كتبت “النهار” تقول:ما الذي دفع الحكومة الى الاعلان فجأة عقب جلسة مجلس الوزراء أمس رفع مستوى التأهب في الاجراءات الصحية المتصلة بانتشار فيروس كورونا، فيما كانت الانتقادات تتصاعد للبطء الحاصل في معظم هذه الاجراءات ولا سيما منها تعليق الرحلات الجوية بين لبنان ودول عدة انتشر فيها الفيروس على نطاق واسع؟ هل زاد خطر انتشار الفيروس في لبنان في الايام الاخيرة بوتيرة أكبر مما هو معلن فعلاً، أم ان الحكومة استفاقت فجأة على ضرورة اللحاق بدول سبقت لبنان باشواط
في اتخاذ الاجراءات الوقائية المتشددة ؟ ولعل السؤال الاكثر اثارة للقلق هو عن صحة الانطباعات والمعطيات المتداولة على نطاق واسع عن عدد للاصابات يتجاوز العدد الرسمي وان هذه الاصابات تنتشر في مناطق محددة اكثر من مناطق اخرى؟
التطور الجديد الذي سجل أمس تمثل في تأكيد اصابة رابعة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، إذ اعلن المستشفى انه تم تشخيص حالة جديدة من التابعية السورية مصابة بفيروس كورونا المستجد وقد أدخلت إلى وحدة العزل لتلقي العلاج اللازم في حين تصاعدت المخاوف جراء شائعات عن اصابات عدة لم يكشف عنها، إلى تسريبات عن اصابات بالعشرات في القرى، خصوصاً بين الذين جاؤوا على متن الرحلات من إيران. وما عزز احتمال وجود اصابات بالفيروس في لبنان أكثر مما أعلنته وزارة الصحة العامة، هو كلام وزيرة الاعلام منال عبد الصمد بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء أمس من ان “وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب سيصدر خلال 48 ساعة، قراراً حول إمكان إقفال المدارس لفترة اسبوع قابلة للتجديد، أو عدم الاقفال، وذلك بعد التنسيق مع وزير الصحة ولجنة التدابير الوقائية لمواجهة مرض الكورونا”، وهو ما أكده المجذوب في تصريح لاحقاً. وبالفعل أصدر الوزير المجذوب ليلاً بياناً أعلن فيه الطلب من جميع المؤسسات التعليمية الإقفال ابتداءً من صباح اليوم وحتى مساء الأحد 8 آذار.
وفي الإجراءات الجديدة لمكافحة فيروس كورونا، قررت الحكومة أخيراً وقف الرحلات من الدول التي تشهد تفشياً للفيروس الى لبنان، وهي الصين، كوريا الجنوبية، إيران، وإيطاليا وعند الإقتضاء دول أخرى. لكنه قرار متأخر بعدما دخل لبنان نادي الدول المصابة، وقد جاء بعد اسبوع من تسجيل الاصابة الأولى بالفيروس، حيث أعلن المكتب الاعلامي لوزير الاشغال العامة والنقل في بيان انه “بناء لتوصية وزير الصحة وتنفيذاً لقرار مجلس الوزراء المتضمن ضبط حركة الطيران والسفر مع الدول التي تشهد تفشي (فيروس كورونا) ونظراً الى الضرورة القصوى، عمم وزير الاشغال العامة والنقل الدكتور ميشاّل نجار قراراً يحمل الرقم 104 بوقف النقل جواً وبراً وبحراً لجميع الاشخاص القادمين من الدول التي تشهد تفشياً لفيروس الكورونا (الصين، كوريا الجنوبية، إيران، إيطاليا وعند الإقتضاء دول أخرى تحددها لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس الكورونا)، على أن يُستثنى من ذلك فقط المواطنون اللبنانيون والاشخاص الأجانب المقيمون في لبنان.
وبناء على ذلك كلفت المديرية العامة للطيران المدني تعميم القرار على كل شركات الطيران ووجوب تطبيق هذا القرار، ووقف رحلاتها من المناطق المذكورة الى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت بإستثناء الرحلات التي تنقل حصراً المواطنين اللبنانيين والمقيمين في لبنان”.
وكان دخل لبنان براً عبر نقطة المصنع الحدودية مع سوريا، ليل الخميس الماضي، 54 لبنانياً وافدون من إيران، هم طلاب يدرسون في الجامعات الإيرانية، وعادوا الى البلاد بعد إقفال جامعاتهم. ويشكل هؤلاء دفعة من 400 طالب جامعي لبناني يدرسون في ايران، من المتوقع ان يعودوا بالطريقة نفسها، على ما أعلن وزير الصحة العامة حمد حسن لدى تفقّده، للمرة الثانية في غضون أربعة أيام، الإجراءات المتخذة عند هذا المعبر الحدودي، مشدداً على الطاقم الصحي التابع للوزارة أن يتصرف بحسب المسؤولية التي تفرضها حالة الطوارىء من جراء فيروس كورونا.
وقد أُخضع الطلاب الـ 54 العائدون للإجراءات التي تطبق على الوافدين من بلدان تفشّى فيها الفيروس. فبعد قياس حرارتهم، عبّأوا استمارة تتضمن معلومات شخصية عنهم، وطُلب منهم تطبيق الحجر الذاتي الإلزامي وزُوّدوا أوراقاً تتضمن الإرشادات المتوجب عليهم تطبيقها في حجرهم المنزلي، وأرقام هواتف مستشفى رفيق الحريري الجامعي للتواصل معه اذا ظهرت عليهم أعراض مرضية، على ما شرح طبيب الصحة المناوب لـ”النهار”.
التعيينات
ووسط طغيان تطورات ازمة انتشار فيروس كورونا على الملفات الداخلية، بدت خطوات الحكومة متثاقلة حيال الاولويات المطروحة ولا سيما منها اتخاذ القرار النهائي في ملف “الاوروبوند” كما في موضوع آلية التعيينات الادارية. وعكس ذلك كلام وزيرة الاعلام عقب جلسة مجلس الوزراء اذ صرحت في موضوع استحقاق سندات “الاوروبوند” “نحن نتابع دراسة الخيارات المتاحة أمامنا، ولم نتخذ أي قرار في هذا الخصوص، وكل الكلام الذي يتم تداوله غير دقيق. سيكون الأسبوع المقبل حاسما لجهة القرار قبل موعد استحقاق سندات شهر آذار، وسنعود إلى مجلس الوزراء”.
أما بالنسبة إلى آلية التعيينات الإدارية، فقالت: “بما ان هذه الحكومة هي حكومة تكنوقراط، من الضروري اعتماد آلية واضحة وشفافة للتعيينات الإدارية، لاختيار الأكثر كفاءة في المواقع الإدارية، بمعزل عن أي اعتبار سياسي. فنحن لا نريد استهداف أحد ولا مراعاة أحد، فالمعيار الوحيد هو الكفاءة”. وبدا واضحاً ان التحدث في العموميات المبهمة في هذا الشان عكس عدم بت الية التعيينات على نحو وحاسم.
اجراءات للمصارف؟
الى ذلك، مصادر مطلعة “النهار” ان مشاورات تجري بعيداً من الاعلام تمهيداً لاتخاذ بعض الخطوات حيال المصارف وتصب في خدمة المودعين والحفاظ على أموالهم وستتضح معالمها في وقت قريب. يتناول شق من هذه الخطوات جانباً قضائياً يتعلق بعملية تحويل مبالغ مالية الى الخارج بعد 17 تشرين الاول الماضي. وفي هذا الاطار تقول المصادر ان المدعي العام المالي القاضي علي ابرهيم سيستدعي مسؤولين مصرفيين ويطلب منهم الرد على جملة من الاسئلة لمعرفة كيفية تحويل هذه الاموال حتى لو تمت بطريقة شرعية وقانونية.
وشدد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره على وجوب الحفاظ على اموال المودعين في المصارف وضرورة اتخاذ مجموعة من الاجراءات السريعة الكفيلة بتسهيل عملية السحوبات المالية للمودعين. وأصر على “التوقف عن عملية ابتزاز اللبنانييين ورفض اذلالهم في المصارف”.
في غضون ذلك، تحدثت معلومات عن مسودة مشروع قانون يناقشه مجلس الوزراء في انتظار احالته على مجلس النواب يتعلق باعتماد الـ”كابيتال كونترول” على ان يصار الى اقراره في جلسة للهيئة العامة لمجلس النواب، تعقد خلال العقد العادي الذي يفتتح في اول ثلثاء بعد 15 آذار المقبل.
من جهة اخرى، أوضح الرئيس بري أنه لا يمانع في اعتماد الالية المتبعة في التعيينات الادارية وفق الاصول في عملية اختيار الاشخاص المعنيين باتباع معايير الكفاءة وفي اشراف مجلس الخدمة المدنية، منعاً لأي محسوبية.
وعن المأخذ التي توجه الى الحكومة ومنها أنها تأخرت في اتخاذ خطوات اصلاحية، قال رئيس المجلس أمام زواره إن “مثل هذا الكلام ليس في محله خصوصاً إن الحكومة تقوم بالجهود المطلوبة على أمل ان تظهر خطواتها الايجابية في وقت قريب”.
وأبدى ارتياحه الى اقرار بعض البنود في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء في ما يتعلق بالكهرباء والتغويز.