لم يكن اخفاق لقاء بعبدا الذي دعا اليه رئيس الجمهورية، الا مرآة لاحوال البلد واخفاقاته المتزايدة في الحياة السياسية والاقتصادية والمالية، وقد جاءت مواقف الرئيس سعد الحريري النارية امس بعد اجتماعه برؤساء الحكومات السابقين، ليضاعف حالة الاحتقان السائدة، وكذلك منسوب اخفاق لقاء بعبدا الذي فشل في الشكل وفي المضمون. واعلان فشله قبل وقوعه عبر “النهار” لم يكن موقفاً سياسياً بقدر ما كان قراءة واقعية له. فالرئيس ميشال عون الذي اراد توفير مظلة وطنية للخطة الانقاذية لم يوفق في الشكل اذ غابت المعارضة كلها باستثناء رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الذي اضافة الى اعلانه مجموعة اعتراضات على الخطة، عومل بلامبالاة اوحت بأنه ضيف غير مرغوب به، وكأن “بيت الشعب” ضاق بزائريه رغم ان الدعوة استهدفتهم مباشرة. وبدا ان متلازمة 8 اذار صارت مرافقة للعهد والحكومة معاً، ما يجعل تعاملهما مع المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل اكثر تعقيدا، وهو ما تكرر اكثر من مرة في الايام الماضية عبر تصريحات اميركية تحديدا، ركزت على ضرورة الفصل بين الحكومة و”حزب الله” المكون الاساسي فيها.
اما في المضمون، فان الاعتراضات التي تلقاها الخطة، من اهل البيت قبل غيرهم، لا تضمن عبوراً آمناً لها في مجلس النواب حيث المحطة الالزامية لاقرار قوانين ضرورية لاجراء الاصلاحات. وقد توقف كثيرون عند صمت الرئيس نبيه بري وعدم تقديمه اي مداخلة على غير عادته.
الحريري
وفي موقف مرتبط، أكد الرئيس سعد الحريري أنه مرتاح للموقف الذي اتخذه بعدم المشاركة في لقاء بعبدا، لافتا إلى أنه بعد إقرار الخطة الاقتصادية في مجلس الوزراء كان يجب مناقشتها في مجلس النواب، إلا أن ما حصل هو التفاف على الطائف.
وقال:”نحن نريد مكافحة الفساد ولكن ليس على مزاج فريق سياسي، وبالمقابل هناك من يعطل التشكيلات القضائية لأسباب كيدية لأنه لا يريد مكافحة الفساد.
وفي موقف تصعيدي تجاوز النائب جبران باسيل، اطلق الحريري سهامه على الرئيس عون بقوله: لقد حملوا الرئيس الشهيد رفيق الحريري مسؤولية كل ما حصل خلال 30 سنة مضت. ومن سيقترب من رفيق الحريري انا سألاحقه. ماذا فعلوا هم خلال السنوات الثلاثين؟ هربوا طوال 15 عاما ثم عادوا وخربوا البلد في الـ 15 عاما الثانية.
الاوضاع المعيشية
معيشيا، اعلن رئيس الوزراء حسان دياب “اننا أمام مواجهة حقيقية مع موجة الغلاء، ولا يجوز أن نبقى مكتوفي الأيدي وكأننا غير معنيين. من غير المقبول ألّا نتصرف بسرعة، لأن الأمور ستخرج عن السيطرة أكثر، وأصبح التسعير مزاجيًا وغير مدروس ولا علاقة للأسعار بارتفاع سعر صرف الدولار. وأكد أن الحكومة معنية بحماية الناس من كل تاجر انتهازي، ومن كل محاولة لتجويع اللبنانيين. من غير المقبول أن يتصرف التجار بحرية، وأن يغيب الضمير الإنساني والوطني عند بعض التجار المتحكمين بالأسواق عبر فرض الأسعار الخيالية.
من جهة ثانية، وبعدما اشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامه اخيرا الى 4 مليارات دولار يتكبدها لبنان خسائر لاستيراد مواد لا يستخدمها، في اشارة غير مباشرة الى التهريب عبر الحدود الى الداخل السوري، أفادت قناة “ام تي في” في تقريرٍ أن مبيعات الطحين في لبنان زادت، وكشفت أن أطنانا من الطحين تُنقل إلى الداخل السوري، بسبب الازمة في الطحين في سوريا.
وفي حين يبلغ سعر طن الطحين المدعوم من الدولة 150 دولارا، فان سعره في سوريا يصل الى 320 دولارا.
وفي شأن متصل، اوضح عضو نقابة اصحاب المحطات جورج البراكس انّ النقابة تتوجه إلى الاضراب وإقفال الطرق، لانّ “الدولة غير قادرة على الوقوف بوجه شركات النفط التي حققت أرباحا بسبب تجارة الدولار وتهرب المازوت إلى سوريا”.
قضائيا، اصدر قاضي التحقيق الأوّل في جبل لبنان نقولا منصور، مذكرتي توقيف وجاهيتين بحقّ كل من أورور فغالي المديرة العامة النفط وخديجة نور الدين رئيسة المختبرات المركزية في المنشآت النفطية في قضية الفيول المغشوش.
نفايات المتن وكسروان
في المتن الشمالي وكسروان، استأنفت الشركة المتعهدة جمع النفايات عملها امس، بعدما تراكمت النفايات في الشوارع، و قال رئيس بلدية برج حمود مارديك بوغوصيان لـ”النهار”، “رفعت شركة رامكو النفايات اليوم بعد أسبوع من التوقف عن العمل حيث نقلت إلى معامل الفرز من ثم إلى مطمر الجديدة”. والحلّ، كما قال بوغوصيان، “ليس جذرياً، وبعد أشهر سنواجه المشكلة نفسها إن لم تضع الحكومة حلاًّ دائماً، ويجب على الجميع التعاطي مع القضية من باب أن البيئة لا علاقة لها بالسياسة، وليست لتسجيل نقاط بين الأفرقاء السياسيين”.