كتبت صحيفة “الشرق الأوسط ” تقول : عاد المتظاهرون اللبنانيون مساء أمس، بعد هدوء طوال ساعات النهار، إلى وسط بيروت، حيث تجدد مشهد مساء السبت الذي سجل مواجهات بين المحتجين والقوى الأمنية عند محيط مقر البرلمان.
من جهة آخرى، لم تنجح الاتصالات السياسية التي تكثفت في الساعات الأخيرة على وقع تصاعد التوترات في الشارع، لإعلان تشكيلة الحكومة، في تذليل العقبات العالقة بين الفريق الواحد. ورغم المعلومات التي أشيعت مساء أمس عن احتمال الإعلان عن الحكومة، بعد اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة المكلف حسان دياب ورئيس الجمهورية ميشال عون، عادت الأجواء التفاؤلية وتراجعت نتيجة عدم التوافق على الحلول الأخيرة وخرج دياب من دون الإدلاء بأي تصريح.
وفي حين كانت الجهود تبذل من قبل رئيس الجمهورية لتوسيع الحكومة إلى 20 وزيراً بدل 18 وزيراً، وهي الصيغة التي يتمسك بها دياب، لإرضاء بعض القوى التي ترفض حجم تمثيلها على غرار “الدروز” و”تيار المردة”، إضافة إلى الروم الكاثوليك، أشارت المعلومات إلى أن دياب بقي متمسكاً بموقفه وحسم النقاش على 18 وزيراً، فيما لا يزال بعض الأمور الأخرى عالقة.
وفي ظل هذه الخلافات، قالت مصادر سياسية مواكبة لملف تشكيل الحكومة، إن رئيس مجلس النواب نبيه بري قام بما عليه لتقريب وجهات النظر وردم هوة التباينات التي تحول دون تشكيل الحكومة، وذلك من خلال لقائه بوزير الخارجية جبران باسيل ثم بالرئيس المكلف حسان دياب، انطلاقاً من رؤيته بضرورة تشكيل حكومة بأسرع وقت، بحسب ما نقل عنه زواره. لكن مع استمرار العراقيل التي فاجأته، “أوقف تدخله، ويكتفي الآن بمراقبة التطورات والمباحثات آملاً في أن تُذلل العراقيل ويعلن عن تأليف الحكومة بأسرع وقت”.
وإثر قرار بري، باتت الاتصالات الآن في عهدة “حزب الله” الذي يبذل جهداً كبيراً على خط رئيس الجمهورية ميشال عون والوزير باسيل، وبدرجة أقل على خط الرئيس المكلف، للوصول إلى حلحلة في الملف الحكومي. وقالت مصادر سياسية مواكبة لـ”الشرق الأوسط”، إن باسيل لا يزال يناور؛ مرة بحكومة اختصاصيين ومرة أخرى بالأسماء بهدف كسب الثلث المعطل، سائلة: “ما دامت الحكومة حكومة لون واحد، فلماذا الثلث المعطل فيها؟”.
وفي هذا الإطار، أكدت مصادر عدة أن رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية حسم موقفه لجهة عدم المشاركة في الحكومة، لرفضه حصول وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل على الثلث المعطل واقتصار حصة “المردة” على وزارة واحدة كان يفترض أن تكون “الأشغال العامة”.
وعلمت “الشرق الأوسط” أن “الحزب السوري القومي الاجتماعي” يصر على توزير أمل حداد، مع أنها غير منتسبة للحزب، لكنه يريد تسمية شخصية في الحكومة لتأكيد حضوره السياسي في الحكومة، قائلة إن الإصرار هنا يشبه تبنيه في وقت سابق ترشيح النائب البير منصور للمجلس النيابي مع أن منصور ليس منظماً في الحزب.
وتحدثت المعلومات عن تباين بين عون والرئيس المكلف على تسمية شخصية تتولى حقيبة الاقتصاد، إذ يصر دياب على تسمية بترا خوري، بينما يصر عون على تسمية أيمن حداد.
في غضون ذلك، أطلقت قوات الأمن في بيروت أمس الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي واستخدمت خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، وذلك غداة مواجهات غير مسبوقة أسفرت أول من أمس عن إصابة المئات. وأرسلت تعزيزات من الجيش وشرطة مكافحة الشغب إلى وسط بيروت حيث تجمع المتظاهرون على مدخل جادة مؤدية إلى مقر البرلمان قرب ساحة الشهداء.
وقال الصليب الأحمر اللبناني إن 70 شخصاً أصيبوا بجروح، أرسل 30 منهم إلى المستشفيات. وردد المتظاهرون في بيروت تحت المطر “ثوار، أحرار، سوف نكمل المشوار”، حاملين مظلات وأعلاماً لبنانية.
وتجمع المحتجون عند نقطة تؤدي إلى ساحة النجمة، حيث محيط مجلس النواب، وذلك وسط تعزيزات أمنية وانتشار واضح وكثيف للجيش اللبناني، وللمرة الأولى، بكل عديده وأعداده، ما يشير إلى أن القرار اتخذ لحفظ الأمن مع تمركز قوى مكافحة الشغب في نقاط مركزية، وقامت وحدات من الجيش بتفتيش المتظاهرين ومصادرة المفرقعات والخوذ والأدوات الحادة قبل السماح لهم بالتجمع قرب المجلس النيابي. وبعد وقت قصير من بدء تجمع المحتجين سجل توتر على الحاجز الذي يفصل مكافحة الشغب والمتظاهرين في محيط مجلس النواب، حين عمد بعض المعتصمين إلى رشق الشرطة بالحجارة والمفرقعات، وردت قوى الأمن برمي القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين ورش المياه باتجاههم في محاولة منها لتفريقهم.
وفي بيان لها، طلبت قوى الأمن “من المتظاهرين السلميين المحافظة على سلمية المظاهرة ومنع المشاغبين من الاستمرار في الاعتداءات أو الابتعاد عن مكان أعمال الشغب، لأننا سنكون مضطرين لردع مثيري الشغب ووقف التعدّي وفقاً للقانون”.
وتوجه المئات من المحتجين إلى وسط بيروت للاحتجاج ضد السلطة غداة مواجهات غير مسبوقة أسفرت عن إصابة المئات بجروح، في أعنف يوم منذ بدء الحركة الاحتجاجية في لبنان. وأرسلت تعزيزات من الجيش وشرطة مكافحة الشغب إلى وسط بيروت، حيث تجمع المتظاهرون على مدخل جادة مؤدية إلى مقر البرلمان قرب ساحة الشهداء التي كانت مركز الحراك الاحتجاجي غير المسبوق منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول)، ضد طبقة سياسية يعتبرها المحتجون فاسدة وعاجزة. وبعد 3 أشهر من الاحتجاجات، لم يتوقف غضب المتظاهرين عن التصاعد، فهم يشجبون خصوصاً تقصير السلطة أمام تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تترجم بطرد أعداد كبيرة من الأشخاص من وظائفهم، وبقيود مصرفية بالغة، وتراجع قيمة العملة اللبنانية.
وردد المتظاهرون في بيروت تحت المطر: “ثوار، أحرار، سوف نكمل المشوار”، حاملين مظلات وأعلاماً لبنانية. وقال المتظاهر مازن البالغ من العمر 34 عاماً: “مللنا من السياسيين طبعاً بعد 3 أشهر من الثورة، أثبتوا لنا أنهم لا يتغيرون ولا يسمعون وأنهم غير قادرين على القيام بشيء”.
واندلعت السبت، مواجهات بين المحتجين وعناصر شرطة مكافحة الشغب في وسط بيروت الذي شهد مستوى عنف غير مسبوق منذ بدء الاحتجاجات، ما أسفر عن إصابة نحو 400 شخص على الأقل من الطرفين، استناداً إلى أرقام للصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني.
وغطت السبت، الغازات المسيلة للدموع التي أطلقتها قوات الأمن بكثافة لتفريق المتظاهرين وسط بيروت مع تصاعد أصوات صفارات سيارات الإسعاف. واستخدمت قوات الأمن أيضاً خراطيم المياه والرصاص المطاطي. ورشق المتظاهرون، وبعضهم ملثمون، القوات الأمنية بالحجارة ولوحات مرورية وأغصان أشجار، وحاول عدد منهم تخطي الأسلاك الشائكة. واستخدمت شرطة مكافحة الشغب خراطيم المياه وأطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.