كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : على وقع اشتداد الأزمات الاقتصادية والمالية والصحية تحت ضغط وباء “كورونا”، شاغل لبنان والعالم هذه الايام، بدأت الحكومة استعادة المغتربين الراغبين بالعودة من الدول العربية والاجنبية، هرباً من الوباء القاتل المتفشي عالمياً، من دون ان تُهمل الإجراءات الوقائية المُتخذة لمكافحته، والتي ترتفع وتيرتها يومياً، في الوقت الذي قرّرت الانفتاح على “مجموعة الدول المانحة” لجسّ نبضها إزاء ما وعدت به من مساعدات وقروض، باتت اليوم في أشدّ حاجة اليها من ذي قبل.
في خطوة لافتة، تأتي في ضوء شبه المقاطعة الديبلوماسية لما يجري في لبنان، ما خلا المبادرتين الفرنسية والبريطانية اليتيمتين، دعا رئيس الجمهورية ميشال عون السبت “مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان” (ISG) الى اجتماع يُعقد في القصر الجمهوري قبل ظهر اليوم، وهي تضمّ سفراء الولايات المتحدة الاميركية، الاتحاد الروسي، الصين، فرنسا، المملكة المتحدة، المانيا وايطاليا، ممثلي الامم المتحدة، الاتحاد الاوروبي، جامعة الدول العربية وممثلاً عن فريق البنك الدولي في لبنان.
وسيشارك في اللقاء، بالإضافة الى صاحب الدعوة ومن سيمثل السفراء الغائبين عن بيروت، كل من رئيس الحكومة حسان دياب ونائبة رئيس الحكومة زينة عكر ووزراء الخارجية ناصيف حتي، المال غازي وزنة والشؤون الاجتماعية والسياحة رمزي مشرفية، والمدير العام لوزارة المال الان بيفاني ومجموعة من الاداريين والمستشارين.
وجاء في الدعوة، انّ رئيس الجمهورية يريد بهذا الاجتماع إطلاع اعضاء المجموعة الدولية على الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية التي يمرّ بها لبنان، وانعكاسات أزمة وباء “كورونا” على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك على مسألة النازحين السوريين.
كلمتان لعون ودياب
وفي معلومات “الجمهورية”، انّ عون سيشرح لمجموعة الدعم ما يعانيه لبنان، ليس على مستوى انتشار وباء “كورونا” فحسب، بل سيتناول ما بلغته الأزمات المتشابكة على الساحة اللبنانية، ولا سيما منها المالية والنقدية والاقتصادية التي بلغت الذروة، ما يهدّد الأمن الغذائي في لبنان نتيجة مقاطعة المصارف الدولية الوسيطة للمصارف اللبنانية، ووقف التعاطي التجاري والتسهيلات المصرفية التي كان يتمتع بها التجار اللبنانيون، نتيجة التقنين بالدولار الأميركي في لبنان وتجميد دفع مستحقات سندات “اليوروبوندز” لمالكيها المحليين والاجانب.
كذلك سيتناول عون في كلمته ما آلت اليه ازمة النازحين السوريين على مساحة لبنان، خصوصا وانّ المخيمات العشوائية ما زالت قائمة في مناطق مضيفة، تعاني اسوأ اوضاع اقتصادية لم يعشها اللبنانيون سابقاً. وسيذكّر اعضاء المجموعة بمطلبه المزمن، بضرورة المساعدة في إعادة النازحين السوريين الى بلادهم، بعدما استعادت سوريا نسبة كبيرة من الامن في معظم مناطقها. كما سيطلب نقل المساعدات التي ينالونها على الاراضي اللبنانية الى اماكن عودتهم في سوريا وتقديم العون الذي ينالونه في لبنان هناك، في اعتبار انّه سيكون بقيمة اكبر. وسيُنهي عون كلمته بالطلب مجدداً من اعضاء المجموعة تقديم المساعدات الى لبنان ومعاونة الحكومة على تجاوز النتائج الكارثية لما يجري.
كذلك سيتحدث دياب، شارحاً ما قامت به الحكومة على مختلف الاصعدة ولا سيما منها التحضيرات الجارية للورقة الإصلاحية الاقتصادية التي تشكّل البرنامج المطلوب منها ليكون في تصرّف حكومات الدول والمؤسسات الدولية المانحة، ولا سيما منها فريق صندوق النقد الدولي.
وزيرا الصحة والشؤون
كما سيقدّم وزير الصحة حمد حسن تقريراً عن الجهود المبذولة لمواجهة انتشار وباء “كورونا” والإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة في برامجها للمواجهة وكلفتها، وسيطلب الدعم الذي تحتاجه الخطط الطموحة الموضوعة لوقف انتشار الوباء والقضاء عليه.
وسيتحدث وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية، فيقدّم عرضاً لشؤون النازحين السوريين والمجتمعات المضيفة، وما تقوم به الوزارة والاجهزة المختصة لتجنيبها الوباء، وما تحتاجه الوزارة من مساعدات لمواجهة الازمة الخانقة التي تعانيها وحجم البطالة، وخطورة اوضاعهم الصحية، رغم المساعدات المتوافرة المحلية وتلك التي تقدّمها المؤسسات الأممية.
عرض مالي
وسيقدّم المدير العام لوزارة المال ألان بيفاني عرضاً مسهباً للوضع المالي والنقدي وما بلغته الأزمة والاسباب التي آلت الى تقنين التعاطي بالدولار الأميركي والعملات الأجنبية الأخرى. لافتاً الى ما يهدّد الامن الغذائي في لبنان. كذلك سيقدّم بالارقام والجداول والمعادلات، التي عكستها الظروف التي رافقت اتخاذ القرار بوقف دفع مستحقات”اليوروبوندز”. ثم يشرح بالتفصيل العناوين الاساسية للخطة المالية والاقتصادية والمؤشرات المستهدفة، لتلبية الاهداف المطلوبة منها، والسعي الى تحسين المؤشرات المالية في لبنان لتجاوز الأزمة وحاجات لبنان لاستكمالها ومقومات نجاحها.
عودة المغتربين
وكانت أُنجزت أمس المرحلة الأولى من إعادة المغتربين بوصول أربع طائرات إلى مطار رفيق الحريري ناقلة اللّبنانيين العائدين من الرياض وأبو ظبي نهاراً، ومن لاغوس وأبيدجان ليلاً. وكان المطار قد شهد منذ ساعات الصباح الاولى، إستنفاراً على مختلف الصعد الأمنية والطبية والإدارية لإتمام العملية بسلاسة.
وفي هذا الصدد، أكّد وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار لـ”الجمهورية”، انّ المرحلة الأولى من عودة المغتربين كانت ناجحة، ”ولا يمكن لأي شخص موضوعي ان يتجاهل هذه الحقيقة، بمعزل عن الانتماءات السياسية”.
وأضاف: “ربما تكون هناك حاجة إلى بعض التعديلات الطفيفة، كما يحصل بعد كل تجربة تُخاض للمرة الأولى، لكن ذلك لا ينفي الجهد الضخم الذي بُذل على كل المستويات لتسهيل العودة الآمنة للمغتربين”. وأشار، “أنّ هذا الجهد اسفر عن نتائج ايجابية واضحة على الارض، ولعلّ ما فعلته الدولة اللبنانية لإجلاء رعاياها لم تقم بمثله اي دولة أخرى على الرغم من امكاناتنا الضعيفة”.
وأكّد نجار ان “لا مشكلة سياسية بتاتاً مع الحكومة ورئيسها، ونحن سنستأنف حضورنا في شكل طبيعي في مجلس الوزراء”، لافتاً الى ”انّ الحكومة متماسكة ومقاطعتنا الجلسة السابقة لم تكن سوى خطوة استباقية لتأكيد رفضنا المحاصصة وإصرارنا على اعتماد الكفاية في التعيينات. ونحن نعتبر انّ هذا الهدف تحقق، وانّ رسالتنا وصلت بعد سحب بند التعيينات من جدول الأعمال”.
وشدّد على أنّ ما حصل لا يلغي حقيقة انّ الحكومة هي من التكنوقراط، وانّها تضمّ وزراء اختصاصيين، غير سياسيين، من أصحاب الكفاءة، إنما لا توجد حكومة في العالم مقطوعة من شجرة وليست لها أي صلة بالسياسة، وبالتالي فإنّ وزراء الحكومة الحالية ليسوا في جزيرة معزولة، ومن الطبيعي ان يكون لديهم نفس سياسي، من غير أن يؤثر ذلك بالتأكيد على هويتهم التقنية”.
وإذ تتبع رئيس الجمهورية عودة هؤلاء المغتربين، وأعطى “التوجيهات اللازمة لمتابعة أوضاعهم عن قرب وتأمين الرعاية الاجتماعية لهم ولذويهم وفق الآلية المتبعة”. تفقّد رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب، الإجراءات اللّوجستية والطبية والأمنية خلال جولة له في المطار رافقه خلالها الوزراء المعنيون. وقال: “حكومتنا معنية بكل لبناني في الداخل والخارج. ونعتبر جميع اللبنانيين من عائلتنا، بالإضافة إلى أنّ هذه الحكومة تسعى إلى إزالة الحواجز الطائفية والمذهبية والمناطقية والسياسية، فكل لبناني فرد من أفراد العائلة الواحدة الكبيرة، ألا وهي عائلة لبنان واللبنانيين”.
وأعلن وزير الأشغال، أنّ “رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الاوسط محمد الحوت قدّم حسماً 50 في المئة من سعر تذاكر السفر للطلاب اللبنانيين المحتاجين الراغبين بالعودة”. فيما أعلنت السفارة اللبنانية في باريس، في بيان، “إنشاء آلية مساعدة مالية لدعم الطلاب اللبنانيين الذين يعانون أوضاعاً متعثرة، بمبادرة من سفارة لبنان لدى فرنسا وبرعاية غرفة التجارة الفرنسية – اللبنانية”.
وفي إطار التدابير الوقائية، طالب محافظا لبنان الشمالي القاضي رمزي نهرا ومحافظ عكار عماد اللبكي من القائمقامين واتحادات البلديات والبلديات، كلّ ضمن نطاقه “أخذ الاجراءات اللازمة كافة، والتأكّد من خضوع المسافرين القادمين للحَجر الاحترازي لمدة 14 يوماً، حتى ولو كانت نتيجة فحوصهم سلبية”.
موقف “القوات”
ويُنتظر ان يتناول مجلس الوزراء بالبحث في جلسته الاولى غداً في السراي الحكومي مجمل التطورات الجارية، مقيّماً ما يُنفذ من اجراءات على مستوى كل الأزمات التي ترزح تحتها البلاد ، محاولاً استشراف ما ستؤول اليه ولا سيما منها ازمة “كورونا” والازمة الاقتصادية والمالية.
وفي هذا السياق، قالت مصادر “القوات اللبنانية” لـ”الجمهورية”، انّ ”اتخاذ الإجراءات الضرورية لمواجهة الأزمة الصحية لا تعفي الحكومة من مسؤوليتها الأساسية في مواجهة الأزمة المالية المتدحرجة من السيئ نحو الأسوأ، خصوصاً ان لا خطوات عملية حتى اللحظة، فيما يجب الإسراع في إعلان الخطة الإنقاذية والشروع فوراً في تنفيذ بنودها ومراحلها، لأنّ وضع الناس لم يعد يَتحمّل، كما انّ الرهان على المساعدات الخارجية غير مجدٍ في ظلّ الأزمة المالية العالمية بسبب الأزمة الصحية، ورفض المجتمع الدولي أساساً تقديم اي مساعدة، سوى في حال تقديم خطة متكاملة بخطوات تنفيذية لا ورقية”.
ودعت المصادر نفسها، إلى “تعليق كل سلّة التعيينات أكانت مالية أم غيرها، في انتظار إقرار آلية قانونية شفافة، لأنّ الوضع الحالي يبقى أفضل من إجراء تعيينات على أساس المحاصصة وتفتقد الى المواصفات المطلوبة بسبب الزبائنية الموجودة، فيما إقرار الآلية لا يتطلب وقتاً بل يتطلب قراراً ما زال حتى اللحظة غير موجود، بفعل سعي القوى نفسها إلى الإستئثار بالتعيينات للأغراض المصلحية نفسها، بتعيين أصحاب الولاءات لا الكفايات، وبالتالي إذا كان هناك من يستعجل التعيينات فما عليه سوى إقرار الآلية، خصوصاً ان اي تعيين بلا آلية سينعكس سلباً على صورة الدولة المهترئة أصلاً، ويضرب الثقة التي أصبحت في القعر”.
واستغربت المصادر “القواتية” انتقاد بعض الجهات للحكومة “في محاولة للإيحاء بأنّها خارج الحكومة من أجل عدم تحميلها مسؤولية الفشل الحاصل، فيما القاصي والداني يعرف انّ هذه الجهة هي في صلب الحكومة والخلاف على التعيينات الأخيرة أكبر دليل، كما انّ دورها يشكّل رأس الحربة لأنّ العهد عهدها، وبالتالي التذاكي في هذا الموضوع لا يمرّ على أحد”. كذلك استغربت “رمي مسؤولية الانهيار على الثورة، فيما لا يغيب عن أحد انّ انتفاضة الناس تفجرّت على خلفية الأزمة المالية التي تتحمّل هذه الجهة بالذات إيصال الوضع إلى ما وصل إليه”.
إصابات وتدابير جديدة
وعلى صعيد وباء “كورونا” سُجّلت أمس 7 حالات جديدة مثبّتة إصابتها، بحسب وزارة الصحة العامة، ما رفع العدد الإجمالي للإصابات إلى 527. فيما أشار تقرير غرفة العمليات الوطنية لادارة الكوارث اليومي حول “كورونا”، إلى أنّ حالة وفاة إضافية سُجّلت أمس ليرتفع عدد المتوفين إلى 18، فيما بلغ مجموع الفحوص التي أُجريت 9411.
من جهته، في السياق نفسه، أعلن مستشفى رفيق الحريري الجامعي في تقريره اليومي، أنّ “حالة إضافية تماثلت للشفاء، ليرتفع العدد إلى 55 حالة شفاء”، أمّا الوفية التي سُجّلت “فتعود لسيّدة ثمانينية كانت تعاني أمراضاً مزمنة”، مؤكّداً أنّ “كل المصابين بفيروس كورونا يتلقون العناية اللازمة في وحدة العزل، ووضعهم مستقر، ما عدا إصابة واحدة وضعها حرج”.
وأصدر وزير الداخلية محمد فهمي مذكرة جديدة حدّد بموجبها مواعيد لسير الشاحنات والسيارات والدراجات النارية حسب أرقام اللوحات، فيسمح للوحات المفردة ، أي التي تنتهي أرقامها برقم مفرد، بالسير على الطرق أيام الإثنين والأربعاء والجمعة. بينما يسمح للسيارات التي تحمل لوحات تنتهي برقم مزدوج بالسير أيام الثلاثاء والخميس والسبت، ويُعتبر الصفر رقماً مزدوجاً. ويمنع في أيام الآحاد سير السيارات والشاحنات والدراجات النارية على أنواعها.
الوضع المالي والمصرفي
مالياً واقتصادياً لا يزال التعميمان اللذان أصدرهما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في 3 الجاري، موضع متابعة واهتمام لدى الاوساط المصرفية والشعبية المعنية بالموضوع. وللتذكير ينصّ التعميم الرقم 148 على إجراءات استثنائية حول السحوبات النقدية من الحسابات المصرفية الصغيرة. ويستفيد من هذا التعميم المودعون الصغار الذين لا يتجاوز حجم وديعتهم الـ5 ملايين ليرة أو 3000 دولار، بحيث يُسمح لهم بسحب اموالهم دفعة واحدة.
واللافت انّ جمعية المصارف أعربت عن ترحيبها بالتعميمين، وأشارت، انّها و”في انتظار أن يستكمل مصرف لبنان إنشاء وتشغيل نظام التداول الإلكتروني المخصّص لتحديد أسعار التداول اليومية للعملات الأجنبيّة، سوف تقوم المصارف بتحديد سعر الصرف اليومي للدولار الأميركي بالتنسيق مع المصرف المركزي”.
هذا الموقف يعني انّ البنوك لن تنتظر البدء في تطبيق مضمون التعميم الرقم 149، المتعلق بإنشاء وحدة في مصرف لبنان لتداول العملات الاجنبية لكي تبدأ في المباشرة في دفع الاموال للمودعين الذين تنطبق عليهم المواصفات الواردة في التعميم.
لكن هناك تساؤلات متعدّدة ترافق البدء في تنفيذ التعميمين، منها ما يتعلق بالطريقة التي ستُعتمد لتحديد سعر الصرف، وهل ستكون فعلية ام نظرية، بمعنى انّ من سيحصل على امواله بالليرة، هل سيكون في مقدوره شراء الدولار، اذا شاء، من سوق الصيارفة بالسعر الذي يكون قد حدّده له المصرف؟
الى ذلك، تتخوّف مصادر مالية متابعة من تأثيرات تنفيذ التعميمين على سعر صرف الليرة، اذ انّ إخراج كتلة نقدية كبيرة بالليرة من المصارف الى التداول قد تشكّل ضغطاً على العملة الوطنية، خصوصا اذا ما تبيّن ان نسبة كبيرة من هذه الاموال قد يسعى أصحابها الى تحويلها الى دولار، في هذا الحال، قد ينخفض سعر صرف الليرة الى مستويات أعلى، بما سيزيد الضغط على المواطنين خصوصاً اصحاب الدخل المحدود، بحيث ستتراجع قدراتهم الشرائية اكثر، وسيرتفع منسوب الفقر والفقراء في البلد.
شعانين في المنازل
من جهةٍ ثانية، صادف يوم أمس أحد الشعانين لدى الطوائف المسيحية التي تعتمد التقويم الغربي، فاحتفل اللبنانيون بهذا العيد في منازلهم للمرّة الأولى، ومارسوا الطقوس حاملين الشموع وأغصان الزيتون، وشاهدوا القداديس من بيوتهم