بأن قطار التطبيع بين السعودية وكيان الاحتلال يتقدّم، عبر الترويج للعبور من الأردن الى فلسطين المحتلة وصولاً الى ميناء حيفا كمعبر نحو أوروبا بحراً، وسط تشكيك علمي بجدية المشروع الذي يعبر بحراً بين الهند والسعودية لتفادي العبور بباكستان وإيران، لكنه يمرّ براً عبر السعودية والأردن ثم فلسطين المحتلة ليعود بحراً، من حيفا نحو أوروبا، بدلاً من أن يبقى بحراً عبر قناة السويس اذا كان لا بد من العبور بحراً من حيفا، أو يسلك براً نحو أوروبا عبر تركيا. وفي هذه الحالة لا يمكن العبور من فلسطين المحتلة بل من الأردن الى سورية فتركيا. وفي الحالتين البحرية عبر قناة السويس والبرية عبر تركيا لا عبور من حيفا، لكن المشروع الغامض والأقرب للسياسة منه للتجارة، أثار هواجس الصين وتركيا ومصر، حيث أعلن الرئيس التركي أن التنسيق في مجالات النقل البحري والبري وسكك الحديد مع السعودية ودول الخليج قائم، داعياً لتنسيق أي مشاريع جديدة مع خطة الحزام والطريق الصينية.
في لبنان، الحدث الأمني في الواجهة مع عودة الاشتباكات في مخيم عين الحلوة، وتصاعدها على الأطراف القريبة من مواقع الجيش اللبناني حيث سقط للجيش خمسة جرحى، حالة أحدهم حرجة، وسط تساؤلات عن خلفيات الاشتباكات، خصوصاً مع مخاطر التهجير الواضحة، والتساؤلات حول وجود نيات وراء إقامة مخيم بديل قرب الملعب البلدي تسبّب البدء به بردة فعل شعبية وسياسية تبعها قرار حكومي بإزالة الخيم والمنشآت التي تم توضيعها في المكان، بينما على الصعيد السياسي والأمني فقد أعلن المدير العام بالإنابة للأمن العام اللواء الياس بيسري عن الدعوة الى اجتماع موسّع في مكتبه بعد ظهر اليوم تحضره القيادات الفلسطينية إلى تحمّل مسؤولياتها، مشيراً إلى أن الاشتباكات تعيد فتح ملف السلاح الفلسطيني.
رئاسياً، يصل المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت ويبدأ مشاوراته، وسط غموض حول ما سوف يحمله بعد اللقاءات الفرنسية السعودية، التي شهدتها باريس على مستوى المعاونين، بعد تعذّر عقد لقاء على مستوى القمة في نيودلهي رغم الحديث عن فرضية اجتماع الرئيس ايمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بينما في الداخل اللبناني تريث وتنظيم الأوراق بانتظار وضوح الصورة بعد سماع ما لدى لودريان.
تراجعت ليل أمس، حدّة الاشتباكات داخل مُخيّم عين الحلوة، بعد معارك ضارية خلال النهار على محاور عدّة، ولا سيّما البركسات، الطوارئ وحطّين وجبل الحليب. وأعلنت مصادر طبيّة فلسطينيّة عن سقوط قتلى وجرحى من المسلّحين والمدنيين في الاشتباكات الدائرة.
وبعد أن أعلن “الشباب المسلم” وقفاً للنار، ذكر مدير “مستشفى الهمشري” في صيدا عضو قيادة حركة “فتح” رياض أبو العينين، أنّه “كان الأولى به المُسارعة إلى تسليم قتلة العميد أبو أشرف العرموشي ورفاقه، وتنفيذ مقرّرات اجتماع السفارة الفلسطينيّة من أجل إنهاء الاشتباكات وتثبيت وقف إطلاق النار”، لافتاً إلى أنّ “حركة فتح ملتزمة بقرار وقف إطلاق النار، ولكن في كلّ مرّة نعمل على تنفيذه تُفاجأ عناصرنا بهجوم وبإطلاق نار باتجاهها ما يضطرّها للردّ على مصادر النيران”.
وتابع “كما نحن حريصون على وقف إطلاق النار، حريصون ومصرّون في الوقت نفسه على تسليم القتلة من أجل سحب فتيل التفجير ومحاسبة كل من تخوّل له نفسه العبَث بأمن شعبنا ومخيمنا”.
أمّا على الصعيد الطبيّ، فقد لفت أبو العينين إلى أنّ “حصيلة الاشتباكات منذ اندلاعها يوم الخميس الماضي فهو خمسة قتلى و52 جريحاً”، في حين أعلنت قيادة الجيش اللبنانيّ أنّه على أثَر الاشتباكات المسلّحة أمس، داخل مخيّم عين الحلوة ــ صيدا، سقطت 3 قذائف في مركزَيْن عائدَيْن لوحدات الجيش المنتشرة في محيط المخيّم، ما أدّى إلى إصابة 5 عسكريين أحدهم بحالة حرجة، وقد نُقلوا إلى المستشفيات المجاورة للمعالجة. وأعادت تحذير الأطراف المعنيّة داخل المُخيَّم من مغبّة تعريض المراكز العسكريّة وعناصرها للخطر، مؤكدةً أنّ الجيش سيتخذ الإجراءات المُناسِبة.
وكان المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، دعا في غياب اللقاءات والاجتماعات أمس، لوقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة، باستثناء بعض اتصالات المتابعة للفصائل الفلسطينيّة – هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان، إلى اجتماع طارئ في مقر المديريّة العامة، اليوم عند الساعة الثانية بعد الظهر لبحث الوضع الأمنيّ في المخيم.
من جهته، أسِف نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بلهجة شديدة، لما يحصل من اقتتال في مُخيَّم عين الحلوة “لأنّه تقاتُل بين الأخوة وضغط على الناس وتأثير على المحيط، ولا يوجد رابح على الإطلاق من هذا العمل الانتقاميّ العبثيّ الذي لا يُمكن أن يكون مقبولاً تحت أيّ شعار أو أيّ عنوان”، معتبراً “أنّ هذا العمل يخدم “إسرائيل” ولو لم يرتبط بها أو تبدأ هي به، لأنّه في الواقع يجب أن تكون المُخيّمات هادئة حتى تعبّئ باتجاه مواجهة “إسرائيل” وتهيئة للعودة بعد التحرير الكامل وليس التقاتُل والنفوذ”.
أمّا في الشأن المحلّي، فقد راوح الاستحقاق الرئاسي في دائرة شروط المُعارضة للقبول بالحوار الذي دعا إليه رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، بانتظار ما ستحمله زيارة الموفد الفرنسيّ جان إيف لودريان الثالثة إلى بيروت.
وفي موازاة ذلك، نصح الشيخ قاسم بعدم رمي الاستحقاق على الخارج “وبأن نتكل على الخارج”، مؤكّداً أنّ “المشكلة من الداخل وعلينا أن نُعالجها، والداخل مسؤول عن الاستحقاق وتدوير الزوايا ويتحمّل كلٌّ منّا مسؤوليّته، لأنّ الناس سيحاسِبون مباشرةً ونحن أمام استحقاق لا يجوز أن نفرّط به”.
ورأى أنّ “للرئاسة اللبنانية طريقين لا ثالث لهما من أجل أن يُنجَز الاستحقاق الرئاسيّ، الأول هو الحوار والتفاهم تمهيداً لجلسات نيابيّة تؤدي إلى انتخاب الرئيس. وهذا ما طرحه مؤخراً الرئيس نبيه برّي من أجل أن يكون الحوار معبراً للانتخابات، وهذا أمر جيّد (…) والطريق الثاني خشيةَ أن يطول الفراغ والنقاش حول الحوار وأن تكون بعض الحوارات طويلة، في أن يكون هناك تقاطُع حول شخص الرئيس الذي يتمتّع بمواصفات، يعني نذهب بالتقاطع على شخص الرئيس من دون شروط أو شروط مضادّة وحوارات طويلة، وخصوصاً الشروط التي نُريدها هي ثلاثة أساسيّة موجودة ومتوافرة في شخص (رئيس تيّار المردة) سليمان فرنجيّة، فهو يمتلك أولاً الانفتاح على الجميع وعدم تكريس الاصطفافات للمرحلة المقبلة، ثانياً، له رؤية سياسيّة واضحة باستقلال لبنان وتحرير لبنان ومقاومته للعدوّ الإسرائيليّ وعدم الاستسلام لمطامع العدوّ، وثالثاً، الاستعداد لإنجاز خطّة اقتصاديّة إنقاذيّة في إطار المجلس والانفتاح على الشرق والغرب وجميع الأفرقاء”.
بدوره، شدّد عضو كتلة التنمية والتحرير النيابيّة النائب الدكتور أيوب حميد، خلال تمثيله الرئيس برّي في احتفال نظّمته مؤسّسات «أمل» التربويّة في بلدة عين قانا في منطقة إقليم التفاح، على أنّ «الحلّ الوحيد والمدخل الأساسيّ لحلّ الأزمة الرئاسيّة هو الحوار بين جميع الكتل النيابيّة»، معرباً عن أسفه لمواقف البعض التي رفضت الحوار جملةً وتفصيلاً.
في غضون ذلك، بقي موضوع النزوح السوريّ موضع اهتمام الأوساط الحكوميّة. وفي هذا السياق حذّر وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى من «»لعبة» قذرة لتثبيت النازحين السوريين في لبنان، بالتزامن مع ضخّ محرِّض على صيغة العيش الواحد بين اللبنانيين مع تيئيسٍ لهم، ولا سيما المسيحيين منهم لحملهم على الهجرة، وذلك من أجل القضاء على التنوّع ليكون لـ»إسرائيل» العنصريّة، ذات اللون الواحد، أن ترتاح من نموذجٍ يُناقضها ويُسقطها أخلاقيّاً».
على صعيد آخر، أكدت سورية أن الولايات المتحدة الأميركية وأدواتها من التنظيمات والميليشيات الإرهابية تواصل انتهاك السيادة السورية ونهب ثروات البلاد ومواردها الاستراتيجية، وطالبت بمساءلة المسؤولين الأميركيين عن السرقات، وإلزام الإدارة الأميركية بالتعويض عنها، وإنهاء الوجود اللاشرعي للقوات الأميركية وإعادة الأراضي التي تحتلها وحقول النفط والغاز للدولة السورية.
ووجّهت وزارة الخارجية والمغتربين السورية (أمس) رسالةً إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، لمطالبتهما بوضع حد للممارسات العدوانية والانتهاكات الجسيمة لمبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة، والتي ترتكبها الولايات المتحدة الأميركية وقواتها العسكرية الموجودة بشكل غير شرعي على أجزاء من أراضي الجمهورية العربية السورية في الشمال الشرقي، وفي منطقة التنف جنوب شرق البلاد.
وأشارت الوزارة إلى استمرار الولايات المتحدة الأميركية وأدواتها من التنظيمات والميليشيات الإرهابية في انتهاك السيادة ونهب ثروات البلاد ومواردها الاستراتيجية، وذلك بهدف مفاقمة آثار التدابير القسرية الانفرادية اللاشرعية وحرمان السوريين من التمتع بمقدرات وطنهم وزيادة معاناتهم.
ولفتت الوزارة إلى أن قيمة الأضرار اللاحقة بقطاع النفط والثروة المعدنية السوري جراء أعمال العدوان والنهب والتخريب التي ارتكبتها قوات الولايات المتحدة الأميركية وأدواتها الإرهابية، بلغت ما مجمله 115.2 مليار دولار أميركي، وذلك في الفترة من عام 2011 حتى نهاية النصف الأول من عام 2023.
وفي السياق، أوضح وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد خلال استقباله المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون على رأس وفد، أن التحديات الأساسية التي تواجهها سورية والمتمثلة بالآثار الكارثية التي خلفها الإرهاب، والإجراءات القسرية أحادية الجانب اللاشرعية على الوضع الإنساني والاقتصادي في سورية وعلى حياة السوريين، وخاصة بعد الزلزال المدمر الذي ضرب سورية في السادس من شباط الماضي، وكذلك استمرار الاحتلال الأميركي والتركي غير الشرعي على الأراضي السورية، ومواصلة نهب القوات الأميركية لثروات ومقدرات الشعب السوري في انتهاك فاضح للسيادة السورية ووحدة وسلامة أراضيها وللقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.