كتبت صحيفة “النهار ” تقول : اذا كان لبنان نجح امس لوجستيا في احتواء الدفعة الاولى من اللبنانيين العائدين من المغتربات، وتمكن من القيام باجراءات صحية وامنية كافية لمنع تفشي الوباء، فان التحدي الكبير يكمن في القدرة على المتابعة المستمرة فيما لو ابدى فعليا نحو عشرين الف لبناني سجلوا اسماءهم في السفارات، الرغبة الاكيدة في العودة، ما يمكن ان يشكل نزفا حقيقيا لكل القوى الطبية والاستشفائية والامنية، اذ تجندت الدولة بكل قواها من رئيس الحكومة والوزراء وكل الاجهزة المختصة، لتوفير مستلزمات عودة عدد صغير. واذ اكد وزير الصحة حمد حسن ان الوافدين، ممن ظهرت نتائج فحوصهم باكرا، لا يحملون الفيروس، فان التحدي الاخر في التزامهم الحجر الفعلي المدة المقررة، وقدرة الوزارات المعنية على متابعتهم.
والهم الصحي المرهق للبنان، يسبقه هم اقتصادي كان تفجر سابقا، وتمعن فيه الحرتقات السياسية. ولأن لبنان لم يعد قادراً بمفرده على حمل الضغوط التي يرزح تحتها، كان لا بد من الاستعانة بأصدقائه من دول مجموعة الدعم الدولية. لذا وجه رئيس الجمهورية دعوة الى اجتماع اليوم في بعبدا يحضره سفراء المجموعة العشرة ومعهم ممثل البنك الدولي.
ووفق المعلومات يبدأ الاجتماع بكلمتين منقولتين مباشرة على الهواء لكل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب اللذين سيعرضان الضغوط المتراكمة التي يواجهها لبنان جراء الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تزداد صعوبة مع متطلبات مواجهة داء كورونا. وسيطلب لبنان من ممثلي الدول الصديقة في مجموعة الدعم مساعدات سريعة تساعده على تجاوز أزمته.
كما يركز رئيس الجمهورية في كلمته على ازمة النازحين التي يرزح تحت عبئها لبنان وقد كلفته حتى اليوم ما يقارب 25 مليار دولار، فيما المجتمع الدولي منكفئ عن تقديم المساندة.
وقد أعدت وزارة المال ورقة سيشرح فيها الوزير غازي وزني ظروف لبنان التي دفعته الى عدم سداد مستحقاته، وما قدمه للدائنين. وهو سيعرض البنود الاصلاحية الأربعة التي تلتزمها الحكومة في خطة الانقاذ التي وضعتها وابرزها :
إصلاح للقطاع المصرفي يشمل المصارف التجارية ومصرف لبنان وموجّه نحو إعادة تشكيل القطاع بما يتماشى مع الدعم المطلوب لتنمية اقتصاد منتج.
إصلاح مالي يهدف الى تحقيق فائض أولي معقول على المديين المتوسط والطويل.
إصلاحات هيكلية طموحة تهدف إلى تعزيز النمو، لا سيما من خلال تنمية الاقتصاد المنتج والاستثمارات لإعادة بناء البنى التحتية.
إعادة هيكلة كاملة للدين العام المقوم بكل من الليرة اللبنانية والدولار الأميركي تهدف إلى تخفيف عبئه بشكل مستدام على الموازنة واستعادة القدرة الطبيعية على الاقتراض.
كما يعرض وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفيه بدوره تقريراً يفصّل عمق الازمة الاجتماعية والمساعدات الغذائية المطلوبة لمواجهة عوز القسم الأكبر من اللبنانيين جراء حجرهم في منازلهم. ومن المتوقع ايضاً ان يقدم وزير الصحة عرضاً لحاجات لبنان الطبية.
ويعوّل لبنان في هذا الاجتماع على إسماع صوته وطلبه مساعدات مالية يمكن ان تأتيه من البنك الدولي او من اَي دولة اخرى قادرة. ومن الدول المشاركة في الاجتماع من سبق وبادر الى تقديم المساعدات الطبية وقد يقدم المزيد من المساعدات مثل الصين وفرنسا وألمانيا .
سيتحدث في الاجتماع ممثل الامين العام للأمم المتحدة يان كوبيش باسم مجموعة الدعم. ومن المتوقع ان ينقل السفراء مواقف بلدانهم ازاء ما يحتاجه لبنان من مساعدات ودعم، أو ان ينقلون اليها ما يسمعونه في هذا الاجتماع.
وقبيل الاجتماع، وجه رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل دعوة واضحة وصريحة لبدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي. وقال “آن الأوان لأن نبدأ بالتفاوض الجدي مع صندوق النقد الدولي على برنامج تمويل للبنان. اذا كانت الشروط مناسبة واتفقنا، نذهب الى الحكومة والمجلس النيابي ونقره، واذا لم نتفق ويناسبنا، ننسى الموضوع ونزيله من التداول. لماذا يجب ان نبته الآن؟ اولا لأن كل الدول، بسبب كورونا، ستهجم على صندوق النقد ولن يعود بالهم فينا، وثانيا لأن خطتنا سترتكز على خيارين، واحد مع صندوق وواحد من دونه ويجب القرار. انا هنا لست للتسويق للصندوق، ولكن انا معه اذا ناسبتنا الشروط وطبعا اذا لم تكن هناك شروط سياسية مضرة، أما شروط إصلاحية مناسبة فأنا معها وأنا مع الضغط لإجرائها”.