كتبت صحيفة “النهار ” تقول : يبدو ان رئيس الوزراء حسان دياب ضاق ذرعا، في وقت مبكر، بالانتقادات التي تطاول العمل الحكومي ، خصوصا في ظل امتناع دول عربية فاعلة عن تحديد مواعيد له للقيام بجولة خليجية أولاً، فرد عبر مجلس الوزراء قائلاً “إننا مكملون بمسيرة انقاذ لبنان، مهما كانت التحديات”، لافتاً الى وجود “أوركسترا بدأت عندما اكتشفت أنها لم تستطع العثور على أي خطأ لهذه الحكومة، تحرض في الخارج ضد لبنان لمنع الدول الشقيقة والصديقة من مساعدته ماليا ومنعه من الانهيار”، معربا عن ثقته ان “الدول الشقيقة والصديقة لن تتخلى عن لبنان”. وتحدث عن “جهات لا تهتم بأن البلد ينهار، بل المهم عندهم أن تفشل الحكومة وأن لا تنكشف عوراتهم والموبقات التي ارتكبوها وأدت إلى الأوضاع الخطيرة التي يعيشها البلد اليوم”.
واذا كان كلامه يمكن ان يحمل في طياته رسائل الى الحلفاء قبل الخصوم، فانه وجد صداه المباشر في “بيت الوسط” الذي يغيب سيده الرئيس سعد الحريري في زيارة اماراتية، اذ اعتبرت “كتلة المستقبل” انها معنية بالرسالة، فردت قائلة إنه ” اذا كان هناك في دوائر الحكم وبعض الدوائر الحزبية التي تتلطى وراء التوجهات الحكومية، مَن يعمل على تزوير التاريخ والوقائع والأرقام ورمي المسؤولية على السياسات الحريرية، فقد كان حرياً برئاسة الحكومة أن تنأى بنفسها عن تلك الحملات المكشوفة الأهداف، فلا تستنسخ العبارات التي درج على استحضارها أزلام زمن الوصاية وورثتهم في العهد الحالي والعهد الذي نُظمت فيه جريمة اغتيال الرئيس الحريري”.
وبعيدا من تطاير الرسائل الحكومية، رسائل من نوع آخر، تتصل بالوضع الاقتصادي والمالي والمعيشي، لخصها النائب ميشال ضاهر بتغريدة جاء فيها: “من سيضع العصي في دواليب هذه الحكومة لعرقلتها ليس المعارضة أو الانتفاضة أو المجتمع الدولي بل حلفاؤها ،لان نجاحها سوف يعتبر فشلاً للحكومات السياسية السابقة والتي أوصلت البلاد إلى الإفلاس اقتصاديًا وماليًا نتيجة المحاصصة وتبادل المصالح”. وينطبق هذا الوصف تماماً على الخلاف في وجهات النظر حول التعاون أو الاستعانة بصندوق النقد الدولي، اذ فيما كان نائب رئيس مجلس النواب وعضو “تكتل لبنان القوي” ايلي الفرزلي يعرب بعد لقائه الرئيس نبيه بري عن اقتناعه “بأن نتائج الاجتماعات مع بعثة الصندوق ستكون ايجابية رغم كل الظروف، واعتقد ان الغد سيكون ايجابياً وانا متفائل”، كان نائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم يقول إ نه “لا نقبل أن نخضع لأدوات استكبارية في العلاج، يعني لا نقبل الخضوع لصندوق النقد الدولي ليُدير الأزمة. نعم لا مانع من تقديم الاستشارات، وهذا ما تفعله الحكومة اللبنانية، وبإمكان الحكومة أن تضع خطَّة وتتخذ إجراءات بنَّاءة لبدء المعالجة النقدية والمالية ووضعها على طريق الحل. نحن بحاجة الى خطة إصلاحية متكاملة مالية إقتصادية إجتماعية موقتة واستراتيجية، وإن شاء الله ستقوم الحكومة بهذا العمل وتظهر بعض النتائج ولو بعد حين”.
ويذكر ان مدير إدارة التواصل والناطق باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس، أصدر أمس بياناً جاء فيه: “بناء على طلب من السلطات اللبنانية، قام فريق صغير من خبراء الصندوق، بقيادة السيد مارتن سيريسولا، بزيارة العاصمة اللبنانية بيروت خلال الفترة من 20-24 شباط الجاري. وقد التقى الفريق رئيس الوزراء حسان دياب، ونائبة رئيس الوزراء زينة عكر، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ووزير المال غازي وزني، ولفيفاً من الوزراء وكبار المسؤولين الحكوميين، كما التقى الفريق رئيس مجلس النواب نبيه بري وبعض أعضاء البرلمان. وعقدت مناقشات قيمة ومثمرة للغاية حول التحديات الاقتصادية وخطط الحكومة لمعالجتها. وخبراء الصندوق على استعداد لتقديم المزيد من المشورة الفنية للحكومة أثناء صياغتها خطة الإصلاح الاقتصادي”.
وفي هذا السياق، علمت “النهار” ان الخطة الحكومية ستخرج الى العلن مطلع الاسبوع المقبل، بعدما اكتملت معظم بنودها في انتظار الاخذ بتوصيات صندوق النقد ومناقشة الاجراءات التي ستعتمدها الحكومة والتي أوصت بها المؤسسة الدولية، اضافة الى مجموعة إصلاحات هيكلية وبنيوية تدخل ضمن خطة ستساعد في معالجة الاختلالات المالية الاساسية. وتوقعت مصادر لـ”النهار” إمكان عرض الخطة للمرة الاولى على طاولة مجلس الوزراء في اليومين المقبلين، على ان يُستعجل اعلانها الاثنين المقبل أو بعده بيوم لطمأنة الاسواق قبل حلول التاسع من اذار موعد سداد لبنان مستحقاته المالية، وامكان تقرير عدم السداد.
ميدانياً، انطلقت تحركات في الشارع في أكثر من منطقة أمس، منددة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، بعد تسريبات عن امكان فرض ضرائب ورسوم جديدة تطاول الفقراء في معيشتهم وحياتهم اليومية.