كتبت صحيفة “الديار”: استفاق اللبنانيون على صدمة جديدة زادتهم احباطا وخفضت منسوب الامل عندهم في الوصول الى حلول قريبة لمشكلاتهم المستعصية، مع انتشار خبر الهجوم على السفارة الاميركية في عوكر وعودة النشاط الارهابي بالتزامن مع الحوادث الامنية المتنقلة. كل ذلك يحصل وسط شلل عام في البلاد وفراغ في الرئاسة الاولى والمؤسسات، وازمة اقتصادية خطرة تتناول معيشة اللبنانبين وودائعهم جراء تعثر مصارفهم، بالاضافة الى عدم وجود فرص العمل مع مشاهد يومية لمئات الشباب امام السفارات بحثا عن لقمة الحلال في بلاد الله الواسعة، هذه الاوضاع المأسوية تتطلب المعالجة السريعة والمبادرة فورا الى انتخاب رئيس للجمهورية لوقف النزيف وعودة لبنان الى ما كان عليه، والامل موجود بوحدة اللبنانيين.
ووسط هذه العتمة، تبقى بقعة الضوء الوحيدة من جنوب لبنان وغزة وبطولات المقاومين وانجازاتهم في مواجهة الجيش الاسرائيلي.
الهجوم على السفارة الاميركية
السؤال الاساسي: كيف تم تجاوز الاجراءات الامنية حول السفارة الاميركية في عوكر؟ كيف يمكن لمسلح ان يتجاوز كل الحواجز والكاميرات وهو حامل سلاحه الحربي بشكل علني من نوع «كلاشنكوف» مع جَعبته العسكرية الملأى بـ «ممشاط» الذخيرة الحية وشعارات داعش، ويصل إلى بعد ٣٠ مترا من المدخل الخارجي للسفارة، ويفتح النار بشكل عشوائي وبدائي لمدة عشر دقائق من الساعة ٨،٣٥ حتى ٨،٤٥، دون اي رد عليه، قبل ان يشتبك مع العناصر المولجة بأمن السفارة وعناصر الجيش اللبناني، وقد طلبت عناصر الجيش من منفذ العملية الاستسلام، فرفض وواصل اطلاق النار، فتم الرد عليه فاصيب في بطنه ونقل بسرعة الى احد المستشفيات لانقاذ حياته ومعرفة خلفيات الهجوم الذي نفذه، واعترف بعد نقله من قبل الجيش، ان اسمه قيس عوض الفراج من مجدل عنجر، وانه نفذ عمليته انتقاما للمجازر ضدالفلسطينيين.
وفي المعلومات المؤكدة، ان منفذ العملية مقيم في بلدة الصويري في البقاع الغربي، وهو من التابعية السورية ومسجل في مفوضية اللاجئين. وعلى اثر الحادث، نفذ الجيش سلسلة مداهمات في الصويري ومجدل عنجر وبر الياس وعدد من القرى البقاعية، واعتقل شقيق الجاني قتادة الفراج وامام مسجد ابو بكر الصديق في مجدل عنجر مالك الحجة، سوري الجنسية وهو المرشد الديني لمنفذ العملية، وحاول الحجة الاحتماء بمفتي البقاع الذي طلب منه تسليم نفسه، كما اعتقل والد المنفذ واشقاؤه وشقيقاته وسائق الفان و١٠ اشخاص بينهم تاجر سلاح من مجدل عنجر. وتبين من التحقيقات ان لاعلاقة للموقوفين بالعملية على السفارة الاميركية رغم ان الجيش صادر مواد متفجرة واسلحة رشاشة من منزل شقيق منفذ العملية.
وفي المعلومات ان العملية نفذها شخص واحد، ويطلق عليها في العلم العسكري للمنظمات الارهابية «الذئاب المنفردة»، وقد استقل المنفذ احد الباصات من مجدل عنجر الى عوكر صباح امس، وعند وصوله الى مكان قريب من السفارة غادر الباص وسلك احد الطرق الفرعية بين الابنية التي تصل الى المدخل الخارجي للسفارة الاميركية، وقطع مسافات طويلة نسبيا وبشكل عادي قبل الوصول الى هدفه، دون اي حماية من احد خلافا لما ورد عن وجود شريكين له في العملية، علما، ان العناصر العسكرية المولجة حماية السفارة، موثوق بهم ومعروفون ومدربون بشكل جيد، وولاءهم مضمون ومحسوم وينسقون بشكل دائم مع ضباط حرس السفارة ولهم امتيازات خاصة وحرية في اتخاذ القرارات؟ لكن تبقى هناك أسئلة عديدة وكثيرة؟ علما ان المنفذ كانت تحوم حوله شبهات امنية لجهة علاقاته بالمنظمات الارهابية.
بعد الحادثة، فرض الجيش اللبناني إجراءات مشددة وقام بحملة تمشيط واسعة شاركت فيها مروحية للجيش، وبعد ساعات تم تخفيف الاجراءات، فيما شكر بيان السفارة القوى الامنية اللبنانية مشيرا الى ان السفارة تعرضت لاطلاق نار خفيف، ادى الى اصابة احد حراس السفارة طوني امين ومواطن مدني.
وفي المعلومات، ان التحقيقات تتركز حول الهدف من الهجوم، هل هو عملية إرهابية؟ هل تقف وراءه خلية ارهابية منظمة؟ هل جاء القرار باعادة العمل للخلايا النائمة او ان العملية جاءت نصرة لغزة وادانة للانحياز الاميركي؟
تصريح مولوي
وكان لافتا تصريح وزير الداخلية بسام مولوي عن الهجوم على السفارة وتوقيف اي شخص له صلة بالحادث. وكشف ان مهاجم السفارة نقل متفجرات من مجدل عنجر الى عوكر واجتاز حواجز عديدة (٩ حواجز)، وهذا امر مستغرب، واننا نبحث عن الجهات التي تقف خلف الهجوم.
من جهة أخرى، كشف مصدر وزاري للديار ان ما اورده وزير الداخلية حول وجود متفجرات بحوزة مهاجم السفارة الاميركية، غير دقيق وفقا للتحقيقات، سائلا عن الجهة التي أعطت معاليه معلومات مغلوطة عن التحقيق، خصوصا ان التحقيقات محصورة بمديرية المخابرات في الجيش اللبناني.
حراك الاشتراكي
هل اكتشف وفد اللقاء الديموقراطي النيابي برئاسة تيمور جنبلاط بعد زيارته الى سمير جعجع، وغازي العريضي الاشتراكي الى الرئيس بري والحاج حسين خليل بتكليف من وليد جنبلاط، ان الحوار مستحيل في هذه المرحلة بين الثنائي والقوات اللبنانية بعد ان لمسا عمق الشروط والشروط المضادة بين الطرفين، واكتشفا ان جوهر الخلاف ابعد من الرئاسة واساسه «اي لبنان نريد»؟ وفي المعلومات، ان العريضي سمع موقفا صريحا لا يخضع للمساومة من بري والحاج حسين خليل، عنوانه الحوار برئاسة بري وفي المجلس النيابي، وموعد الحوار والدعوة له يحددهما رئيس المجلس، ونقطة على السطر، هذا الموقف ابلغ ايضا لهوكشتاين والسفيرة الاميركية ولودريان والبخاري ورئيسي المخابرات المصرية والقطرية وكانوا متفهمين لوجهة نظر الرئيس بري، وان المشكلة عند الدكتور سمير جعجع الذي ابلغ لودريان رفضه الحوار او التشاور، فيما سمع وفد اللقاء الديموقراطي من جعجع رفضا قاطعا للحوار، واعتبار اي دعوة له من قبل بري وبرئاسته مخالفة للدستور وبدعة جديدة، مجددا التاكيد، ان لاحوار قبل انتخاب رئيس للجمهورية منتقدا ما يجري في الجنوب، لكن التباين ظهر بين القوات والاشتراكي خلال اللقاء حول دعوة بري للحوار المدعومة من الاشتراكي.
تواصل بين بري وميقاتي وباسيل
اما اللقاء بين تيمور جنبلاط وجبران باسيل فكان وديا جدا حسب المعلومات، واوحى رئيس التيار انه لا يتعامل سلبيا مع دعوة الرئيس بري للحوار، ولماذا التشكيك فيها وبنيات الرئيس بري مسبقا؟ وعلم ان النائب غسان عطالله يقوم بنقل الرسائل بين بري وباسيل، لكن باسيل جدد رفضه لسليمان فرنجية امام وفد اللقاء الديموقراطي وضرورة الوصول الى رئيس توافقي يحظى بدعم كل المكونات السياسية، وكانت وجهات النظر متطابقة مع اللقاء الديموقراطي. وعلم ان اتصالات جرت مؤخرا بين ميقاتي وباسيل عبر أصدقاء مشتركين، ورغم جدار عدم الثقة فان ميقاتي اعطى توجيهاته بعدم الهجوم الاعلامي على باسيل وضرورة فتح صفحة جديدة معه، وترجم التقارب امس بزيارة وزير الدفاع موريس سليم الى السرايا الحكومي.
وفي المعلومات، ان حراك الاشتراكي لن يفتح اي كوة في الجدار السميك حتى الان لكن الاشتراكي لن يتراجع، مع العلم ان مبادرة كتلة الاعتدال بدات «بالذبول»، وان نوابا فاعلين فيها بدؤوا يتعرضون لاطلاق نار داخلي وعربي، والرسائل وصلت وكانت واضحة وفهمت جيدا؟
الخرق الرئاسي الخارجي
وفي مقابل الاستعصاء الداخلي، فان المراهنين على خرق رئاسي خلال قمة النورماندي بين بايدن وماكرون واهمون جدا، والمراهنون على توافق اميركي فرنسي شبيه بتوافق ٢٠٠٤ وولادة الـ ١٥٥٩ وخروج سوريا من لبنان واهمون ايضا جراء اختلاف الظروف والمعطيات، فبايدن مع كل صوت انتخابي يفتح له أبواب البيت الابيض. وفي معلومات مؤكدة، ان الاتصالات الأميركية السورية استؤنفت على المستوى الرفيع بدعم سعودي، وتتركز على اطلاق الصحافي الاميركي اوستن تايسن المعتقل في دمشق منذ ٥ سنوات بالإضافة إلى معلومات يريدها الاميركيون عن ٥ مواطنين اميركيين اختفوا في سوريا بينهم قس اميركي، ويريد بايدن انجاز الامر قبل الانتخابات مقابل وعود سخية ترجمت منذ فترة بتجميد القانون الذي يفرض عقوبات على كل دولة تنفتح على سوريا، كما وافق الاتحاد الأوروبي على تمديد تقديم المساعدات للنازحين داخل سوريا لسنة واحدة.
في المقابل، فان واشنطن لها اجندتها اللبنانية المختلفة جذريا عن التوجهات الفرنسية، وتدرك استحالة إجراء الانتخابات الرئاسية قبل وقف النار في غزة والجنوب، وتريد اصوات اللبنانيين الشيعة في ميشغن قبل اي شيء اخر. اما طهران، فاكد دبلوماسي إيراني خلال لقاء مع إعلاميين في بيروت، ان واشنطن حاولت في مسقط فتح ملفات المنطقة مع إيران وتحديدا لبنان، وكان الجواب الإيراني بالرفض القاطع، والتأكيد على ان هذا الملف شان داخلي لبناني، والقرار للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
هذه الوقائع تؤكد استحالة حصول اي خرق رئاسي في المدى المنظور وفي عهد المجلس النيابي الحالي نتيجة التوازنات بين القوى، فالثنائي بحاجة الى جبران باسيل ووليد جنبلاط كي يصل سليمان فرنجية إلى بعبدا، وهذا متعذر حتى الان.
«اسرائيل» قصفت ١٧ بلدة جنوبية بالفوسفور الابيض
اتهمت منظمة هيومن رايس ووتش، «اسرائيل» باستخدام الفوسفور الابيض المتفجر جوا ٥ مرات بشكل غير قانوني فوق مناطق سكنية في جنوب لبنان، كما استخدمت القوات الإسرائيلية الفوسفور الابيض في ١٧ بلدة، واكدت المنظمة، ان استخدام اسرائيل للفوسفور الابيض على نطاق واسع يبرر الحاجة إلى قانون دولي أقوى بشأن الاسلحة الخارقة.
بالمقابل، واصل نتنياهو من كريات شمونة تهديداته واعلان جهوزيته لعملية قوية جدا وشاملة في الشمال، مؤكدا انه سيعيد الأمن الى الشمال بطريقة او اخرى، ومن يظن انه سيؤذينا وسنجلس مكتوفي الأيدي فقد أخطأ خطأ كبيرا.
وفي المقابل، اكد نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم استعداد الحزب لمواجهة اي هجوم اسرائيلي، مؤكدا ان الحزب لم يستخدم الا الجزء البسيط من قواته وصواريخه.
عملية نوعية للمقاومة
وبينما كان نتنياهو يطلق تهديداته من نهاريا، نفذ رجال المقاومة الاسلامية عملية نوعية عبر هجوم جوي بسرب من المسيرات الانقضاضية على تجمع مستحدث جنوب مستعمرة الكوش استهدف اماكن تموضع استقرار ضباط العدو وجنوده واصابوهم اصابة مباشرة واوقعوهم بين قتيل وجريح، واعترفت وسائل الاعلام الاسرائيلية بسقوط ١١ جنديا، بينهم قتيلان.