تكمل الحكومة بعد يومين اسبوعها الثامن عشر من ولايتها، التي بدأت مع نيلها ثقة المجلس النيابي في 11 شباط الماضي، ونيّمت اللبنانيين منذ ذلك الوقت، على حرير سلّة فضفاضة من الوعود الإصلاحية والإنقاذية على كل المستويات. ومنذ ذلك الحين، اعتاد اللبنانيون في نهاية كلّ اسبوع أن يجروا جردة بما حققته الحكومة مما وعدت به من إصلاحات وعلاجات، ادرجتها هي في خانة الملحّة والمستعجلة للأزمة الاقتصادية، فلا تتبدّى امامهم سوى الخلاصة ذاتها المستنسخة على مدى 17 اسبوعاً؛ تكرار لذات السيمفونية من اجتماعات، ولجان تستولد لجاناً، خطابات، ومقابلات، وإطلالات إعلامية من «رأسَي» السلطة التنفيذية، تنثر جميل الكلام في كل الأرجاء. حتى باتت السلطة بكل مستوياتها وكأنّها رهينة الشعار القائل: انا اصرّح إذاً انا موجود؟!
اما على ارض الواقع فيتبدّى بلد وقد سوِّي بالارض تماماً، وسلطة عمياء متخبِّطة على كل مستوياتها، وزحمة مستشارين هنا وهناك، بعضهم يُستحضَرون على عجل، وبعضهم الآخر، يَرْحلون أو يُرَحَّلون، هذه هي الحال في بعض المقرّات الرسميّة، وقوى سياسيّة متعطشة للإمساك بكل شيء، وأزمة اقتصادية وماليّة تشدّ البلد نزولاً نحو الانهيار الحتمي، او بالأحرى الكارثي، وفق التحذيرات المتتالية للمجتمع الدولي، وليرة تُحتَضر ورواتب تذوب، ومواطن لبناني أصبح مركوناً على رصيف المجاعة وتسوّل رغيف الخبز، وشارع، او بكلام ادق، شوارع تتحرّك على جمر النار.
انّها الكوميديا السوداء، وفصول هذه المسرحيّة تتوالى امام اللبنانيين، واما أبطالها فوجوه جديدة مقنّعة بوعود وشعارات، تمارس ذات أدوار السلطة السابقة، التي قالت السلطة الحالية انّها جاءت لتُحدث تغييراً نوعيًّا وجذريًّا فيها، لكنها لم تقم بما هو مطلوب منها بعد، ولو من باب رفع العتب وحفظ ماء الوجه! هذا في وقت تتفاعل فيه تداعيات ازمة «كورونا»، وما تطلبته مواجهتها من اجراءات واقفال للمرافق العامة والمؤسسات.
الحاضنة: فشل ومآخذ
هذا التوصيف الانتقادي للحكومة، ليس صادراً عن المعارضة، التي لا ترى في الاساس، أملاً بخلاص منشود من سلطة حاكمة نعتها سلفاً، بل هو صادر من قلب الحاضنة السياسيّة للحكومة، التي بدأت نبرة مآخذها عليها تخرج من خلف جدران الغرف المغلقة، وصار الحديث صريحاً جداً عن فشل تجربة حكومة التكنوقراط، والتشكيك بإمكان نجاحها في ما سمّتها «مهمتها الإنقاذية»، صار لغة يوميّة مسموعة علناً في مجالسها، حتى أنّ الحديث عن تعديل الحكومة أو تطعيمها لتفعيلها بوجوه جديدة أو حتى تغييرها، صار من المحلّلات، بعدما كان مجرّد تناوله – ولو عَرَضاً – قبل اسابيع من المحرّمات الممنوعة مقاربته تحت اي عنوان.
مأزق!
وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ ما يتسرّب من أجواء الحاضنة السياسية يعكس شعورها بسقوطها في مأزق حقيقي، تأتَّى من عجز حكومتها وعدم قدرتها على اتخاذ القرار والإنجاز، برغم أنّ الفرصة كانت متاحة لها في الايام القليلة التالية لنيلها ثقة المجلس النيابي، للإقدام على خطوات نوعية في شتى المجالات، على الاقل ليثق اللبنانيون بها ولتستعيد ثقة المجتمع الدولي. فشلت في التعيينات، وفي التشكيلات القضائية (ما اعلنته مصادر مطلعة على اجواء القصر الجمهوري، بأنّ مرسوم التشكيلات لم يصل بعد الى بعبدا، وهو ما زال في دورته الدستورية ما ببن وزارة العدل ورئاسة الحكومة ووزارة المالية، قبل ان يعود الى القصر الجمهوري. لافتة الى انّ توقّع رفض رئيس الجمهورية لهذا المرسوم هو مجرد تنبؤ سابق لأوانه وهو ليس في محله).
وقالت مصادر مطلعة في السرايا ليل أمس، أنّ دياب وقّع مرسوم التشكيلات القضائية فور وصوله إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
وكذلك، وفقاً لما يتسرّب من اجواء الحاضنة، فإنّ الحكومة حققت فشلاً ذريعاً في ملف الكهرباء، وسائر الملفات، وما أحاط بمعمل سلعاتا شكّل فضيحة موصوفة لها، وفوق ذلك ذهبت عرجاء الى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بورقة نعي للاقتصاد، مطوّقة بالملاحظات عليها، وباختلاف فضائحي حول أرقام خسائر لبنان بين ورقة الحكومة ومصرف لبنان، أحرج المفاوض اللبناني، وحوّل جلسات التفاوض الأخيرة مع صندوق النقد الى مضيعة للوقت في البحث عن أيهما الأدق أرقام الحكومة أم أرقام المصرف المركزي، وسط اصرار كلا الطرفين على انّ ارقامهما هي الصحيحة، برغم اعلان صندوق النقد الدولي بأنّ ارقام الحكومة هي الأكثر واقعية.
تساؤلات
الجدير ذكره في هذا السياق، انّ تساؤلات من قِبل خبراء اقتصاديين وماليين، وحتى من قلب الحاضنة السياسية للحكومة، احاطت ما خلص اليه الاجتماع المالي في القصر الجمهوري امس الاول، من اتفاق على «إلزامية توحيد الارقام، على ان يُحسم هذا التوحيد في اجتماع ثانٍ الاثنين المقبل»: لماذا لم يتمّ توحيد هذه الأرقام قبل الذهاب الى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي؟ ووفق أي مقاربة سيتمّ هذا التوحيد؟ وأي ارقام ستُعتمد؛ ارقام الحكومة أم أرقام المصرف المركزي؟ ومن سيتراجع لمن؟ وكيف؟ وعلى ايّ اساس؟ ومن سيقرّ من الطرفين بأنّ ارقامه هي الخطأ وارقام الطرف الآخر هي الصحّ؟ وإن قرّر اي من الطرفين التراجع عن ارقامه لمصلحة الآخر، فهل انّ اختلافاً جذرياً على أرقام خسائر لبنان يتمّ حسمه هكذا باستجابة لـ»رغبة سياسية شديدة» أُبديت في اجتماع بعبدا؟ وهل أنّ أرقاماً لخسائر مقدّرة بمليارات الدولارات هي مجرّد وجهة نظر وتُشطب هكذا بشحطة قلم؟ وأيّ صدقية او ثقة ستحيط بـ»الارقام الموحّدة»، اذا ما تمّ توحيدها بهذه الطريقة؟
إجتماع في المجلس لتصحيح الأرقام
وعلمت «الجمهورية» أن اجتماعاً بعيداً من الأضواء حصل أمس في المجلس النيابي في سياق متابعة نتائج إجتماعات لجنة تقصّي الحقائق، ضمّ وزير المال غازي وزني ورئيس لجنة المال النيابية ابراهيم كنعان وعدداً من النواب مع ممثلين عن مصرف لبنان وجمعية المصارف ولجنة الرقابة على المصارف لتوحيد الأرقام والمقاربات وتوزيع الأعباء.
وقد اتفق على متابعة التواصل في اليومين المقبلين لمحاولة إحداث خرق قبل اجتماع بعبدا الثاني نهار الإثنين برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
كذلك علمت «الجمهورية» أن تقارباً قد تمّ في عدد من النقاط الذي سيعرض في اجتماع لجنة المال والموازنة المرتقب الإثنين المقبل.
وعُلم أن أهم ما جرى التوصل اليه هو:
١- تقدير تعثّر تسليفات المصارف ب ١٤ ألف مليار بدلاً من ٤٢ ألف مليار.
٢- التوصل الى الجمع بين مقاربة الخطة المستمدة من شروط صندوق النقد والقائمة على اعتبار كل الإستحقاقات بآجالها كافة بمثابة خسائر وتصفيتها اليوم، مع المقاربة التي تعترف بالتقييم الشامل للخسائر مع معالجة تدريجية.
٣- إعادة توزيع الخسائر بشكل عادل بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف، باستثناء المودعين.
صندوق النقد
وفيما ينتظر صندوق النقد ان تتوحّد ارقام خسائر لبنان، انعقدت امس الجلسة العاشرة من المفاوضات مع صندوق النقد برئاسة وزير المال غازي وزني وحضور مدير عام الجمارك بدري ضاهر ومدير الشؤون العقارية والمساحة جورج معراوي، وخُصّصت لبدء مرحلة بحث الاصلاحات المطلوبة على الارض، وكل قطاع بقطاعه، حيث تمحور البحث حول الإصلاحات التي تُنفذ في المديريتين المذكورتين وسبل تفعيل أدائهما، على أن تُستكمل المشاورات الإثنين المقبل. ومن المعروف هنا انّ استئناف المفاوضات مستقبلاً مع الصندوق بات رهناً بنجاح لبنان في توحيد ارقامه، وعرض خطة انقاذية موحّدة لكي يدرسها خبراء الصندوق. ويُتوقع ان تتكثّف الجهود من اجل توحيد المعايير لأنّ الفشل يهدّد المفاوضات، وقد يؤدي الى توقفها. وهذا الامر لا يستطيع ان يتحمّله الاقتصاد اللبناني، الذي سينهار بشكل دراماتيكي بما يزيد في منسوب الكارثة.
لا تغيير آنيّ
على انّ اللافت للانتباه في اجواء الحاضنة السياسية للسلطة الحاكمة، هو التسليم بالأمر الواقع واستئناف الشغل بالموجود، على حدّ ما تؤكّده لـ»الجمهورية» مصادر موثوقة من قلب هذه الحاضنة، وخصوصاً، كما تضيف، ان لا اتفاق كاملاً حول فكرة تغيير الحكومة، التي لا تبدو مستساغة في الوقت الراهن، خشية الوقوع في ازمة تكليف وكذلك أزمة تأليف، وهذا معناه، اضافة مشكلة كبرى على الواقع الحكومي المأزوم في ظلّ حكومة التكنوقراط وعجزها، ما قد تنعكس تداعيات شديدة السلبية على الأزمة الاقتصادية والمالية، ليس اقلّها نسف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ما يمكن ان يعيد الأمور الى ما قبل المربّع الأول.
وبحسب هذه المصادر الموثوقة، فإنّ «فكرة تعديل الحكومة وتطعيمها بنكهة سياسية، لم تحظ بتوافق حولها، فسُحبت من التداول مؤقتاً، الا أنّها لا تزال قائمة. إذ انّ بعض التطورات المحلية والاستحقاقات الاقليمية قد توجب الإقدام على خيار التعديل الحكومي في أيّ لحظة. ويندرج في سياق هذه الاستحقاقات «قانون قيصر» الاميركي ضد سوريا. فحكومة التكنوقراط، التي فشلت في ولوج باب الإنجاز والإصلاح بعيداً من الوعود المتكرّرة والخطابات المنبرية، ولم تكن قادرة على تعيين موظف، او حماية المستهلك والحدّ من فلتان التجار وارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية، أو على إشعار اللبنانيين بتغيير ولو طفيف عمّا كان سائداً في زمن الحكومات السابقة، فكيف يمكن لها ان تقارب ملفات مصيرية، وعلى سبيل المثال «قانون قيصر» الأميركي ضدّ سوريا، وانعكاساته على لبنان. فمثل هذا الامر يتطلّب قراراً سياسياً، أثبتت التجربة مع حكومة التكنوقراط انّها لا تستطيع أن تتخذه».
السرايا
اللافت للانتباه، انّ السرايا الحكومية تنأى بنفسها عن كل هذه الأجواء. ولفت مقرّبون من رئيس الحكومة لـ»الجمهورية»، الى انّهم «لا يعتبرون تلك الاجواء جديّة، وانّهم ليسوا في صورة هذا الامر، ولا يملكون أي معلومات حولها، فلا احد فتح معنا، من قريب او بعيد، موضوع تغيير او تعديل الحكومة، كما اننا من جهتنا لم نطرحه مع احد، وبالتالي لسنا معنيين به، علماً انّ قناعتنا ما زالت راسخة بأنّ هذه الحكومة هي الملائمة للظروف التي يمرّ بها لبنان، ونفذّت تقريباً كل ما في بيانها الوزاري، وتقوم بالجهد الأقصى لوضع لبنان على سكة الخروج من هذه الأزمة، وكل تركيزها منصبّ في هذه الفترة على إنجاح المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، التي تسير بوتيرة ايجابية ملحوظة، وعلى إنجاح الإجراءات الآيلة الى تخفيف العبء على المواطنين لناحية تخفيض اسعار السلع الاستهلاكية والغذائية، وكذلك الأمر بالنسبة الى السوق المالي، خصوصاً وانّ الاجتماع بين رئيس الحكومة والصرّافين كان ايجابياً جداً، وقطع فيه الصرافون التزاماً صريحاً بالانضباط وعدم التلاعب بالدولار، وهو ما بدأ تطبيقه منذ الاربعاء الماضي.
الدولار
ما يجدر لحظه هنا، هو انّ خطة الخفض التدريجي البسيط لسعر صرف الدولار لدى الصرافين قد تواصلت بنجاح طفيف. وقد أعلنت نقابة الصرّافين، امس تسعيرة جديدة للدولار بهامش متحرّك بين 3890 ليرة للشراء حداً أدنى، و3940 للبيع حداً أقصى. فيما لوحظ تفاوت في الالتزام بين الصرّافين، حيث عمد بعضهم الى شراء الدولار أمس من زبائنهم بسعر يترواح بين 3950 و3960 ليرة.
وقال مصدر متابع لـ»الجمهورية»، انّ سعر الدولار مصطنع ويقوم على مبدأ الحدّ من الطلب بالقوة، من خلال الامتناع عن تلبية الراغبين في الشراء. لكن هذه الطريقة الاستثنائية مقبولة مؤقتاً، لضمان نوع من الاستقرار المرحلي، بانتظار تبلور التطورات لاحقاً.
التعيينات مهدّدة
الى ذلك، علمت «الجمهورية» من مصادر مواكبة لملف التعيينات المنتظرة، انّ هذا الملف لم ينضج بعد، وانّ ترحيله من الاسبوع الحالي الى الاسبوع المقبل وارد، بالنظر الى الخلافات السياسية التي ما زالت تحيط بعض الاسماء المقترحة. والى اصرار بعض القوى السياسية على طرح اسماء محسوبة عليها، بمعزل عن الكفاءة والخبرة التي يتطلبها الموقع، المرشحة لأنّ تشغله».
وقالت مصادر وزارية لـ»الجمهورية»، انّ «مجموعة من الأسماء قد تمّ تجهيزها لتُطرح على مجلس الوزراء الاسبوع المقبل، وهناك بعض التحفظات التي يبديها بعض الاطراف حول بعض الاسماء، واعتقد أنّ من البديهي ان يتمّ حسم هذا الامر بالتصويت».
واشارت المصادر بشكل غير مباشر، الى دخول العامل السياسي على خط التعيينات، حينما كشفت عن «حركة اتصالات تجري على اكثر من مستوى رسمي وسياسي، لإخراج التعيينات من دائرة الخلاف والتحفظ عليها، خصوصاً انّ بعض الجهات السياسية مصرّة على تمرير بعض الأسماء، وتخشى أن تسقط هذه الأسماء خلال التصويت. وتعتبر انّ التصويت قبل التوافق على حسم الأسماء قد يؤدي الى أزمة داخل الحكومة. وفي هذا الجو كل الاحتمالات واردة، بما فيها تأجيل التعيينات من الاسبوع المقبل الى موعد آخر».
مقرّبون من دياب
وقال مقرّبون من رئيس الحكومة حسان دياب لـ»الجمهورية»: «لسنا نحن من عطّل التعيينات وآخّرها»، واشاروا الى انّ الاسبوع المقبل يفترض أن يشهد اصدار سلّة من التعيينات، وموقف رئيس الحكومة حسان دياب بات معروفاً لناحية رفضه السير بأي محاصصة وأي تعيينات خارج معيار الكفاءة، وهو ليس في وارد تغيير هذا الموقف».
ورداً على سؤال حول اتهام الحكومة بالضعف والعجز ربطاً بالالتباس الذي احاط قرار مجلس الوزراء في جلسة 14 ايار في السرايا الحكومية، باستبعاد معمل سلعاتا الكهربائي، اكتفى المقرّبون من رئاسة الحكومة بالقول: «ما يجب ان يكون معلوماً هو اننا لسنا من عطّل او يعطّل الكهرباء، وخلافاً لكل ما قيل حول هذا الموضوع، فإنّ الحكومة لم تتراجع عن هذا القرار».
عين التينة
وفيما لوحظ أنّ عين التينة، وبحسب اجوائها، تصرّ على إنجاز ملف التعيينات بروحية اصلاحية، لافتة الى انّه كان يجب ان يُحسم هذا الملف منذ فترة طويلة، خصوصاً وانّ التأخير فيه لم يعد مبرراً، وبالأخص في المواقع الاساسية، وعلى وجه التحديد التعيينات المالية. وذلك بالتوازي مع خطوات سريعة ينبغي على الحكومة سلوكها، وفي مقدّمها قطاع الكهرباء، الذي لم يعد يحتمل الانتظار، ومقاربته بما يتطلبه من اجراءات انقاذية واصلاحية ضرورية، توفّر على الخزينة نزف ما يزيد عن ملياري دولار سنوياً، وآن الأوان لوقف هذا النزف. وهذا الامر يشكّل اولوية دائمة الى جانب اولوية اخرى لا تقلّ اهمية، وهي مبادرة الحكومة الى وضع مجموعة القوانين المعطّلة موضع التنفيذ، والمسارعة الى اصدار مراسيمها التطبيقية، وخصوصاً انّ جانباً اساسياً منها مرتبط بالعملية الاصلاحية».
جلسة تشريعية
ومع صدور مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، التي تبدأ اعتباراً من الاثنين المقبل وتتصل بالعقد العادي الثاني للمجلس الذي يبدأ الثلثاء في 20 تشرين الاول المقبل، علمت «الجمهورية»، انّ رئيس المجلس النيابي بصدد التحضير لعقد جلسة تشريعية للمجلس النيابي خلال النصف الثاني من الشهر الجاري، تكون عندها الورش الفنية قد انتهت من اصلاح اجهزة التكييف في قاعة الاونيسكو، التي فرضتها الاجراءات الوقائية من وباء كورونا، كقاعة مؤقتة للهيئة العامة لمجلس النواب.
وبحسب المعلومات، فإنّ بري قد اوعز الى اللجان النيابية ضرورة تكثيف نشاطها في هذه الفترة، لإنجاز مجموعة من اقتراحات ومشاريع القوانين التي تدرسها، على ان تؤلف جدول اعمال الجلسة المرتقبة، التي ستُضاف اليها مجموعة المشاريع التي لم تتمّ دراستها في الجلسة الاخيرة، التي طارت بفعل الخلاف على اقتراح قانون العفو العام.
العفو
وفي سياق متصل بقانون العفو، قالت مصادر نيابية لـ»الجمهورية»، انّه بالرغم مما احاط اقتراح قانون العفو العام من اختلافات ومبارزات لفظية بين النواب في الجلسة الاخيرة للمجلس، فإنّه لا يزال قائماً، وليس مستبعداً ان يتمّ طرحه من جديد في الجلسة التشريعية المقبلة، وخصوصاً انّ هذا الاقتراح ليس لمصلحة طرف بعينه، بل انّه يعطي كل الاطراف من دون استثناء». الّا انّ مصادر مجلسية لم تؤكّد اعادة طرح اقتراح قانون العفو في الجلسة التشريعية المقبلة، لكنها قالت موضحة، انّ هذا الاقتراح لم يمت وسيعيد رئيس مجلس النواب نبيه بري طرحه في الوقت المناسب.
الحراك
وعشية الدعوات الى حراك شعبي اليوم، سُجّلت امس وقفات احتجاجية في ساحة النور في طرابلس ضد السلاح غير الشرعي، وللمطالبة بتطبيق القرار 1559، قابلتها وقفة اعتراضية على ما اعتبرته التوقيت غير المناسب لطرح مثل هذه الامور الخلافية، ومؤكّدة التمسّك بالمطالب الشعبية التي رُفعت في 17 تشرين الأول وعدم الذهاب الى تحرّكات من شأنها ان تضرب المطالب الاقتصادية والاجتماعية.
وعُلم انّ التحضيرات لحراك اليوم قد استنفر السلطة على كل مستوياتها، تحسباً لأي طارئ يمكن ان يرافق التحركات الشعبية.
وقالت مصادر رسمية لـ»الجمهورية»: «لا احد ضدّ الحراك الصادق، ولا أحد ضدّ الحراك الذي يعبّر عن المطالب المشروعة للمواطنين، لكن تخريب البلد ممنوع، والدولة بكل اجهزتها العسكرية والامنية لن تسمح بالحراك الفوضوي، وما قد يرافقه من قطع للطرقات وتخريب للاملاك العامة والخاصة ممنوع، وستحاسب كل من يتلطّى بشعارات مطلبية واجتماعية لتخريب البلد».
مصادر كتائبية
وفي هذا الإطار، أوضحت مصادر كتائبية أن مشاركة الحزب ومناصريه في التجمع اليوم تأتي امتداداً طبيعياً لمواقف الحزب المعروفة من التسوية بين أركان منظومة السلطة ونتائجها الكارثية على لبنان وشعبه من النواحي السياسية والإقتصادية والإجتماعية.
وأوضحت المصادر أن عنوان مشاركة الحزب هو انتخابات نيابية مبكرة بإشراف حكومة حيادية فعلاً لا قولاً، مشيرة إلى أن التجربة أثبتت أنه لا مجال لأي إصلاح ومعالجات في ظل المنظومة الحالية التي تمسك بالسلطة، وبالتالي فإن المطلوب تغيير هذه المنظومة، وهو لا يمكن أن يكون إلا من خلال العودة الى الشعب باعتباره مصدر السلطات.
فمجلس نيابي جديد ينبثق من إنتخابات حرة ونزيهة وشفافة ليس ترفاً سياسياً في هذه المرحلة، وإنما حاجة ملحة وديموقراطية لإعادة إنتاج سلطة جديدة وسياسات جديدة وتوجهات مختلفة عن تلك التي أوصلتنا الى ما نحن عليه من إنهيارات!
ودعت المصادر الشعب اللبناني الى ممارسة حقه في التعبير عن رغبته في إنتخابات مبكرة، وفي الضغط السلمي والديمقراطي على منظومة السلطة للرضوخ لمطلبه بتحديد موعد لهذه الإنتخابات في أسرع وقت ممكن، والمباشرة فوراً بالتحضيرات المطلوبة لإنجازها بالسرعة الممكنة!